إثبات مقابل قيمة الشيك

الشيك أداة وفاء مثله مثل النقود ، فلا يتم النظر إلى سبب قيام الساحب بدفع المبلغ المذكور في الشيك او سبب سحب الشيك او سبب الأمر بدفع مبلغ الشيك إلى المستفيد المذكور في الشيك، فلا عبرة بسبب إصدار الشيك أو سحبه أو دفع المبلغ المذكور فيه.

 غير أنه في الغالب يحدث الخلاف بين الساحب للشيك والمستفيد منه بشأن مقابل المبلغ المذكور في الشيك ، بمعنى هل المبلغ المذكور في الشيك تم دفعه من الساحب كثمن أرضية أو سداد دين أو مقابل أجور مستحقة للمستفيد أو صدقة...إلخ، وعندئذٍ يتم إثبات مقابل المبلغ المذكور في الشيك بطرق الإثبات المقررة في قانون الإثبات بما فيها توجيه اليمين، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30-12-2009م في الطعن رقم (35935)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وحيث أنه من المعلوم في هذا النزاع أنه لا خلاف بشأن البصيرة المؤرخة....، ولا بشأن الشيكات، وإنما الخلاف بشأن دعوى الطاعن أن قيمة الشيكات المسلمة له كانت قيمة لأرض أخرى، ولم تأخذ المحكمة الابتدائية إلا بشهادة شاهد واحد وهو.....، لذلك فاللازم في مثل هذه الحالة الإستظهار بأخذ اليمين من المدعي المطعون ضده قطعاً للخلاف وحسماً للنزاع بان يحلف على أن المبلغ المحدد في الشيكات هو بقية قيمة الأرض المباعة منه للمدعى عليه الطاعن بحسب عقد البيع المؤرخ.... وليس قيمة أرض أخرى لم يتم تسليمها بعد ، وأن المبلغ المدعى به لازال بذمة المدعى عليه الطاعن، ومن ثم فقد اقتضى النظر إعادة القضية إلى الشعبة التجارية لإستيفاء اليمين من المدعي المطعون ضده على نحو ما ذكر، وإن نكل عن اليمين فلذلك حكمه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

إثبات مقابل قيمة الشيك

الوجه الأول: الغرض من سحب الشيك:

الشيك أداة وفاء مثله في ذلك مثل النقود، ولذلك يتم إستعماله للوفاء بحقوق الغير أو أو سداد أية إلتزامات مالية قد تكون بذمة ساحب الشيك، فيقوم الساحب للشيك بسداد الحقوق والإلتزامات القائمة عليه للغير عن طريق الشيك مثل: سداد الديون المستحقة بذمته أو سداد مستحقات الجهات الأخرى كالضرائب والزكاة والتأمينات ، وعن طريق الشيكات يقوم ساحب الشيك بدفع أجور العمال وغيرهم، بالإضافة إلى ذلك يقوم ساحب الشيك بشراء الأشياء عن طريق الشيكات التي يسحبها للبائعين مثل: شراء الأراضي والمنازل والشقق والسيارات والمعدات والأجهزة والبضائع...إلخ.

وبناءً على ما ورد في هذا الوجه فإن الساحب يسحب الشيكات لأغراض كثيرة يتعذر حصرها ، لأن الشيك يقوم مقام النقود. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل البنوك والمصارف، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025م، ص113).

الوجه الثاني: غالب الشيكات لا يذكر فيها الساحب مقابل المبلغ المذكور في الشيك وتوصيتنا للمتعاملين بالشيك

رغم وجود عبارة (أدفعوا لأمر...... مبلغ.... مقابل.......) إلا أن أغلب الشيكات لا يذكر فيها الساحب الغرض من دفعه المبلغ المذكور في الشيك إلى المستفيد، إذ يكتفي الساحب بتحديد المبلغ واسم المستفيد دون أن يذكر مقابل المبلغ المسحوب، وعندئذٍ يدل الشيك على أن الساحب قد دفع المبلغ المذكور في الشيك إلى المستفيد أو المسحوب له، فيكون مقابل هذا المبلغ مجهولاً - هل هو قيمة بضاعة أم قيمة أرض أو سداد لدين أم تبرع من الساحب للمستفيد...إلخ.

وهذه الجهالة تؤدي إلى حدوث نزاعات بين الساحب للشيك والمستفيد منه.

ولذلك نوصي من يستعمل الشيكات للوفاء بحقوق الغير والإلتزامات القائمة عليه أن يذكر في الشيك ذاته الغرض من دفع المبلغ فيكتب في الشيك أدفعوا لأمر فلان مبلغ كذا مقابل قيمة الأرض أو مقابل قيمة السيارة أو مقابل قيمة البضاعة...إلخ.

الوجه الثالث: إثبات مقابل قيمة الشيك عند عدم ذكره في الشيك:

إذا لم يتضمن الشيك ذاته تحديد مقابل المبلغ المذكور في الشيك، فإن إثبات ذلك المقابل يخضع للقواعد العامة في قانون الإثبات، فقد يتم إثبات ذلك عن طريق سند إستلام الشيك الذي قد يذكر فيه المستفيد مقابل المبلغ المذكور في الشيك، وقد يتم إثبات ذلك عن طريق المستندات التي تم سحب الشيك بموجبها كالرسائل أو المطالبات الموجهة من المستفيد إلى الساحب ، وقد يتم إثبات ذلك عن طريق الإقرار الشفوي ، كما قد يتم إثبات ذلك عن طريق شهادة الشهود، وقد يتم ذلك عن طريق اليمين الحاسمة أو اليمين المتممة أو يمين الإستظهار حسبما أشار الحكم محل تعليقنا.

الوجه الرابع: إثبات مقابل قيمة الشيك عن طريق اليمين:

سبق القول: أنه إذا حدث النزاع بين الساحب للشيك والمستفيد بشأن مقابل المبلغ أو المبالغ المذكورة في الشيك او الشيكات فأنه بالإمكان إثبات ذلك عن طريق توجيه اليمين بأنواعها بما في ذلك اليمين الحاسمة أو المردودة عند إنعدام الأدلة أو اليمين المتممة إذا كانت هناك بينة ناقصة، وكذا عن طريق يمين الإستظهار.

 لأن اليمين وسيلة من وسائل الإثبات المقررة في المادة (13) من قانون الإثبات اليمني، إضافة إلى أن المادة (131) من قانون الإثبات اليمني قد نصت على أن: (اليمين قسمان: -1- يمين تؤدى من المدعى عليه لدفع الدعوى أو لصحتها وهي اليمين الحاسمة ويجوز ردها على المدعي -2- يمين تؤدى من المدعي لإتمام البينة القانونية اللازمة لإثبات الحق الذي يدعيه قبل المدعى عليه وهي اليمين المتممة أو يمين الإستظهار ولا يجوز ردها على الخصم الآخر).

ويمين الإستظهار المشار إليها في الحكم محل تعليقنا هي يمين قضائية يكلف بحلفها المدعي في بعض الدعاوى المدنية فإن حلفها قضت المحكمة لصالحه وإن نكل عنها خسر دعواه.

ويمين الإستظهار يطلق عليها أيضاً اسم يمين الإستيثاق وهي التي يحلفها المدعي بناءً على تكليف القاضي وهي تكمل الأدلة ويتثبت القاضي من خلالها من الحقيقة. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل اليمين، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025م، ص57)، والله أعلم.