![]() |
قائمة المخالفات والجزاءات العمالية |
الزمت المادة (91) من قانون العمل اليمني صاحب العمل الذي يستخدم ( 15) عاملاً فأكثر ان يقوم بإعداد لائحة المخالفات والجزاءات التي يتم توقيعها على العمال المخالفين ،على تتضمن هذه اللائحة المخالفات والجزاءات وشروط تطبيق الجزاءات.
ونصت المادة (92) من القانون ذاته على أن تقوم وزارة العمل بإعداد نماذج للقواعد التفصيلية لتطبيق العقوبات ليسترشد بها أصحاب ألأعمال عند وضع القواعد الخاصة بهم.
ويفهم من النصين المشار اليهما أن قائمة المخالفات والجزاءات من أهم مكونات لائحة المخالفات والجزاءات التي يجوز لصاحب العمل تطبيقها على العامل المخالف، وهذه القائمة فقط هي محل دراستنا في هذه المقالة الموجزة ، وسوف نشير إلى هذه المسألة على النحو الاتي:
الوجه الاول: ماهية قائمة المخالفات والجزاءات وبياناتها:
قائمة المخالفات والجزاءات: عبارة عن جزء من لائحة المخالفات والجزاءات يكون موقعها ضمن المواد الأخيرة من لائحة المخالفات والجزاءات ، اذ تنص المادة قبل الأخيرة من اللائحة على أن: (تتحدد المخالفات والجزاءات حسب هو مبين في القائمة الاتية :...الخ).
و من خلال الواقع العملي يظهر أن للوثيقة التي تتضمن المخالفات والجزاءات مسميات كثيرة فبعض الشركات والمؤسسات تستعمل مصطلح (القائمة) : فتطلق مسمى قائمة المخالفات والجزاءات ،وهذه هي التسمية الأفضل لمطابقتها للمصطلحات العربية ، وهناك شركات أخرى تطلق عليها مسمى (الجدول)، فتسميها جدول المخالفات والجزاءات ، وهناك شركات تستعمل مسمى (مصفوفة ) : المخالفات والجزاءات، وأن كانت تسمية (القائمة ) هي الأفضل لموافقتها للمصطلحات العربية إلا أنه لاحرج من إختلاف التسميات مادام انها تدل على المسمى عملا بقاعدة : لامشاحة في المصطلح.
وتتضمن قائمة المخالفات والجزاءات كل المخالفات المتوقع حدوثها من العاملين في الشركة ومقابل كل مخالفة الجزاء المقرر عليها وشروط تطبيق الجزاء كالحد الأعلى لتطبيق الجزاء .
ومن المناسب في الشركات والمؤسسات التجارية إستعمال مصطلح (الجزاء) بدلا من إستعمال مصطلح (العقوبة) الذي شاع إستعماله على الجرائم الجنائية .
أما البيانات الواجب توفرها في قائمة المخالفات والجزاءات فقد بينتها المادة(91) من قانون العمل التي نصت على أنه (يجب على صاحب العمل في المنشأة التي تستخدم خمسة عشر عاملاً فأكثر أن يضع لائحة بالجزاءات وشروط توقيعها أو تطبيقها على أن يتم تعليقها في مكان ظاهر في المنشأة ، ويجب لنفاذ هذه اللائحة وما يطرأ عليها من تعديلات موافقة اللجنة النقابية أو ممثل العمال وإعتمادها من قبل وزارة العمل أو مكتبها خلال شهر من تاريخ تقديمها، فإذا انقضت تلك المدة دون موافقة الوزارة او مكتبها او عدم الإعراض عليها كتابياً اصبحت نافذة).
ومن خلال مطالعة النص القانوني السابق يظهر أن قائمة المخالفات يجب أن تشمل على تحديد المخالفة ونوعها، ومقابل المخالفة ينبغي أن يذكر الجزاء المناسب للمخالفة وشروط تطبيق الجزاء.
وعلى هذا المعنى فإن يتم تصميم قائمة المخالفات والجزاءات على شكل قائمة أو جدول أو مصفوفة تتضمن في الجانب الأيمن من الصفحة أسم وبيان ونوع المخالفة وقرينها أو ما قابلها في الصفحة الجزاء المقرر على المخالفة وشروط توقيع الجزاء على العامل المخالف. (مهارات الصياغة القانونية -مهارات التحقيق الإداري - ، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ، طبعة ٢٠٢٢، ص ١٦٧).
الوجه الثاني: صعوبة حصر كل المخالفات التي يمكن أن تقع من العامل وذلك في لائحة المخالفات والجزاءات:
المخالفة هي : كل فعل أو تصرف أو قول يخالف ما ورد في عقد العمل أو في القوانين واللوائح والأدلة والأنظمة النافذة في المنشأة وفي الدولة، أو إمتناع العامل عن فعل أو تصرف يجب عليه أن يفعله أو يقوم به وفقا لعقد العمل أو وفقا لما تنص عليه القوانين واللوائح والأدلة والأنظمة النافذة في المنشأة وفي الدولة
ويتضمن عقد العمل في اليمن وغيرها بندا ينص على أنه يجب على العامل الإلتزام والتقيد بالبنود الواردة في عقد العمل وعدم مخالفتها، كما أن عقد العمل يشتمل أيضا على بند ينص: على أنه يجب على العامل الإلتزام بالقوانين واللوائح والأدلة والأنظمة النافذة في المنشأة والدولة وعدم مخالفتها.
ومعنى ذلك أن المخالفات التي تقع من العامل هي كل فعل أو ترك يخالف ما ورد في عقد العمل أو يخالف ماورد في القوانين واللوائح والأدلة والأنظمة النافذة في المنشأة وفي الدولة.
وعلى هذا المفهوم فأنه من المستحيل أن يتم حصر كل المخالفات التي يمكن أن تقع من العمال في قائمة المخالفات والجزاءات المشار إليها في الوجه الأول ، ولذلك فعند صياغة قائمة المخالفات والجزاءات تقوم إدارة الموارد البشرية في المنشأة بجمع المخالفات المتماثلة والمتشابهة والمتجانسة من حيث جسامتها وتاثيرها في نص واحد أو بنداً واحد في قائمة المخالفات والجزاءات مثل: مخالفة العامل لقواعد الحضور والإنصراف من العمل ، فهذه المخالفة تتضمن عدة مخالفات متشابهة من حيث نوعها وتاثيرها ، إذ تشتمل هذه المخالفة العامة على عدة مخالفات متشابهة مثل : تأخر العامل عند حضوره وإنصرافه قبل انتهاء ساعات العمل أو خروج الموظف من مقر العمل للقيام باعمال تخصه وعودته أو الإنشغال أثناء العمل بالهاتف أو الكلام الجانبي مع زملاء العمل أو تنقل العامل داخل مقر العمل بين الأقسام المختلفة أو التلاعب بطريقة الحضور أو الإنصراف من العمل، ومقابل هذه المخالفة في القائمة يتم ذكر الجزاء المناسب للمخالفة عن طريق ذكر الحد الأعلى للجزاء مثل: الجزاء لا يزيد عن خصم ١٠% من الأجر ، لان نظام الحد الأعلى للجزاء يمكن المنشاة من مراعاة كافة الإعتبارات القانونية عند توقيع الجزاء مثل الظروف المحيطة بالعامل ومدى انتاجيه وسلوك العامل ومدة خدمته وحالته الإجتماعية والتدابير والجزاءات التي سبق للمنشاة أن اتخذتها ضد العامل المخالف ومدى تكرار وقوع المخالفات من العامل.
إضافة إلى ان نطام الإكتفاء بذكر الحد الأعلى للجزاء يمكن المنشأة من تطبيق الجزاءات الأقل من هذا الجزاء على المخالفات الأقل خطورة والتدرج في تطبيق الجزاءات وتوقيع الجزاءات المناسبة لكل مخالفة من المخالفات التي تندرج ضمن هذه المخالفة العامة، ولانه من المتعذر حصر وذكر كل المخالفات تفصيلا وتحديد جزاء مستقل لكل مخالفة على حدة.
علاوة على ان قائمة المخالفات والجزاءات تعد تشريعا دائما أو مستقرا في المنشآة ، ولذلك ينبغي ان تكون صياغة المخالفات والجزاءات بصيغة مجملة ومجردة وعامة ومرنة حتى يستوعب المتغيرات والمستجدات بعد صدور اللائحة.(مهارات الصياغة القانونية - مهارات التحقيق الإداري، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة 2022م، ص175).
الوجه الثالث: الطريقة المناسبة لتحديد الجزاءات في قائمة المخالفات والجزاءات:
اشترطت الفقرة (2) من المادة (94) من قانون العمل بعض الشروط في الجزاءات التي يحق لصاحب العمل توقيعها على العامل المخالف، فقد نصت الفقرة المشار إليها على أنه (على صاحب العمل قبل توقيع أي عقوبة أن يراعي الاتي: -أ- تناسب العقوبة مع حجم المخالفة -ب- الظروف المحيطة بالعامل ومدى انتاجيه وسلوكه ومدة خدمته وحالته الاجتماعية والتدابير التي سبق أن اتخذت ضده ومدى تكرار إرتكابه مخالفات في العمل).
ومعنى ما ورد في النص القانوني السابق أنه يجب على صاحب العمل عند صياغة قائمة المخالفات والجزاءات أن يراعي الإعتبارات الواردة في النص السابق ، والطريقة المناسبة التي تراعي الإعتبارات المقررة في النص السابق هي: طريقة الإكتفاء بذكر الحد الأعلى للجزاء عند ذكر الجزاء في قائمة المخالفات والجزاءات ، مثل ان تذكر في القائمة مقابل المخالفة عبارة الجزاء : لا يزيد عن الخصم 15% من الأجر، لأن طريقة الإكتفاء بذكر الحد الأعلى للجزاء تمكن المنشأة من مراعاة الإعتبارات الواردة في النص القانوني السابق عند توقيع الجزاء على العامل المخالف، وقد نجحت طريقة الإكتفاء بذكر الحد الأعلى للجزاء في شركات عدة داخل اليمن وخارجها ، ولم ترد اية شكاوى كما أنه لم تظهر اية إشكاليات بشأن طريقة الإكتفاء بذكر الحد الأعلى للجزاء رغم تطبيقه في بعض الشركات منذ ١٩٩٥.
اما الطريقة الشائعة في اليمن : وهي الطريقة التي يتم فيها ذكر الجزاء في قائمة المخالفات والجزاءات بطريقة: /الجزاء لأول مرة / الجزاء ثاني مرة / الجزاء ثالث مرة / فأن هذه الطريقة لاتراعي إلا مدى عودة العامل إلى إرتكاب المخالفات فقط دون أن تراعي هذه الطريقة الإعتبارات الأخرى المقررة في النص السابق مثل تكرار وقوع المخالفات من العامل أو مراعاة الظروف المحيطة بالعامل ومدى انتاجيه وسلوك العامل ومدة خدمته وحالته الإجتماعية والتدابير والجزاءات التي سبق للمنشاة أن اتخذتها ضد العامل المخالف.
وهناك طريقة ثالثة يتم إستعمالها في صياغة الجزاء في قائمة المخالفات والجزاءات، وهي طريقة ذكر الحد الأدنى والحد الأعلى للجزاء ، اذ يتم بموجب هذه الطريقة تضمين قائمة المخالفات والجزاءات مقابل كل مخالفة الحد الأدنى: كذا ، والحد الأعلى: كذا، أو أن يذكر أمام المخالفة في القائمة عبارة :لا يقل الجزاء عن كذا ،ولا يزيد عن كذا ، فهذه الطريقة وإن كانت أفضل من طريقة / أول مرة / ثاني مرة / ثالث مرة / إلا أنها أقل مرونة من طريقة تحديد الحد الأعلى للجزاء فقط.
سيما وأن غالبية العقوبات والجزاءات في النظام العقابي اليمني تعتمد طريقة الإكتفاء بذكر الحد الأعلى للعقوبة. (التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثالث، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة 2025م صنعاء، ص191).
الوجه الرابع: علاقة قائمة المخالفات والجزاءات بلائحة المخالفات والجزاءات:
قائمة المخالفات والجزاءات هي أهم مكونات لائحة الجزاءات والمخالفات، ولذلك تعتني الشركات والمؤسسات التجارية عنايه بالغة بقائمة المخالفات والجزاءات، لان المادة (91) من قانون العمل قد الزمت صاحب العمل (أن يعلق لائحة المخالفات والجزاءات في مكان ظاهر في المنشأة)، وبناءً على ذلك فان غالبية الشركات تكتفي بتعليق قائمة المخالفات والجزاءات ، والواجب أن تكون قائمة المخالفات والجزاءات جزءاً من لائحة المخالفات والجزاءات، فلا ينبغي أن تكون القائمة ملحقاً للائحة المخالفات والجزاءات كما هو متبع في بعض الشركات وأنما الموقع الصحيح لقائمة المخالفات والجزاءات يكون في نهاية لائحة المخالفات والجزاءات ، فتكون القائمة في المادة الأخيرة من مواد اللائحة مثل: مادة ( ) تتحدد المخالفات والجزاءات بحسب ما هو مبين من القائمة / الجدول / المصفوفة الأتية : ...الخ). (محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل ، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ،ص103).
الوجه الخامس: الموافقات على قائمة المخالفات والجزاءات وتعليق القائمة:
بإعتبار قائمة المخالفات والجزاءات من أهم مكونات لائحة المخالفات والجزاءات فقد اشترطت المادة (91) من قانون العمل أن يتم إعتماد اللائحة والموافقة عليها من قبل وزارة العمل أو مكتبها ،بالإضافة إلى ان المادة المشار إليها اشترطت موافقة اللجنة النقابية أو ممثل العمال على ما ورد في اللائحة ومن ضمنها قائمة المخالفات والجزاءات.
وبعد الموافقة على القائمة وإعتمادها من قبل الوزارة واللجنة العمالية أو ممثل العمال فأنه يجب أن يتم تعليقها في لوحة الإعلانات في المنشأة أو في مكان ظاهر حتى يطالعها العمال، ويفهموا مضمونها ويتم الإلتزام بها ، لما لذلك من أهمية في تحقيق أهداف الجزاء الإداري وحتى يتجنب العمال الوقوع في المخالفات، وحتى تحقق قائمة المخالفات والجزاءات وظيفتها الجزائية في تحقيق الردع العام عن إرتكاب المخالفات في المنشأة.
الوجه السادس: علاقة قائمة المخالفات والجزاءات بدليل سياسات وإجراءات الموارد البشرية للمنشأة:
في بعض الشركات والمؤسسات يتضمن دليل سياسات وإجراءات الموارد البشرية بابا مستقلا بعنوان (سياسات وإجراءات المخالفات والجزاءات)، ومعنى ذلك أن لائحة الجزاءات والمخالفات تكون جزءاً من دليل الموارد البشرية، ومع انه لاحرج من ذلك إلا ان الأولى والأفضل أن تكون لائحة أو دليل (سياسات واجراءات المخالفات والجزاءات) مستقلاً عن دليل الموارد البشرية ، لأن المادة (91) من قانون العمل قد نصت على هذه اللائحة بصفة مستقلة.
بيد أن لا حرج ولاتثريب في أن تكون لائحة أو دليل سياسات وإجراءات المخالفات والجزاءات باباً مستقلاً من ابواب دليل سياسات واجراءات الموارد البشرية، وبعض الشركات تكتفي بأن تذكر في دليل الموارد البشرية القواعد العامة للمخالفات والجزاءات ثم تحيل التفاصيل بما فيها قائمة المخالفات والجزاءات إلى الدليل المستقل لسياسات وإجراءات المخالفات والجزاءات، والله أعلم.