المدير الشريك و المدير العامل

المدير الشريك و المدير العامل

المدير الشريك و المدير العامل



المدير الشريك: هو الذي يتفق الشركاء على ان تكون مساهمته أو حصته في الشراكة هي إدارة الشركة اي ان حصته في الشركة عبارة عن عمل وليس نقودا أو أصولا، إذ يعمل المدير الشريك في إدارة الشركة، فيبذل جهده وعمله وطاقاته في سبيل زيادة أرباح الشركة وتطوير وتوسيع نشاطها، ولذلك فإن المدير الشريك يكون من أصحاب الخبرة والإختصاص والمهارة في مجال الإدارة ومجال نشاط الشركة.

 وبما ان المدير الشريك تكون حصته في الشراكة هي العمل في إدارة الشركة فإنه يستحق من الأرباح بقدر الحصة المحددة له في رأس مال الشركة إضافة إلى أن المدير الشريك قد يستحق راتباً شهرياً أو مكافأة نظير أعمال الإدارة.

أما مدير الشركة غير الشريك فيها فأنه: عامل في الشركة يسري عليه قانون العمل ويتقاضى نظير عمله في إدارة الشركة أجراً شهرياً، وقد يتقاضى نسبة من أرباح الشركة على أساس أنها جزء من الأجر ، فلا يتقاضى هذه النسبة على أساس أن عمله في إدارة الشركة هو مساهمة أو حصة في رأس مال الشركة.

ويتم تحديد أجر المدير العامل في عقد العمل المبرم معه سواء أكان العقد مكتوباً ام شفهياً، في حين يتم تحديد حصة المدير الشريك في أرباح الشركة على أساس حصته في رأس مال الشركة ، إذ يتم تقييم وتقدير حصة العمل عند إنشاء الشركة على أساس نسبة معينة من رأس مال الشركة او عدد معين من الحصص، و إذا كان عقد الشراكة مكتوباً فلا توجد بشأن إثباته اية إشكالية ، أما إذا لم يكن عقد الشراكة مكتوباً فيتم إثباته عن طريق وسائل الإثبات الأخرى بما فيها شهادات الشهود ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ ٢٢/٧/٢٠١٠م في الطعن رقم (39385)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه (أما ما أورده الطاعن في السبب الثالث وقوله : أن محكمة الموضوع قد حكمت بإستحقاق المطعون ضده نسبة 40% من الأرباح السنوية، فالدائرة تجد أن هذا النعي في غير محله، لأن محكمة الموضوع قد استخلصت ذلك من أقوال شهود المدعي الذين استمعت اليهم ، وأن سبب الخلاف الذي ظهر بين الطاعنين والمطعون ضده حول مقدار النسبة التي يستحقها المطعون ضده من أرباح الشركة سنوياً وأنه كان يطالب بأن يتم إحتساب نسبته على أساس ٥٠% من الأرباح مقابل إدارته لنشاط الشركة)، وسيكون تعليقنا عن هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: إدارة الشركة كحصة عمل في رأس مال الشركة

 اجاز القانون اليمني للشريك أن تكون مساهمته أو حصته في الشراكة القيام بأعمال معينة لحساب الشركة مثل القيام بإدارة أعمال الشركة أو تقديم خدمات معينة للشركة، وذلك يقتضي أن يقوم الشريك بتقديم أو القيام بالأعمال المعينة التي تم الإتفاق على أن يقوم بها وأنه ينبغي عليه ان يقوم بتقديم كشف يتضمن الأرباح التي تحققت نتيجة عمله الذي قدمه لحصته في الشركة.

 وتكون الأرباح الناتجة عن عمل الشريك تكون حقاً للشركة وحدها أما حقوق الملكية الفكرية أي الإختراعات التي يتوصل إليها المدير الشريك بعمله فأنها تكون من حقه، بيد أنه لا يجوز أن تقتصر حصة الشريك في العمل على مجرد النفوذ أو السمعة.

ويستحق الشريك بالعمل إذا كانت مساهمته في الشركة هي إدارته للشركة فأنه يستحق الأجر أو المرتب الذي يتم الإتفاق عليه بالإضافة إلى الأرباح التي يستحقها بحسب حصته في رأس مال الشركة.

وفي هذا المعنى نصت المادة (١٨) من قانون الشركات التجارية اليمني على أنه (-١-إذا تعهد أحد الشركاء بأن يقدم حصته في الشركة عملاً وجب عليه أن يقوم بالخدمات التي تعهد بها ، وعليه أن يقدم كشفاً بما كسبه إعتباراً من مزاولته العمل الذي قدمه كحصته في الشركة -٢-لا يجوز أن تقتصر حصة الشريك على ما يكون له من نفوذ أو على ما يتمتع به من سمعة مالية -٣-إذا كانت الحصة التي قدمها الشريك هي ديون له في ذمة الغير فلا ينقضي إلتزامه للشركة إلا إذا استوفيت هذه الديون من قبل الشركة، ويكون الشريك مسؤولاً عن تعويض الضرر إذا لم تستوف هذه الديون عند إستحقاقها-٤-إذا اتفق في عقد الشركة على حرمان أحد الشركاء من الربح أو إعفائه من الخسارة كان العقد باطلاً ، وأنما يجوز الإتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من الخسارة إذا لم يتقرر له أجراً عن عمله بالإضافة إلى حصته من الربح).

الوجه الثاني: ماهية أعمال إدارة الشركة كحصة في رأس مال الشركة

 ذكرنا في الوجه الأول أن القانون اليمني قد اجاز أن تكون حصة الشريك في الشركة عملا يقوم به الشريك بالعمل، وعلى هذا الأساس فإنه يجوز أن تكون حصة أو مساهمة الشريك في الشركة هي إدارته لأعمال الشركة.

وتتلخص أعمال مدير الشركة وفقاً لقانون الشركات اليمني في أن المدير الشريك يقوم بتمثيل الشركة أمام الجهات الإدارية والقضائية ويقوم بالتوقيع نيابة عن الشركة على العقود والتصرفات، كما يقوم بتصريف الأعمال اليومية والشهرية والسنوية للشركة وتنفيذ قرارات الشركاء أو الجمعية العامة للشركة وتنفيذ الخطط والبرامج العامة المعتمدة للشركة ، وتقديم التقارير الدورية إلى الشركاء أو الجمعية العامة إضافة إلى المحافظة على اصول الشركة وحقوقها وتأمينها وتأمين مصالحها.

ويقوم عن طريق الإدارات والموظفين المختصين بأعمال التخطيط والتنظيم والإتصال والمتابعة والتنسيق لأعمال الشركة لضمان تحقيق اغراض الشركة.

وبحسب هذا المفهوم فأن الشريك بالعمل المدير للشركة يدير أعمال الشركة ويساهم مساهمة فاعلة في تحقيق اغراض الشركة وتطوير اعمالها وتوسيع نشاطها وتعظيم ارباحها، ولذلك فأن دور الشريك المدير لا يقل أهمية عن دور أموال الشركاء الآخرين المساهمين بأموالهم في رأس مال الشركة، بل أن ناتج دور المدير الشريك في عمله قد يفوق ناتج المساهمات المالية للشركة بأموالهم، فإدارة الأموال أهم من الأموال ذاتها، لذلك فأن النقاش في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا بشأن نصيب المدير الشريك من الأرباح الذي كان يطالب بأن تكون حصته 50% من الأرباح السنوية أي أعلى من غيره، وعلى اساس ان ناتج عمله في إدارة الشركة اكبر من ناتج الحصص النقدية للشركاء الاخرين.

الوجه الثالث: الحقوق المالية للمدير الشريك

اجازت المادة (١٨) من قانون شركات اليمني للشريك المدير أن يجمع بين أرباح حصته من أرباح الشركة بصفته شريكاً بعمله في الشركة وأن يتقاضى إضافة إلى ذلك مرتبا شهريا .

 ولا تثير هذه المسألة أية اشكاليات إذا كانت الشركة أو الشراكة مكتوبة أي أن هناك عقد تأسيس للشركة ونظام أساسي ينظم حقوق وواجبات الشركاء في الشركة بمن فيهم الشريك المدير أو عقد شركة غير نظامية، وعندئذ يجب تنفيذ ما ورد في عقد التأسيس والنظام الأساسي أو عقد الشركة غير النظامية.

أما إذا لم تكن الشراكة أو الشركة ثابتة كتابة فأنه يتم إثباتها وإثبات حقوق الشريك المدير عن طريق وسائل الإثبات الأخرى كالشهادة أو الإقرار وغيرها، وقد لاحظنا في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا أنه تم إثبات حصة الشريك المدير عن طريق شهادة الشهود الذين شهدوا أنهم سمعوا الشركاء الآخرين للشريك المدير يقولوا : أنهم اتفقوا مع المدير الشريك على أن تكون نسبة المدير الشريك 40% من الأرباح السنوية غير أن المدير الشريك يريد أن تكون حصته من الأرباح 50%.

أما إذا لم يكن هناك اتفاق بين الشركاء بشأن حصة المدير الشريك من الأرباح فعندئذ تظهر إشكاليات عدة بشأن إثبات أن الشخص الذي يتولى إدارة الشركة هو شريك بعمله، فإذا تم إثبات ذلك فأنه يجب إثبات مقدار نسبة شراكته بعمله برأس مال الشركة حتى يتم إحتساب الأرباح على أساس نسبة حصته من الشراكة ، لأن الأرباح كما هو معروف يتم إحتسابها بقدر حصة الشريك في الشراكة.

وإذا ثبتت شراكة المدير بعمله ولكن لم تثبت نسبته في الشراكة فأنه يتم تقدير ذلك على أساس المدير المثل في مجال نشاط الشركة.

الوجه الرابع: المدير العامل للشركة

من المعلوم أن قانون العمل يسري على العاملين في القطاع الخاص بصرف النظر عن درجاتهم ومناصبهم ، فكل من يعمل في القطاع الخاص عامل ، وكل من يعمل في الدولة أو الوحدات الإدارية والحكومية يكون موظفاً.

والمدير العامل للشركة يعمل في وظيفة مدير عام أو مدير تنفيذي بموجب عقد فيما بينه وبين الممثل القانوني للشركة ، فهذا العقد يدل على أن هذا المديرعامل في الشركة وليس شريكاً فيها.

فإذا لم يكن هناك عقد شراكة يؤكد أن المدير شريك، وايضا لم يكن هناك عقد عمل يدل على أنه عامل، فأنه يتم الرجوع إلى النظام المالي المتبع في الشركة، فإذا دل هذا النظام والمستندات المؤيدة له أن مدير الشركة كان خلال الفترة الماضية يتقاضى اجراً شهرياً منتظماً ومكافأت منتظمة فأنه يكون عاملاً وليس شريكا ،أما إذا ظهر أنه كان يتقاضى نسبة من الأرباح عندما تحقق الشركة ارباحاً فأنه شريك وليس عاملاً، كذلك إذا ظهر أسم مدير الشركة ضمن موظفي الشركة او العاملين فيها فأنه يكون عاملاً وليس شريكاً ،وإذا لم يكن اسمه ضمن العاملين ،وثبت عمله في إدارة الشركة فأنه شريك، (التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل التجارية الجزء الثاني، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ، طبعة ٢٠٢٣م صنعاء، ص٢٥٦)، والله اعلم.