![]() |
في القانون اليمني |
حق الإدعاء والدفاع مكفول في الشرع والدستور والقانون ، ومع ذلك فان قانون المرافعات اليمني قلص هذا الحق وقصره بالنسبة للإدخال في الخصومة القائمة قصره على إدخال الضامن فقط ، كما ان القانون قصر الإدخال على المدعي فقط الذي يجب له طلب تاجيل الجلسة لإدخال الضامن فقط!!!!؟.
اما المدعى عليه الذي يكون في مركز الدفاع فقد حرمه قانون المرافعات وجرده من حقه في طلب الإدخال مع ان طلب الإدخال من اوجه الدفاع ، ومع أن المدعى عليه أولى بالرعاية في الشرع والقانون، ولذلك فقد كفلت قوانين المرافعات العربية حق المدعى عليه في طلب الإدخال .
ومن ناحية ثانية فقد اوجب قانون المرافعات اليمني على المحكمة إدخال الخصم الذي كان يصح إختصامه عند رفع الدعوى الأصلية ، حسبما هو مقرر في المادة (189) مرافعات.
ومسلك قانون المرافعات اليمني في تقليص وتعطيل حق الخصوم في الادخال في الخصومة يخالف منهج القوانين العربية التي اجازت للخصوم إدخال الأشخاص الذين كان يجوز للخصوم إختصامهم بداية ، وصرحت القوانين العربية بأنه يجب على المحكمة الإستجابة لطلب الخصم إدخال الغير، بإعتبار ذلك حقاً من حقوق الدفاع إذا كان الخصم في مركز المدعى عليه كما يكون هذا الطلب حقاً من حقوق الإدعاء إذا كان الخصم في مركز المدعي، وقد اشار الى هذه المسألة الحكم الصادر من الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-3-2010م في الطعن رقم (37508)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فقد توصلت الدائرة إلى إعادة القضية إلى المحكمة التجارية الابتدائية لإستكمال الإجراءات اللازمة في النزاع ، وللمطعون ضده طلب إدخال من يرى إدخاله لإتاحة الفرصة له في تحقيق دفاعه للوقوف على الاشخاص الذين ثبت اشتراكهم بالإنتفاع بالمحل وكلٍ بحسب فترة إنتفاعه وبحسب الإشتراك مع الغير على نحو ما يثبت، وحيث أن محكمة أول درجة لم يتم أمامها إختصام كل من انتفع بالعين ، وحتى لا يحرم الطاعن وهؤلاء من درجة من درجات التقاضي لذلك فإن المتعين إرجاع القضية لإختصام من لم يتم إختصامه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: حق الإدعاء والدفاع وعلاقته بالإدخال في الخصومة:
حق الإدعاء والدفاع مكفول للأفراد وفقاً للدستور اليمني وقانون المرافعات الذي جعل حق الإدعاء والدفاع من ضمن المبادئ الحاكمة في القضاء والتقاضي، فقد نصت المادة (17) مرافعات على أن: (حق الإدعاء والدفاع مكفولان أمام القضاء وفقاً للقانون).
ومعنى حق الإدعاء أنه يحق للأفراد المطالبة بكافة حقوقهم المشروعة عن طريق القضاء ، ومقتضى ذلك أنه يجب على القاضي والقضاء تمكين الخصوم من المطالبة القضائية بحقوقهم سواءً وردت هذه الطلبات في الدعاوى الأصلية أو العارضة أو في طلب الخصم إدخال خصوم آخرين في الدعوى الأصلية التي سبق له أن رفعها أمام القضاء، فان لم يستجب القاضي لطلبات الخصوم فانه يكون منكرا العدالة.
أما حق الدفاع فأنه يعني حق الخصم في تقديم الأدلة والبراهين وتقديم طلباته أمام القضاء التي من شأنها توفير أدلة تفند الدعاوى والطلبات الموجة إليه مثل طلب تكليف شاهد أو ندب خبير أو طلب إلزام المدعي بتقديم مستند مشترك يحتفظ به المدعي أو طلب إدخال خصم لم يقم المدعي بإختصامه في دعواه الأصلية الموجهة إلى المدعى عليه وحده، فطلب المدعى عليه إدخال من كان يصح للمدعي إختصامه في الدعوى الأصلية ، فذلك من أهم أوجه الدفاع، فقد يترتب على طلب الإدخال عدم الحكم على المدعى عليه الأصلي طالب الإدخال. (مدى سلطة المحكمة المدنية في تعديل نطاق الدعوى، د. آدم وهيب النداوي، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان 2001م، صـ276).
الوجه الثاني: الإدخال الوجوبي من قبل المحكمة:
صرح قانون المرافعات اليمني في الفصل الخاص بالإدخال في الخصومة بحق الخصم في التدخل في الخصومة ، وكذا صرح بالإدخال الوجوبي الذي تقوم به المحكمة من تلقاء ذاتها حسبما هو مقرر في المادة (190) مرافعات التي نصت على أنه (للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار حقيقة ومن ذلك: -1- من كان خصماً في الدعوى في مرحلة سابقة. -2- من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو التزام لا يقبل التجزئة. -3- الوارث مع المدعي أو المدعى عليه أو الشريك على الشيوع إذا كانت الدعوى متعلقة بالتركة قبل قسمتها أو بعدها أو بالشيوع. -4- شركة التأمين المسئولة عن الحق المدعى به إذا كان مصرحاً بها. -5- من يحتمل أن يلحق به ضرر من قيام الدعوى أو من الحكم فيها إذا ظهرت للمحكمة دلائل جدّية على التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب الخصوم وتعيّن المحكمة ميعاداً للخصوم لا يجاوز ثلاثة أسابيع).
ومن خلال إستقراء النص السابق يظهر ان حالات الإدخال الوجوبي المذكورة في النص مذكورة على سبيل المثال وليس الحصر، ومن المعروف ان الاشياء الواجبة يجب ان تكون محددة ومحصورة حتى يقوم المكلف بادائها كما حددها ووصفها القانون، فلايخضع الواجب للسلطة التقديرية للقاضي، إضافة الى ان فكرة الإدخال الوجوبي تعني ان الإدخال في هذه الحالة من إختصاص المحكمة من غير طلب من الخصوم، ومعنى ذلك انه لايحق للخصوم مطالبةالمحكمة بالقيام بواجبها.
الوجه الثالث: الإدخال في الخصومة من قبل المدعي :
قصر قانون المرافعات اليمني الإدخال في الخصومة على المدعي فقط الذي يحق له مطالبة المحكمة بإدخال الضامن على المدين المدعى !!!؟، وفي هذا المعنى نصت المادة (193) مرافعات على أنه: (يجب على المحكمة إجابة طلب الخصم بتأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إذا كان قد كلف بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان أو كانت الثمانية الأيام المذكورة لم تنقض وفيما عدا ذلك يكون للمحكمة التأجيل لإدخال ضامن).
وهذا النص يقصر حق الخصم في الإدخال على إدخال الضامن، وتبعا لذلك يقصر حق الإدخال على المدعي فقط ، فضلا عن أن حق المدعي في هذه الحالة يقتصر على طلب تأجيل الجلسة!!!، حتى أن النص غير صريح في حق المدعي في طلب إدخال الضامن.
الوجه الرابع: تعطيل حق المدعى عليه في الإدخال في الدعوى الأصلية المرفوعة عليه: وتوصيتنا للمقنن اليمني:
سبق القول: أن قانون المرافعات اليمني قد قصر الإدخال في الخصومة على الإدخال الوجوبي الذي تقوم به المحكمة من تلقاء ذاتها ، والمح القانون الى حق المدعي في طلب تاجيل جلسة المحكمة لإدخال الضامن على المدعى عليه .
اما المدعى عليه وهو الطرف الاولى بالرعاية في الشريعة والقانون فلم يقرر القانون حقه في الإدخال، وهذا خلل خطير يهدر حق الدفاع المكفول في الشريعة والدستور وقانون المرافعات ذاته ، علماً بأن قوانين المرافعات في الدول الأخرى تنص صراحةً على حق الخصوم في الإدخال في الخصومة، فعلى سبيل المثال فقد صرحت المادة (117) من قانون المرافعات المصري على أنه (يجوز للخصم سواءً كان مدعياً أو مدعى عليه أن يدخل في الدعوى من كان يصح إختصامه فيها عند رفعها).
ولذلك: نوصي المقنن اليمني بإستدراك هذا الخلل التشريعي الجسيم والإقتداء بما ورد في قوانين المرافعات في الدول الأخرى. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الدعاوى والطلبات، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2024م، صـ127).
الوجه الخامس: الغاية من الإدخال في الخصومة بصفة عامة:
هناك عدة اغراض من الإدخال في الخصومة بصفة عامة ، منها انه يترتب على عدم الإدخال أن لايكون الحكم الصادر في الخصومة حجة على الشخص الذي يتم إدخاله، فإذا لم يتم إدخال الشخص في هذه الحالة ، فان الخصم في الخصومة الاصلية سيضطر إلى رفع دعوى أخرى ضد الشخص الذي لم يتم إدخاله ، ورفع دعوى جديدة يستغرق الكثير من الجهد والوقت والمال، وهذا الأمر يؤدي إلى تراكم القضايا وتعثرها أمام القضاء.
كما يندرج ضمن أهداف الإدخال منع تجزئة القضية الواحدة وصدور أحكام متناقضة، فإدخال الشخص يساعد في تحقيق العدالة من خلال ضمان أن جميع أطراف النزاع المعنيين بالقضية ممثلون أمام المحكمة التي تنظر النزاع، وأن ذلك يمكن المحكمة من الحكم في القضية كلها بناءً على جميع الحقائق والظروف المتعلقة بالقضية، فقد يكون لدى الشخص الذي يتم إدخاله معلومات أو مستندات غير متوفرة لدى الخصوم في للخصومة الاصلية، إضافة إلى أن إدخال الشخص يكفل حقوقه، لأن الإدخال يوفر لهذا الشخص فرصة الدفاع عن حقوقه ومصالحه في القضية بدلاً من أن يفاجأ بحكم ضده من غير أن يتمكن من إبداء أوجه دفاعه. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الدعاوى والطلبات، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2024م، ص١٢٨)، والله اعلم.