![]() |
في القانون اليمني |
العمليات المصرفية التي تجريها البنوك والمصارف وشركات الصرافة تصل إلى ملايين العمليات مع ملايين من الناس، وكل عملية من هذه العمليات يتم اجراها بموجب عدة مستندات ولذلك يتعذر علي البنوك والمصارف الاحتفاظ بنسخ ورقية من تلك المستندات لكثرها ولكثرة الاشخاص المتعاملين مع البنوك وشركات الصرافة ، ولذلك فقد صرح قانون أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الإلكترونية اليمني بأنه يجب على البنوك والمصارف والمؤسسات المصرفية الأخرى أي شركات الصرافة الإحتفاظ بصور مدمجة فلمية (الكترونية) لمستندات العمليات المصرفية التي قامت بإجرائها ، ويتم حفظها في أقراص إلكترونية (سيديهات) أو غيره ، وذلك لمدة عشر سنوات وتكون لهذه الصور الإلكترونية الحجية الكاملة في الإثبات، إذ يغني الاحتفاظ بتلك الصور عن الاحتفاظ باصل تلك المستندات أو الاحتفاظ بالاوراق، أما قانون البنوك اليمني أو قانون البنك المركزي اليمني فلم يصرحا بتحديد مدة معينة لإحتفاظ البنك بالمستندات الورقية للعمليات المصرفية، بيد أن المتبع في البنوك أن البنوك في اليمن تحتفظ بالمستندات الورقية لتلك العمليات لمدة تتراوح ما بين خمس سنوات وعشر سنوات، وبما أن قانون أنظمة الدفع والعمليات المصرفية قد صدر متاخرا عن قانوني البنوك وقانون البنك المركزي ، لذلك فإن العمل يتم بموجب ما ورد في قانون أنظمة الدفع.
ولاشك أن الاثبات بالصور الإلكترونية بالنسبة للعمليات المصرفية له خصوصيته عند مقارنته بمدة الحفظ وحجية صور المستندات بالنسبة للجهات الأخرى غير البنوك وشركات الصرافة، حسبما سياتي بيانه ، وقد أشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 31-1-2010م في الطعن رقم (38358)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (والدائرة: تجد أن إستناد الطاعن إلى المادة (36) تجاري في غير محله، فلا يقبل ذلك القول إذا كانت العلاقة التعاقدية بين الطرفين قد انتهت منذ زمن، ومضى الوقت القانوني للإحتفاظ بمستنداتها)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: الإحتفاظ بمستندات العمليات المصرفية والمالية في قانون انظمة الدفع اليمني
نصت المادة (9) من قانون أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الإلكترونية على أنه (-1- يجوز الإثبات في القضايا المصرفية بجميع طرق الإثبات بما في ذلك البيانات الإلكترونية أو البيانات الصادرة عن اجهزة الحاسب الآلي أو مراسلات أجهزة التلكس أو الفاكس أو غير ذلك من الأجهزة المشابهة. -2- يجب على البنوك والمؤسسات المصرفية الأخرى أن تحتفظ بالأوراق المتصلة بأعمالها المالية والمصرفية لمدة لا تقل عن عشر سنوات بصورة مصغرة (مكير وفيلم أو اسطوانة ممغنطة أو غير ذلك من أجهزة التقنية الحديثة بدلاً عن أصل الدفاتر والسجلات والكشوفات والوثائق والمراسلات والبرقيات والإشعارات وغيرها ، وتكون لهذه الصور المصغرة حجية الأصل في الإثبات. -3- تعفى البنوك التي تستخدم في تنظيم عملياتها المالية والمصرفية الحاسب الآلي أو غيره من أجهزة التقنية الحديثة من تنظيم الدفاتر التجارية المنصوص عليها في القانون التجاري النافذ ، وتعتبر المعلومات المستقاة من تلك الأجهزة الحديثة بمثابة دفاتر تجارية لها حجية في الإثبات. – ٤- تعتبر جميع الأعمال المصرفية والنشاطات المالية الإلكترونية تجارية بحكم ماهيتها الذاتية بغض النظر عن صفة العميل المتعاقد أو المتعامل مع البنك سواء كان مدنياً أو تجارياً، وتسري عليها أحكام هذا القانون والقانون التجاري النافذ.-٥- يجوز لأي بنك أن يحيل إلى أي شخص آخر أي حق له أو ائتمان منحهُ إلى عميله مع أو بدون تامينات عينية أو شخصية ضامنة للحق أو الائتمان ، أو أن يقبل أي حوالة حق له وذلك دون حاجة للحصول على موافقة العميل أو المدين أو الراهن أو الكفيل إلا إذا وجد أتفاق يخالف ذلك).
الوجه الثاني: حفظ أصول المستندات الورقية في قانون البنوك اليمني أو قانون البنك المركزي اليمني
لم يرد في قانون البنوك اليمني أو قانون البنك المركزي اليمني نص صريح بشأن مدة إحتفاظ البنوك بمستندات العمليات المصرفية إلا أن البنوك تحتفظ بتلك المستندات لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وقد تصل إلى عشر سنوات أو أكثر حسب نوع المستند وأهميته ومتطلبات التدقيق والرقابة.
الوجه الثالث: الاحتفاظ بالمستندات في القانون التجاري اليمني
نصت المادة(٣٦) من القانون التجاري على أنه : ( على التاجر أو ورثته الاحتفاظ بدفتر اليومية الاصلي ودفتر الجرد مدة عشر سنوات تبدا من تاريخ إقفالها ، ويجب عليهم كذلك حفظ المراسلات والمستندات والصور المشار إليها في المادة السابقة مدة خمس سنوات)، وكانت المادة السابقة لهذه المادة وهي المادة (٣٥) قد نصت على انه (على التاجر أو يحتفظ بصورة مطابقة للاصل من جميع المراسلات والبرقيات التي يرسلها لاعمال تجارية، وكذلك يحتفظ بجميع مايرد اليه من مراسلات وبرقيات وفواتير وغيرها من المستندات التي تتصل بأعمال تجارته)، حيث يجب الاحتفاظ بهذه المستندات خلال مدة خمس سنوات.
الوجه الرابع: كفاية الإثبات بالصور المدمجة في العمليات المصرفية
بعد صدور قانون أنظمة الدفع الإلكتروني الذي صرح بحجية الصورة المدمجة لمستندات العمليات المصرفية فقد أمكن الإستعاضة بالصورة المدمجة في الإحتفاظ والإثبات بدلا عن الأصول والنسخ الورقية للمستندات، وقد انتهج قانون أنظمة الدفع هذا المنهج نظراً لصعوبة إحتفاظ البنوك والمصارف وشركات الصرافة بنسخ ورقية من مستندات العمليات المصرفية المختلفة نظراً لكثرة هذه العمليات التي تتم مع ملايين الأفراد. (النظرية العامة للمصرفية الاسلامية ، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠١٦م، ص٤١٢).
الوجه الخامس: مدة الاحتفاظ بالوثائق العامة في الجهات الحكومية المختلفة
نصت المادة (٥) من قانون حفظ الوثائق على أن الجهات الحكومية (مسئولة عن وثائقها والمحافظة عليها بهيئتها الأصلية ووحدتها الوثائقية، كما تعتبر مسؤولة عن تصنيفها وتنظيم تداولها وصيانتها وضبط مدد حفظها وتقييمها تمهيداً لترحيلها إلى المركز أو أتلافها وفقاً لأحكام الفصل الثاني من هذا الباب) .
اما مدة حفظ الوثائق العامة لدى الجهات الحكومية المختلفة فقد نصت عليه المادة (١٢) من قانون حفظ الوثائق التي نصت على انه (-أ- تحدد فترة استبقاء الوثائق العامة لدى الجهات المعنية بعشر سنوات من تاريخ إنشائها أو الحصول عليها ، وترحل بعدها إلى المركز طبقاً لأحكام هذا القانون. - ب- استثناءً من أحكام الفقرة السابقة يجوز تمديد فترة الاستبقاء للوثائق التي تقتضي مصلحة العمل إستبقائها لدى الجهات لفترة إضافية يتم تحديدها بالاتفــاق مع المركز ،وتبين اللائحــة حالات ومدد الاستبقاء والشروط والضوابط المتعلقة بها).
في حين بينت المادة (13) من القانون ذاته بينت ترحيل الوثائق الى مركز حفظ الوثائق من الجهات الحكومية المختلفة فقد نصت هذه المادة على انه : (-١- تتكون المحفوظات النهائية من المحفوظات الوسيطة التي أعدت للحفظ الدائم بعد تقييمها.-٢- يتم ترحيل المحفوظات النهائية إلى المركز ، الذي يتولى الإعداد الفني لها وفقاً لأحكام هذا القانون).
الوجه السادس: مدة الاحتفاظ بمستندات القضايا المنظورة امام القضاء
حددت ذلك المادة (٦٩) من قانون المرافعات اليمني التي نصت على انه ( بعد تمام الفصل في الدعوى أو في الطعن يسلم ملف القضية لقلم كتاب المحكمة، وتحفظ ملفات القضايا في اماكن صالحة لحفظها مرتبة بترتيب ارقامها وتحفظ الملفات الابتدائية في المحاكم الإبتدائية وملفات الإستئناف لدى محاكم الإستئناف وملفات الطعن بالنقض لدى المحكمة العليا، وترفق بالملف الإبتدائي صورة من الاستئنافي وصورة من حكم المحكمة العليا، ويؤشر بالحكم الأخير في سجل المحكمة الابتدائية الابتدائية، ويستغنى عن ملفات الدعاوى واوراقها بعد مضي ثلاثين سنة من تاريخ اخر إجراء صدر فيها عدا ما ياتي : أولا : مستندات الخصوم المقدمة منهم فتسلم اليهم أو تحفظ في امانات المحكمة حتى يصلوا لاستلامها. ثانيا: الأحكام فانها تؤخذ وتودع في مجلد للاحكام مرتبة ، ويسوغ الاطلاع على القضية وتسليم صور من اوراقها أثناء وجودها في الحفظ ، كما يسوغ الاطلاع على القضية وتسليم صور من اوراقها أثناء وجودها في الحفظ كما يسوغ تسليم صور بسيطة من الأحكام لمن يطلبها)، (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل البنوك والمصارف، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م، ، ص٢٢٤) ، والله أعلم.