![]() |
معنى الإستئناس بصور المحررات |
اشار قانون الإثبات اليمني إلى أن الحجية لأصول المحررات أما صور المحررات التي لم تتم مطابقتها باصولها فلا تكون لها حجية إلا على سبيل الإستئناس ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15/8/2015م في الطعن رقم (57060)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فإن ما ورد في الطعن سديد وفي محله، حيث اتضح للدائرة أن الحكم الإستئنافي قد بني على صورة محرر تصالح لا يوجد أصل لتلك الصورة ، والصورة لا يعتد بها إلا لمجرد الإستئناس وفقاً لأحكام المادة (10٢) إثبات الفقرة الثالثة)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: الإستئناس بصورة المحرر الرسمي وفقاً لقانون الإثبات اليمني:
استند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى الفقرة الثالثة من المادة (102) إثبات التي نصت على أن (ما يؤخذ من صور رسمية للصورة المأخوذة من الصور الأصلية فلا يعتد بها إلا لمجرد الإستئناس تبعاً للضرورة)، ومع أن هذا النص قد تناول صورة (الصورة) ومع أن النصوص التي نظمت المحرر الرسمي وحجيته لم تتناول (الصورة) المأخوذة من المحرر الرسمي الأصلي التي تتم مطابقتها على أصلها أو المصادقة عليها، ومع هذا وذاك فإن القضاء في اليمن قد درج على عدم الإحتجاج بصورة المحررات الرسمية إلا على سبيل الإستئناس، ولا يستثنى من ذلك إلا القضايا الإدارية حيث يقبل القاضي الإداري صورة المحرر الرسمي التي يستدل بها المدعي على جهة الإدارة، فإذا رفضت جهة الإدارة الإستدلال بالصورة فإن القاضي يلزمها بإحضار أصل المحرر.
الوجه الثاني: الإستئناس بصورة المحرر العرفي وفقاً لقانون الإثبات اليمني:
نصت المادة (111) من قانون الإثبات على أن (تكون للرسائل الموقع عليها قيمة المحرر العرفي من حيث الإثبات، وتكون للبرقيات هذه القيمة أيضاً إذا كان أصلها المودع في مكتب التصدير موقعاً عليه من مرسلها ، وتعتبر البرقية مطابقة لأصلها حتى يقوم الدليل على عكس ذلك، وإذا أنعدم أصل البرقية فلا يعتد بها إلا لمجرد الإستئناس).
وفي المواد السابقة لهذه المادة نظم قانون الإثبات المحررات العرفية غير لم يتعرض لصورة المحرر العرفي أو حجيتها ، فاقصى ما ورد في هذا الشأن هو نص المادة (١١١) إثبات السابق ذكره، ومع ذلك فقد استفاد القضاء اليمني من نص المادة (١١١) إثبات أن الإستدلال بصورة المحرر العرفي بصفة عامة يكون على سبيل الإستئناس، إلا إذا كان قد سبق لجهة رسمية مختصة أن قامت بمطابقة الصورة على أصلها.
الوجه الثالث: مبررات الإستدلال بصورة المحرر على سبيل الإستئناس:
ذكرنا في الوجهين السابقين أن الإستدلال بصورة المحررات الرسمية والعرفية لا يكون إلا على سبيل الإستئناس حسبما سبقت الإشارة إليه في الوجهين السابقين.
ويسوق الباحثون والمهتمون عدة اسانيد للقول بأن الإستدلال بصورة المحررات يكون على سبيل الإستئناس، ومن هذه الاسانيد القول : أنه يتعذر مضاهاة الخطوط والتوقيعات والبصمات المذكورة في صورة المحرر ، لأن أجهزة الفحص الفني للمحررات غير قادرة على فحص ومضاهاة الخطوط والتوقيعات وعمر الخط وعمر الورقة المكتوب فيها المحرر، كما أن تقدم وسائل التصوير الفوتوغرافي للمحررات التي تقدمت كثيراً في الآونة الأخيرة، فأجهزة تصوير المستندات والمحررات قد تطورت تطوراً متسارعاً فصار بمقدور هذه الاجهزة التلاعب بصور المحررات، ولذلك فإن كثيراً من الشكوك تحيط بالإستدلال بصور المحررات مما يجعل الإستدلال بصور المحررات يكون على سبيل الإستئناس.
الوجه الرابع: معنى الإستئناس بصورة المحرر:
الإستئناس بصورة المحرر عند الإستدلال بها هو إستخدام صورة المحرر لزيادة قوة وإثبات ما سبق إثباته أو لتعزيز ما سبق إثباته بأدلة أخرى أو لتأكيد ما سبق إثباته بأدلة أخرى.
وبحسب هذا المفهوم فإن الدليل الإستئناسي يختلف عن الدليل الإستدلالي، فالدليل الإستدلالي هو الذي يكفي وحده لإثبات واقعة أو تصرف أو نفيهما، والدليل الإستئناسي هو الدليل الذي تتم إضافته إلى الدليل الإستدلالي لتقويته أو تأكيده.
وبحسب هذا المفهوم فإن الإثبات عن طريق صورة المحرر لا يكفي وحده لإثبات الفعل والتصرف ، لأن صورة المحرر دليل إستئناسي وليس دليل إستدلالي، (طرق الطعن في المحررات العرفية ووسائل الحد منها في المواد المدنية والتجارية، د. جمال عزازي، دار النهضة العربية القاهرة 2000م، ص 134) ، والله اعلم.