العبرة بمدة الإيجار وليس بغرض الإيجار
هناك تلازم وثيق بين الغرض من التأجير ومدة الإيجار، والدليل على ذلك أن قانون تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين اليمني قد صرح بأنه عند عدم تحديد مدة الإيجار في عقد الإيجار تتحدد مدة الإيجار على أساس الغرض من إيجار العين، فإذا لم يتم تحديد مدة إيجار العقار في عقد الإيجار فتتحدد مدة الإيجار بثلاث سنوات للمساكن وخمس سنوات للمتاجر والمطاعم والفنادق وعشر سنوات للمصانع والورش والبنوك حسبما ورد في المادة (28) من القانون المشار إليه.
بيد أنه إذا تم الإتفاق بين المؤجر والمستأجر على تحديد مدة إيجار العين في عقد الإيجار فلا عبرة بالغرض من الإيجار، حسبما أشار الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-1-2010م في الطعن رقم (38354)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وفيما يخص قول الطاعن أن المحل تم إستئجاره للإنتفاع به في مشروع تجاري فإن هذا لا يعد سنداً لإجبار أحد الطرفين على العمل على خلاف ما تم الإتفاق عليه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: الأصل ان يتم تحديد مدة الإيجار وغرضه في عقد الإيجار
الإيجار عقد يقوم على التراضي وسلطان الإرادة بين اطرافه، وبناءً على ذلك فإن الأصل أن يتم الإتفاق بين المؤجر والمستأجر على تحديد مدة عقد الإيجار وكذا الغرض من تأجير العين للمستأجر وذلك في عقد الإيجار، إذ يتم تحديد ذلك ضمن بنود عقد الإيجار الذي يتم إبرامه فيما بين المؤجر والمستأجر، وتبعاً لذلك لا يتم اللجوء إلى القانون لتحديد مدة الإيجار أو الغرض من تأجير العين إلا إذا لم يتفق المؤجر والمستأجر على ذلك أو لم يتم تحديد ذلك في عقد الإيجار.
الوجه الثاني: التلازم بين مدة الإيجار والغرض من الإيجار في القانون
جعل قانون تنظيم العلاقة فيما بين المؤجرين والمستأجرين اليمني جعل مدة الإيجار متلازمة مع الغرض من التأجير، ومعنى ذلك: أنه يتم تحديد مدة إيجار العين بحسب الغرض من التأجير في حالة عدم تحديد مدة الإيجار في عقد الإيجار، وفي هذا الشأن نصت المادة (28) من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه (يلزم تحديد المدة والاجرة عند العقد، فإذا لم تحدد في العقد فيكون حدها الأقصى على النحو التالي: للمساكن ثلاث سنوات وللمتاجر ومخازن الأدوية والوكالات التجارية والمطاعم والفنادق خمس سنوات وللمصانع والورش والبنوك عشر سنوات مالم يتفق المتعاقدان على خلافه، وإذا لم تحدد المدة والاجرة فيعتبر العقد باطلاً ، وإذا حددت الأجرة دون تحديد المدة فتعتبر فيه طبقاً لما نص عليه في بداية المادة).
وهذا النص صريح في أنه لا يتم اللجوء إلى تحديد مدة الإيجار بحسب الغرض من الإيجار بحسب المدد المقدرة في هذا النص لا يتم اللجوء إليه إلا إذا لم يسبق ان اتفق المؤجر والمستأجر على تحديد مدة الإيجار في عقد الإيجار، اما إذا تضمن عقد الإيجار تحديد المدة فلا يتم اللجوء إلى النص القانوني السابق لتحديد الأجرة حتى لو كان الغرض من التأجير هو مشروع تجاري طويل الأجل ولو كانت المدة المحددة في عقد الإيجار أقل من المدة المحددة في النص القانوني السابق ، وقد كان غالب النقاش في الحكم محل تعليقنا بشأن هذه المسألة. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الإيجار، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025، ص312).
الوجه الثالث: تعلق مدة الإيجار بغرض الإيجار في القانون أساسه الرضاء الضمني بين المؤجر والمستأجر
في الوجه السابق عرضنا نص المادة (28) من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين التي حددت مدة الإيجار في ضوء الغرض من الإيجار، اذ نصت المادة (28) من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه (يلزم تحديد المدة والاجرة عند العقد، فإذا لم تحدد في العقد فيكون حدها الأقصى على النحو التالي: للمساكن ثلاث سنوات وللمتاجر ومخازن الأدوية والوكالات التجارية والمطاعم والفنادق خمس سنوات وللمصانع والورش والبنوك عشر سنوات مالم يتفق المتعاقدان على خلافه، وإذا لم تحدد المدة والاجرة فيعتبر العقد باطلاً ، وإذا حددت الأجرة دون تحديد المدة فتعتبر فيه طبقاً لما نص عليه في بداية المادة).
ومنطلق المادة (28) في ذلك هو الرضاء الضمني ، لأن تراضي وإتفاق المؤجر والمستأجر على تحديد غرض الإيجار في عقد الإيجار يدل على الرضاء الضمني بمدة الإيجار التي يحتاجها المستأجر والتي تفي بغرضه من الإيجار، ومن خلال إستقراء نص المادة (28) السابق ذكرها يظهر أنها قد تناولت الحكم القانوني في حالة عدم تحديد مدة الإيجارفي عقد الإيجار ، فعندئذ يتم تحديد مدة الإيجار بحسب الغرض من تاجير العين.
الوجه الرابع: الحكم في حالة إتفاق المؤجر والمستأجر على تحديد اجرة العين المؤجرة من غير أن يتضمن عقد الإيجار تحديد مدة الإيجار والغرض من الإيجار
بينت المادة (28) من قانون تنظيم العلاقة السابق ذكرها بينت المعالجة القانونية في حالة تحديد الغرض من الإيجار ومقدار الأجرة وعدم تحديد مدة الأجرة على النحو السابق بيانه، اما بالنسبة للحالة التي يثبت فيها إتفاق المؤجر والمستأجر على تأجير العين وتحديد اجرة العين من غير أن يثبت إتفاقهما على الغرض من التأجير او تحديد مدة الايجار، ففي هذه الحالة يتم تحديد الغرض من التأجير بحسب طبيعة العين المؤجرة وما أعدت له العين أصلاً ، فإذا كانت طبيعة العين تدل على أنه قد تم إعدادها للسكن فتسري عليها أحكام المساكن وإن كانت طبيعتها تدل على أنه قد تم إعدادها مكتباً أو مشغلاً أو ورشة أو محل تجاري...إلخ فلكل غرض حكمه حسبما ورد في المادة (28) السابق ذكرها، (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الإيجار، أ.د.عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025، ص314)، والله أعلم.