الإقرار برهن العقار

الإقرار برهن العقار

الإقرار برهن العقار

وفقاً لقانون السجل العقاري اليمني فإن عقد الرهن يجب أن يكون عقداً رسمياً بحسب النموذج الذي يعده قطاع السجل العقاري ويتم توثيقه لدى قلم التوثيق في المحكمة المختصة ، كما يتم تسجيله في السجل العقاري، وبموجب ذلك يكون عقد الرهن العقاري صحيحاً تترتب عليه الآثار الشرعية والقانونية للرهن .

أما مجرد قيام الشخص بالإقرار بأنه قد رهن عقاره للمرتهن أو انه سيرهن عقاره لدائنه ضمانا للدين الذي بذمته للدائن ، أو قيام الشخص بوضع مستند ملكية العقار لدى المرتهن، ففي هذه الاحوال لا تكون هذه التصرفات عقد رهن للعقار ، وإنما تترتب عليها آثار أخرى غير آثار عقد الرهن العقاري الرسمي، وقد أشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-12-2009م ، في الطعن رقم (36447)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وبرجوع الدائرة إلى ذلك المستند محل إحتجاج الطاعن يتضح أنه محرر من طرف واحد لم تتلاق فيه إرادة طرفيه بموجب عقد صحيح تتوفر شروطه المعتبرة قانوناً، فذلك المحرر لا تنطبق عليه شروط عقد الرهن، فتمسك الطاعن ومجادلته وإحتجاجه به على أنه عقد رهن غير صحيح، وهذا السبب يكفي بذاته في رفض طعنه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: الرهن العقاري في القانون اليمني

نصت المادة (983) من القانون المدني اليمني على أن (الرهن عقد يقدم بموجبه المدين أو غيره بإذنه عيناً مخصوصة إلى الدائن أو عدل يختاره الطرفان لحبسها لإستيفاء مالٍ مخصوص).

ونصت المادة (5) من قانون السجل العقاري على أنه (لا تعتبر نافذة في سريان أحكام هذا القانون حتى بين المتعاقدين الإتفاقات العقارية مثل عقود البيع والمبادلة والقسمة والإنتفاع والرهن وغيرها إذا لم يتم قيدها في السجل ، على أن ذلك لا يمنع المتعاقدين من متابعة حقوقهم الشخصية أمام القضاء)، وفي هذا السياق نصت المادة (16) من قانون السجل العقاري على أنه (لا يمتلك الدائن المرتهن حقاً في العقار المرهون إلا بعد أن يستوف الدائنون الذين سبقوه في القيد كافة حقوقهم ويذكر عند قيد الرهن الاتفاقي أو الحكم القضائي السند الذي نشأ بمقتضاه وكافة الشروط المتفق عليها أو المحكوم بها).

ووفقا للقانون المدني وقانون السجل العقاري فان إجراءات الرهن العقاري تتم على النحو الاتي:

أولاً: يجب أن يكون العقار المرهون معيناً وموجوداً أو محتمل الوجود.

ثانياً: يجب أن يكون العقار معلوماً علماً نافياً للجهالة ،ويتم تعيينه بوضوح في عقد الرهن.

ثالثاً: يجب أن يكون هناك عقد رهن رسمي يتضمن تفاصيل العقار والطرفين المتعاقدين.

رابعاً: يجب تسجيل الرهن في السجل العقاري.

ومن خلال ما تقدم يظهر أن الرهن العقاري عقد يجب أن تتوفر فيه كافة أركان وشروط العقد المحددة في القانون المدني، إضافة إلى أنه يجب أن تتم كتابة أو طباعة عقد الرهن العقاري بحسب النموذج الخاص المعتمد لدى قطاع السجل العقاري، كما يجب تسجيل عقد الرهن في السجل العقاري حتى تترتب على عقد الرهن العقاري كافة الآثار القانونية للرهن ومن أهمها تمكين المرتهن من المطالبة بالتنفيذ على العقار المرهون لإقتضاء الدين. (الرهن والتمويل العقاري، د. حسين جمعة، عالم الكتب القاهرة 2009م ص48).

الوجه الثاني: الوعد بالرهن العقاري

كان جانب من النقاش القانوني الذي أشار إليه الحكم محل تعليقنا بشأن تكييف التصرف الصادر من المدين الذي طلب من الدائن في رسالة موجهة منه إلى الدائن طلب من الدائن أن يقرضه مبلغاً من النقود وأنه مقابل ذلك سوف يرهن للدائن عمارته، وبموجب ذلك قام الدائن بإقراضه ، فقد كان الطاعن الدائن يجادل بانه ما كان ليسلم النقود إلى المدين إلا على أساس أنه قد رهن بموجب تلك الرسالة عمارته، في حين رد الحكم محل تعليقنا على جدال الطاعن الدائن بأن عقد الرهن العقاري الرسمي له أركان وشروط مقررة في القانون المدني وقانون السجل العقاري وأن هذه الأركان والشروط لم تتحقق في رسالة المدين إلى الدائن المشار إليها.

والوعد بالعقد هو إتفاق يلتزم بموجبه طرف واحد أو كلٍ منهما بإبرام عقد معين في المستقبل عندما يظهر الطرف الآخر رغبته في ذلك خلال الفترة المحددة في الوعد، وهذا الوعد إذا صادفه القبول يكون عقداً كاملاً ، ولكنه من العقود التمهيدية لإبرام عقد الرهن النهائي أو بصفة نهائية.

وعلى ذلك إذا كان المدين قد وعد الدائن برهن عقاره مقابل أن يقرضه مبلغاً من النقود وقام الدائن بالفعل بإقراض المدين النقود وقبل الدائن هذا الوعد صراحة فإن الوعد بالرهن ينعقد، وكذلك إذا قام الدائن بإقراض المدين المال المطلوب بناءً على وعد المدين بالرهن فإن ذلك قبول ضمني من الدائن بالوعد فينعقد الوعد.

بيد أن هذا الوعد لا يعد عقد رهن عقاري رسمي يستطيع الدائن بمقتضاه المطالبة بالتنفيذ على العقار وإقتضاء الدين من قيمته ، وإنما يستطيع الدائن المطالبة بحمل المدين على الوفاء بما وعد به. (التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل المدنية الجزء الثاني، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة ٢٠٢٣ م صنعاء ، ص ٣٦٦).

الوجه الثالث: رهن سند الملكية العقارية (البصيرة/ الفصل/ عقد الإنتفاع/ الوصية):

تنتشر في اليمن بكثرة ظاهرة رهن سندات الملكية العقارية (البصيرة/ الحجة/ الفصل أو الفرز/ عقد الإنتفاع/ الوصية...الخ)، حيث يتصور بعض الناس أن ذلك بمثابة رهن العقار المذكور في وثيقة أو سند الملكية، في حين أن رهن سند الملكية هو بمثابة رهن حيازي لمنقول وهو سند الملكية أو وثيقة الملكية.

فلا يستطيع المرتهن لوثيقة الملكية العقارية أن يطلب من القضاء التنفيذ على العقار المذكور في الوثيقة على أساس أنه مرهون لديه، لأن رهن وثيقة الملكية ليس عقداً أو رهناً للعقار ذاته، (التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل المدنية الجزء الثاني، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة ٢٠٢٣ م صنعاء ، ص ٣٦٦). والله اعلم.