دلالة خوارج قسمة التركة

دلالة خوارج قسمة التركة

دلالة خوارج قسمة التركة

خوارج القسمة في لهجة حضرموت الحبيبة هي فصول القسمة أو فرز القسمة في لهجات اليمن الأخرى، وخوارج القسمة هي عبارة عن وثائق يقوم بإعدادها القسام الذي يتولى قسمة التركة أو الأمين الشرعي الذي يستعين به الورثة لكتابة وثائق القسمة، وتتضمن خوارج القسمة حصر او بيان إجمالي ما صار لكل وراث من قسمة تركة مورثه التي كانت شائعة ، فقيام الورثة بإبراز خوارج القسمة ومطالبتهم بما ورد فيها يعد إقرارا بصحة خوارج القسمة ،وان إجراءات القسمة قد تمت قبل تحرير خوارج القسمة ،ولكن الخلاف بينهم بشأن تنفيذ أو تطبيق خوارج القسمة ، حسبما قضي الحكم الصادر من الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13/7/2015م في الطعن رقم (57055)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه ( فقد تبين أن الحكم المطعون فيه معيب، إذ أن الشعبة التي اصدرت الحكم لم تدرس الوثائق المقدمة إليها من الخصوم، مما يجعل النتائج التي توصلت إليها في الحكم المطعون فيه مجهولة، فكيف توصلت الشعبة إلى أن الأرض محل النزاع مشاعة ؟ومن الذي أخبرها بذلك ؟وهي لم تقف على الوثائق أو حتى تطلع عليها وتناقشها أو تطبقها، مع أن الثابت أن الأرض مقسومة ويحمل كل طرف خوارج قسمة تبين نصيبه، ومنهم والدي المستأنف ضدهما، مما يستوجب نقض الحكم المطعون فيه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية خوارج القسمة

خوارج القسمة مصطلح يطلق في حضرموت على فصول أو فروز القسمة التي تحدد نصيب كل وارث على حده من تركة مورثه ، إذ يتسلم كل وارث وثيقة تخروج تتضمن نصيبه من تركة مورثه.

 ومصطلح (خوارج القسمة) مصطلح عربي مناسب، إذ أن هذا المصطلح يعني خروج الورثة من حالة الشيوع في تركة مورثهم التي كانت شائعة ، فخوارج القسمة تعني ان كل وارث لديه وثيقة (تخروج) تدل على خروجه من حالة الشيوع في التركة وخروج نصيبه منها مستقلاً في وثيقة مستقلة.

وخوارج القسمة يتم إعدادها بعد إستكمال إجراءات القسمة السابقة عليها مثل إستخراج شهادة وفاة المورث وحصر تركته وحصر أموال التركة وتحديد الأموال القابلة للقسمة وتثمينها ثم إعداد وثيقة التركيز أو الأمية التي تشمل أسماء الورثة وتحديد نصيب كل واحد منهم من كل أموال التركة على أساس مبالغ مالية ثم إجراء التخارج أو المخارجة بين الورثة بحسب التراضي أو بحسب القرعة، ثم تحرير الخوارج وتسليم كل وارث تخروج يتضمن نصيبه من تركة مورثه ثم تمييز الأموال العقارية عن طريق تطبيق الخوارج على الأرض المقسومة.

الوجه الثاني: وجوب تطابق خوارج القسمة مع وثائق القسمة السابقة عليها

الأصل أن خوارج القسمة عبارة عن نقل الأموال التي تخص كل وارث من وثيقة الأمية أو التركيز التي تتضمن نصيب كل وارث من إجمالي تركة مورثه وكذا تتضمن خوارج القسمة نتائج التخارج بين الورثة أو نتائج القرعة عند الإختلاف بشأن قسمة بعض العقارات.

ولذلك يجب أن تكون خوارج القسمة مطابقة تماماً للوثائق السابقة عليها مثل وثيقة التركيز ووثائق التخارج التي تتضمن تراضي الورثةعلى ازالة الشيوع في بعض العقارات أو محاضر القرعة لازالة الشيوع في بعض أموال التركة.

الوجه الثالث: حجية خوارج القسمة

خوارج القسمة عبارة عن مستندات يتضمن كل واحد منها الأموال التي صارت لكل وارث من تركة مورثه، ولأن بيانات خوارج القسمة منقولة من وثائق القسمة السابقة عليها فأنه يجب أن تكون خوارج القسمة مطابقة لتلك الوثائق.

كما أن إستلام الورثة لخوارج القسمة ومطالبتهم بما ورد فيها دليل على صحة ما ورد فيها إذا كان الوارث قد قام بالتوقيع أو الإطلاع على وثائق القسمة السابقة على تحرير خوارج القسمة ووافق عليها.

ومع هذا فأن إستلام الورثة لخوارج القسمة لا يدل على إستلام الورثة للأموال المذكورة في خوارج القسمة ، لأن إستلام الورثة للأموال المذكورة في الخوارج إجراء تالي لتسليم الخوارج، فإستلام الورثة لما ورد في الخوارج يعني تطبيق الخوارج أي تمييز وفرز نصيب كل وارث عن غيره، وفقاً لما ورد في الخوارج، فمجرد تسليم الخوارج لا يدل على إستلام الورثة لأنصبتهم المحددة في الخوارج، وقد كان هذا الأمر هو جوهر النزاع في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا ، فقد كان الواجب على محكمة الإستئناف أن تقوم بتنفيذ وتمييز الأموال المذكورة في الخوارج، والله أعلم.