وجوب الكفالة عند التنفيذ المعجل

وجوب الكفالة عند التنفيذ المعجل

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين – الأستاذ بكلية الشريعة والقانون، جامعة صنعاء

وجوب الكفالة عند التنفيذ المعجل

التنفيذ المعجل: هو الٱلية القانونية التي تتيح تنفيذ الاحكام القضائية الابتدائية بطريقة سريعة وفعالة دون حاجة لإنتظار صيرورة الحكم المطلوب تنفيذه نهائيا أو باتا، إذ يتم بموجب هذه الالية القانونية تنفيذ حكم أو أمر أداء ، والتنفيذ المعجل استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بعدم جواز تنفيذ الحكم أو الأمر مادام الطعن فيه بالإستئناف جائز ، حسبما هو مقرر في المادة (334) مرافعات، وحدد قانون المرافعات اليمني الأحكام والأوامر الواجب تنفيذها معجلاً بقوة القانون بشرط الكفالة وذلك في المادة (335) مرافعات، إذا يتم التنفيذ المعجل في هذه الأحكام وجوبا بقوة القانون ، وكذا نصت المادة (٣٣٥) على انه يتم التنفيذ المعجل بقوة القانون وبغير شرط الكفالة للأحكام الصادرة في الحضانة والولاية والنفقة والسكن ،لأنها تتعلق بضروريات واحتياجات المحكوم لهم أو من تقررت لمصلحتهم تلك الاحكام.

وبالاضافة الى التنفيذ المعجل الوجوبي المنصوص عليه في المادة (٣٣٥) فقد حددت المادة (٣٣٦) مرافعات حالات التنفيذ المعجل الجوازي الذي يخضع للسلطة التقديرية لقاضي التنفيذ ، بيد ان القانون إذا اشترط الكفالة للتنفيذ المعجل فان هذا تحقيق هذا الشرط واجب فلايجوز مباشرة التنفيذ المعجل قبل إستيفاء هذا الشرط ،حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-4-2010م في الطعن رقم (37773)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (والدائرة: تجد أن الطعن في محله، لأن صريح المادة (33٦) مرافعات قد أوجبت في حالة التنفيذ المعجل تقديم كفيل مقتدر ، والظاهر أن محكمة أول درجة في محضر جلسة..... أنها قد قبلت الإكتفاء بإلتزام طالب التنفيذ بإعادة الحال إلى ما كان عليه فيما لو تعرض الحكم للإلغاء من درجة أعلى، وهذا لا يفي بما اشترطته المادة المذكورة، إذ أن مواد القانون قواعد عامة ومجردة ملزمة، وحيث أن محكمة أول درجة تسير في التنفيذ المعجل فاللازم إستيفاء الكفالة تطبيقاً لما أكدته المواد (334 و 335 و 336 و 339) مرافعات، فمن حق المنفذ ضده طلب إستيفاء ما أكدته المادة المشار إليها، وقد قضت الشعبة التجارية بإعادة ملف القضية إلى المحكمة الابتدائية للسير في إجراءات التنفيذ إلا أنها لم توجه بلزوم تطبيق نص المادة (33٦) مرافعات، لذلك تقرر الدائرة نقض الحكم)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: ماهية التنفيذ المعجل لبعض الاحكام القضائية

التنفيذ المعجل هو الٱلية القانونية التي تتيح تنفيذ الاحكام القضائية الابتدائية بطريقة سريعة وفعالة دون حاجة لإنتظار صيرورة الحكم المطلوب تنفيذه نهائيا أو باتا.

 والتنفيذ المعجل إستثناء من القاعدة العامة التي تقضي بعدم جواز تنفيذ الحكم أو الأمر مادام الطعن فيه بالإستئناف جائز ، وحدد قانون في هذا المعنى نصت المادة (334) مرافعات على أن (التنفيذ المعجل هو: تنفيذ حكم أو أمر أداء استثناءً من القاعدة العامة التي تقضي بعدم جواز تنفيذ سند تنفيذي ما دام الطعن فيه بالاستئناف جائزاً) .

فالأصل أن الاحكام والأوامر الصادرة من المحاكم الابتدائية قابلة للاستئناف إعمالاً لمبدأ التقاضي على درجتين، غير أنه يستثنى من هذا الأصل بعض الأحكام والأوامر نظراً لطبيعة هذه الاحكام ولمقتضيات السرعة في تنفيذها كالأحكام والأوامر الصادرة في المسائل التجارية التي تحتاج إلى تنفيذها تنفيذا معجلا نظرا لمقتضيات التجارة والأعمال التجارية التي تقوم على السرعة والثقة والائتمان ،وكذا يتم التنفيذ المعجل بقوة القانون وبغير شرط الكفالة للأحكام الصادرة في الحضانة والولاية والنفقة والسكن ،لأنها تتعلق بضروريات واحتياجات المحكوم لهم أو من تقررت لمصلحتهم تلك الاحكام.

 وإضافة إلى الأحكام والأوامر السابقة التي صرح القانون بأنها واجبة التنفيذ المعجل بقوة القانون، فهناك أيضاً أحكام وأوامر يجوز للمحكمة أن تأمر بتنفيذها تنفيذاً معجلاً شريطة أن يقدم طالب التنفيذ الكفالة اللازمة.

الوجه الثاني: الأحكام الواجب تنفيذها معجلا بقوة القانون بشرط تقديم الكفالة

حددت المادة (335) مرافعات الأحكام التي يجب على قاضي التنفيذ بقوة القانون تنفيذها تنفيذا معجلا إذا طلب منه المحكوم له ذلك شريطة أن يقدم طالب التنفيذ الكفالة اللازمة، إذ نصت الفقرة (١) من المادة (335) مرافعات على أنه : (تكون الأحكام والأوامر التالية واجبة التنفيذ المعجل فور صدورها وبقوة القانون: -1- الأحكام وأوامر الأداء الصادرة في المسائل التجارية بشرط الكفالة ).

الوجه الثالث: الأحكام الواجب تنفيذها معجلا بقوة القانون من غير تقديم الكفالة

حددت الفقرة (٢) من المادة (335) مرافعات الأحكام التي يجب على قاضي التنفيذ بقوة القانون تنفيذها تنفيذا معجلا إذا طلب منه المحكوم له ذلك من غير كفالة، إذ نصت الفقرة (٢) من المادة (335) مرافعات على أن :( تكون الأحكام والأوامر التالية واجبة التنفيذ المعجل فور صدورها وبقوة القانون: -٢- الأحكام الصادرة بالنفقة أو سكن المحكوم له بها أو بأجرة الحضانة أو الرضاعة أو تسليم الصغير لامه أو وليه أو رؤية أياً منهما).

 فهذه الاحكام تكون واجبة التنفيذ المعجل بحكم القانون ، من غير حاجة الى تقديم كفالة ، لان النص االقانوني السابق صرح بانها واجبة التنفيذ تنفيذا معجلا من غير ان يشترط الكفالة بخلاف الاحكام والاوامر الصادرة في المسائل التجارية التي اشترط النص تقديم الكفالة حسبما سبق بيانه.

 الوجه الرابع: الأحكام التي يجوز للمحكمة أن تأمر بتنفيذها معجلاً (التنفيذ المعجل الجوازي) شريطة تقديم الكفالة

وهي الأحكام التي يجوز للمحكمة أن تأمر بتنفيذها تنفيذا معجلا شريطة أن يقوم طالب التنفيذ بتقديم الكفالة اللازمة، فالتنفيذ المعجل في هذه الحالات لايقع بحكم القانون وانما بأمر المحكمة ، وقد حددت المادة (336) مرافعات الأحكام التي يجوز للمحكمة أن تأمر بتنفيذها تنفيذا معجلا شريطة تقديم الكفالة من طالب التنفيذ ، إذ نصت المادة (336) مرافعات على أنه (يجوز للمحكمة أن تأمر بتنفيذ الأحكام الصادرة في المسائل الآتية معجلاً وبشرط الكفالة: -1- إذا كان المحكوم عليه قد أقر بنشأة الإلتزام أو جزء منه. -2- إذا كان الحكم قد صدر بناءً على سند رسمي لم يطعن بتزويره أو سند عرفي لم تقم بشأنه منازعة -3- إذا كان الحكم صادراً في مرتب أو معاش أو أجر أو تعويض -4- إذا كان يترتب على تأخير تنفيذ الحكم ضرر جسيم).

الوجه الخامس: كفالة التنفيذ المعجل الواجبة عند التنفيذ المعجل الوجوبي

نصت الفقرة (١) من المادة (335) مرافعات على أن : (تكون الأحكام والأوامر التالية واجبة التنفيذ المعجل فور صدورها وبقوة القانون: -1- الأحكام وأوامر الأداء الصادرة في المسائل التجارية بشرط الكفالة ).

فعند مطالعة النص القانوني السابق يظهر أن أحكام وأوامر الأداء في المسائل التجارية تكون واجبة التنفيذ المعجل بشرط الكفالة، ومعنى ذلك أنه يجب على القاضي أن لا يباشر التنفيذ المعجل لهذه الأحكام والأوامر إلا إذا كانت هناك كفالة مناسبة مقدمة من طالب التنفيذ بحسب الإجراءات المحددة في القانون التي سياتي بيانها.

الوجه السادس: كفالة التنفيذ المعجل الواجبة في حالات التنفيذ المعجل الجوازي

نصت المادة (336) مرافعات على أنه (يجوز للمحكمة أن تأمر بتنفيذ الأحكام الصادرة في المسائل الآتية معجلاً وبشرط الكفالة: -1- إذا كان المحكوم عليه قد أقر بنشأة الإلتزام أو جزء منه. -2- إذا كان الحكم قد صدر بناءً على سند رسمي لم يطعن بتزويره أو سند عرفي لم تقم بشأنه منازعة -3- إذا كان الحكم صادراً في مرتب أو معاش أو أجر أو تعويض -4- إذا كان يترتب على تأخير تنفيذ الحكم ضرر جسيم).

فالنص القانوني السابق اجاز للمحكمة أن تأمر بالتنفيذ المعجل بشرط الكفالة، ومفاد هذا النص أنه لا يجوز للمحكمة أن تأمر بالتنفيذ المعجل الجوازي إلا إذا كان طالب التنفيذ قد قدم أمام المحكمة كفالة بحسب الإجراءات المحددة في القانوني الاتي بيانها، لأن التنفيذ المعجل في هذه الأحوال لا يجوز إلا بشرط الكفالة.

الوجه السابع: انواع كفالة التنفيذ المعجل

 كفالة التنفيذ المعجل لها وضعية خاصة ، فمهوم كفالة التنفيذ المعجل اعم من مفهوم الكفالة التجارية او الكفالة المدنية التي تقتصر على ضم الذمة المالية للكفيل الى ذمة المكفول عليه، فكفالة التنفيذ المعجل تضم عدة انواع من الكفالات، فقد حددت المادة (339) مرافعات أنواع كفالة التنفيذ المعجل للأحكام ، إذ نصت هذه المادة على أنه (تكون كفالة التنفيذ المعجل أو الأمر بوقفه بأي مما يأتي: -1- تقديم كفيل مقتدر -2- إيداع مبلغ نقدي أو شيك مقبول الدفع لدى خزانة المحكمة أو بنك معتمد -3- إيداع ما يتحصل من التنفيذ لدى خزانة المحكمة -4- تسليم الشيء المأمور بتسليمه في الحكم أو الأمر إلى حارس أمين مقتدر).

الوجه الثامن: إختيار المنفذ ضده لكفالة التنفيذ وإبلاغ طالب التنفيذ بذلك

بينت ذلك المادة (340) مرافعات، فقد نصت هذه المادة على أنه (يكون إعلان الخيار من الملزم بالكفالة بأي صورة من صورها المذكورة في المادة السابقة إلى قاضي التنفيذ بورقة مستقلة وعلى القاضي إبلاغ من له المصلحة بذلك الخيار خلال يومين من تاريخ إعلان الخيار).

الوجه التاسع: التناسب بين الكفالة والمال المنفذ عليه

التناسب بين الكفالة والمال المنفذ عليه يعني أن قيمة الكفالة يجب أن تكون كافية لتغطية الضرر أو الخسارة المحتملة التي قد تلحق بالمنفذ ضده نتيجة التنفيذ المعجل على ماله، بمعنى آخر يجب أن تكون الكفالة بمثابة ضمان كافٍ لضمان حقوق المنفذ ضده نتيجة التنفيذ المعجل على ماله، اذا تم بعد ذلك إلغاء الحكم .

بمعنى أنه ينبغي على المحكمة أن تتحرى من القدرة المالية للكفيل على الوفاء بقيمة المال المنفذ عليه الذي يضمنه الكفيل ،وان هناك تناسب فيما بين الشئ المحكوم به والشئ المنفذ عليه ، فعندما تكون الكفالة مالا فينبغي أن يشار في وثيقة الكفالة إلى أن الكفيل من خلال التحري أو النزول إلى محله التجاري فقد تاكد للمحكمة ان لدى الكفيل من الأموال ما يتناسب مع قيمة الشيء أو الحق أو المال المطلوب التنفيذ عليه.

الوجه العاشر: وجوب أن تقترن الكفالة بإحدى الحالات التي يجوز التنفيذ فيها معجلاً

 ومؤدى ذلك أنه يجب أن تتضمن وثيقة الكفالة الحالة التي يجوز بموجبها التنفيذ بشرط الكفالة،، وان تكون هذه الحالة من الحالات المذكورة في المادة (336) مرافعات السابق ذكرها، حتى تكون الحالة التي يضمنها الكفيل واضحة في وثيقة الكفالة، لأن وثيقة الكفالة إذا لم تتضمن الحالة التي يجوز التنفيذ فيها بشرط الكفالة، فإن الكفالة في هذه الحالة تكون مجهولة جهالة فاحشة. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل التنفيذ، أ. د . عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م، ص ١٥٤)، والله اعلم.