![]() |
تسليم أجر العامل بعملة اجنبية |
اشترط قانون العمل اليمني أن يقوم صاحب العمل بتسليم أجر العامل في مقر عمله وفي يوم من أيام العمل ، وأن يتم تسليم الأجر بالنقد المتداول قانونا، وفي هذا المعنى نصت المادة (61) من قانون العمل على أن (تدفع الأجور وغيرها من المبالغ المستحقة للعامل بالنقد المتداول قانوناً وفي أحد أيام العمل وفي مكانه).
ومن خلال مطالعة هذا النص يظهر أنه أشترط ان يدفع صاحب العمل أجر العامل بالنقد المتداول قانوناً في الجمهورية اليمنية .
وجملة (النقد المتداول قانونا) محل خلاف في تفسيرها في التطبيق العملي ، فهناك فريق من المستشارين القانونيين يذهب إلى أن المقصود بـ(النقد المتداول قانونا) هو النقود أو العملات الحرة القابلة للتداول بين الأفراد في الدولة التي يستطيع العامل بواسطتها من الوفاء بالتزاماته وشراء إحتياجاته أو تلك العملات التي يستطيع العامل صرفها في أي من محلات الصرافة بيسر وسهولة، لأن هذه العملات أو النقود مقبولة لدى تلك محلات الصرافة أو يمكن العامل بواسطتها من شراء إحتياجاته من محلات البيع لان هذه العملة مقبولة عند الدفع والسداد .
وهناك فريق من المستشارين القانونيين يذهب إلى أن المقصود بجملة (النقد المتداول قانوناً) هو النقود التي صرح قانون بانها العملة الرسمية للدولة وهو الريال اليمني، لأنها العملة الوطنية المتداولة في الجمهورية.
بيد أنه نظراً للانقسام السائد في البلاد والتفاوت الهائل في صرف العملة الوطنية (الريال اليمني) بين منطقة واخرى فأن غالبية أصحاب الأعمال قد أضطروا إلى إحتساب أجور العمال على أساس عملة اجنبية، في حين يتم دفع أجور العمال بالريال اليمني في كل المناطق اليمنية على اساس الأجر المعتمد بالعملة الاجنبية .
كما أن غالبية رجال الأعمال يضطروا إلى دفع أجور العمال خارج مقر عمل العامل خلافاً لما ورد في النص السابق.
ولاشك أن هذه الإشكاليات العملية المترتبة على تطبيق النص القانوني السابق تحتاج الى الإشارة اليها بإيجاز ، ولذلك فقد رايناً أن نشير إليها في هذه المقالة، وبحسب التبويب الآتي:
أولاً: معنى النقد المتداول المذكور في المادة (61) من قانون العمل:
نصت المادة (61) من قانون العمل على أن (تدفع الأجور وغيرها من المبالغ المستحقة للعامل بالنقد المتداول قانوناً وفي أحد أيام العمل وفي مكانه).
قبل حدوث التفاوت في صرف الريال اليمني بين منطقة وأخرى من مناطق البلاد لم يكن تطبيق هذا النص يثير اية إشكاليات، أما في الوقت الحاضر فأن تطبيق هذا النص يثير إشكاليات عدة، بل أن فهم المقصود (بالنقد المتداول قانونا) المذكور في النص محل خلاف على اشده بين المستشارين القانونيين في الشركات والمؤسسات العامة والخاصة، فهناك اتجاه يرى أن المقصود (بالنقد المتداول قانونا) هو العملة الوطنية (الريال اليمني) لأنه هو العملة المتداولة قانوناً في الجمهورية اليمنية،وفقاً للقوانين النافذة ، فالريال اليمني هو العملة التي يستطيع العامل تداولها في أي مكان يقصده لشراء إحتياجاته وسداد إلتزاماته، لأن الريال اليمني هو النقد المتداول قانوناً في كل أنحاء وارجاء الجمهورية اليمنية، وبناءً على هذا الرأي فأن قلة من الشركات التي لها عمال في كافة مناطق اليمن تقوم بدفع أجور العمال بالريال اليمني في كل المناطق على أساس أنه النقد المتداول وتتحمل هذه الشركات فوارق صرف الريال اليمني بين منطقة وأخرى وبعضها كانت تتقاسم مع العامل هذه الفوارق غير ان هذه الشركات لم تستطع تحمل هذه الفوارق لطول مدة الازمة وتكبدها لهذه الفوارق لفترة طويلة ، ولذلك فقد قامت هذه الشركات بالإقتداء بالشركات التي تحتسب اجور عمالها على أساس عملة اجنبية.
ومن جانب اخر فقد ذهب فريق من المستشارين القانونيين إلى أن المقصود ب(النقد المتداول قانونا ) هو النقود أو العملات الحرة القابلة للتداول بين الأفراد في الدولة التي يستطيع العامل بواسطتها من الوفاء بالتزاماته وشراء إحتياجاته أو تلك العملات التي يستطيع العامل صرفها في أي من محلات الصرافة بيسر وسهولة، لأن هذه العملات أو النقود مقبولة لدى محلات الصرافة أو يستطيع العامل بواسطتها من شراء إحتياجاته من محلات البيع ،لان هذه العملات مقبولة عند الدفع والسداد .
وبناء على هذا الإتجاه وهو الغالب فأن غالبية الشركات تقوم بإعتماد عملة أجنبية كأساس لأجر موحد لجميع العمال في كافة انحاء الجمهورية غير أنها عند تدفع الأجور إلى عمالها فإنها تدفعها بالريال اليمني على أساس سعر العملة الاجنبية التي اعتمدتها الشركة كأساس الأجر الموحد وربما أن هذه الطريقة هي الشائعة لدى غالبية الشركات.
في حين ان بعض الشركات تقوم بدفع أجور العمال على أساس أجر موحد لكافة العمال في اليمن وذلك بعملة أجنبية شائعة التداول في اليمن كالريال السعودي أو الدولار الأمريكي ويتم دفعها للعمال بالعملة الأجنبية وليس العملة المحلية (الريال اليمني)، وسند هذه الشركات ما ذهب إليه الاتجاه القائل : أن النص القانوني السابق صرح بأن الدفع يكون بالنقد المتداول ، وهذا اللفظ عام يشمل الريال اليمني وغيره من النقود المتداولة في اليمن، فلا يجوز تخصيص هذا النص بالريال اليمني من غير وجود نص يخصص العموم في جملة ( النقد المتداول قانونا)، واستناداً إلى هذا الرأي فهناك مجموعة من الشركات والمؤسسات العاملة في مختلف مناطق اليمن تدفع أجور عمالها في المناطق المختلفة بالعملة الأجنبية تحاشياً لإشكالية فوارق صرف الريال اليمني بين منطقة وأخرى. (محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص141).
ثانياً: دفع صاحب العمل لأجر العامل في مكان عمل العامل:
في هذا الشان نصت المادة (61) من قانون العمل على أن (تدفع الأجور وغيرها من المبالغ المستحقة للعامل بالنقد المتداول قانوناً وفي أحد أيام العمل وفي مكانه).
فقد اشترط النص القانوني السابق أن يدفع صاحب العمل أجر العامل في مكان عمل العامل حتى لا يتجشم العامل الجهد والوقت والمال في متابعة الحصول على أجره المستحق، وهذه هي الغاية التي ابتغاها المقنن اليمني من إشتراطه قيام صاحب العمل بدفع أجر العامل في مكان عمل العامل وفي يوم من أيام العمل،
غير أن وسائل دفع النقود قد تطورت وصارت أكثر سهولة وسرعة وجدوى من دفع أجور العامل في مقر عمله او في يوم عمل مثل إيداع أجور العامل في حساب العامل طرف البنك أو الشركة صرافة أو تحويل أجر العامل بواسطة حوالة مصرفية عن طريق بنك أو شركة صرافة بناء على طلب العامل.
وقيام صاحب العمل بدفع أجر العامل عن طريق الإيداع في حساب العامل طرف البنك أو شركة الصرافة يسهل للعامل الحصول على أجره بيسر وسهولة في أي مكان وفي أي يوم، شريطة أن لا يترتب على ذلك تحميل العامل اية خصميات أو عمولات بسبب الإيداع في حسابه أو تحويل أجره بحوالة مصرفية.
الوجه الثالث: إشكاليات دفع اجر العامل بعملة اجنبية أو على أساس عملة اجنبية:
عند دفع اجر العامل بعملة اجنبية تظهر إشكاليات خصم الحقوق القانونية المتعلقة بأجر العامل كالضرائب والإشتراكات التأمينية ، سيما في الشركات التي تحتسب اجر عمالها على أساس عملة اجنبية لكن الدفع يتم بالريال اليمني ، إذ يتغير اجر العامل في كل شهر نتيجة التغير الهائل في صرف الريال اليمني. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثالث، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة 2025م صنعاء، ص143)، والله اعلم.