الطعن المباشر في أمر الأداء في القانون اليمني

الطعن المباشر في أمر الأداء في القانون اليمني

الطعن المباشر في أمر الأداء في القانون اليمني

الطعن المباشر في أمر الأداء: يعني قيام الشخص الذي صدر امر الاداء ضده بالطعن مباشرة في امر الاداء أمام محكمة اعلى من غير ان يسبق ذلك قيامه بتقديم تظلم أمام القاضي الذي اصدر أمر الاداء ضده.

فالطعن المباشر في أمر الأداء هو وسيلة قانونية قررتها قوانين المرافعات في الدول المختلفة للطعن مباشرة في أمر الأداء الصادر من المحكمة وذلك أمام محكمة أعلى، فهو إجراء يتيح للشخص الذي صدر ضده الأمر مطالبة محكمة أعلى بمراجعة أمر الاداء والتثبت من مدى سلامته وتحقق الشروط القانونية فيه.

ويترتب على الطعن المباشر سقوط حق الطاعن في التظلم إذا لم يكن قد سبق له تقديم تظلمه ، كما يترتب على الطعن المباشر إلغاء تظلم الطاعن إذا كان قد سبق له تقديم تظلمه من أمر الأداء أمام القاضي الذي اصدرالامر.

 وقد كان قانون المرافعات اليمني يأخذ بنظام الإستئناف المباشر لأمر الأداء حتى تعديلات يناير 2021م التي ألغت هذا النظام ، حينما تم إلغاء المادة (269) مرافعات التي كانت تنظم الإستئناف المباشر لأمر الاداء ،وكذا تعديل المادة (86) مرافعات التي قررت أن الحكم الصادر في التظلم من أمر الأداء يكون نهائياً غير قابل للإستئناف ولكنه يقبل الطعن أمام المحكمة العليا، فالطعن أمام المحكمة العليا في هذه الحالة ليس طعنا مباشرا في أمر الأداء وانما طعن في الحكم الإبتدائي الصادر في التظلم من أمر الأداء.

 وقبل تعديل قانون المرافعات عام ٢٠٢١ م كان قانون المرافعات اليمني يجيز لمن صدر أمر الأداء ضده أن يتظلم من أمر الأداء أمام رئيس المحكمة الذي اصدر أمر الأداء، كما كان القانون ذاته يجيز لمن صدر ضده أمر الأداء ورفضت المحكمة تظلمه من أمر الأداء كان يجيز له إستئناف الحكم، فإذا لم يقم من صدر ضده أمر الأداء بالتظلم ثم قام بإستئناف أمر الأداء فيتم إحتساب ميعاد الإستئناف بداءً من تاريخ إنتهاء مدة التظلم من أمر الأداء، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-11-2010م في الطعن رقم (44225)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (ولما كانت المدة القانونية للطعن المباشر بالإستئناف في أمر الأداء هي ستون يوماً مضافاً إليها ميعاد التظلم وقدره عشرة أيام عملاً بالمادة (269) التي نصت على أن يبدأ ميعاد الإستئناف من تاريخ فوات ميعاد التظلم، ويتحقق فوات ميعاد التظلم بعد مضي عشرة أيام، ولذلك فإن الإستئناف الذي سبق للطاعن تقديمه إلى محكمة الإستئناف يكون مقبولاً لتقديمه في ميعاده المقرر قانوناً)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا

الحكم محل تعليقنا صدر بتاريخ 10-11-2010م أي قبل تعديل قانون المرافعات الذي تم في (يناير 2021) الذي ألغى المادة (269) التي أستند إليها الحكم محل تعليقنا التي كانت تجيز الطعن المباشر في أمر الأداء، وقد كانت هذه المادة قبل إلغائها تنص على أن: (يبدأ ميعاد الإستئناف من تاريخ فوات ميعاد التظلم أو من تاريخ إعتبار التظلم كأن لم يكن ، ويسقط الحق في التظلم من الأمر إذا طعن فيه مباشرة بالإستئناف ، ويكون الحكم الصادر في التظلم قابلاً للإستئناف).

وقد كان هذا النص يقرر صراحة جواز الطعن المباشر في أمر الأداء من غير ان يشترط سبق تقديم تظلم ، فبموجب هذا النص كان يجوز لمن صدر الأمر ضده ان يقوم مباشرة بإستئناف أمر الأداء من غير أن يسبق ذلك سلوك سبيل التظلم من امر الاداء، إضافة إلى أن النص القانوني السابق قد حدد تاريخ بداية ميعاد الإستئناف المباشر في هذه الحالة وهو تاريخ فوات ميعاد التظلم من أمر الأداء، ومن المعلوم أن المادة (268) مرافعات قد حددت ميعاد التظلم من أمر الأداء وهو عشرة أيام من تاريخ إعلان امر الأداء الى الشخص الذي صدر الأمر ضده ، ومعنى ذلك أن بدء ميعاد الإستئناف المباشر لأمر الأداء وفقا لذلك النص يبدأ بعد إنقضاء العشرة الأيام المحددة لتقديم التظلم من أمر الأداء، وبما أن قانون المرافعات لم ينص على ميعاد خاص لإستئناف أمر الأداء في هذه الحالة فإن ميعاد إستئناف أمر الأداء يخضع للقواعد العامة المقررة في القانون لإستئناف القرارات والأحكام وهي ستون يوماً وفقاً لما هو مقرر في المادة (275) مرافعات. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثاني ، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥، ص٢٥٧ ).

الوجه الثاني: معنى الطعن المباشر في أمر الأداء وفقا للمادة (269) مرافعات الملغية بموجب تعديلات يناير 2021م

الطعن المباشر في أمر الأداء: يعني قيام الشخص الذي صدر امر الاداء ضده بالطعن مباشرة في امر الاداء أمام محكمة اعلى من غير ان يسبق ذلك قيامه بتقديم تظلم أمام القاضي الذي اصدر أمر الاداء ضده.

فالطعن المباشر في أمر الأداء هو وسيلة قانونية قررتها قوانين المرافعات في الدول المختلفة للطعن مباشرة في أمر الأداء الصادر من المحكمة وذلك أمام محكمة أعلى، فهو إجراء يتيح للشخص الذي صدر ضده الأمر مطالبة محكمة أعلى بمراجعة أمر الاداء والتثبت من مدى سلامته وتحقق الشروط القانونية فيه.

ويترتب على الطعن المباشر بامر الاداء سقوط حق الطاعن في التظلم إذا لم يكن قد سبق له تقديم تظلمه ، كما يترتب على الطعن المباشر إلغاء تظلم الطاعن إذا كان قد سبق له تقديم تظلمه من أمر الأداء أمام القاضي الذي اصدر الأمر. (أوامر الأداء في ضوء الفقه والقضاء، المستشار مصطفى مجدي هرجة، دار محمود للنشر القاهرة 2016م، ص١٢٣).

 الوجه الثالث: إلغاء المادة (269) مرافعات في تعديلات يناير 2021م وإلغاء نظام الطعن المباشر في أمر الاداء

في تعديل قانون المرافعات اليمني (يناير 2021م) تم إلغاء المادة (269) مرافعات كانت تنص على أن: (يبدأ ميعاد الإستئناف من تاريخ فوات ميعاد التظلم أو من تاريخ إعتبار التظلم كأن لم يكن ، ويسقط الحق في التظلم من الأمر إذا طعن فيه مباشرة بالإستئناف ، ويكون الحكم الصادر في التظلم قابلاً للإستئناف)، وقد تم إلغاء هذه المادة على خلفية تعديل المادة (86) مرافعات التي صرحت بأن الحكم الإبتدائي الصادر في التظلم من أمر الأداء يكون نهائياً لايجوز الطعن فيه أمام محكمة الاستئناف وانما يجوز الطعن فيه امام المحكمة العليا، فقد نصت المادة (86) مرافعات بعد تعديلها عام ٢٠٢١م على أن (يكون الحكم الإبتدائي نهائياً غير قابل للطعن بالإستئناف وقابلاً للطعن أمام المحكمة العليا في الأحوال الآتية: -2- في قضايا الإيجارات والشفعة والأحكام الصادرة في التظلمات من أوامر الأداء وفي الإختصاص)، فهذا النص قد صرح بأن الأحكام الصادرة في التظلمات من أوامر الأداء تكون نهائية لا يجوز إستئنافها وإن كان يجوز الطعن فيها أمام المحكمة العليا، وتبعا لذلك فقد تم إلغاء المادة (٢٦٩) ، اذ لم يعد لها محل بعد تعديل المادة (٨٦) حسبما سبق بيانه ،في حين ظلت المادة (268) مرافعات من غير تعديل، وقد نصت المادة (268) على أنه (يجوز للمدين التظلم من أمر الأداء إلى المحكمة المختصة خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه به شخصياً أو في موطنه أو من اليوم التالي لآخر يوم تم فيه النشر ويتم التظلم وفقاً للأوضاع المعتادة لرفع الدعوى ، ويجب أن يكون التظلم مسبباً وإلا كان باطلاً ، ويعتبر المتظلم في حكم المدعي ، وإذا تخلف عن الحضور في الجلسة الأولى المحددة لنظر التظلم تحكم المحكمة بإعتبار التظلم كأن لم يكن).

 ومن خلال دراسة خلفيات واسانيد إلغاء المادة (269) وتعديل المادة (86) عام ٢٠٢١م والإبقاء على المادة (268) من غير تعديل من خلال دراسة كل ذلك يظهر الآتي:

1- الإستئناف أو الطعن المباشر لأمر الأداء لم يعد له وجود في قانون المرافعات اليمني بعد إلغاء المادة (269) مرافعات، فلم يعد بوسع المدين الذي صدر ضده أمر الأداء ولم يتظلم منه في الميعاد المقرر في المادة (268) لم يعد بوسعه أن يستأنف أو يطعن مباشرة في أمر الأداء، ومقتضى ذلك أن أمر الأداء يصير في هذه الحالة نهائياً لا يجوز الطعن فيه بالإستئناف أو أمام المحكمة العليا ويصير أمر الاداء سندا تنفيذيا وفقا للمادة (٣٢٨) مرافعات.

2- الحكم الصادر في التظلم من أمر الأداء يكون نهائياً لا يجوز إستئنافه ولكنه يكون قابلاً للطعن أمام المحكمة العليا، ويخضع ميعاد الطعن فيه للقواعد العامة من حيث مدة الطعن وهي ستون يوماً من تاريخ إستلام المحكوم عليه لنسخة الحكم الإبتدائي في التظلم.

3- صرحت المادة (328) مرافعات في الفقرة (2) بأن (أوامر الأداء) تكون سندات تنفيذية إذا تم إعلان المدين ولم يتظلم منها خلال المدة المحددة قانونا. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثاني ، أ . د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥، ص٢٥٧ )، والله أعلم.