![]() |
نهائية حكم التحكيم المنتهي بالصلح |
يختلف حكم التحكيم المنتهي بالصلح عن عقد الصلح مع أن أساس حكم التحكيم المنتهي بالصلح هو عقد الصلح، فحكم التحكيم المنتهي بالصلح حكم ، في حين ان الصلح عقد ، وشتان مابين الحكم والعقد.
ويكون حكم التحكيم المنتهي بالصلح بين الخصوم نهائياً ، حسبما هو مقرر في المادة (48) من قانون التحكيم اليمني التي صرحت أن حكم التحكيم المنتهي بالصلح يكون نهائياً، ومعنى نهائية حكم التحكيم المنتهي بالصلح: أن هذا الحكم لا يقبل الإدعاء ببطلانه أمام محكمة الاستئناف، فلا يجوز لأي من طرفي التحكيم المتصالحين في هذه الحالة لا يجوز لهما تقديم دعوى بطلان حكم التحكيم المنتهي بالصلح ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 20-2-2010م في الطعن رقم (37235)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وحيث أن المادة (48) تحكيم نصت على أنه (يكون حكم التحكيم نهائياً وباتاً في حالة إتفاق أطراف التحكيم عليه، وكذا في حالة إنتهاء التحكيم بالصلح ، وإذ أن البين أن التحكيم فيما بين الأطراف الثلاثة الطاعنين والمطعون ضده قد انتهى بالصلح ، وهو ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف بحكمها محل الطعن بالنقض ، الأمر الذي يصبح معه حكم التحكيم في هذه الحالة نهائياً وباتاً ، ويكون الطعن عليه بدعوى البطلان غير مقبول ، ولا تقبل المنازعة فيه، وحيث أن الشعبة قد توصلت في حكمها إلى عدم قبول دعوى البطلان فإن النعي على حكمها يكون على غير أساس من القانون)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: الفرق بين عقد الصلح وحكم التحكيم المنتهي بالصلح
نصت المادة (668) من القانون المدني اليمني على أن: (الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً ، وذلك بتنازل كلٍ منهما عن جزء من إدعائه) ، كما نصت المادة (677) مدني على أن (يحسم الصلح المنازعات التي تناولها ويترتب عليه إنقضاء الحقوق والإدعاءات التي تنازل عنها أي من الطرفين نهائياً).
ووفقاً للنصين السابقين فإن الصلح عقد مثل غيره من العقود يخضع لرضاء وإرادة الخصوم المتصالحين المتعاقدين ، ويكون ملزماً لاطرافه المتصالحين ،على أساس أن العقد ملزم لأطرافه، وأن العقد شريعة المتعاقدين.
وقد يتم عقد الصلح بين الخصوم قبل رفع النزاع أمام المحكم ، كما قد يتم أثناء إجراءات نظر المحكم للخصومة التحكيمية، كما قد يتم بعد صدور حكم التحكيم.
فإذا تم عقد الصلح قبل رفع النزاع أمام المحكم فأنه يكون عقد ملزما لطرفيه مثل غيره من العقود، اما إذا وقع الصلح أثناء إجراءات التحكيم فأنه يجب على هيئة التحكيم إثبات بنود عقد الصلح في جلسة تعقدها هيئة التحكيم لهذه الغاية ، ويقوم الطرفان بالتوقيع على محضر الجلسة المتضمن عقد الصلح ، وبعد ذلك يقوم المحكم أو هيئة التحكيم بإصدار حكم التحكيم الذي يتضمن إجراءات التحكيم وإنتهاء النزاع أو الخصومة التحكيمية بتصالح الخصوم – أي أن عقد الصلح الذي يتم اثناء نظر المحكم للنزاع يتم تضمينه في مدوّنة حكم التحكيم، فيكون في هذه الحالة حكماً انتهى بالصلح وليس عقد صلح، وفي هذا المعنى نصت المادة (48) من قانون التحكيم اليمني على أن (تصدر لجنة التحكيم حكمها كتابة ويوقعه المحكمون جميعهم ما عدا في حالات صدور الحكم بالأغلبية فأنه يجوز للمحكم الذي لم يوافق على الحكم عدم التوقيع مع ذكر الأسباب، ويجب أن يصدر الحكم مسبباً وإلا اعتبر ناقصاً إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك ، ويجب أن يشتمل حكم لجنة التحكيم على البيانات الآتية: أسماء أطراف التحكيم وعناوينهم وجنسياتهم وملخص الطلبات ودفوعات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وأسبابه وتاريخ ومكان إصداره ، ويكون حكم التحكيم نهائياً وباتاً في حالة إتفاق أطراف التحكيم عليه وكذا في حالة إنتهاء التحكيم بالصلح ، وفي الحالات التي ينص عليها هذا القانون، وعلى لجنة التحكيم أن تقوم بإرسال صور من الحكم موقعة من المحكمين إلى أطراف التحكيم).
وفي هذا السياق نصت المادة (46) من قانون التحكيم على أنه (إذا اتفق طرفا التحكيم على تسوية النزاع خلال سير إجراءات التحكيم فعلى لجنة التحكيم إنهاء الإجراءات وإثبات التسوية في صورة وثيقة منهية للخلاف)، وبناءً على ذلك فإن عقد الصلح يتم تضمينه في حكم التحكيم الذي يكون منطوقه: (إنتهاء الخصومة التحكيمية بالصلح بحسب البنود المبينة في هذا الحكم). (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل التحكيم الجزء الثالث، أ.د . عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025م ص186).
الوجه الثاني: نهائية حكم التحكيم المنتهي بالصلح بين الخصوم
إذا تم عقد الصلح بين الخصوم أثناء نظر المحكم أو المحكمين للخصومة فأنه يترتب على ذلك إنتهاء الخصومة التحكيمية سواءً تم الصلح بمساعي من المحكم أو المحكمين أو كان ذلك بمساع من الغير وسواءً تم الصلح أثناء جلسة التحكيم أو خارجها فإن الصلح في هذه الاحوال ينهي إجراءات التحكيم، وعندئذٍ فأنه يجب إثبات الصلح أمام المحكم أو المحكمين في جلسة تعقدها هيئة التحكيم لهذا الغرض ، ويتم فيها إثبات عقد الصلح في محضر جلسة التحكيم، وبعدها يتم إصدار حكم التحكيم الذي يقضي بإنتهاء الخصومة التحكيمية بالصلح المثبت في مدوّنة حكم التحكيم.
ويكون حكم التحكيم المنتهي بالصلح نهائياً حسبما هو مقرر في المادة (48) تحكيم التي نصت على أن: (يكون حكم التحكيم نهائياً وباتاً في حالة إتفاق أطراف التحكيم عليه وكذا في حالة إنتهاء التحكيم بالصلح ، وفي الحالات التي ينص عليها هذا القانون) ، فقد صرح هذا النص أن حكم التحكيم المنتهي بالصلح يكون نهائياً.
اما إذا تصالح الخصوم بعد صدور حكم التحكيم فان هذا الصلح يكون بمثابة تنفيذ إختياري لحكم التحكيم اذا كان عقد الصلح قد تضمن بنودا من شانها تنفيذ منطوق حكم التحكيم، أما إذا كان عقد الصلح قد تضمن بنودا تختلف عن منطوق حكم التحكيم فان ذلك يعد تنازلا من المحكوم عليه عما ورد في منطوق حكم المحكم. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الصلح ، أ.د . عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2024 ص١٢٥).
الوجه الثالث: معنى نهائية حكم التحكيم المنتهي بالصلح
معنى نهائية حكم التحكيم المنتهي بالصلح: أن هذا الحكم لا يقبل الإدعاء ببطلانه أمام محكمة الاستئناف، فلا يجوز لأي من طرفي التحكيم المتصالحين في هذه الحالة لا يجوز لهما تقديم دعوى بطلان حكم التحكيم، فالحكم القضائي النهائي لا يجوز الطعن فيه، كذلك الحال بالنسبة لحكم التحكيم المنتهي بالصلح فلا يجوز لأي من الطرفين المتصالحين أن يرفع دعوى ببطلانه أمام محكمة الاستئناف. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثاني، أ . د .عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2024م، ص211).
الوجه الرابع: قابلية الحكم المنتهي بالصلح للتنفيذ
لأن حكم التحكيم المنتهي بالصلح نهائي وفقاً للمادة (46) تحكيم السابق ذكرها، لذلك فإن هذا الحكم يكون قابلاً للتنفيذ، وبناء على هذا فإن غالبية الخصوم يواجهوا دعوى بطلان حكم التحكيم المنتهي بالصلح بدفع بعدم قبول دعوى بطلان حكم التحكيم المنتهي بالصلح، ثم يعقبوا ذلك بمطالبة محكمة الاستئناف بتنفيذ الحكم بإعتبارها المخثصة قانونا بتنفيذ احكام المحكمين، والله اعلم.