![]() |
رد الخبير العدل |
نصت المادة (166) من قانون الإثبات اليمني على أنه (يجوز رد الخبير للأسباب التي يرد بها القاضي وفقاً لقانون المرافعات ، ولا يقبل من أحد الخصوم طلب رد الخبير المعين بناء على إختيارهم إلا إذا كان سبب الرد قد حدث بعد تعيينه).
وبناء على هذا النص فإذا تحققت في الخبير العدل اية حالة من حالات الرد الوجوبي (الإمتناع الوجوبي) المقررة في قانون المرافعات بالنسبة للقاضي فانه يمتنع على الخبير العدل ان يقوم بأداء المهمة التي تم تكليفه للقيام بها ومن حالات الإمتناع الوجوبي أن لا تكون بين الخبير العدل وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة وأن لا يكون قريباً او صهراً لأحد الخصوم أو لأي من محاميهم وإذا كان صهراً لأحد ، وأن لا يكون له أو لزوجته أو لأحد أولاده أو أحد ابويه خصومة قائمة.
وكذلك يجوز للخبير العدل ان يمتنع عن أداء المهمة التي تم تكليفه بها إذا كانت معه خصومة هو أو زوجته مع أحد الخصوم وأن لا يكون لمطلقته او اصهاره خصومة مع أحد الخصوم، وأن لا يكون أحد الخصوم خادماً له أو أن لا يكون قد تلقى من أحد الخصوم هدية ...الخ .
فالخبير يرد بما يرد به القاضي ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 2/4/2010م في الطاعن رقم (39914)، وقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم ( أما ما أثارته الطاعنة فيما يخص المعاينة وفقاً لقانون الأثبات كون العدل طرفاً الخصومة ووكيلاً في الوقت نفسه وليس من ذوي الخبرة وفقاً للمادة (165) إثبات ، فالدائرة تجد ان هذا النعي مقبول)، و سيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: ماهية الخبير العدل:
الخبير العدل هو الشخص الذي عنده الخبرة و المؤهلات العلمية المناسبة في مسائل الطب و الهندسة والحسابات وغيرها، والذي تستعين به المحكمة في دراسة المسائل الفنية الغامضة التي يدق على القاضي فهمها والإحاطة بها، حتي يقدم الخبير العدل نتائج خبرته في المسألة للقاضي .
وفي هذا المعنى نصت المادة (165) من قانون الإثبات اليمني على أنه (على المحكمة في المسائل الفنية كمسائل الطب والهندسة والحساب وغيرها مما يدق فهمه أن تعين خبيراً (عدلاً) او أكثر من المؤهلين علمياً وفنياً أو ممن لهم خبرة خاصة المشهورين بذلك لتستعين بهم في كشف الغامض من هذه المسائل مما يفيد إثبات الواقعة المراد إثباتها....الخ).
وبناء على ذلك فالخبير العدل قد يكون طبيبا أو مهندسا أو محاسبا....الخ ، بحسب نوع الخبرة التي يجيدها.
الوجه الثاني: حجية النتائج التي يتوصل إليها الخبير العدل:
مع أن القاعدة : أن القاضي خبير الخبراء ، وأنه يجوز للمحكمة أن تأخذ بالنتائج التي توصل اليها الخبير و يجوز للمحكمة أن لا تأخذ بها إلا أن الواقع العملي يشهد أن المحكمة في الغالب تأخذ بما يتوصل اليه الخبير العدل من نتائج سيما إذا كانت المهمة التي قام بها الخبير فنية دقيقة، وفي هذا المعنى نصت المادة (173) إثبات على أنه ( للمحكمة أن تأخذ بتقارير الخبراء أو الخبير الذي تطمئن اليه مع بيان الأسباب إذا خالف التقرير الذي أخذت به تقريراً أخر، ولها أن تستمع الخصوم في شأن التقارير المقدمة وملاحظاتهم عليها وأن تكلف الخبير أو الخبراء مرة أخرى لإستكمالها أو تصحيحها إذا لزم الأمر أو ترفض طلبات الخصوم)، (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الإثبات الجزء الثالث، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة صنعاء، طبعة 2025م صنعاء ،ص312 ).
الوجه الثالث: حالات الإمتناع الوجوبي للخبير العدل:
نصت المادة (166) من قانون الإثبات اليمني على أنه (يجوز رد الخبير للأسباب التي يرد بها القاضي وفقاً لقانون المرافعات ولا يقبل من أحد الخصوم طلب رد الخبير المعين بناء على إختيارهم إلا إذا كان سبب الرد قد حدث بعد تعيينه).
وقد حددت المادة (128) من قانون المرافعات الحالات التي يمتنع على القاضي فيها نظر القضية، وبناء على ماورد في المادة (166) إثبات السابق ذكرها فإذا تحققت احدى الحالات المحددة في المادة (128) مرافعات فانه يجب الخبير العدل الإمتناع عن قبول المهمة التي تم تكليفه بالقيام بها وان يقدم مذكرة بذلك إلى القاضي الذي قام بتعيينه ، فعلى القاضي ان يقوم بذلك حتى لو لم يطلب الخصوم ذلك ، إذ انه يجب عليه أن يمتنع من تلقاء نفسه عن القيام بالمهمة.
وقد حددت المادة (128) مرافعات حالات الإمتناع الوجوبي، فقد نصت هذه المادة على أنه : (يكون القاضي أو عضو النيابة ممنوعا من نظر الدعوى (الخصومة) ويجب عليه التنحي عن نظرها من تلقاء نفسه ولو لم يطلب الخصوم ذلك في الأحوال الآتية :
1- إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة .
2- إذا كان قريباً أو صهراً لمحامى أحد الخصوم أو لعضو النيابة الذي يترافع في الدعوى إلى الدرجة الرابعة .
3- إذا كان صهراً لأحــد القضاة الذين يشتركون معه في نظر الدعوى أو قريباً له إلى الدرجة الرابعة.
4- إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أولاده أو أحد أبويه خصومة قائمة أمـام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى أو زوجته أو أحد أولاده أو أحد أبويه
5- إذا كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو ممثلاً قانونياً لـه أو مظنوناً وراثته له أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة إلى الدرجة الرابعة بالممثل القانوني له أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المخاصمة أو بأحد مديريها أو كان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية في الدعوى .
6- إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلاً عنه أو ممثلاً قانونياً له مصلحة في الدعوى القائمة .
7- إذا كان قد أفتى في الدعوى أو ترافع فيها عن أحد الخصوم أو كتب فيها ولو كان قبل إشتغاله بالقضاء ، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً وحكم فيها في درجة أدنى أو نظرها خبيراً أو محكماً وأبدى رأيه فيها أو أدى شهادة فيها قبل عمله بالقضاء أو كان لديه علم خاص بها.
8- إذا رفع القاضي دعوى تعويض على طالب الرد أو قدم ضده شكوى إلى جهة الإختصاص.
9- إذا رفعت عليه دعوى مخاصمة وتم قبولها قبل الحكم فيها(
وبناء على ماورد في النصين القانونيين السابقين ، فاذا تحققت في الخبير العدل اية حالة من حالات الإمتناع الوجوبي المذكورة في النص السابق فانه يجب على الخبير العدل من تلقاء نفسه أن يطلب من القاضي أو المحكم الذي عينه ان يعفيه من هذا التكليف فان لم يعفه فانه يجب على الخبير العدل ترك القيام بهذه المهمة ، فان لم يفعل الخبير ذلك جاز للخصم ان يطلب من القاضي الذي كلف الخبير بمنعه من القيام بالمهمة فان رفض القاضي قام الخصم برفع الأمر الى رئيس المحكمة، حسبما هو مقرر في المادة (131) مرافعات التي نصت على أنه: (للخصم الذي تعلق سبب المنع بمصلحته أن يطلب من القاضي أو عضو النيابة الإمتناع عن نظر القضية فإذا رفض إي منهما جاز أن يرفع الأمر إلى رئيس المحكمة ليصدر قــراراً بمنـع القاضي أو عضو النيابة متى ثبت لديه صحة طلب المنع وتكليف آخر بنظر القضية وإذا كان المطلوب منعه رئيس محكمة فيصدر قرار المنع من رئيس المحكمة الأعلى درجة ويصدر قرار المنع من رئيس النيابة إذا كانت القضية في مرحلة التحقيق ، أو من النائب العـام إذا كان رئيس النيابة من يتولى التحقيق ، وفي كل الأحوال يجب أن يصدر قرار المنع خلال سبعة أيام تبدأ من اليوم التالي لتقديم طلب المنع، والقرار الصادر بقبول أو رفض طلب المنع نهائي لا يقبل الطعن بأي طريق).
في حين بينت المادة (129) مرافعات جزاء مخالفة القاضي لحالات الإمتناع الوجوبي المذكورة في النص السابق ، فقد نصت هذه المادة على ان : (يكون عمل القاضي أو عضو النيابة في الأحوال المذكورة في البنود (1 ، 2، 4 ،6 ،8، 9) من المادة السابقة منعدماً (كأن لم يكن) وكذلك إذا كان قد أدى شهادة في القضية المعروضة عليه قبل عمله بالقضاء أو كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية وإذا قام سبب منها بحكم صدر من المحكمة العليا جاز للخصم أن يطلب منها سحب الحكم وإعادة نظر الطعن في دائرة أخرى في أي وقت علم به ويكون عمل القاضي أو عضو النيابة في الأحوال الأخرى المذكورة في المادة السابقة باطلاً )، ووفقا لهذا النص فان العمل الذي يقوم الخبير الذي تحققت بشانه حالة من حالات الإمتناع الوجوبي يكون كأن لم يكن حسبما ورد في النص القانوني السابق.
الوجه الرابع: حالات الإمتناع الجوازي (الرد) للخبير العدل:
نصت المادة (166) من قانون الإثبات اليمني على أنه (يجوز رد الخبير للأسباب التي يرد بها القاضي وفقاً لقانون المرافعات ولا يقبل من أحد الخصوم طلب رد الخبير المعين بناء على إختيارهم إلا إذا كان سبب الرد قد حدث بعد تعيينه).
وقد حددت المادة (132) مرافعات حالات الإمتناع الجوازي التي يجوز للخصوم فيها رد القاضي أو طلب إمتناعه عن نظر القضية في حالة تحقق أية حالة من هذه حالات المنع الجوازي ، فقد نصت المادة (132) على أنه (في غير الأحوال المبينة في الفصل السابق يجوز للخصوم طلب رد القاضي أو عضو النيابة العامة من نظر الدعوى للأسباب التالية:
1- إذا حدث له أو لزوجته خصومة مع أحد الخصوم في الدعـوى أو زوجته بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي ما لم تكن قد أقيمت بقصد منعه من نظر الدعوى.
2- إذا كان لمطلقته التي له منها ولدٌ أو لأحد أصهاره على عمود النسب خصومة قائمة بعد قيام الدعـوى المطروحـة على القاضـي ما لم تكن هذه الخصومــة قد أقيمت بقصد منعه من نظرها .
3- إذا كان أحد الخصوم خادماً له .
4- إذا كان قد تلقى من أحد الخصوم هدية .
5- إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مـودة يرجــح معها عدم إستطاعته الحكم بغير ميل).
وعند المقارنة بين نص المادة (166) إثبات السابق ذكرها والمادة (132) مرافعات يظهر أن حالات رد الخبير العدل عند الإمتناع الجوازي مماثلة لرد القاضي، غير ان المادة (166) إثبات صرحت بانه لا يقبل من أحد الخصوم طلب رد الخبير العدل المعين بناء على إختياره إلا إذا كان سبب رد الخبير قد حدث بعد ان تم تعيين الخبير العدل.
واذا تحققت اية حالة من حالات الرد الجوازي المذكورة في النص القانوني السابق فانه يجوز عندئذ للخبير العدل ان يتقدم أمام القاضي الذي عينه للإذن له بالتنحي عن اداء المهمة التي كلفه القاضي للقيام بها،حسبما هو مقرر في المادة (133) مرافعات التي نصت على أنه : ( للقاضي من تلقاء نفسه في الأحوال المبينة في المادة السابقة أن يخبر المحكمة في غرفة المداولة أو رئيس محكمة الإستئناف بالنسبة لقضاة المحاكم الابتدائية بالسبب للإذن له بالتنحي ، وعلى المحكمة أو رئيس محكمة الإستئناف الإذن للقاضي بالتنحي وإثبات ذلك في محضر يوقعه رئيس المحكمة مع القاضي ويقوم أقدم أعضاء الشعبة مقام رئيس المحكمة إذا كان الأمر متعلقاً به).
كذلك يجوز للخبير العدل إذا شعر بالحرج من اداء مهمته ان يطلب من القاضي الذي عينه أن ينحيه ويعفيه من اداء المهمة ، وفقا للمادة (134) مرافعات التي نصت على انه: (يجوز للقاضي إذا استشعر الحرج في نظر الدعوى لأي سبب آخر أن يعرض الأمر على رئيس المحكمة الابتدائية أو رئيس محكمة الإستئناف على حسب الأحوال لإقـراره على التنحي عن نظرها إذا كان السبب واضحاً ومعقولاً أو أمره بالاستمرار في نظرها ويثبت ذلك في محضر الجلسة على النحو المبين في المادة السابقة).
الوجه الخامس: الحكمة من رد الخبير العدل بما يرد به القاضي:
صرحت المادة (166) إثبات السابق ذكرها بأن الخبير يرد بما يرد به القاضي ، ومعنى ذلك أن الخبير العدل يجب عليه أن يمتنع عن القيام بالمهمة التي يتم تكليفه بها اذا تحققت فيه حالة من حالات الإمتناع الوجوبي، كما يحق للخصوم أن يطلبوا ذلك، وعند تحقق اية حالة من حالات الإمتناع الجوازي يجوز للخبير العدل أن يطلب تنحيته من القاضي الذي قام بتعيينه ، وكذا يجوز للخصوم أن يطلبوا رد الخبير العدل إذا تحققت فيه أية من حالات الإمتناع الجوازي التي سبقت الإشارة إليها في الوجه السابق.
وقد افترض قانون الإثبات وقانون المرافعات أن تحقق أي حالة من حالات الإمتناع الوجوبي (الرد الوجوبي) في الخبير العدل مؤثرة تأثيراً بالغاً على مهمة الخبير مما يؤثر على عدالة و سلامة النتائج التي يتوصل إليها الخبير العدل، ولذلك يجب على الخبير العدل الإمتناع الوجوبي عن أداء المهمة، فأن لم يمتنع الخبير عن ذلك فيترتب على ذلك بطلان النتائج التي توصل إليها الخبير العدل، عملا بالمادة (129) مرافعات السابق ذكرها التي صرحت بأن عمل الخبير العدل في هذه الحالة يكون (كأنه لم يكن)، والله أعلم.