![]() |
الإشعار والتكليف فيما بين العامل وصاحب العمل |
ورد ضمن نصوص قانون العمل أنه يجوز للعامل وصاحب العمل إنهاء عقد العمل شريطة توجيه الطرف الراغب بالإنهاء الإشعار بذلك إلى الطرف الأخر، ومن جهة أخرى صرح قانون العمل بأنه يجب على صاحب العمل أن يسلم العامل نسخ من المذكرات التي تتضمن الإجراءات التنفيذية لعقد العمل.
إضافة إلى أن العلاقة العمالية بين صاحب العمل والعامل اثناء سريانها تستدعى توجيه طلبات من العامل الى صاحب العمل، وكذا إخطارات أو تكليفات أو توجيهات أو تعليمات من صاحب العمل إلى العامل.
وما ورد في قانون العمل في هذا الشأن ماهي إلا إشارات عامة مجملة، فضلاً عن أن النصوص الواردة في قانون العمل لم تبيين كيفية أو طريقة أو إجراءات توجيه الإشعارات والطلبات والتكليفات التي تقتضيها العلاقة العمالية فيما العامل وصاحب العمل.
ولذلك فأن الشركات أو المؤسسات الحكومية والخاصة تحرص على تضمين لوائحها وادلتها وعقود العمل بنداً ينص على طريقة توجيه الرسائل أو الإشعارات أو التكليفات أو الإخطارات أو الطلبات أو التبليغات.
ولأهمية هذه المسائل فسوف نتناولها في هذه المقالة بحسب التبويب الآتي:
أولاً: تسليم صاحب العمل للعامل نسخة من الوثائق المتضمنة الإجراءات التنفيذية التي يقوم بها صاحب العمل تنفيذاً لعقد العمل مع العامل:
المقصود بالمستندات التي تتضمن إجراءات صاحب العمل لتنفيذ عقد العمل المقصود بها المستندات التي تتضمن الأجر الأساسي للعامل أو الأجر الكامل المشتمل على البدلات وكذا المستندات المتعلقة بإجازات العامل المختلفة وكذا تعليمات وادلة وأنظمة العمل التي يجب على العامل الالتزامات بها ، وكذا المستندات المتعلقة بنقل العامل أو تدويره أو توقيع الجزاء عليه أو إلحاقه ببرنامج تدريبي أو تكليفه بالسفر أو بمهمة عمل أو تكليفه بعمل إضافي او إنهاء عقد عمل العامل أو إحالته الى التعاقد....الخ، شريطة أن تكون هذه المستندات خاصة بتنفيذ عقد العامل خاصة، فلا يندرج ضمنها المستندات العامة التي تعني جميع العمال أو جميع عقود العمل في المنشأة .
وفي هذا الشأن نصت الفقرة (5) من المادة (30) من قانون العمل اليمني على أنه (يجب أن تكون الإجراءات التي يقوم بها صاحب العمل تنفيذاً لنصوص عقد العمل ثابتة بالكتابة وتسليم نسخة منها للعامل).
فقد أوجب هذا النص على صاحب العمل أن يقوم بتدوين أو كتابة الإجراءات التي أتخذها في سبيل تنفيذ عقد العمل المبرم فيما بينه وبين العامل حتى يسهل للعامل إثبات حقوقه وكذا إثبات تصرفات صاحب العمل عند تنفيذه لعقد العمل ، ولكي تتمكن وزارة العمل من بسط رقابتها على الإجراءات التي اتخذها صاحب العمل في سبيل تنفيذ عقد العمل وحتى يسهل للعامل المطالبة والإستدلال على حقوقه.
وحسبما هو ظاهر في النص السابق فأن صاحب العمل ليس ملزما بتسليم العامل إلا نسخ من المستندات المتضمنة الإجراءات التنفيذية لعقد العمل الخاص بالعامل، فصاحب العمل ليس ملزماً بتسليم العامل المستندات العامة التي تعني جميع العمال ، ولو كانت هذه المستندات تتعلق بعقد عمل العامل.
فاذا كان المستند خاص بتنفيذ صاحب العمل لعقد العمل الخاص بالعامل فأنه يجب على صاحب العمل أن يسلم العامل نسخة من المستند، ومن المعلوم أن النسخة غير صورة المستند ، لأن حجية صور المستندات ناقصة وفقاً لقانون الإثبات اليمني، ولذلك فقد أشترط النص القانوني السابق أن يقوم صاحب العمل بتسليم العامل (نسخة) من المستند وليس (صورة) ، ومع ذلك فانه يجوز لصاحب العمل أن يسلم العامل صورة من المستند شريطة أن يكتب فيها صاحب العمل أنها مطابقة لأصلها المحفوظ لدى صاحب العمل.
وبما أن تسليم العامل لنسخة من المستند واجب على صاحب وفقاً لما ورد في النص القانوني السابق فأنه ينبغي على صاحب العمل أن يثبت تسليمه للنسخة إلى العامل، وإذا كانت المنشأة لازالت تتبع الطريقة الورقية في الإدارة أي تتعامل بالمستندات الورقية فأنه يتم تسليم النسخة الى العامل ويقوم العامل بكتابة إستلام بذلك على صورة من المستند بعبارة (استلمت أصل المذكرة) ،وأن كانت إدارة المنشأة غير ورقية أي تعتمد على المراسلات الإلكترونية فأنها تقوم بإرسال النسخة الى ايميل أو هاتف العامل حسبما سياتي بيانه.(محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل اليمني، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص121).
ثانياً: الإشعار بإنهاء عقد العمل:
اشترطت المادة (36) من قانون العمل أن يقوم الطرف الراغب بإنهاء عقد العمل بإشعار الطرف الأخر برغبته في إنهاء عقد العمل، في حين تضمنت المادة (38) بعض إجراءات تسليم الإشعار بإنهاء عقد العمل.
ولم يتعرض النص السابق لبيان كيفية تسليم الإشعار بإنهاء العقد، وقد أشار النص إلى أنه في حالة رفض الطرف الآخر إستلام الإشعار فأنه يتم تسليم الإشعار الى مكتب وزارة العمل، ومفهوم النص أنه في حالة عدم رفض الإستلام فأنه يتم تسليم الإشعار يدوياً وأن يتم إثبات إستلام الإشعار بعبارة (استلمت أصل الإشعار)، كما يجوز إرسال أو تسليم الإشعار عن طريق ألايميل أو الهاتف اذا كان قد تم الاتفاق بين الطرفين على أن يتم تسليم الإشعار بهذه الطريقة.
ثالثاً: الإتفاق المسبق بين العامل وصاحب العمل على طريقة تسليم الإشعارات والتكليفات و الطلبات والبلاغات:
عند تحرير عقد العمل فيما بين العامل وصاحب العمل يتم تضمين ديباجية العقد مقابل أسم كل طرف عنوانه الالكتروني أي البريد الالكتروني او رقم هاتفه الجوال بإعتبار هذا العنوان هو المختار من قبل كل طرف، ويتضمن البند التاسع من عقد العمل عبارة (9- أقر الطرفان بانهما قد قبلاً بأن يتم توجيه الإشعارات والتكليفات والطلبات والتعليمات عن طريق العنوان الالكتروني ورقم الهاتف المحدد مقابل كل طرف في ديباجية العقد، وأن الطرفان قد أقرا بأن أية اشعارات أو إخطارات أو تكليفات يتم توجيهها عن طريق العنوان الالكتروني أو الهاتف المشار اليه تكون لها حجية المحررات الورقية، في الإثبات وأنه لا يجوز لأي طرف القدح في صحتها اوحجيتها بسبب إرسالها عن طريق العنوان الالكتروني أو الهاتف).
رابعاً: رفض العامل أو صاحب العمل إستلام الإشعارات والإخطارات أو التكليفات:
نصت الفقرة (2) من المادة (38) من قانون العمل على أنه ( -2- أذا رفض أحد الطرفين استلام الإشعار بإنهاء العقد جاز لكل منهما إيداعه لدى وزارة العمل أو أحد مكاتبها)، والظاهر أن هذا الحكم خاص بالنسبة لإشعار إنهاء عقد العمل فقط دون بقية الإشعارات أو الإخطارات أو التكليفات، وبناء على ذلك فعندما يرفض أحد المتعاقدين إستلام الإشعار يتم إتباع هذه الطريقة وهي إيداع الإشعار في مكتب وزارة العمل، اما بالنسبة لغير إشعار الإنهاء فانه إذا رفض احد الإطراف إستلامها فيجوز إتباع الطرق المقررة في قانون المرافعات للإعلان ومن ذلك إعلان الإخطار أو التكليف عن طريق قسم الشرطة أو عاقل الحارة.
ويدور النقاش القانوني بشأن إمكانية الإتفاق المسبق بين العامل وصاحب العمل على حجية إعلان إشعار إنهاء عقد العمل في حالة الرفض عن طريق العنوان الالكتروني أو الهاتف المحدد في ديباجة عقد العمل، إذ يذهب فريق من القانونين إلى أنه في حالة رفض إستلام إشعار الإنهاء يجب إتباع الوسيلة التي حددها قانون العمل وهي إيداع الإشعار لدى مكتب العمل، لأن النص الوارد في المادة (38) من قانون العمل نص أمر لا يجوز الإتفاق على مخالفته ، وهذا الأمر ظاهر من صيغة نص المادة (38) التي بدأت بعبارة (1-إذا أنهي العقد من قبل أحد الطرفين المتعاقدين وفقاً للمادة (36) فعلى الطرف الذي سينهي العقد من جانبه أن يشعر الطرف الأخر......).
في حين يذهب فريق أخر إلى أن صيغة الأمر أو الوجوب الواردة في المادة (38) خاصة بالفقرة (1) من المادة التي صرحت بوجوب إشعار إنهاء العقد دون أن تنصرف صيغة الوجوب الى بقية فقرات النص ومنها الفقرة الخاصة بطريقة تسليم الإشعار . (التعليق على أحكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثالث، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة لصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة 2025م صنعاء، ص174)، والله اعلم.