تكييف الإذن بالرهن

في حالات كثيرة يكون الراهن للعقار غير مالكه ، ولذلك توجد في اليمن نماذج للإذن بالرهن، ولذلك فإن الإذن بالرهن يحتاج إلى دراسة لبيان شروطه والتكييف الصحيح له، حسبما أشار الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-10-2010م في الطعن رقم (40884)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (كما لاحظت الدائرة أن الحكم الابتدائي قد ذكر في ص3 منه أن محامي المدعى عليه قد طالب من المحكمة إدخال الوارث الذي اذن له الورثة برهن العقار المملوك لمورثهم ، ولم تجد الدائرة سبباً لإغفال البحث والفصل في هذا الطلب من قبل محكمتي الموضوع رغم أهميته في إستجلاء حقيقة الإذن بالرهن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

تكييف الإذن بالرهن
الإذن بالرهن

الوجه الأول: معنى الإذن بالرهن:

الإذن بالرهن يعني سماح مالك العقار لغيره برهن العقار للدائن المرتهن، علماً بأن مالك العقار قد يكون المدين نفسه وقد يكون غير المدين، ويصدر الاذن برهن العقار أو المال كتابة ، وبحسب النموذج الذي يتم إعداده لهذه الغاية، إذ يتضمن نموذج الإذن أوصاف العقار المرهون ومساحته وحدوده ، والإشارة إلى بيانات سند ملكية العقار بالإضافة إلى اسم مالك العقار واسم المأذون له واسم المدين ومقدار الدين بالإضافة إلى اسم الدائن المرتهن وتاريخ صدور الإذن.

الوجه الثاني: الوكالة بالرهن والإذن بالرهن:

عرّفت المادة (905) من القانون المدني اليمني الوكالة، فقد نصت هذه المادة على أن (الوكالة: هي إقامة الغير مقام النفس حال الحياة في تصرف معلوم جائز شرعاً فيما يصح للأصيل حق مباشرته بنفسه)، وهذا التعريف ينطبق تماماً على الإذن بالرهن المشار إليه في الحكم محل تعليقنا والسابق بيانه في الوجه الأول.

وبناءً على ذلك فإن الإذن بالرهن بحسب المفهوم السابق يكون بمثابة توكيل من مالك العقار لغيره برهن العقار المملوك له.

الوجه الثالث: الفرق بين الإذن بالرهن والإذن للراهن ببيع المرهون:

سبق القول: أن إذن مالك العقار برهن العقار للمرتهن بمثابة توكيل من مالك العقار لغيره برهن العقار، والاذن بالرهن يختلف عن (التسليط) وهو إذن الراهن للمرتهن بالتصرف أو بيع المرهون، وقد ذهب جمهور الفقه الإسلامي إلى أنه يجوز للراهن أن يسلط أو يأذن للمرتهن ببيع المال المرهون لإستيفاء دينه أو حقه من المال المرهون.

وقد أخذ القانون المدني اليمني برأي جمهور الفقهاء ، فقد أجاز القانون للمرتهن بيع المرهون إذا حل أجل سداد الدين فلم يقم المدين بالسداد، وفي هذا المعنى نصت المادة (1013) مدني على أنه (يجوز للمرتهن بيع المرهون إذا حل أجل الدين ولم يقم الراهن بوفائه، غير أن قيام المرتهن بالبيع لا يتم إلا بإذن أو موافقة المرتهن أو بأمر من القاضي).

 ويثور في اليمن نقاش قانوني بشأن وقت صدور إذن الراهن للمرتهن ببيع العقار أو المال المرهون وفقاً لما ورد في النص القانوني السابق، فهناك من يذهب إلى أن المقصود بإذن أو موافقة الراهن ببيع المرهون أن يصدر الإذن وقت حلول ميعاد الوفاء بالدين، لأن الإذن المسبق بالبيع فيه جهالة ،لأن عدم الوفاء بالدين أمر غير معلوم عند إبرام عقد الرهن، في حين يذهب فريق من شراح القانون إلى أن المقصود بالموافقة أو الإذن المذكور في النص السابق هو الإذن المسبق، لأن الغرض والغاية من الرهن هو ضمان أو تأمين الوفاء بالدين من المال المرهون إذا حل ميعاد الوفاء بالدين فلم يقم المدين بالوفاء، سيما أن قوانين عدة دول عربية كالأردن وفلسطين ولبنان وسوريا تتضمن أحكام الرهن تسليط المرتهن في بيع العقار إذا حل ميعاد سداد الدين فلم يقم المدين بالوفاء.

 والقضاء اليمني لايسمح للدائن المرتهن ببيع العقار المرهون من غير الرجوع الى القضاء الا اذا اذن أو سمح الراهن للمرتهن وقت التاريخ المحدد للسداد ،(التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل اراضي وعقارات الدولة ، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٢م، ص٢١٦)، والله اعلم.