![]() |
الإعلان عن طريق النشر في القانون اليمني |
من أبرز إشكاليات القضاء والتقاضي في اليمن تلاعب الخصوم عند تنفيذ الإعلانات القضائية، إضافة إلى ان قانون المرافعات اليمني حدد وسيلة النشر في لوحة إعلانات المحكمة في الحالات التي يوجب فيها القانون على الخصم تعيين موطن مختار له فلم يفعل أو كان بيانه لموطنه المختار ناقصا أو غير صحيح، وقد ورد هذا التنظيم قبل وجود الوسائط الإلكترونية ، وقد اصبحت وسيلة النشر في لوحة إعلانات المحكمة غير مناسبة في الوقت الحاضر بعد وجود شبكات الانترنت التي توفر الوقت والمال والجهد، وقد أشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 2-10-2010م في الطعن قم (41054)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (أما السبب الثاني من أسباب الطعن بالحكم فقد نعى الطاعن فيه على الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي الباطل الذي اعتمد على اعلان الطاعن عن طريق النشر ، وأن إعلانه بالخصومة عبر النشر من قبل المحكمة الابتدائية غير صحيح ،لأن الطاعن له موطن معلوم، والدائرة: تجد أن هذا النعي غير سديد ، لأن الطاعن لم يوضح موطنه الذي قال أنه معلوم)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: إعلان الخصوم عن طريق النشر في لوحة إعلانات المحكمة وفقا للمادة (43) مرافعات، وتوصيتنا للمقنن اليمني:
نصت المادة (43) مرافعات على أنه (إذا أوجب القانون على الخصم تعيين موطن مختار له فلم يفعل أو كان بيانه ناقص أو غير صحيح جاز إعلانه في لوحة إعلانات المحكمة بجميع الأوراق التي كان يصح إعلانه بها في الموطن المختار ، وإذا الغى الخصم موطنه الأصلي أو المختار ولم يعلم خصمه بذلك صح إعلانه فيه وتسلم الأوراق لعاقل الحارة).
ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر أنه قد تضمن حالات الإعلان عن طريق لوحة إعلانات المحكمة، وبيان ذلك كما يأتي:
1- المقصود بلوحة إعلانات المحكمة المذكورة في النص السابق هي اللوحة التي يتم تعليقها في مدخل المحكمة في مكان بارز كي يتمكن الخصوم من خلالها من مطالعة الإعلانات، وهذه اللوحة!!!! لم تعد مجدية بعد ظهور وسائل التواصل الإجتماعي وشبكات الإنترنت ووجود مواقع إلكترونية للمحاكم في شبكات الإنترنت، ولذلك فإننا نوصي: بتعديل عبارة (لوحة إعلانات المحكمة) الواردة في النص السابق على أن تكون سريعة النص بعد التعديل (في الموقع الإلكتروني للمحكمة).
2- حالة الإعلان في اللوحة لمن أوجب عليه القانون تعيين موطن مختار له فلم يفعل – والمقصود بالقانون في هذا النص ليس قانون المرافعات فقط وإنما قانون المرافعات أو أي قانون آخر ، لأن المادة (2) من قانون المرافعات التي تضمنت تعريف المصطلحات القانونية الواردة في قانون المرافعات لم تعرّف القانون: بأنه قانون المرافعات، وفي هذا الشأن فإن قانون المرافعات ذاته قد أوجب في المادة (104) على الخصوم بيان مواطنهم المختارة فقد نصت المادة (104) على أنه (يجب أن تتضمن العريضة البيانات الآتية: -5- بيان موطن مختار للمدعي في البلدة التي بها مقر المحكمة إن لم يكن له موطن مختار فيها) فإذا لم يحدد المدعي موطنه المختار في هذه الحالة فيتم إعلانه عن طريق لوحة الإعلانات.
3- إذا كان بيان الموطن المختار للخصم ناقصاً أو غير صحيح فلم يتم الوصول إليه في هذا الموطن فيجوز إعلانه عن طريق لوحة الإعلانات.
الوجه الثاني: إعلان الخصوم عن طريق النشر في الصحف الحكومية في القانون اليمني وتوصيتنا:
نصت المادة (45) مرافعات على أنه (إذا كان المعلن إليه قد ترك موطنه ولم يعرف له موطن داخل الجمهورية أو خارجها وجب إعلانه بالنشر في إحدى الصحف الحكومية اليومية ثلاث مرات متتالية على نفقة طالب الإعلان).
ومن خلال مطالعة النص السابق يظهر الآتي:
1- النص السابق عام يشمل الصحف الحكومية الورقية والإلكترونية، والصحف الحكومية تصدر ورقياً وإلكترونياً عن طريق المواقع الإلكترونية الخاصة بها، والصحف الورقية تداولها محدود جداً بخلاف نشر الصحيفة في الموقع الإلكتروني للصحيفة الذي يطالعه ملايين الناس ، ولذلك عند تحرير رسالة المحكمة إلى الصحيفة لنشر الإعلانات ينبغي أن يتم التأكيد على الصحيفة بنشر الإعلان في النسخ الورقية وفي النسخ الإلكترونية.
الوجه الثالث: وجوب إستعمال الإعلان الإلكتروني بدلاً عن الإعلان بواسطة المحضرين وعقال الحارات وأقسام الشرطة:
من مظاهر الإختلال والإعتلال في القضاء اليمني التلاعب بالإعلانات اليدوية التي يتم تنفيذها يدويا عن طريق الخصوم انفسهم أو عن طريق المحضرين أو عقال الحارات أو أقسام الشرطة، ولذلك فإن المعالجة الناجعة لهذه الظاهرة المقيتة هو إستخدام الوسائل والوسائط الإلكترونية في إعلان الخصوم بدلا عن الوسائل اليدوية.
إضافة إلى أن الإعلان عن طريق الوسائل الإلكترونية يترتب عليه توفير الجهد والوقت والمال على الخصوم وعلى الدولة معاً، كما أنه يحد من الفساد والإبتزاز الذي يتعرض له الخصوم عند تنفيذ الإعلانات اليدوية. (تطور وتطوير القضاء في اليمن، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة خالد بن الوليد صنعاء 2015م، ص81)، والله اعلم.