لا تقبل دعوى الإختصاص بعد القسمة الرضائية

لا تقبل دعوى الإختصاص بعد القسمة الرضائية

لا تقبل دعوى الإختصاص بعد القسمة الرضائية

دعوى الإختصاص هي إدعاء الوارث بان أموال معينة او مال معين من اموال التركة هو ملك خاص به وليس من اموال التركة المطلوب قسمتها.

 ومن المعروف ان القسمة الرضائية عبارة : عن عقد بين الورثة المتقاسمين على قسمة تركة مورثهم، وعقد القسمة هو عقد رضائي مثل غيره من العقود، كما ان عقد القسمة حجة على الورثة المتقاسمين الموقعين عليه، ولذلك فان مشاركة الوارث في القسمة الرضائية وموافقته عليها عبارة عن إقرار منه بأن الأموال التي تمت قسمتها بموجب القسمة الرضائية هي ملك مورثه، وأنها تركة تمت قسمتها بين الورثة المتقاسمين ، وان الوارث لا يختص وحده باي مال من اموال التركة التي تمت قسمتها ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10/8/2015م في الطعن رقم ( 56972)، المسبوق بالحكم الإستئنافي الذي قضى بانه (لما ثبتت القسمة المؤرخة ...التي حكت القسمة لمخلف المورث المذكور ، وما تعقبها من الموازنة الثابتة بظاهر تلك الفصول المؤرخة... ، فيظهر من خلال ذلك انه لا حجة لمزاعم المستأنفين من الإختصاصات السابق تاريخها على تاريخ تلك القسمة والموازنة، فقد شملت تلك القسمة والموازنة ما هو لكل وارث من الإرث وماله من الشراء وخلفه من الورثة الاخرين ومن الغير، ومن ثم فان ما ذهبت اليه محكمة اول درجة في حكمها كان صحيحاً)، وعند الطعن بالنقص في الحكم الاستئنافي قضت الدائرة المدنية بإقرار الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن اسباب حكم المحكمة العليا (فقد وجدت الدائرة ان نعي الطاعن غير سديد وفي غير محله، لأن الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد جاء موافقاً للحكم السابق الصادر عن المحكمة العليا، وحيث ان اسباب الحكم الاستئنافي قد اتسمت بالوجاهة والموافقة للصواب والشرع والقانون، وحيث ان ما جاء في الطعن مجادلة موضوعية تختص بنظرها محكمة الموضوع).

 وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الاول: ماهية دعوى الإختصاص:

 دعوى الإختصاص :هي إدعاء أحد الورثة بان مالاً معيناً أو أموال معينة ليست من تركة مورثه المطلوب قسمتها وانما هي من أمواله الخاصة، ويتم رفع دعوى الإختصاص امام القاضي الذي ينظر طلب القسمة الجبرية او أمام القسام المحكم المختار لقسمة التركة والفصل في اي دعاوي او خلافات بشان التركة المطلوب قسمتها بين الورثة، كما ان الإدعاء بالإختصاص يثار أمام الورثة المتقاسمين عندما تتم القسمة بينهم بالتراضي من غير قسام مختار، فإذا ظهر للورثة من خلال الأدلة المرفقة بدعوى الإختصاص صحة دعوى الإختصاص فلا يتم حصر المال المدعى بإختصاصه لايتم حصره ضمن كشف حصر اموال التركة، بل يتم تسليمه إلى المدعي.

والوقت المناسب لتقديم دعوى الإختصاص هو عند حصر أموال التركة ، فيتم تقديم دعوى الاختصاص بعد تمام حصر التركة عندما يجد المدعي بالإختصاص ان المال الذي يدعي الاختصاص به قد تم إدراجه ضمن اموال التركة المطلوب قسمتها فتكون دعوى الإختصاص في هذه الحالة بمثابة إعتراض على وجود المال المدعى به بالاختصاص ضمن اموال التركة، كما قد يتم تقديم دعوى الإختصاص اثناء حصر التركة وقبل تمام إجراءات الحصر لتجنب إدراج المال محل دعوى الاختصاص ضمن كشف حصر أموال التركة المطلوب حصرها .

ففي كل الأحوال يجب أن يتم تقديم دعوى الإختصاص قبل تمام القسمة الرضائية التي يرد ضمن اموالها المقسومة المال المدعى به .(التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل القسمة الجزء الثاني، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة صنعاء، طبعة 2025م صنعاء، ص 279).

الوجه الثاني: القسمة بالتراضي اذا تمت منعت دعوى الإختصاص:

 القسمة على ثلاثة أنواع: النوع الأول: القسمة بالتراضي: وهي القسمة التي يقوم بها الورثة أنفسهم من غير ان يختاروا قساماً لهذا الغرض، والنوع الثاني: القسمة الإختيارية: وهي القسمة التي تتم بواسطة القسام المختار من قبل الورثة، والنوع الثالث: القسمة الجبرية او القضائية: وهي القسمة التي تتم بواسطة القضاء.

والقسمة بالتراضي: هي القسمة التي اذا تمت فأنها تمنع الوارث من بعد تمامها من الإدعاء بالإختصاص بأي من الاموال التي شملتها قسمة التراضي.

 وقسمة التراضي من اسمها تتم عن طريق التراضي بين الورثة انفسهم ،اذ يقوم الورثة أنفسهم بحصر اموال التركة وتثمينها وتحديد نصيب كل وارث, وعند تحرير التركيز وفصول القسمة فان الورثة المتراضين يستعينوا بالأمين الشرعي لكتابة التركيز وفصول القسمة بحسب ما تم التراضي عليه بين الورثة ، فيقتصر دور الامين الشرعي على الكتابة فقط للتركيز وفصول القسمة.

الوجه الثالث: الدليل على تمام قسمة التراضي:

الدليل على تمام القسمة بصفة عامة ومنها قسمة التراضي هو: إستلام كل وارث مقاسم لفصله ولايكفي ذلك بل يجب أن يستلم كل وارث نصيبه من الاموال المحددة في فصله، فاذا ثبت ذلك فان القسمة تكون قد تمت.

 ولذلك فقد لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا كان قد قضى بعدم قبول دعوى الإختصاص ، لان المدعي كان قد ادعى بذلك بعد ان استلم فصله وتصرف في الأموال المحددة له في فصله وبعد ان تم تحرير الموازنة في ظهر فصله ، وهي: نقل بعض اموال التركة التي تمت قسمتها من وإلى فصله برضاه وإختياره.

 الوجه الرابع: سبب منع قسمة التراضي لدعوى الإختصاص المرفوعة بعد تمام القسمة:

 سبب ذلك أن المدعي بالإختصاص هو أحد الورثة المتقاسمين بقسمة التراضي كان قد قام بالتوقيع على كشف حصر اموال التركة المتضمن المال الذي يدعى بالاختصاص به ، كما ان المدعي بالإختصاص قد سبق له ان قام بالتوقيع على كشوفات التثمين وكذا التركيز المتضمن المال المدعى بإختصاصه ثم قام بالتوقيع على فصول القسمة التي دخل فيها المال المدعى به، فكل ما سبق ان صدر من المدعي بالإختصاص اثناء القسمة بالتراضي هو عبارة عن عدة إقرارات بان المال المدعى بإختصاصه هو من أموال التركة وليس من أموال المدعي بالإختصاص، فهذه الاقرارات التي سبق ان صدرت من المدعي بالإختصاص تكذب محضا دعواه بعد القسمة بالإختصاص.

الوجه الخامس: جواز دعوى الإختصاص فيما لم تشمله القسمة بالتراضي:

 تقبل دعوى الإختصاص في الأموال التي لم يسبق ان شملتها القسمة بالتراضي، لان عدم شمول القسمة بالتراضي لتلك الاموال وتركها وعدم دخولها في قسمة التراضي قرينة على انها ليست من اموال التركة، ولذلك يجوز للمدعي ان يدعي بالإختصاص في الأموال التي لم تتم قسمتها ضمن قسمة التراضي السابقة ، شريطة ان يقدم المدعي بالإختصاص الأدلة اللازمة لصحة ما ورد في دعواه.

الوجه السادس: دعوى الإختصاص في القسمة الجبرية:

القسمة الجبرية او القضائية هي القسمة التي تتم ينظر القضاء جبراً على الورثة ، فلا يشترط فيها التراضي، ولذلك فان الوارث يقوم بتقديم دعوى الإختصاص امام القاضي الذي ينظر طلب القسمة الجبرية، وذلك اثناء حصر اموال التركة، فاذا قام القاضي بالفصل في دعوى الإختصاص مع طلب القسمة بحكم واحد وصار الحكم نهائياً او باتاً فلا يجوز للمقاسم إعادة الدعوى وفتح النزاع وفقا لقانون المرافعات، كذلك الحال اذا قام القاضي الذي ينظر طلب القسمة الجبرية بنظر دعوى الإختصاص كدعوى مستقلة وتم الفصل فيها بحكم مستقل فكذلك لا يجوز للمقاسم إعادة الإدعاء بالإختصاص اذا كان قد صدر في الدعوى السابقة حكم نهائي او بات.

الوجه السابع: دعوى الإختصاص بعد إجراء القسمة بنظر القسام المختار من قبل الورثة:

ذكرنا فيما سبق ان القسمة الإختيارية هي القسمة التي تتم بنظر القسام او القسامين المختارين من قبل جميع الورثة المتقاسمين، فقد يكون القسام في الوقت ذاته محكماً إذا كانت وثيقة إختياره قد تضمنت انه يحق له الفصل في دعاوي الإختصاص او اية منازعات بين الورثة المتقاسمين بشأن اموال التركة المطلوب قسمتها ، ففي هذه الحالة يجمع القسام بين عملين هما : الأول: إجراء القسمة ، والثاني : الفصل في الدعاوي والمنازعات التي تحدث بين المتقاسمين بشان اموال التركة المطلوب قسمتها، ففي هذه الحالة اذا قام الوارث المتقاسم برفع دعوى الإختصاص امام القسام المحكم وفصل في دعوى الإختصاص فلا يجوز للمقاسم الإدعاء مرة اخرى بالإختصاص طالما ان القسام قد فصل في دعواه وانما يحق له تقديم دعوى بطلان حكم المحكم القسام وذلك امام محكمة الاستئناف، كذلك لا يجوز ان يقدم المدعي دعوى إختصاص مبتدأة بعد تمام القسمة بنظر القسام المختار اذا كان المدعي بالإختصاص قد سبق له ان قبل القسمة التي اجراها القسام المختار ودخل فيها المال محل دعوى الإختصاص.

 الوجه الثامن: جواز الإدعاء بالإختصاص في أموال التركة التي تركت قسمتها مطلقاً:

إذا تركت أموال من التركة ولم تتم قسمتها في القسمة الأولى سواء كانت القسمة بالتراضي ام إختيارية أم جبرية، فيحق للوارث الإدعاء بالإختصاص باي من الاموال المتروكة التي لم تسبق قسمتها، والله أعلم.