![]() |
الفوائد القانونية لتدريب العامل |
هناك فرق بين التعليم والتاهيل والتدريب ، فالتاهيل والتعليم سابق على التدريب ، فالتدريب تطبيق للمعارف التي أكتسبها العامل في مرحلة تعليمه وتأهيله.
ومن المؤكد أن لتدريب العامل عوائد وفوائد كثيرة على العامل نفسه وتطوير مهاراته ، وكذا للتدريب مردود إداري ومالي وتجاري يحصل عليه صاحب العمل مثل تجويد المنتجات والخدمات التي يقدمها صاحب العمل، وهذا ليس محل دراستنا في هذا المقال الموجز، وانما وجهتنا في هذه المقالة هي الفوائد القانونية الذي يحققها صاحب العمل من قيامه بتدريب عماله، لأن الفوائد القانونية لتدريب العمال لم يتم تسليط الضوء عليها مع أهميتها ، والفوائد القانونية التي يجنيها صاحب العمل من قيامه بتدريب عماله كثيرة ، ومن هذه الفوائد تنفيذ صاحب العمل لإلتزامه القانوني المقرر في قانون العمل بتدريب عماله إضافة إلى ان قيام صاحب العمل بتدريب عماله يمنع العمال المخالفين من الإحتجاج عند إرتكابهم للمخالفات بعدم درايتهم أو معرفتهم بتفاصيل وجزئيات العمل المسند لهم بسبب عدم قيام صاحب العمل بتدريبهم ، إذ يستعمل بعض العمال هذه الذريعة للإفلات من المسائلة التأديبية والجنائية والمدنية عند إرتكابهم لبعض الجرائم والمخالفات، فضلاً عن أن تدريب صاحب العمل لعماله يقلص مساحة قاعدة الشك يفسر العامل ، كما أن التدريب يحد من تعذر بعض العمال بذريعة الجهل بتفاصيل وشروح الأنظمة والإجراءات الناظمة للإعمال في المنشأة ، علاوة عن أن التدريب يحقق الشروط والمتطلبات القانونية لشغل الأعمال والوظائف المقررة في بطاقات توصيف الوظائف والأعمال في المنشأة، وكذا يحقق التدريب المرونة القانونية اللازمة عند نقل العمال وتدويرهم في الوظائف والأعمال المختلفة في المنشاة.
ومن المعلوم أن هناك ابحاث ودراسات عدة تناولت عوائد تدريب العامل في المجالات المختلفة الإدارية والإقتصادية والسوقية وتجويد وتحسين سمعة المنشأة وسمعة منتجاتها في السوق.
ولأن الفوائد القانونية للتدريب لم تنل حظها الكافي من الدراسة، لذلك عقدنا العزم على الإشارة إلى الفوائد القانونية التي يحققها صاحب العمل من تدريبه لعماله ، وسوف نعرض في هذه المقالة الفوائد القانونية التي يحققها صاحب العمل من تدريب عماله ، وذلك على النحو الاتي:
الوجه الاول: ماهية التدريب والفرق بينه وبين التعليم والتأهيل:
نصت المادة (104) من قانون العمل اليمني على أنه (يقصد بالتدريب المهني القيام بتدريبات مهنية نظرية أو تطبيقية أو كلاهما لإكتساب المهارات في أي مهنة أو صنعة معينة قبل الإلتحاق بالعمل ، ويشمل ذلك تدريب العمال أثناء خدمتهم لرفع درجة مهاراتهم المهنية).
ومن خلال مطالعة النص القانوني السابق يظهر أن التدريب يختلف عن التعليم والتاهيل الذي يهدف إلى الحصول على مؤهل يؤهل العامل للإلتحاق بالعمل، فالتعليم والتأهيل يعتمد على توفير المعلومات والمفاهيم العامة عن العمل بصفة عامة، فالتعليم والتأهيل يعتمد على تعليم الشخص المبادئ والأصول العامة للمهنة من كافة نواحيها المختلفة حتى يحصل المتعلم على المؤهل اللازم أو المطلوب لشغل المهنة أو العمل.
في حين أن التدريب يتجه إلى تقديم المفاهيم النظرية الخاصة بالعمل المسند للعامل أو القيام بتدريبه تدريباً عملياً عن طريق التدريبات أو التمارين العملية التطبيقية في مجال العمل الذي يقوم به العامل أو الذي يتم ترشيح العامل لشغله ، (مهارات الصياغة القانونية، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة 2022م صنعاء، ص8).
الوجه الثاني: التدريب وأخطاء العمل التي تقع من العامل:
من خلال مطالعتنا لأحكام القضاء في اليمن وغيرها يظهر أن من أسباب إفلات العمال المخالفين من المسائلة الجنائية والتأديبية او الإدارية عجز صاحب العمل عن إثبات قيامه بتدريب العامل في مجال العمل الذي يقوم به العامل، إذ يتعذر بعض العمال المخالفين بأن الأخطاء والمخالفات والجرائم التي وقعت منهم أثناء العمل سببها عدم قيام صاحب العمل بتدريبهم التدريب الكافي والمناسب للعمل الذي يقوم به العامل، وبناء على ذلك فأن قيام صاحب العمل بتدريب العامل في مجال العمل الذي يقوم به يوفر لصاحب العمل الحماية القانونية اللازمة في مواجهة المخالفات التي يدعي بعض العمال أنها وقعت منهم بسبب تقصير صاحب العمل في تدريبهم.
الوجه الثالث: تدريب العامل ونفي الجهل بشروح القوانين واللوائح والأدلة النافذة في المنشأة:
مع أن القاعدة: أنه لا يعذر أحد بجهله للقانون، الذي يتم نشره في الجريدة الرسمية إلا أن بعض العمال الذي تقع منهم الأخطاء والمخالفات يدعون بأنهم لم يفهموا المراد من النصوص القانونية التي تكون عامة مجردة ومجملة ، كما ان بعض العمال المخالفين يدعوا انهم لمويطلعوا ولم يفهموا الأدلة واللوائح النافذة في المنشأة، وإذا ثبت انهم قد اطلعوا على القوانين والأدلة والنظم فأن بعض العمال في هذه الحالة يدعي بأن صاحب العمل لم يقم بتدريبه التدريب النظري على شرح النصوص العامة وكيفية تطبيق النصوص القانونية ونصوص الأدلة واللوائح ، وانه لم يتم تدريبهم على الإجراءات الازمة لتطبيق تلك النصوص في مجال العمل الذي يشغله العامل، وفي حالات كثيرة يستجيب القضاء لدعاوى هؤلاء العمال.
وعلى هذا الأساس فأن قيام صاحب العمل بتدريب العمال وسيلة قانونية لحماية صاحب العمل من تلك الإدعاءات الكيدية.
الوجه الرابع: التدريب وتقليص تطبيقات قاعدة الشك يفسر لمصلحة المتهم:
من القواعد المستقرة أمام القضاء قاعدة الشك يُفسر لمصلحة العامل، بإعتباره الطرف الضعيف في عقد العمل، ومن أوجه الضعف لدى العامل عدم توفر المعلومات والبيانات والإحاطة بإجراءات العمل وان صاحب العمل هو يعد عقد العمل ولوائح وادلة وتعليمات العمل ، ولذلك فأن قيام صاحب العمل بتدريب العامل التدريب الكافي والمناسب للعمل الذي يقوم به يوفر للعامل البيانات والمعلومات التفصلية اللازمة عن العمل الذي يقوم به وظروف هذا العمل مما يزيل الشك بشان تفاصيل وجزئيات العمل المسند للعامل ، وهذا يؤدي إلى تقليص مجال تطبيق قاعدة : الشك يفسر لمصلحة العامل، وهذه وسيلة قانونية حمائية يتوسل بها صاحب العمل للحماية من إتساع نطاق تطبيق قاعدة الشك يفسر لمصلحة العامل. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل العمل الجزء الثالث، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة 2025م صنعاء، ص127).
الوجه الخامس: التدريب وتحقيق متطلبات شغل الوظائف بموجب بطاقات التوصيف الوظيفي:
من شواهد الفوائد القانونية للتدريب وتلبيته لشروط شغل الوظائف والتوصيف الوظيفي في مجال أعمال الشركات والمؤسسات الخاصة: أن دليل سياسات وإجراءات الموارد البشرية وبطاقة توصيف وظيفة المدير التنفيذي في إحدى الشركات كانت تنص على أنه: يشترط أن يكون المدير العام التنفيذي للشركة حاصلاً على مؤهل مناسب لا يقل عن درجة الماجستير أو الخبرة المناسبة اللاحقة للشهادة الجامعية لمدة لا تقل عن عشرة سنوات في مجال نشاط الشركة أو حصوله على شهادات تدريب في مجال أعمال الشركة، وقد كان المرشح لشغل وظيفة المدير العام التنفيذي في تلك الشركة إبن صاحب العمل ، ولذلك تم اخضاع الإبن لدورات مكثفة في المجالات المختلفة لنشاط الشركة حتى حصل على عشر دورات تدريبية في مجالات أو أغراض الشركة مكنت هذا المدير المحنك من أن يدير تلك الشركة ويحقق نجاحات باهرة.
ولذلك فأن التدريب يوفر المتطلبات القانونية لشغل الوظائف أو الأعمال المختلفة في المنشأة.
الوجه السادس: التدريب ومتطلبات التدوير الوظيفي:
من أهم متطلبات التدوير الوظيفي تمرين التخصصات في المنشاة ، والمقصود بتمرين التخصص تدريب العامل على العمل الذي سبتم تدويره إليه، فتدريب العامل يجعل التخصص الاصلي للعامل مرنا يؤهل العامل لشغل الوظيفة التي يتم تدويره إليها .
وللتدوير الوظيفي في المنشأة أهداف عدة ليست محل دراستنا في هذه المقالة، ولاشك أن التدوير إذا تم من غير ان يتم تمرين التخصصات المختلفة في الشركة فأن التدوير يكون ضربا من العبث والفوضي، ولذلك فأن التدريب يؤهل العامل لشغل الوظيفة المقاربة لتخصصه عند تدويره لها، ولذلك فأن التدريب يحقق الشروط القانونية اللازمة لشغل الوظائف والأعمال عند التدوير إليها.
الوجه السابع: أهمية إثبات قيام صاحب العمل بتدريب العامل:
في الأوجه السابقة ذكرنا الفوائد والعوائد القانونية لتدريب صاحب العمل للعامل، ومع ذلك فأن هذه العوائد لا تتحقق إلا إذا استطاع صاحب العمل إثبات أنه قام بالفعل بتدريب العامل التدريب المناسب، وفي هذا الشأن تظهر أهمية إصدار (شهادات التدريب) وليس (شهادات المشاركة في التدريب) ، فهناك فرق بين تدريب العامل نفسه وبين مجرد مشاركة في الدورة التدريبية ، ولذلك يجب أن يكون إسم الشهادة (شهادة تدريب في مجال...الخ)، فشهادة التدريب من اسمها تشهد وتدل يقينا بأنه قد تم تدريب العامل في مجال عمله، وبناء على ذلك فشهادة التدريب هي وسيلة إثبات تدريب العامل، ولهذه الغاية ينبغي أن يتم إيداع نسخة من تلك الشهادة في ملف العامل. (محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل اليمني، ص113).