تضمين الرد على الطعن طعنًا في الحكم

في غالب الحالات وبسبب قلة التوعية الشرعية والقانونية يقوم كثير من الخصوم عند ردهم على الطعون المرفوعة ضدهم بتضمين عريضة الرد على الطعن تضمينها أيضا الطعن في الحكم ذاته إضافة إلى الرد على طعن الطاعن، إذ يذكر المطعون ضده في سياق رده على الطعن أن الحكم أو المحكمة المطعون في حكمها تجاهلت طلبه أو لم تحكم له ببعض طلباته.

فإذا قام المطعون ضده بإدراج طعنه ضمن عريضة رده على الطعن فإن طعنه لا يكون مقبولاً طالما أنه قام بتضمينه في عريضة الرد على الطعن، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24-3-2010م في الطعن رقم (37406)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (أما ما يدعيه المطعون ضده حالياً بأنه قدم للشعبة سند صرف حوالة بمبلغ...... موقعاً عليه من الطاعن وأن الشعبة لم تأخذ به، فهذا قول لا يوجد ما يؤيده حيث وردت حافظة المستندات التي قدمها المذكور أمام الشعبة خالية من هذا المستند، كذلك إذا كانت الشعبة قد تجاهلت طلب المطعون ضده بالمبلغ المذكور في السند المشار إليه، فقد كان على المطعون ضده أن يطعن في الحكم بهذا الخصوص، لا أن يورد ذلك في رده على الطعن المرفوع ضده)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

تضمين الرد على الطعن طعناً في الحكم

الوجه الأول: الغاية من عريضة الرد على الطعن

الغرض من قيام المطعون ضده بالرد على عريضة الطعن في الحكم الغرض من ذلك هو تمكين المطعون ضده من الوقوف على أسباب الطعن في الحكم حتى يبدي المطعون ضده أوجه دفاعه في مواجهة أسباب الطعن التي ساقها خصمه الطاعن ،وحتى يتمكن المطعون ضده من تقديم أية دفوع شكلية أو موضوعية في مواجهة الطعن، وحتى يتمكن المطعون ضده من بيان بعض المسائل الواقعية أو القانونية التي قد يكون الطاعن وضعها في غير سياقها القانوني الصحيح، كما أن من أغراض الرد على الطعن تحقيق مبدأ المواجهة بين الخصوم والمساواة الإجرائية بينهم، وثمرة ذلك كله في النهاية هو الوصول إلى حكم عادل مطابق للشرع والقانون والواقع. (مهارات الصياغة القانونية – مهارات إعداد المذكرات القضائية، أ.د.عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2019م، ص73).

الوجه الثاني: إذا لم يقض الحكم ببعض طلبات المطعون ضده فعليه سلوك سبيل الطعن الجزئي في الحكم

نصت المادة (286) من قانون المرافعات اليمني على أنه (يجوز للمستأنف ضده إذا كان قد قبل الحكم قبل رفع الإستئناف الأصلي وكان ميعـاد الإستئناف ما زال قائماً أن يرفع استئنافاً مقابلاً بتقديم مذكرة مشتملةً على كافة أسبابه . أما إذا كان ميعاد الإستئناف قد مضى فيجوز له أن يرفع استئنافا فرعياً خلال خمسة عشر يوماً من تاريـخ علمه بالاستئناف الأصلي يرتبط به وجوداً وعدماً وإذا امتنع أي من المستأنف أو المستأنف عليه عن الرد على الإستئناف الأصلي أو الإستئناف المقابل أو الفرعي إذا كان لا يزال قائماً تصدر المحكمة حكمها فيه).

 وفي السياق ذاته نصت المادة (296) مرافعات على أنه (للمطعون ضده بالنقض أن يودع قلم كتاب المحكمة في مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بصحيفة الطعن مذكرة بدفاعه مشفوعة بما يرى تقديمه من مستندات ويجب على المحكمة أن تأمر بإدخال من كان طرفاً متضامناً مع المطعون ضده إذا كان موضوع الحكم المطعون فيه غير قابل للتجزئة فإذا لم يدخل خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه اعتبر الحكم الصادر في الطعن حجة عليه، ولرافع الطعن خلال خمسة عشر يوماً من انقضاء الميعاد المذكور أن يودع مذكرة برده مشفوعة بما يرى تقديمه من مستندات ثم يمكن المطعون ضده من التعقيب خلال خمسة أيام من تاريخ تبليغه بالرد، وتقدم جميع مذكرات أطراف النـزاع وحوافظ مستنداتهم من أصل وصور بعدد الخصوم).

فقد كفل النصان السابقان حق المطعون ضده في الرد على الطعن بالاستئناف والطعن بالنقض، كما أن النصين السابقين قد كفلا حق المطعون ضده في الطعن الكلي أو الجزئي في الحكم إذا رأى أنه لم يحكم له بكل طلباته أو بعض طلباته شريطة ان يتم ذلك خلال المواعيد المقررة في النصين السابقين وبحسب الاجراءات المقررة في القانون.

ومن هذا المنطلق فإن القانون قد حدد للمطعون ضده الطريقة القانونية السليمة التي يجب عليه سلوكها إذا رأى أن الحكم المطعون فيه لم يحكم له بكل طلباته أو بجزء منها ، وهذه الطريق هي قيام المطعون ضده بتقديم طعن كلي أو جزئي بحسب المواعيد والإجراءات المقررة في النصين السابقين.

وبناءً على ذلك لا يجوز للمطعون ضده أن يقوم بتضمين اوجه طعنه في الحكم وذلك في عريضة رده على الطعن. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثالث، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025م، ص334).

الوجه الثالث: حق المطعون ضده في الإعتراض أمام المحكمة التي اغفلت طلبه أثناء سير إجراءات المحاكمة قبل إصدار الحكم المطعون فيه

إعمالاً لمبدأ الإقتصاد في إجراءات التقاضي ومبدأ عدم الهدر الإجرائي ومبدأ عدم جواز إطالة إجراءات التقاضي فأنه يجب على الخصم المطعون ضده أن يعترض على إغفال المحكمة لذكر طلباته في محاضر جلسات المحاكمة حتى تكون طلبات الخصم حاضرة أمام بصر القاضي وبصيرته، فإذا تم إغفال أي من طلبات الطعن في محاضر جلسات المحكمة أثناء سير إجراءات المحاكمة فأنه يجب عليه الإعتراض أو التظلم أمام القاضي بعد إطلاع الخصم على محضر جلسة المحاكمة، وعليه في هذه الحالة أن يثبت تظلمه أو إعتراضه في محضر الجلسة التالية.

 كما يحق للخصم عند مطالعته لمحصل الحكم ان يطلب من المحكمة تضمين طلباته أو دفوعه أو اوجه دفاعه التي لم يتضمنها المحصل ، بيد أنه لا ينبغي للمطعون ضده أن يذكر إعتراضه أو تظلمه في عريضة رده على الطعن في الحكم . (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثالث، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025م، ص336)، والله اعلم.