إستعمال العين المؤجرة في غير الغرض المعدة له

إستعمال العين المؤجرة في غير الغرض المعدة له

إستعمال العين المؤجرة في غير الغرض المعدة له

نصت المادة (49) من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه (لا يجوز للمستأجر أن يستعمل العين المؤجرة إلا في الغرض الذي أعدت له أو تم الإتفاق عليه) ، كما نصت المادة (91) من القانون ذاته على أنه (يجوز للمؤجر أن يطلب من المستأجر إخلاء العين المؤجرة قبل إنتهاء فترة العقد وتحكم المحكمة به في الأحوال الأتية: -ب- إذا اساء المستأجر إستعمال العين المؤجرة بأن احدث فيها ضرراً او تخريباً غير ناشئ عن الإستعمال العادي أو استعملها بطريقة تتنافى مع شروط العقد أو طبيعة العين أو العرف الجاري).

 ولذلك يجب على المستاجر ان يستعمل العين المؤجرة في الغرض الذي تم إعداد العين لأجله أو الغرض الذي تم الإتفاق عليه بين المؤجر والمستاجر ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10/1/2010م في الطعن رقم (36467) المسبوق بالحكم الإبتدائي الذي ورد من ضمن اسبابه: (فضلاً عن أن المدعى عليه قد استعمل العين في غير ما أعدت له) ، وقد قضى الحكم الإستئنافي بتأييد الحكم الإبتدائي، وقد ورد ضمن أسباب الحكم الإستئنافي : (إضافة الى أنه قد ثبت قيام المستأنف بإستعمال المحل في تجارة السلاح) ، وعند الطعن بالنقض في الحكم الإستئنافي، اقرت الدائرة التجارية الحكم الإستئنافي ، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: (فالبين من الأوراق أنه جرى تحرير عقد الإيجار بين المؤجر والمستأجر وتحددت فيه مد ة الإيجار لعام كامل ، وقد ورد في العقد شرط ينص على انه: على المستأجر إخلاء المحل التجاري دون قيد أو شرط عند إنتهاء مدة العقد)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: عدم جواز إستعمال العين المؤجرة في غير الغرض الذي أعدت له العين (طبيعة العين):

عندما يعتزم مالك البناء إنشاء البناء فإنه يقوم بتصميم البناء على أساس أن يكون صالحاً للإنتفاع به في غرض معين ، فهناك ابنية يتم إنشائها وتشطيبها كي تكون مساكن للعائلات / فلل /شقق/ مساكن ، وهناك ابنية يتم إنشائها وتهيئتها على أن تكون سكناً جماعياً للعزاب غير العوائل ، وهناك ابنية يتم إنشائها وإعدادها كي تكون مكاتب ادارية، وهناك ابنية يتم إعدادها كمحلات تجارية او أسواق ، ففي هذه الاحوال فان طبيعة العين أو البناء تدل على وجهة الإنتفاع به أو غرض الإنتفاع به،، فطبيعة العين في هذه الأحوال تدل على أنها صالحة للإنتفاع بها في وجه معين بحسب طبيعتها، فإرادة المؤجر وإرادة المستأجر عند إبرام عقد الإيجار قد اتجهت إلى أن محل العقد هو الإنتفاع بالعين المؤجرة في الغرض الذي تم إعداد العين وتجهيزها لأجله سواء تم التصريح في عقد الإيجار بالغرض من تاجير العين أو لم يتم التصريح به ، فعندئذ يجب على المستأجر أن يستعمل البناء أو العين في الغرض المعدة له العين المؤجرة سواء تم تحديد غرض الإنتفاع في عقد الإيجار أم لم يتم تحديده ، فعندئذ لا يحق للمستأجر أن يستعمل العين في غير غرض الإنتفاع الذي تم إعداد العين للانتفاع به، وكذلك لايجوز للمستاجر أن يجري اية تعديلات في العين لتغيير غرض الإنتفاع بالعين إلا بإذن المؤجر.

بيد أنه يجوز للمستاجر أن ينتفع بالعين المؤجرة بأي وجه من اوجه الإنتفاع المشروعة طالما أنه لايرتب على ذلك تعديل طبيعة العين المؤجرة أو إجراء اية تعديلات في العين، كما لو كانت العين محلاً تجارياً في سوق للملابس والأقمشة فاستعملها المستأجر أولا متجراً للألبسة ثم أستعملها مخزناً للبضاعة أو صيدلية......الخ، فالعين المؤجرة في هذه الأحوال معدة للإنتفاع بها في هذه الإغراض ، فلايترتب على تغيير نشاط المستاجر في العين أي تعديل في العين.

الوجه الثاني: غرض الإنتفاع بالعين المؤجرة عند تاجيرها بناء غير مشطب (غير مجهزة للإنتفاع بها في غرض محدد):

في بعض الحالات يقوم المؤجر بتأجير بناء مسلح غير مشطب ليس فيه جدران داخلية تحدد نوع الغرض من الإنتفاع به ،فطبيعة البناء في هذه الحالة تدل على انه غير معد للإنتفاع به في غرض محدد، لأن التجهيز النهائي او التشطيب هو الذي يحدد الغرض أو وجه الانتفاع بالعين ، فإذا لم يتم الإتفاق في عقد الإيجار على على تحديد الغرض من تأجير العين إلى المستأجر، فيحق للمستأجر الإنتفاع بالعين وإستعمالها في أي وجه من وجوه الإستعمال المشروعة التي تصلح له العين شريطة أن لا يترتب على ذلك التعديل في البناء ذاته كإزالة بعض اعمدة البناء او إضافة ادوار جديدة اوالإضرار بالبناء أو تخريبه.

الوجه الثالث: الإتفاق بين المؤجر والمستأجر على تحديد الغرض من الإنتفاع بالعين المؤجرة:

في غالب عقود الإيجار يتفق المؤجر والمستأجر عند تأجير العين على تحديد الغرض من تأجير العين أو تحديد طريقة إستعمال المستأجر أو إنتفاعه بالعين، وعندئذ يجب على المستأجر الإلتزام بالغرض المتفق عليه للإنتفاع بالعين ، فإن خالف المستأجر ذلك، فإنه يكون قد استعمل العين في غير الغرض الذي تم الإتفاق عليه، ويكون حكم المستأجر في هذه الحالة حكم المستأجر الذي يستعمل العين المؤجرة في غير الغرض الذي تم إعداد العين لأجله.

الوجه الرابع: جزاء إستعمال المستأجر للعين في غير الغرض الذي أعدت له العين:

نصت المادة (91) من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه: (يجوز للمؤجر أن يطلب من المستأجر إخلاء العين المؤجرة قبل إنتهاء فترة العقد وتحكم المحكمة به في الأحوال الأتية: -ب- إذا اساء المستأجر إستعمال العين المؤجرة بأن احدث فيها ضرراً او تخريباً غير ناشئ عن الإستعمال العادي أو استعملها بطريقة تتنافى مع شروط العقد أو طبيعة العين أو العرف الجاري).

فهذا النص صريح في انه يجوز للمؤجر ولو كان عقد الإيجار لازال ساريا لم تنته مدته بعد يجوز للمؤجر أن يطلب من المستاجر إخلاء العين المؤجرة إذا استعمل المستأجر العين المؤجرة خلافا لما أعدت له العين او خلافا لطبيعة العين او خلافا لما تم الإتفاق عليه فيما بين المؤجر والمستاجر أو خلافا للعرف السائد.

فبموجب النص السابق يجوز للمؤجر أن يطلب من المستأجر إخلاء العين قبل إنتهاء مدة عقد الإيجار إذا قام المستأجر بإستعمال العين على خلاف طبيعة العين أو الغرض الذي أعدت له العين أو على خلاف الغرض من الإنتفاع المحدد في عقد الإيجار أو على خلاف ما جرى عليه العرف في مكان العين في الإنتفاع بالأعيان المماثلة في المنطقة أو الحي أو البلدة التي توجد بها العين المؤجرة. (إلتزامات مستأجر الدور، د. صالح محمد اليابس، ص٥٠)، والله اعلم.