المحكمة المختصة بتقدير أتعاب المحامي

المحكمة المختصة بتقدير أتعاب المحامي

المحكمة المختصة بتقدير أتعاب المحامي

تثور نزاعات كثيرة بشأن تنفيذ عقد اتعاب المحاماة فيما بين المحامي وموكله كما تحدث بينهما خلافات بشأن تقدير اتعاب المحاماة في حالة عدم وجود اتفاق فيما بينهما على تقدير اتعاب المحاماة، ومن الاحكام التي تبين وجهة المحكمة العليا في هذه المسألة الحكم محل تعليقنا وهو الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في اليمن في جلستها المنعقدة بتاريخ 2008/6/2م في الطعن التجاري رقم (31559) وخلاصة اسباب هذا الحكم ( ان الدائرة بعد الرجوع الى الاوراق مشتملات الملف وجدت ان الطاعن بالنقض مازال يجادل بشأن عدم اختصاص المحكمة التجارية بتقدير اتعاب المحاماة مع انها المحكمة التي ترافع فيها في قضايا عدة نيابة عن موكله المطعون ضده ، وحيث ان المادة (67) من قانون المحاماة تنص على ان تختص المحكمة المرفوعة امامها الدعوى ابتداء بالفصل في أي خـلاف بين المحامي الموكل فيها وبين موكله بشأن عقد الاتفاق المبرم فيما بين الطرفين ، وفي حالة عدم وجود اتفاق على الاتعاب تتولى المحكمة تقدير ما يستحقه المحامي من اتعاب بالنظر الى ظروف الدعوى وقيمتها وحجم الجهد المبذول فيها وبما يتفق مع اتعاب المثل وامام وضوح دلالة النص وبما انه استثناء من القاعدة العامة المقررة في المادة (92) مرافعات بشأن موطن المدعى عليه او محل اقامته ، مما يستوجب رفض الطعن، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية:

الوجه الأول: الحكمة من إسناد الاختصاص بتقدير الاتعاب الى المحكمة التي ترافع امامها المحامي

التقدير القضائي للاتعاب ينبغي ان يكون عادلا " ولا يكون كذلك الا اذا تم اسناده الى المحكمة التي ترافع المحامي امامها أي المحكمة التي عمل المحامي نيابة عن موكله وقام بتقديم عمله امامها ، لأن هذه المحكمة تكون هي الأعرف بحجم هذا العمل ونوعيته والجهد الذي بذله المحامي والعناية التي بذلها والمنفعة التي عادت على الموكل من عمل وكيله المحامي ، ولذلك فإن المحكمة التي ترافع امامها المحامي نيابة عن موكله في القضايا التي يطالب المحامي بأتعابه عن الترافع فيها هي الاجدر بتقدير الاتعاب كما انها ا لاولى بالفصل في تنفيذ عقد الاتعاب فيما بين المحامي وموكله في حالة اتفاقهما السابق على تقدير الاتعاب ، ولذلك اناط القانون الاختصاص بها في المسائل الناشئة عن عقد المحاماة استثناء من الاختصاص المقرر المحكمة موطن المدعى عليه حسبما هو مقرر في المادة (92) مرافعات.

الوجه الثاني: نطاق اختصاص المحكمة بشأن اتعاب المحامي

اشار الحكم محل تعليقنا الى اختصاص المحكمة التي ترافع أمامها المحامي بشأن اتعاب المحاماة مطلقاً وسند الحكم في ذلك المادة (67) محاماة وهذا الاختصاص مطلق بالنسبة لقضايا ومسائل عقد المحاماة ، ولذلك يستوجب تحديد نطاق اختصاص المحكمة التي ترافع امامها المحامي ، وذلك كما يأتي:

أولا : اختصاص المحكمة فيما يتعلق بالخلاف بشأن الاتعاب المتفق عليها فيما بين المحامي موكله حيث صرحت المادة (67) محاماة على ان المحكمة التي ترافع امامها المحامي تختص بالنظر في أي نزاعات قد تحدث فيما بين المحامي وموكله بشأن الأتعاب التي سبق للمحامي و موكله ان اتفقا عليها ، مثل امتناع الموكل عن دفع اتعاب المحامي السابق الاتفاق عليها او قيام الموكل بعزل المحامي دون أن يدفع له الاتعاب المتفق عليها او الخلاف بشأن طريقة الدفع ووقته ..... الخ .

ثانيا : اختصاص المحكمة التي ترافع امامها المحامي فيما يتعلق بتقدير اتعابه في حالة عدم اتفاقه مسبقا مع موكله عليها:

كذلك تناولت المادة (67) محاماة ذلك حيث قررت إختصاص المحكمة التي ترافع امامها المحامي بتقدير الاتعاب في هذه الحالة ، لأن هذه المحكمة هي الاجدر بتقدير الاتعاب في هذه الحالة للاعتبارات السابق ذكرها عندما اشرنا الى الحكمة من اسناد الاختصاص للمحكمة التي ترافع امامها المحامي فيما يتعلق بتنفيذ الاتعاب المتفق عليها فيما بين المحامي وموكله، وحتى لا تكون سلطة المحكمة مطلقة في تقدير اتعاب المحامي من غير ضابط او معيار فقد تضمنت المادة (67) الضوابط والمعايير التي يتوجب على القاضي الالتزام بها عند تقدير اتعاب المحامي في هذه الحالة وهي:

الضابط الأول: ظروف الدعوى:

والمقصود بهذه الظروف اجراءات سير الدعوى من حيث تركيبها وتعقيدها وسهولتها فالدعوى التي لا تقابلها دفوع او دعاو مقابلة غير الدعوى التي تقابلها دعاو او دفوع فتتعقد وتطول اجراءاتها ، و الدعوى الراسية او الراكدة غير الدعوى التي تم نظرها بصفة مستعجلة والدعوى التي يتم نظرها في جلسات كثيرة غير تلك التي يتم نظرها في جلسات قليلة ، وهكذا.

الضابط الثاني : قيمة الدعوى:

فأتعاب الدعاوى ذات القيمة المرتفعة غير تلك التي قيمتها زهيدة فينبغي ان تكون قيمة الدعوى من الضوابط التي يراعيها القاضي عند تقدير الاتعاب شريطة أن تكون قيمة الدعوى لها أساس ومستندات تدل على جدية المطالبة واحتمالية الحكم بالمبلغ قيمة الدعوى.

الضابط الثالث: الجهد الذي بذله المحامي في القضية :

اشارت المادة (67) محاماة الى هذا الضابط، وذلك يعني انه ينبغي على القاضي عند تقدير اتعاب المحامي أن يراعي الجهد الذي بذله المحامي في القضية عملا – بمبدأ تقابل الالتزامات الذي يقتضي ان تكون اتعاب المحامي مساوية الى حد ما للجهد الذي بذله ، والمقصود بالجهد هنا عدد الجلسات التي حضرها والمرافعات التي قدمها وعدد صفحاتها ومضمونها ، وما اذا كان المحامي قد قام بمتابعة الجهات الا دارية او جهات الخبرة بشأن القضية ، حيث ينبغي على القاضي مراعاة جهد المحامي دون النظر الى نتيجة الجهد الذي بذله المحامي أي بصرف النظر عما اذا كان قد افلح جهد المحامي او اخفق لأن التزامه يبذل عناية وليس تحقيق نتيجة ، وان كان العائد الذي حققه المحامي لموكله محط اعتبار في تقدير اتعابه.

الضابط الرابع: اتعاب المثل:

وقد ذكرت هذا الضابط المادة (67) محاماة والمقصود بالمثل هنا مثل المحامي من حيث درجته عليا استئناف ابتدائي تحت التمرين كما ان المقصود بالمثل ايضا مثل القضية التي ترافع فيها المحامي حيث يتم مراعاة اتعاب المحامي في ضوء الاتعاب التي يتم دفعها في القضايا المماثلة فهناك قضايا بنوك وهناك قضايا تأمين وهناك قضايا علامات تجارية ووكالات ... الخ.

الضابط الخامس : عدم الزيادة على نسبة 10% من قيمة الدعوى :

سبق القول بان قيمة الدعوى من الضوابط التي يراعيها القاضي عند تقدير اتعاب المحامي واضافة الى ما سبق فانه ينبغي الا تزيد اتعاب المحامي عن نسبة %10% المحددة في المادة (63) محاماة التي نصت على ان لا تتجاوز اجور اتعاب المحامي نسبة 10% من قيمة الدعوى كحد اعلى الا اذا اتفق المحامي وموكله على خلاف ذلك.

ومن المعلوم ان القاضي عند تقدير اتعاب المحامي في حالة عدم اتفاقه المسبق عليها مع موكله يقدرها القاضي بمراعاة الضوابط السابق ذكرها مجتمعة وليس منفردة فلايجوز ان يقدرها على وفق ضابط واحد مع وجود الضوابط الاخرى فلايجوز اهمال بقية الضوابط اذ يتوجب عليه اعمالها.

ثالثا : اختصاص المحكمة التي ترافع المحامي امامها في نظر أي دعاو او خ لاف قد يحدث فيما بين المحامي وموكله بسبب القضية التي ترافع فيها المحامي:

حيث ان اتعاب المحاماة التزام من الالتزامات العقدية والقانونية وحيث ان هذا الالتزام تقابله التزامات اخرى تقع على عاتق المحامي كما ان القانون وعقد الاتعاب يتضمن التزامات اخرى تقع على عاتق طرفيه المحامي وموكله ، ولذلك فإنه من المقرر قانونا وفقها وقضاء ان المحكمة التي ترافع امامها المحامي هي المختصة بنظر أية خلافات او دعاو قد تحدث فيما بين المحامي وموكله اذا كانت بسبب القضية التي ترافع فيها المحامي ، وفي هذا الشأن نصت المادة (62) مراعاة ويجوز للمحامي طلب حبس الاوراق او النقود من المحكمة المختصة بما يعادل اجور اتعابه ، وكما نصت المادة (64) محاماة على انه واذا لم يتم الاتفاق على تحديد الاتعاب تفصل الحكمة المختصة بذلك، كما ان هناك نصوص كثيرة في قانون المحاماة تجير للمحامي ولموكله اللجوء الى المحكمة المختصة للمطالبة بتنفيذ الا التزامات والواجبات المقررة على المحامي او موكله ، والمقصود بالمحكمة المختصة هنا هي المحكمة التي ترافع فيها المحامي نيابة عن موكله في قضية معينة كما ان القانون قد اجاز للموكل ان يلجأ الى المحكمة (المختصة) للمطالبة بتعويضه وغير ذلك، والله أعلم.