![]() |
سقوط الخصومة بعد إعادة القضية من المحكمة العليا |
في حالات عدة تقضي المحكمة العليا بنقض الحكم الإستئنافي وإعادة القضية إلى محكمة الإستئناف لإعادة الفصل فيها، ومؤدى ذلك إعادة الخصومة إلى الحالة التي كانت عليها قبل الفصل فيها بالحكم الاستئنافي، ومقتضى ذلك أنه يجب على محكمة الإستئناف إعلان الخصوم بنسخة من حكم المحكمة العليا لموالاة إجراءات الخصومة الإستئنافية في ضوء ما ورد في حكم المحكمة العليا، اذ تعقد الشعبة المختصة جلسة فإذا لم يحضر المستانف اعادت الشعبة إعلانه فان لم يحضر يتم تطبيق أحكام سقوط الخصومة يحسب الاجراءات والشروط المقررة في القانون، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-4-2010م في الطعن رقم (40431)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وبإطلاع الدائرة على مشتملات الملف تجد أن الطاعن ينعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لعدم إعلانه بنسخة من حكم المحكمة العليا بعد إعادة القضية إلى الشعبة، وان الشعبة التجارية لم تعقد أية جلسة لمعاودة نظر دعوى البطلان، والدائرة تجد: أن هذه المناعي في محلها، ذلك أن ملف دعوى البطلان لم يتضمن ما يثبت إعلان الطاعن بنسخة من حكم المحكمة العليا الذي قضى بنقض الحكم المطعون فيه الصادر من الشعبة التجارية وإعادة القضية لمعاودة نظر دعوى البطلان، كما أن هذه الدائرة لم تجد ما يثبت إنعقاد أي جلسة من قبل الشعبة بعد عودة الحكم المذكور من المحكمة العليا، وقد نصت المادة (216) مرافعات على أنه: إذا توقف سير الخصومة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ آخر إجراء صحيح تم فيها بدون سبب شرعي موجب لذلك فان ذلك يدل على رغبة المدعي عن الخصومة فتسقط الخصومة بقوة القانون...إلخ، وحيث أن شروط سقوط الخصومة لم تتوفر مما يصم القرار المطعون فيه بالبطلان ، حيث لا يمكن أن يستشف من ذلك رغبة الطرفين عن مواصلة السير في الخصومة طالما انهم لم يعلنوا أصلاً بحكم المحكمة العليا المذكور)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: وجوب إعلان الخصوم أطراف الخصومة الإستئنافية بحكم المحكمة العليا
في كل الأحوال يجب على محكمة الإستئناف أو محكمة الإعادة أن تقوم بإعلان الخصوم اطراف الحكم بالحكم المرسل إليها من المحكمة العليا ، ولذلك نجد في نهاية كثير من أحكام المحكمة العليا عبارة : (وعلى الشعبة إعلان الأطراف بنسخة من هذا الحكم) ،فالغرض من هذه العبارة هو تذكير محكمة الإستئناف بما يجب عليها قانوناً، وهو إعلان أطراف الحكم بنسخة من حكم المحكمة العليا، وهذا الإلتزام عام سواءً في الحكم بإقرار الحكم الاستئنافي أو نقضه، حتى يعلم الخصوم بما توصلت إليه المحكمة العليا بشأن الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي ، وحتى يتم تنفيذ الحكم الذي أقرته المحكمة العليا أو سلوك طريق الطعن غير العادية، وحتى يتمكن الخصوم من مواصلة إجراءات الخصومة الإستئنافية في ضوء ما ورد في حكم المحكمة العليا إذا كان حكم المحكمة العليا قد قضى بنقض الحكم الاستئنافي
وعلى ذلك فإن عدم مبادرة محكمة الإستئناف بإعلان الخصوم بأحكام المحكمة العليا سبب من أسباب تراكم القضايا وسبب أيضاً من أسباب إطالة إجراءات التقاضي، ولذلك ينبغي إتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة والمناسبة لضمان قيام محكمة الإستئناف بإعلان الخصوم بالأحكام الصادرة من المحكمة العليا في الطعون بالنقض المرفوعة إلى المحكمة العليا فور وصولها إلى الشعبة.
الوجه الثاني: إعتبار الإستئناف كأن لم يكن اولا ثم تطبيق أحكام سقوط الخصومة الإستئنافية بعد إعادة ملف القضية من المحكمة العليا إذا لم يحضر المستائف وتوصيتنا للمقنن اليمني
اذا قضى حكم المحكمة العليا بنقض الحكم الإستئنافي واعاد القضية الى محكمة الإستئناف ، فانه يترتب على ذلك إعادة الخصومة الى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم الإستئنافي ، ومعنى ذلك انه يتم تطبيق المادة (٢٨٩) مرافعات التي نصت على أنه ( مع مراعاة أحكام المواد ٢٠٧و٢٠٨و٢٠٩ اذا لم يحضر المستانف في اليوم المحدد للجلسة الاولى فعلى المحكمة تحديد موعد جلسة تالية وتعلن المستائف بالموعد الجديد وفقا لقواعد الإعلان فإذا لم يحضر في الجلسة التالية أعتبر إستئنافه كأن لم يكن وصار الحكم الإبتدائي واجب النفاذ وفقا للقواعد العامة إلا إذا كان ميعاد الإستئناف لايزال قائما فللمستانف رفع إستئناف جديد، وفيما لم يقض به القانون بنص خاص يتبع في شان خصومة الإستئناف القواعد المتعلقة بما هو مقرر أمام محكمة الدرجة الاولى).
وهناك من يذهب الى ان حكم إعتبار الإستئناف كأن لم يكن حكم خاص بالاستئناف حينما يتم رفعه اول مرة ، لأن النص السابق يوحي بذلك لان المستائف لم يحضر مطلقا، اما في حالة نقض الحكم الإستئنافي وإعادة القضية الى محكمة الإستئناف فقد سبق للمستانف الحضور، وتداعى المستائف والمستانف ضده وتقديم مالديهما ، فمن غير المقبول تطبيق احكام إعتبار الإستئناف كأن لم يكن عند نقض الحكم وارجاع ملف الإستئناف الى الشعبة وانما ينبغي تطبيق احكام سقوط الخصومة الإستئنافية التي سبق إنعقادها بحضور المستانف والمستانف ضده وتقديم ما لديهما ويتم تطبيق أحكام سقوط الخصومة الإستئنافية وفقا لما هو مقرر في المادة ( ٢١٦) مرافعات التي استند إليها الحكم محل تعليقنا، وقد اخذ الحكم محل تعليقنا بوجهة النظر هذه ، فقد قضى الحكم بتطبيق أحكام سقوط الخصومة الإستئنافية على القضية بعد إعادة ملفها إلى محكمة الإستئناف، وقضى بأن تطبيق أحكام سقوط الخصومة الإستئنافية يستدعي إتباع الإجراءات المقررة في المادة (216) مرافعات بما في ذلك إعلان المستأنف بالحكم الصادر عن المحكمة العليا الذي نقض الحكم الاستئنافي حتى يتمكن المستأنف من موالاة إجراءات نظر إستئنافه بعد نقض الحكم الاستئنافي السابق.
في حين يذهب إتجاه اخر إلى انه من المناسب ان يتم تطبيق إعتبار الإستئناف كان لم تكن في هذه الحالة طالما أن حكم المحكمة العليا قد قضى بنقض الحكم الإستئنافي واعاد الخصوم والخصومة الإستئنافية أي الى الحالة السابقة لصدور الحكم الاستئنافي المنقوض، ومعنى ذلك أنه يجب على المستأنف بعد إعلانه بحكم المحكمة العليا أن يعبر عن رغبته عن التمسك بإستئنافه السابق له رفعه، فإذا ترك المستأنف إستئنافه رغم إعلانه ولم يوال الإجراءات أمام محكمة الإستئناف فإن هذا السلوك السلبي تعبير عن رغبة المستانف في ترك إستئنافه وقبوله بالحكم الابتدائي المطعون فيه بالإستئناف ، ويترتب على إعتبار الاستئناف كان لم يكن صيرورة الحكم الابتدائي واجب التنفيذ، فوسيلة إعتبار الإستئناف كأن لم تكن تغني عن اللجوء إلى تطبيق أحكام سقوط الخصومة في مرحلة الإستئناف ، لأن المستانف لايستطيع رفع الإستئناف مرة أخرى طالما ان ميعاد الإستئناف قد انقضى ، بخلاف الحال عند إستبعاد أو شطب الدعوى في المرحلة الابتدائية فان ذلك لايمنع المدعى من رفع دعوى جديدة بدلا عن دعواه المشطوبة أو التي سقطت، ومن وجهة نظرنا ان تطبيق نظام إعتبار الإستئناف كأن لم يكن في مرحلة الإستئناف يغني عن تطبيق نظام سقوط الخصومة، فضلا عن هذا النظام أكثر فاعلية وسرعة من نظام سقوط الخصومة، والحكم محل تعليقنا خير شاهد على ذلك، فقد طالت الإجراءات وعرضت واستغرقت وقتا طويلا.
ولذلك نوصي المقنن اليمني بحذف عبارة :( وفيما لم يقض به القانون بنص خاص يتبع في شان خصومة الإستئناف القواعد المتعلقة بما هو مقرر أمام محكمة الدرجة الاولى)، وذلك من نهاية المادة (٢٨٩) مرافعات السابق ذكرها ، لان هذه العبارة تقرر تطبيق نظام سقوط الخصومة في مرحلة الإستئناف بالإضافة الى تطبيق نظام إعتبار الاستئناف كان لم يكن، وهذا الأمر يتسبب في إطالة اجراءات التقاضي. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثالث ، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ، طبعة ٢٠٢٥م، ص٢٢٩).
الوجه الثالث: الطعن بالاستئناف حق وليس واجبا
الطعن بالاستئناف حق وليس واجبا، فللمحكوم عليه ان يستانف الحكم الابتدائي أو لايستانفه ،ومؤدى ذلك انه يحق ان يوالي اجراءات استئنافه وله ان يتركها، وترك المسانف لإستئناف قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا، والترك الضمني يقع بعدم حضور المستانف جلسات المحاكمة لمتابعة إستئنافه رغم إعلانه (الطعن بالاستئناف،إستاذنا الأستاذ الدكتور . نبيل اسماعيل عمر، منشأة المعارف الاسكندرية ١٩٨٩م، صـ92) .
الوجه الرابع: وجوب إعلان المستانف مرتين ووجوب إنعقاد جلستين لتطبيق أحكام سقوط الخصومة الإستئنافية بعد عودة ملفها من المحكمة العليا
وقد قضى الحكم محل تعليقنا بذلك ، وقد سبق القول : انه اذا قضى حكم المحكمة العليا بنقض الحكم الإستئنافي فيترتب على ذلك إعادة الخصومة الى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم الإستئنافي ، ومعنى انه يتم تطبيق المادة (٢٨٩) مرافعات التي نصت على أنه ( مع مراعاة أحكام المواد ٢٠٧و٢٠٨و٢٠٩ اذا لم يحضر المستانف في اليوم المحدد للجلسة الاولى فعلى المحكمة تحديد موعد جلسة تالية وتعلن المستائف بالموعد الجديد وفقا لقواعد الإعلان فإذا لم يحضر في الجلسة التالية أعتبر إستئنافه كأن لم يكن وصار الحكم الإبتدائي واجب النفاذ وفقا للقواعد العامة إلا إذا كان ميعاد الإستئناف لايزال قائما فللمستانف رفع إستئناف جديد، وفيما لم يقض به القانون بنص خاص يتبع في شان خصومة الإستئناف القواعد المتعلقة بما هو مقرر أمام محكمة الدرجة الاولى).
وقد قضى الحكم محل تعليقنا بان القرار بسقوط الخصومة الإستئنافية بعد إرجاع ملفها من المحكمة العليا يستلزم إعلان المستانف بحكم المحكمة ثم عقد جلسة محاكمة بعد إعلانه فان لم يحضر المستائف تقوم المحكمة بإعادة إعلانه الى جلسة تالية فان لم يحضر يتم بعد ذلك تطبيق أحكام سقوط الخصومة على الخصومة الاستئنافية بحسب الاجراءات المقررة في القانون، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بذلك، لان إعلان المستانف وإنعقاد جلسات المحاكمة يمكن محكمة الاستئناف من معرفة موقف المستانف من حكم المحكمة العليا وما اذا كان راغبا في مواصلة اجراءات الخصومة الإستئنافية ، كما ان الاعلان وعقد الجلسات يمكن محكمة الاستئناف من إحتساب بدء مدة سقوط الخصومة الاستئنافية من تاريخ آخر إجراء صحيح تم في للخصومة.
الوجه الخامس: بطلان القرار بسقوط الخصومة الإستئنافية إذا لم تعقد محكمة الإستئناف جلستين تظهر محاضرهما موقف المستانف من إستئنافه
إذا لم تعقد محكمة الاستئناف جلسات محاكمة فعندئذ يتعذر إحتساب تاريخ بدء ميعاد سقوط خصومة الاستئناف حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، وسند الحكم في ذلك المادة (216) مرافعات التي نصت على انه (إذا توقف سير الخصومة لمدة سنة ونصف من تاريخ آخر إجراء صحيح تم فيها تسقط الخصومة بقوة القانون ويتحمل المدعي نفقات المحاكمة وأي تعويض عن اضرار لحقت بالمدعى عليه إذا طلبها ،وإذا اراد المدعي تجديد الخصومة فلا تقبل إلا بإجراءات جديدة) .
وقد دلت الفقرة الاخيرة من المادة (٢٩٨) مرافعات على أن أحكام سقوط الخصومة الابتدائية تنطبق على الخصومة الإستئنافية ، فقد نصت الفقرة المشار إليها على انه: (وفيما لم يقض به القانون بنص خاص يتبع في شان خصومة الإستئناف القواعد المتعلقة بما هو مقرر أمام محكمة الدرجة الاولى).
فهذا النص يصرح بان احكام سقوط الخصومة الابتدائية تنطبق على الخصومة الاستئنافية، ولذلك ينبغي إعلان المستانف مرتين وعقد جلستين على النحو السابق بيانه ،فإذا لم تقم المحكمة بإعلان المستانف ولم تعقد المحكمة الجلستين ولم تحرر محاضر الجلسات فانه من المتعذر حينئذ معرفة رغبة المستأنف أو موقفه من تركه لخصومة الاستئناف حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجه السادس: سقوط الخصومة الإستئنافية بقوة القانون بمضي سنة ونصف من تاريخ آخر إجراء صحيح
نصت الفقرة الاخيرة من المادة (٢٨٩) مرافعات على أنه : ( وفيما لم يقض به القانون بنص خاص يتبع في شان خصومة الإستئناف القواعد المتعلقة بما هو مقرر أمام محكمة الدرجة الاولى)، ومعنى ذلك تطبيق أحكام سقوط الخصومة الابتدائية على الخصومة الاستئنافية ، وبشان سقوط الخصومة الابتدائية فقد نصت المادة (216) مرافعات على أنه (إذا توقف سير الخصومة لمدة سنة ونصف من تاريخ آخر إجراء صحيح تم فيها سقطت الخصومة بقوة القانون...إلخ)، وفي تعديل (2021م) صارت مدة سقوط الخصومة سنة ونصف بدلاً من ثلاث سنوات حسبما كان مقررا في النص القديم.
وسقوط الخصومة على هذا النحو جزاء إجرائي قرره القانون على المدعي الذي يمتنع عن الحضور امام المحكمة لموالاة نظر دعواه التي سبق له ان قام برفعها فيتسبب في تعطيل سير إجراءات نظر الدعوى، فاذا انقضت المدة المقررة لسقوط الدعوى فانها تسقط بقوة القانون، ووقد ذكرنا فيما سبق ان أحكام سقوط الخصومة الابتدائية المذكورة في النص السابق تسري على الخصومة الإستئنافية، وتختلف مدة السقوط من دولة إلى دولة بل تختلف في الدولة الواحدة من فترة إلى أخرى، فمثلا كانت مدة السقوط في اليمن ثلاث سنوات ثم صارت سنة ونصف ، وفي بعض الدول تنص قوانينها على أن مدة السقوط ستة أشهر فقط وفي قوانين أخرى سنتان.
ومناط جزاء سقوط الخصومة هو إهمال المدعي أو تراخيه أو إمتناعه عن السير في إجراءات نظر دعواه.
الوجه السابع: المقصود بآخر إجراء صحيح الذي تحتسب منه مدة سقوط الخصومة
نصت المادة (216) مرافعات على أنه (إذا توقف سير الخصومة لمدة سنة ونصف من تاريخ آخر إجراء صحيح تم فيها سقطت الخصومة بقوة القانون...إلخ)، فقد وردت في النص القانوني السابق عبارة : (من تاريخ آخر إجراء صحيح تم فيها) ، والمقصود بهذه العبارة أي إجراء من إجراءات المحكمة كالاعلان وعقد المحكمة لجلستي محاكمة وعدم حضور المدعي فيهما من جلسات المحاكمة أو إستبعاد المحكمة للخصومة أو شطبها أو غير ذلك من الإجراءات.
الوجه الثامن: كيفية إحتساب بداية مدة سقوط الخصومة
نظمت المادة (215) مرافعات كيفية إحتساب بداية مدة سقوط الخصومة بصفة عامة، فقد نصت هذه المادة على أنه: (اذا توقف السير في الخصومة بفعل المدعي أو امتناعه وانقضت سنة من تاريخ أخـر إجـراء صـحيح فيهـا سقطت الخصومة، ولاتسري مدة السقوط في حالات الانقطاع المتعلقة بالمدعي إلا من تاريخ إعلان من قام مقامه بوجود الخصومة المترددة بين الطرفين، وفي حالة الوقف الجزائي تبدأ مدة السقوط من تاريخ انتهاء مدة الوقف ويتقـرر السـقوط بحكم بناء على طلب من الخصم موجه لجميع المدعين أو المستأنفين بالطريقـة المعتـادة لرفـع الدعوى أو فـي مـواجهتهم في الجلسة عند استئناف السير في الدعوى بعد انقضاء ميعاد سقوط الخصومة فيها).
الوجه التاسع : المقصود بسقوط الخصومة بقوة القانون والتناقض الذي وقع فيه قانون المرافعات اليمني وتوصيتنا للمقنن اليمني
نصت المادة (216) مرافعات على أنه (إذا توقف سير الخصومة لمدة سنة ونصف من تاريخ آخر إجراء صحيح تم فيها سقطت الخصومة بقوة القانون...إلخ)، ومعنى السقوط بقوة القانون ان السقوط يقع من غير حاجة الى قرار أو إجراء ، وهذا الذي ينبغي أن يتم في اليمن لمواجهة ظاهرة تراكم القضايا وإطالة إجراءاتها ، بيد أن القانون ذاته ناقض ذلك في الفقرة الاخيرة من المادة (٢١٥) مرافعات التي نصت على أنه : (ويتقـرر السـقوط بحكم بناء على طلب من الخصم موجه لجميع المدعين أو المستأنفين بالطريقـة المعتـادة لرفـع الدعوى أو فـي مـواجهتهم في الجلسة عند استئناف السير في الدعوى بعد انقضاء ميعاد سقوط الخصومة فيها)، فهذا النص يصرح بأن السقوط يكون بموجب حكم صادر من القضاء، وهذا الامر لايستقيم مع نص المادة (٢١٦)مرافعات التي صرحت بان السقوط يكون بموجب حكم قضائي!!!؟.
ولذلك فأننا نوصي المقنن اليمني بإزالة هذا التناقض.
الوجه العاشر: سقوط الخصومة لمضي المدة المقررة قانوناً من النظام العام وتوصيتنا للمقنن اليمني
سبق القول أن سقوط الخصومة لمضي المدة المقررة في المادة (216) مرافعات يقع بقوة القانون حسبما ورد في االنص المشار اليه، ومعنى ذلك أن سقوط الخصومة في هذه الحالة من النظام العام، ومؤدى ذلك أنه يجب على المحكمة أن تبادر بتطبيق هذا الحكم القانوني بسقوط الخصومة من تلقاء ذاتها من غير حاجة إلى طلب من الخصوم، فإن لم تقم بذلك فإنها تكون قد خالفت القانون، بيد ان ماورد في المادة (٢١٥) مرافعات يناقض ماورد في المادة (٢١٦) مرافعات ، فقد نصت الفقرة الاخيرة من المادة (٢١٥) مرافعات على أنه: (ويتقـرر السـقوط بحكم بناء على طلب من الخصم موجه لجميع المدعين أو المستأنفين بالطريقـة المعتـادة لرفـع الدعوى أو فـي مـواجهتهم في الجلسة عند استئناف السير في الدعوى بعد انقضاء ميعاد سقوط الخصومة فيها)، فهذا النص يصرح بأن المحكمة لا تستطيع تقرير سقوط الخصومة إلا بموجب طلب مقدم من الخصم ، وهذا تناقض آخر بين المادتين المتتاليتين (٢١٥و٢١٦)مرافعات.
ومن هذا المنطلق فاننا نوصي المقنن اليمني بإزالة هذا التعارض علما بان من المناسب في اليمن ان يكون تطبيق أحكام السقوط من النظام العام وذلك المواجهة الدعاوي والطعون التي بتركها الخصوم لسنوات من غير ان يطلبوا سقوطها، وهذه المسألة من أهم أسباب تراكم القضايا في المحاكم اليمنية.
الوجه الحادي عشر: عدم تطبيق حكم القانون بسقوط الخصومات سبب من أسباب تراكم القضايا في المحاكم
لاريب أن عدم تطبيق الحكم القانوني بسقوط الخصومة على النحو المقرر في المادة (216) مرافعات السابق ذكرها لاريب أن ذلك من أهم أسباب تراكم القضايا في المحاكم اليمنية بسبب عدم قيام المحكمة بمتابعة إجراءات القضايا المستبعدة والمشطوبة للتحقق من إنطباق أحكام السقوط عليها وتطبيق أحكام السقوط بقوة القانون شريطة ان يتم تعديل المادة (٢١٥) مرافعات التي اشترطت طلب الخصم للحكم بسقوط الخصومة.
الوجه الثاني عشر: نطاق سقوط الخصومة
إذا كانت الخصومة ابتدائية فلا يؤثر سقوط الخصومة على الحق المدعى به، إذ يستطيع المدعي أن يرفع دعوى جديدة للمطالبة بحقه، كما لا يؤثر هذا السقوط على إجراءات الإثبات التي تمت في الدعوى السابقة التي سقطت كأقوال الشهود أو محاضر المعاينة أو تقارير الخبراء والعدول، إذ يستطيع المدعي أن يستدل بها في دعواه الجديدة التي يرفعها بعد سقوط دعواه الأولى.
أما إذا كانت الخصومة إستئنافية فقد نصت المادة (٢٨٩) مرافعات على أنه (اذا لم يحضر المستانف في اليوم المحدد للجلسة الاولى فعلى المحكمة تحديد موعد جلسة تالية وتعلن المستائف بالموعد الجديد وفقا لقواعد الإعلان فإذا لم يحضر في الجلسة التالية أعتبر إستئنافه كأن لم يكن وصار الحكم الإبتدائي واجب النفاذ وفقا للقواعد العامة إلا إذا كان ميعاد الإستئناف لايزال قائما فللمستانف رفع إستئناف جديد) ومعنى ذلك انه إذا كان ميعاد الإستئناف قد انقضى فان الحكم الإبتدائي يصير واجب النفاذ ، فبعد ذلك لايستطيع المستانف رفع إستئناف جديد أو دعوى جديدة . (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثاني ، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ، طبعة ٢٠٢٣ ، ص٢٦٥)، والله أعلم.