الحيازة بموجب بيع الإقالة العرفية

الحيازة بموجب بيع الإقالة العرفية

الحيازة بموجب بيع الإقالة العرفية

عرف القانون المدني اليمني الإقالة الشرعية في المادة (577) التي نصت على أن (بيع الوفاء المعروف بالإقالة العرفية هو أن يشترط حال العقد أو بعده أنه إذا رد البائع للمشتري الثمن رد له المشتري المبيع، وله حكم خيار الشرط، وتكون فوائد المبيع للبائع في مدة الشرط).

 ويكون بيع الإقالة صحيحاً إذا كان شرط رد المبيع له مدة محددة، فإذا أنقضت المدة المحددة ولم يقم البائع برد الثمن فأن البيع يستقر، حسبما هو مقرر في المادة (578) مدني.

وبناء على ذلك فإذا أنتقل المبيع بالإقالة إلى المشتري بموجب بيع الإقالة ، وقام المشتري بحيازة الأرض المبيعة ، فأن يد المشتري في هذه الحالة يد صحيحة، وعلى هذا الاساس فأن حيازة المشتري للأرض صحيحة تترتب عليها أثار الحيازة الصحيحة ، فيحق للمشتري التمسك بالحيازة (الثبوت) في مواجهة البائع الذي يدعي بأنه لم يستلم الثمن كاملاً أو أن البيع لم يستكمل ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14/9/2015م في الطعن رقم (57006) المسبوق بالحكم الإستئنافي الذي ورد ضمن أسبابه ( فقد تم نظر القضية إستكمالاً لما سبق بناء على قرار المحكمة العليا، فتم إلزام طرفي القضية بإحضار أصول البصائر والإقالة التي استندت إليها محكمة أول درجة في ثبوت المستأنف ضده، وبما أن الحكم الابتدائي قد توصل إلى صحة البصائر والإقالة المؤيدة بالثبوت، فأنه لا مناص من الحكم بتأييد الحكم الابتدائي المطعون فيه وإعتبار حيثياته حيثيات لهذا الحكم )، وعند الطعن بالنقض في الحكم الإستئنافي، أقرت الدائرة المدنية الحكم الإستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (وحيث تبين أن محكمة الإستئناف قد التزمت بما وجهت المحكمة العليا من النظر الدقيق في بصائر الشراء والإقالة، وكان قضاؤها سليماً فيما انتهت إليه من تأييد حكم المحكمة أول درجة التي بذلت جهداً في تحقيق محل النزاع ، كما هو مبين في أسباب حكمها)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: ماهية بيع الإقالة العرفية كسبب للحيازة:

الإقالة العرفية عبارة عن عقد بيع ينعقد بالإيجاب والقبول، وتتوفر فيه كافة اركان عقد البيع وشروطه ، ويتم بموجبه تحرير بصيرة غير أن هذا العقد يتضمن شرط البائع بأنه يحق له إسترداد المبيع وإعادة الثمن إلى المشتري خلال مدة معلومة أو معينة يتم ذكرها في عقد بيع الإقالة (البصيرة )، فإذا انقضت المدة المحددة ولم يقم البائع بإعادة الثمن إلى المشتري فإن عقد البيع يصير نافذاً.

وفي هذا المعنى نصت المادة (577)من القانون المدني اليمني على أن (بيع الوفاء المعروف بالإقالة العرفية هو أن يشترط حال العقد أو بعده أنه إذا رد البائع للمشتري الثمن رد له المشتري المبيع، وله حكم خيار الشرط، وتكون فوائد المبيع للبائع في مدة الشرط).

 وفي السياق ذاته نصت المادة (578) مدني على أن (حكم بيع الوفاء (الأقالة العرفية )هو ما يلي:-أولاً- إذا كان شرط رد المبيع مقيداً بمدة معلومة كان العقد صحيحاً والمنافع للبائع في مدة الشرط وليس لأي من المتعاقدين أن يتصرف في المبيع إلا برضاء الأخر، وإذا تلف المبيع في يد المشتري في مدة الشرط بسبب لا يد له فيه تلف على البائع -رابعاً- يستقر المبيع في ملك المشتري، وبه يستحق الشفعة إذا امضى البائع البيع أو انقضت المدة دون رد).

وعند إستقرار المبيع في يد المشتري بانقضاء المدة المحددة في الإقالة أو قيام البائع بإمضاء البيع، فأن بيع الإقالة يصير نافذاً ونهائياً.

والواجب ان يتم الإثبات الكتابي لإنقضاء مدة الإقالة دون رد البائع للثمن وكذا إثبات تصريح البائع بإمضاء عقد البيع ، ويتم إثبات ذلك في ظهر بصيرة بيع الإقالة، وذلك بخط وتوقيع كاتب بصيرة بيع الإقالة، وعندئذ يتحول بيع الإقالة الى بيع نافذ.

ولا يثير عقد بيع الإقالة أية إشكاليات إذا كان البائع قد استوفى كامل الثمن وتم الإثبات الكتابي لنفاذ بيع الإقالة بإمضاء البائع للإقالة أو إنقضاء مدة الإقالة على النحو السابق بيانه.

 غير أنه في بعض الحالات لا يستوفي البائع بالإقالة كامل الثمن، ففي هذه الحالة يقوم المشتري عند انقضاء مدة الإقالة بتسليم فارق الثمن إلى البائع وآخذ إيصال بذلك ثم يقوم المشتري بتسليم الإيصال إلى الامين الشرعي كاتب بيع الإقالة لإنفاذ البيع ، فان رفض البائع إستلام الفارق فإن المشتري يقوم بإيداع فارق الثمن لدى الامين الشرعي كاتب بصيرة الإقالة ، ويسمى الفارق المشار اليه في لهجة أهل اليمن (النقيصة) ، فيقوم الامين الشرعي كاتب البصيرة يقوم بإثبات قيام المشتري بدفع (النقيصة) وكذا إثبات تصريح البائع بإمضاء بيع الإقالة، ويتم إثبات كل ذلك كتابة في ظهر بصيرة الإقالة أو غيرها، ومع ذلك فأن هناك عقود بيع إقالة كان يتم إمضاؤها من قبل البائع أو بمضي المدة ، وقيام المشتري بدفع النقيصة من غير أن يتم إثبات ذلك كتابة، وعلى هذا الأساس إذا انقضت مدة الإقالة المحددة في بصيرة بيع الإقالة وكان العقار المبيع في يد المشتري وبحيازته وظل العقار بحوزة المشتري المدة القانونية للثبوت والحيازة وهي ثلاثون سنة من تاريخ انتهاء مدة الإقالة ، فيحق للحائز في هذه الحالة التمسك بالحيازة في مواجهة البائع أو خلفه العام حتى لو لم يتم إثبات نفاذ بيع الإقالة بمضي المدة أو لم يتم إثبات تصريح البائع بإمضاء البيع أو لم يتم إثبات إستلام البائع (للنقيصة).

الوجه الثاني: صحة الحيازة للعقار بموجب بيع الإقالة:

الإقالة العرفية وسيلة قانونية صحيحة لتملك الأموال حسبما نظمها القانون المدني اليمني على النحو السابق بيانه، ولذلك فإذا انتقل المبيع بالإقالة إلى يد المشتري فإن يد المشتري تكون صحيحة بموجب القانون، فإذا تحققت الشروط الأخرى للحيازة المقررة في المادة (1104) مدني مثل ظهور المشتري الحائز بمظهر المالك للأرض وكان قصده من الحيازة تملك الأرض وكانت الحيازة هادئة مستقرة خلال مدة الحيازة ولم ينازع البائع خلالها المشتري ، فإذا تحققت هذه الشرط فأن حيازة المشتري بالإقالة تكون صحيحة منتجة لاثارها، وتترتب عليها الآثار القانونية للحيازة وهي تملك المشتري الحائز للأرض التي يحوزها ولو لم يتم إثبات إمضاء البائع لبيع الإقالة أو إستيفاء البائع للنقيصة، طالما ان مدة الإقالة قد انقضت وانقضت بعدها مدة الحيازة ، لأن يد الحائز على المال بموجب الإقالة صحيحة ، فهو ليس غاصبا، فلم يضع يده على الأرض أو العقار بالقوة أو بالإكراه، والله اعلم.