حق البنك في إستصدار أمر أداء بقيمة شيكات المرابحة

حق البنك في إستصدار أمر أداء بقيمة شيكات المرابحة

حق البنك في إستصدار أمر أداء بقيمة شيكات المرابحة

الشيك أداة وفاء بالحقوق والإلتزامات، فالشيك يقوم مقام النقود بالوفاء وسداد الإلتزامات، ويجرم قانون الجرائم والعقوبات والقانون التجاري الإخلال بالثقة القانونية التي أرداها القانون للشيك كأداة وفاء، ولذلك فإن قطع الشيك أو سحبه من دفتره وإخراجه للتداول يعني أن قيمة الشيك قد صارت نقداً بيد المستفيد من الشيك، وعلى هذا الأساس لا يجوز لساحب الشيك أن يتنصل عن الشيك الذي سحبه بالقول أن الشيك قد تم سحبه على الضمان أو تم سحبه على ذمة حساب عالق أو قائم فيما بين الساحب والمسحوب عليه المستفيد من الشيك، وتطبقاً لذلك لا يجوز لزبون البنك المرابح القول أن الشيك الصادر منه للمستفيد البنك الإسلامي أنه تصدر الشيك على ذمة حساب عالق فيما بينه وبين البنك الاسلامي بشأن عقد المرابحة الذي سبق إبرامه فيما بين البنك الإسلامي وزبونه، وبما ان المبلغ المذكور بالشيك ثابت كتابة ومعين المقدار وحال الاداء وخال من النزاع فقد تحققت في الشيك الشروط القانونية لإستصدار امر اداء بالمبلغ الوارد في الشيك لإلزام زبون البنك بدفع قيمة الشيك أو الشيكات الناتجة عن عمليات عقد المرابحة الذي سبق إبرامه فيما بين البنك وزبونه، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 31-3-2010م في الطعن رقم (37118)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فقد وجدت الدائرة: أن مناعي الطاعن لم تنف شرطي أن يكون الدين حالاً ومعين المقدار، ولا يعني حكماً بتكذيب الطاعن مقدماً حتى ولو صحت دعاواه، وغاية ما هنالك أن المشرع اليمني كغيره من المشرعين قد حدد إجراءات ميسرة يلجأ إليها من بيده سند كتابي بالدين بدلاً عن سلوك إجراءات الدعاوى العادية إذا توفرت في السند شروط إستصدار الأمر على عريضة، فضلاً عن تحقيق الحماية للشيكات بإعتبارها إلتزاماً حرفياً، ولا يمنع ذلك الطاعن من أن يرفع دعوى ضد البنك إن رغب لإسترداد أية مبالغ غير مستحقة له نتيجة عن إقتضاء تلك الشيكات أو إجراء حساب للمبالغ غير المستحقة عليه في إطار عقد المرابحة أو خلافه وله أن يطلب تعيين محاسب قانوني للمراجعة)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: معنى الشيك أداة وفاء وإستقلاله عن العلاقة التي جعلت الساحب يسحب الشيك

يعتبر الشيك أداة وفاء للوفاء بالديون والإلتزامات، ولذلك يقوم الشيك بوظيفة النقود في التعامل بين الناس والجهات المختلفة، إذ أن الشيك واجب الدفع بمجرد تقديمه إلى المسحوب عليه (المستفيد من الشيك)، ولذلك فإن قيام الشخص بسحب الشيك أو قطعه من دفتر شيكاته وتسليمه للمسحوب له يكون أداة وفاء بالحقوق والديون والإلتزامات ، وبحسب هذا المفهوم فإن الشيك يكون مستقلاً عن العلاقة القائمة فيما بين الساحب والمسحوب عليه. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل البنوك والمصارف ، أ . د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م ، ص ١٣٣ ).

الوجه الثاني: سحب زبون البنك للشيكات للوفاء بإلتزاماته المقررة بموجب عقد المرابحة

يرتب عقد المرابحة المصرفية بين البنك وعميله إلتزامات على عاتق العميل ومن أهم هذه الإلتزامات : الوفاء بثمن السلعة المشتراة له من البنك بموجب عقد المرابحة بحسب طريقة الدفع التي تم الإتفاق عليها في عقد المرابحة ، والتي قد تكون بالتقسيط أو دفعة واحدة وغالبا ماتكون بالتقسيط، ومهما كانت طريقة دفع العميل لثمن السلعة بموجب عقد المرابحة فإذا قام العميل بسحب شيكات للبنك المسحوب له فإن الشيكات تكون في هذه الحالة أداة وفاء مستقلة عن عقد المرابحة القائم فيما بين البنك وعميله، لأن الشيك أداة وفاء يحل محل النقود في الوفاء بالحقوق والإلتزامات، وعلى هذا الأساس فإن الشيكات التي يسحبها العميل للوفاء بقيمة البضاعة التي اشتراها من البنك بموجب عقد المرابحة تكون هذه الشيكات مستقلة لا علاقة لها أو صلة بالدائن أو المدين والحسابات القائمة أو العالقة أو التي وقع الخلاف بشأنها بمناسبة تفسير بعض بنود عقد المرابحة ، وعلى هذا الاساس لا يجوز لعميل البنك في عقد المرابحة أن يعلق دفع قيمة الشيكات على تصفية الحسابات القائمة فيما بينه وبين البنك بشأن عقد المرابحة، كما لا يحق له المطالبة بالمقاصة بين الشيكات وبين المبالغ الذي بذمة البنك بشأن عقد المرابحة أو اية حقوق اخرى قد تكون لعميل البنك بذمة بسبب عقد المرابحة ولو كانت متعلقة بقيمة الشيكات المسحوبة، وكذا لا يحق للعميل أن يطلب تأجيل أو تعليق صرف الشيكات حتى يتم الإنتهاء من تصفية حسابات عقود المرابحة المبرمة فيما بين البنك وعميله الساحب للشيكات. (النظرية العامة للمصرفية الاسلامية، ان .د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠١٩م ص٢٩٧).

الوجه الثالث: شروط صدور أمر الأداء في قانون المرافعات اليمني

حددت المادة (262) مرافعات شروط صدور أمر الأداء، إذ نصت هذه المادة على أنه (إستثناءً من القواعد العامة يجب إتباع الأحكام الواردة في هذا الباب إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الأداء وكان المطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره ، كما يجب إتباع هذه الأحكام إذا كان صاحب الحق دائناً بورقة تجارية واقتصر رجوعه على الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الإحتياطي لأحدهم فإذا أراد الرجوع على غيرهم وجب عليه إتباع القواعد العامة في رفع الدعوى).
وقد أستند الحكم محل تعليقنا إلى هذا النص حسبما سبق بيانه، لأن هذا النص قد صرح في أنه يجب على الدائن بموجب ورقة تجارية كالشيك أن يسلك سبيل أمر الأداء وليس الدعوى حسبما ورد في بداية النص، ومن المعروف أن الدائن بموجب الشيك هو الذي يتعذر عليه صرف الشيك لعدم وجود رصيد للساحب مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، لأن سلوك أمر الأداء ايسر واسرع من تحريك الدعوى الجزائية بواسطة النيابة العامة في مواجهة الساحب للشيك بدون رصيد، وكذا إستصدار امر الأداء اسهل واسرع من قيام المستفيد من الشيك برفع دعوى موضوعية للمطالبة بقيمة الشيك.

الوجه الرابع: الشيك ورقة تجارية وفقاً لأحكام الشيك المقررة في القانون التجاري اليمني

نظم القانون التجاري أحكام الشيك في المواد (من 527 حتى المادة 569)، ووفقاً لذلك فإن الشيك عبارة عن ورقة تجارية يقوم الساحب بقطعها أو سحبها من دفتر الشيكات الذي سبق للبنك ان سلمه له .
  إذ يقوم البنك بطباعة دفاترالشيكات وتسليمها لزبائنه وتحمل ورقة الشيك المطبوعة اسم البنك الذي قام بإصدار دفاتر الشيكات وشعار البنك ويتضمن الشبك اماكن فارغة يقوم بتعبئتها زبون البنك كتاريخ سحب الشيك أو قطعه وتاريخ إستحقاقه ومبلغ الشيك واسم المستفيد من الشيك وتوقيع العميل الساحب للشيك، ويقوم العميل بإستعمال دفتر الشيكات المسلم له من البنك في الوفاء بالإلتزامات المالية القائمة عليه، حيث يتم صرف الشيك وسحب قيمة الشيك من رصيد العميل الساحب لدى البنك المسحوب عليه.
  وبناء على ماتقدم فان ورقة الشيك عبارة عن أمر من العميل الساحب إلى البنك المسحوب عليه لصرف قيمة الشيك المذكورة فيه للمستفيد المذكور في أو لمن تم تظهير الشيك باسمه، ويقوم البنك المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك خصما من رصيد الساحب طرف البنك المسحوب عليه، ولان الشيك عبارة عن امر بالصرف من الساحب الى البنك فاننا نلاحظ في الشيك عبارة مطبوعة في الشيك تنص على: (أدفعوا لأمر:..........).

الوجه الخامس: يحق للبنك المسحوب عليه أن يطلب صدور أمر الأداء بموجب الشيك الذي يسحبه العميل عليه

الشيك ورقة تجارية كما سبق بيانه، كما أن الشيك أداة وفاء مثله في ذلك مثل النقود، ولذلك يجوز لعميل البنك الساحب أن يسحب شيكاً للوفاء بإلتزاماته المالية للبنك المسحوب عليه، لأن الشيك أداة وفاء عامة لسداد الإلتزامات المالية.
ولا يقدح في ذلك أن دفتر الشيكات الذي تم سحب الشيك منه صادر عن البنك المسحوب عليه الشيك، لأن العميل هو الذي يقوم بتعبئة بيانات الشيك المشار إليه وهو الذي يقوم بالتوقيع على الشيك بما يفيد موافقته ونسبة البيانات الواردة في الشيك إليه، فالبنك المسحوب عليه لم يقم بتعبئة بيانات الشيك أو التوقيع عليه. (أحكام الشيك د. عيسى محمود العواودة، دار النفائس عمان ٢٠١٣م، ص٢٣) ، والله أعلم.