نسبة الربح كجزء من أجر العامل
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
نصت المادة (162) من قانون العمل اليمني على أن (يلغى كل نص أو حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون)، وبالمقابل فقد عرّف القانون ذاته الأجر الأساسي للعامل والأجر الكامل للعامل وذلك ضمن التعريفات الواردة في المادة (2) من القانون، وقد ذكر القانون في ذلك التعريف أن الأجر الأساسي أو الكامل قد يكون نقدياً أو عينياً، ولم يحدد القانون نوعية الأجر النقدي، ومعنى ذلك إنه يجوز أن يكون اجر العامل نسبة من أرباح المحل التجاري أو المؤسسة، وبناءً على ذلك فقد تكون نسبة الأرباح هي أجر العامل كله كما قد تكون بعضه، وفي هذا المعنى وضمن تنظيم القانون المدني اليمني لعقد العمل نصت المادة (789) مدني على إنه (يعتبر جزءاً لا يتجزأ من أجر العامل: -1- العمالة التي تعطى للطوافين (الدلالين) والمندوبين الجوالين والممثلين التجاريين -2- النسب المئوية التي تدفع إلى مستخدمي المحال التجارية عن ثمن ما يبيعونه والعلاوات التي تصرف لهم بسبب غلاء المعيشة -3- كل منحة تعطى للعامل علاوة على المرتب وما يصرف له جزاء امانته أو في مقابل زيادة اعبائه العائلية أو ما شابه ذلك إذا كانت هذه المبالغ مقررة في عقد العمل أو في لائحة المصنع أو المتجر أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح عمال المصنع أو المتجر يعتبرونها جزءاً من الأجر لا تبرعاً بشرط أن تكون هذه المبالغ معلومة المقدار)،
وعند دراسة نصوص وأحكام قانون العمل فيما يتعلق بتعريف الأجر الأساسي والكامل للعامل يظهر أنها لا تتعارض مع النص السابق الوارد في القانون المدني، وعلى هذا الأساس فإن النص القانوني الوارد في القانون المدني السابق نافذ ومكمل لأحكام أجر العامل المقررة في قانون العمل.
ولاشك أن تحديد أجر العامل كله أو بعضه كجزء من الربح يفرز إشكاليات عدة تحتاج إلى إيضاحها وبيان المعالجات المناسبة لها، وسنستعرض لذلك في هذه المقالة بحسب التبويب الآتي:
الوجه الأول: ماهية نسبة الربح التي تكون أجراً للعامل:
هي أن يتفق صاحب العمل مع العامل على أن يتقاضى العامل أجره نسبة معينة من الأرباح التي يحققها صاحب العمل في المحل أو المؤسسة التي يعمل بها العامل ، وغالباً ما يتم الإتفاق على أن يستحق العامل مع غيره من العمال في المحل نسبة معينة من ربح المحل، لأنه يتعذر أن يحدد صاحب العمل لكل عامل على حدة نسبة معينة من ربح المحل.
كما انه في غالب الأحيان تكون نسبة الربح جزءاً من أجر العامل وليس كل الأجر.
ولاريب أن السبب الدافع لقيام صاحب العمل بتقرير نسبة من أرباح المحل أو المؤسسة كاجر لعماله هو تنشيط المبيعات ، لأن العامل في هذه الحالة يشعر أنه كلما زادت المبيعات زاد أجره ، ولذلك تزداد المبيعات.
الوجه الثاني: نسبة الربح جزء من الأجر الكامل للعامل:
اشارت المادة (789) من القانون المدني اليمني إلى أن نسبة الربح تكون جزءاً من الأجر الكامل للعامل فلا تكون نسبة الربح هي كل أجر الكامل، ومعنى ذلك أن يتم الإتفاق بين العامل وصاحب العمل على تحديد أجر معين للعامل بالإضافة إلى نسبة معينة من الأرباح التي يحققها المحل أو المؤسسة، لأن جعل الأجر كله نسبة من الربح قد يحرم العمال من الحصول على أجر شهري منتظم سيما أن حساب الأرباح والخسائر يحتاج إلى فترة من الزمن لتحديد الربح والخسارة ومقدار الربح وأجر العامل منه.
وفي هذا الشان نصت المادة (789) من القانون المدني اليمني ضمن تنظيمه لعقد إيجار الأشخاص أي عقد العمل نصت هذه المادة على إنه (يعتبر جزءاً لا يتجزأ من أجر العامل: -1- العمالة التي تعطى للطوافين (الدلالين) والمندوبين الجوالين والممثلين التجاريين -2- النسب المئوية التي تدفع إلى مستخدمي المحال التجارية عن ثمن ما يبيعونه والعلاوات التي تصرف لهم بسبب غلاء المعيشة -3- كل منحة تعطى للعامل علاوة على المرتب وما يصرف له جزاء امانته أو في مقابل زيادة اعبائه العائلية أو ما شابه ذلك إذا كانت هذه المبالغ مقررة في عقد العمل أو في لائحة المصنع أو المتجر أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح عمال المصنع أو المتجر يعتبرونها جزءاً من الأجر لا تبرعاً بشرط أن تكون هذه المبالغ معلومة المقدار).
الوجه الثالث: إشكاليات ومخاطر تحديد أجر العامل نسبة من أرباح المحل والمتجر:
مع أن تحديد نسبة معينة كأجر للعامل له أهميته البالغة في تحفيز العمال ورفع وتيرة الإنتاج على النحو السابق بيانه، بيد أن لهذا النظام مخاطره وإشكالياته الكثيرة، ومن ذلك ما يأتي:
1- يكون مركز العامل في هذه الحالة كمركز الشريك في المحل أو المؤسسة، فيتدخل العمال لمراقبة ومراجعة الحسابات التي تم الإعتماد عليها في تحديد الربح ونسبة العمال منه.
2- يمكن هذا النظام العمال أو بعضهم من الإدعاء بالشراكة بما يسمى (شركة المضاربة) أي أن صاحب العمل كان يضارب بماله وان العمال كانوا يضاربوا بجهدهم ، وعلى هذا الأساس فإن العمال وصاحب العمل شركاء.
3- في بعض الحالات يحدث التلاعب بالحسابات التي يتم على أساسها تحديد نسبة الربح مما يؤدي إلى حدوث نزاعات بين العمال وصاحب العمل.
4- وفقاً لمنظور الفقه الإسلامي فإن تحديد أجر العامل على أساس نسبة من الربح الذي يحققه المحل مستقبلاً فيه غرر فاحش، لأن صاحب العمل والعامل لا يعلما حين التعاقد عما سيكون في المستقبل من حيث الربح والخسارة ومقدار أو كل منهما. (فقه المعاملات، المالية وتطبيقاتها المعاصرة ، أ.د.عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ، طبعة 2022م، ص258.).
5- عدم إنتظام أجر العامل إذا تم تحديده على أساس نسبة من الأرباح، سيما أن أرباح بعض المحلات لا يتم معرفتها معرفة تامة ودقيقة إلا عن طريق تحديد الربح السنوي - أي أن الأرباح لن تتحدد إلا بعد مضي سنة، ولذلك يلحق العامل العنت والمشقة سيما إذا تم تحديد أجره كله على أساس نسبة من الأرباح. (محاضرات في الإشكاليات العملية عند تطبيق قانون العمل، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص31).
الوجه الرابع: الفرق بين العامل على أساس نسبة من الربح والشريك:
من المعروف أن الشريك يتقاضى نسبة من أرباح المحل أو المؤسسة بحسب نسبته أو حصته في رأس مال المحل أو المؤسسة، وقد ذكرنا في الأوجه السابقة أن العامل أو العمال العاملين مقابل نسبة من الربح يتقاضون أجرهم نسبة معينة من الربح وهي النسبة التي تم الإتفاق عليها مسبقاً مع صاحب العمل.
بيد أن الفرق الجوهري بين الشريك والعامل هو العقد الذي يحدد نوع العلاقة بين المتعاقدين، وما إذا كانت هذه العلاقة هي علاقة عمل أم علاقة شراكة، وعند وجود عقود مكتوبة فإن هذا الأمر لا يثير أية إشكاليات غير أن الأمر يختلف إذا لم يكن هناك عقد مكتوب يحدد نوع العلاقة، ففي هذه الحالة تثور إشكاليات عدة منها: الإدعاء بالشراكة بدلاً من علاقة العمل. (التعليق على احكام المحكمة العليا الجزء الثاني ، أ.د.عبد المؤمن شجاع الدين ،مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ، طبعة 2024م ، ص 193). والله أعلم.