بدل العمل الليلي وبدل العمل بالنوبات

بدل العمل الليلي وبدل العمل بالنوبات

بدل العمل الليلي وبدل العمل بالنوبات



نظم قانون العمل اليمني بدل العمل الليلي وبدل العمل بالنوبات في نص واحد، وقد صرح هذا النص بأنه لا يجوز الجمع بين البدلين المشار إليهما، وفي هذا الشان نصت المادة (57) من قانون العمل على أن (-1- يستحق العامل بدلاً قدره 15% من الأجر الأساسي إضافة الى ما يستحقه عن ساعات العمل العادية عندما يكون العمل ليلياً -2- يستحق العامل بدلاً قدره 10% من الأجر الأساسي إضافة الى ما يستحقه عن ساعات العمل العادية عندما يكون العمل بالنوبات -3- يكون العامل مستحقاً لبدل العمل الليلي أو لبدل عمل بالنوبات إذا عمل لمدة تزيد على عشرة أيام متصلة أو متقطعة في الشهر الواحد، ولا يجوز الجمع بين بدل العمل الليلي والعمل بالنوبات).

وعند التطبيق العملي لهذا النص تظهر بعض الإشكاليات العملية، إضافة إلى أن هناك خلط في البدلين لدى البعض، فضلاً عن أن هناك تساؤلات لدى بعض المهتمين بالموارد البشرية بشأن أوجه الشبه والخلاف بين البدلين، علاوة على تساؤل المهتمين بشأن نطاق ومجال تطبيق البدلين، سيما وأن العمل الليلي والعمل بالنوبات منتشر بكثرة في اليمن وغيرها خاصة في المصانع التي تنتج الاغذية والسلع الشعبية الواسعة الانتشار أو تلك التي تقدم الخدمات للجمهور كشركات الهاتف والكهرباء والماء والانترنت وشركات الصرافة والمحلات التجارية والمطاعم والبقالات والمخابز ...الخ.

ولأهمية هذا الموضوع فسوف نعرضه في هذه المقالة بحسب التبويب الأتي:

الوجه الأول: التنظيم القانوني لبدل العمل الليلي:

نظم قانون العمل اليمني بدل العمل الليلي في الفقرتين (1و٣) من المادة (57)، فقد نصت الفقرتان على أن (-1- يستحق العامل بدلاً قدره 15% من الأجر الأساسي إضافة الى ما يستحقه عن ساعات العمل العادية عندما يكون العمل ليليا-3- يكون العامل مستحقاً لبدل العمل الليلي أو لبدل عمل بالنوبات إذا عمل لمدة تزيد على عشرة أيام متصلة أو متقطعة في الشهر الواحد، ولا يجوز الجمع بين بدل العمل الليلي والعمل بالنوبات).

في حين حددت المادة (73) من قانون العمل حالات العمل الليلي والعمل النهاري الذي يتداخل مع العمل الليلي، فقد نصت هذه المادة على أنه ( يعتبر العمل ليلياً إذا تم بين الساعة الثامنة مساءاً والخامسة صباحاً ، ولا يجوز تشغيل العامل عملاً ليلياً متواصلاً لأكثر من شهر -2- يكون في حكم العمل الليلي ساعات العمل النهاري التي تتداخل في نهايتها مع ساعات العمل الليلي لمدة لا تقل عن نصف ساعات العمل الإعتيادي).

ومن خلال إستقراء النصوص القانونية السابقة سنعرض أحكام بدل العمل الليلي على النحو الاتي:

1- مفهوم العمل الليلي: هو قيام العامل بأداء عمله المتفق عليه مع صاحب العمل، وذلك خلال الساعات من (8) مساءاً حتى الساعة (5) صباحاً أو قيام العامل بأداء عمله ما بين الساعة (4) عصرا والساعة (2) بعد منتصف الليل، أو قيام العامل بأداء عمله أو قيام العامل بالعمل مابين الساعة (9) مساءاً حتى (٥) صباحاً وهكذا.

2- تداخل العمل النهاري مع العمل الليلي: إذا كانت ساعات العمل النهاري (٨)ساعات أو أقل من ذلك وتداخل نصف هذه الساعات مع العمل الليلي السابق تعريفه ،كأن يعمل العامل نصف ساعات الدوام المحدد في أثناء النهار ونصفها الاخر في الليل في أي فترة من فترات الليل بحسب المفهوم السابق للعمل الليلي فأن عمل العامل في هذه الحالة بعد عملاً ليلياً طالما أنه قد عمل أثناء الليل نصف ساعات عمله والنصف الآخر في ساعات النهار، فعندئذ يتداخل العمل النهاري مع العمل الليلي ، ويكون حكمه حكم العمل الليلي.

اما إذا كانت فترة تداخل العمل النهاري مع العمل الليلي اقل من نصف ساعات العمل المحددة للعامل فان عمل العامل لايكون ليليا، ولاتسري عليه أحكام العمل الليلي. (التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثالث، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ،طبعة ٢٠٢٥م ، ص ١٦٤).

3- مقتضيات العمل الليلي: الأصل أن ساعات الليل للنوم والراحة والسكون قال تعالى ( وهو الذي جعل لكم الليل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار نشورا) ، وكذا قال تعالى (وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا).

لكن هناك ضرورات و إحتياجات تقتضي العمل الليلي أو العمل في الليل، فأفراد المجتمع يحتاجوا خدمات ومنتجات متواصلة ومستمرة طوال ال(24) ساعة طوال ايام السنة،مثل المنتجات الغذائية والأطعمة وخدمات الماء والكهرباء والهاتف والانترنت والوقود والطاقة وغيرها.

 ولذلك فان العمل الليلي واجب في مصانع إنتاج الأغذية وكذا شركات الاتصالات والمطاعم والمخابز والبقالات وشركات الطيران والمواصلات العامة، لان المنتجات والخدمات التي تقدمها هذه المصانع والشركات ضرورية بالنسبة لأفراد المجتمع ،حتى أن القوانين في غالبية الدول تمنع الإضراب في الشركات والمؤسسات والمصانع التي تقدم للجمهور خدمات أو منتجات على مدار الساعة ، فتمنع تلك القوانين الإضراب العام أو الكلى للعمال وتجيز الإضراب الجزئي حتى لا يتضرر المستهلكون الذين لا علاقة لهم بالخلاف بين صاحب العمل وعماله الذي سبب الإضراب.

 ولأن العمل في الليل مقرر على وجه الإستثناء وللضرورة حسبما سبق بيانه ، لذلك ينبغي على الشركات والمؤسسات والمحلات أن تضع التنظيمات التفصيلية والإجرائية للعمل الليلي المتبع لديها.

4- ضرورة قيام الشركة أو المؤسسة أو المحل بوضع تنظيماً ادارياً للعمل الليلي: من خلال مطالعة النصوص القانونية السابق ذكرها يطهر أنها قد اكتفت بالتنظيم المجمل والعام للعمل الليلي ، فلم تتضمن هذه النصوص التنظيمات التفصيلية أو الإجرائية للعمل الليلي ، لأن القواعد القانونية من خصائصها أنها عامة ومجردة، ومن هذا المنطلق فقد ترك قانون العمل لصاحب العمل أن يضع الإجراءات الإدارية والتنظيمية للعمل الليلي بحسب طبيعة نشاط صاحب العمل وظروفه شريطة أن لا تخالف التنظيمات التي يضعها صاحب العمل القانون.

ولذلك يجب على صاحب العمل أن يحدد في دليل سياسات وإجراءات الموارد البشرية الإجراءات والضوابط والتنظيمات الإدارية التفصيلية لتشغيل العمال في الليل، كما ينبغي الإشارة في عقد عمل العامل الى أن طبيعة عمل الشركة أو المنشاة تقتضي تشغيل العامل في الليل على النحو المبين تفصيلاً في دليل الموارد البشرية.

5- عدم جواز تشغيل العامل في العمل الليلي لأكثر من شهر: فلا يجوز تشغيل العامل بصفة متواصلة لمدة تزيد على شهر، ومفهوم هذا النص أنه يجوز تشغيل العامل في العمل الليلي لمدة تقل عن شهر ولا يجوز تشغيل العامل في العمل الليلي لأكثر من شهر، فقد نصت الفقرة (١) من المادة (73) من قانون العمل على أنه ( لا يجوز تشغيل العامل عملاً ليلياً متواصلاً لأكثر من شهر).

6- جواز تشغيل العامل عملاً ليلياً متواصلاً لمدة تقل عن شهر : بحسب مفهوم الفقرة (١) من المادة (73) من قانون العمل التي نصت على أنه ( لا يجوز تشغيل العامل عملاً ليلياً متواصلاً لأكثر من شهر).

فمفهوم هذا النص أنه يجوز تشغيل العامل في العمل الليلي المتواصل لفترة تقل عن شهر.

7- جواز تشغيل العامل في الليل إذا كان تشغيله في الليل غير متواصلا ولو كان هذا التشغيل لأكثر من شهر: ويدل على ذلك مفهوم الفقرة (١) من المادة (73) من قانون العمل التي نصت على أنه ( لا يجوز تشغيل العامل عملاً ليلياً متواصلاً لأكثر من شهر)، فهذا النص منع التشغيل المتواصل لأكثر من شهر ، ومفهوم ذلك انه يجوز تشغيل العامل في الليل لمدة تزيد على شهر إذا لم يكن تشغيل العامل متواصلا، مثل تشغيل العامل بعض أيام الشهر في الليل وتشغيله في غير الليل خلال الأيام الأخرى ولو أستمر العمل بهذا الطريقة طوال السنة طالما أن العمل الليلي غير متواصلا خلال الشهر الواحد.

8- بدل العمل الليلي: حددت هذا البدل الفقرة (1) من المادة (57) عمل، التي نصت على أن (-1- يستحق العامل بدلاً قدره 15% من الأجر الأساسي إضافة الى ما يستحقه عن ساعات العمل العادية عندما يكون العمل ليليا).

وقدر هذا البدل: هو نسبة 15% من الأجر الأساسي للعامل، ووفقاً للفقرة (3) من المادة (57) عمل السابق ذكره فإن العامل لا يستحق هذا البدل إلا إذا كان العامل قد عمل في الليل لمدة تزيد على عشرة أيام في الشهر سواء أكانت هذه الأيام متصلة أم متقطعة، ومعنى ذلك أنه إذا قام صاحب العمل بتشغيل العامل ليلا في كل شهر تسعة أيام فأدنى فأن العامل في هذه الحالة لا يستحق بدل العمل الليلي!!!؟.

الوجه الثاني: بدل العمل بالنوبات:

 العامل بنظام النوبات لا يعمل في نوبة واحدة أو فترة واحدة في يوم العمل ، وأنما يعمل في نوبات مختلفة خلال ايام العمل، مثل أن يعمل العامل في يوم من الساعة (8) صباحاً حتى (4) عصراً ، وفي اليوم التالي يعمل من (4) عصراً حتى الساعة (١٢)مساء وهكذا.

والعمل بنظام النوبات تختلف فيه فترة العمل من نوبة إلى أخرى، ويؤدي ذلك إلى عدم إنتظام حياة العامل وإضطراب شئونه الأخرى وعدم ترتيب شئونه الأخرى .

ولذلك فقد نصت الفقرة (٢و٣) من المادة (57) من قانون العمل على أن (-2- يستحق العامل بدلاً قدره 10% من الأجر الأساسي إضافة الى ما يستحقه عن ساعات العمل العادية عندما يكون العمل بالنوبات-3- يكون العامل مستحقاً لبدل العمل الليلي أو لبدل عمل بالنوبات إذا عمل لمدة تزيد على عشرة أيام متصلة أو متقطعة في الشهر الواحد، ولا يجوز الجمع بين بدل العمل الليلي والعمل بالنوبات).

فقد صرح هذا النص بان العامل بنظام النوبات لا يستحق هذا البدل وهو نسبة ١٠٪ من الأجر الأساسي إلا إذا اشتغل العامل بنظام النوبات لمدة تزيد على عشرة أيام متواصلة أو متقطعة في الشهر الواحد.

ومؤدي ذلك أن العامل إذا اشتغل بنظام النوبات لمدة تسعة أيام فأقل في كل شهر سواء كانت متصلة أو متقطعة فأن العامل في هذه الحالة لا يستحق بدل النوبات.

الوجه الثالث: الفرق بين العمل الليلي والعمل بنظام النوبات:

 يتفق العمل الليلي والعمل بنظام النوبات في أن العامل لا يستحق البدل في أي منهما أذا لم يزيد العمل في أي منهما على عشرة أيام في الشهر الواحد، أما في غير هذه المسألة فأن العمل الليلي يختلف عن العمل بنظام النوبات، فنظام النوبات يعني أن العمل قد يقوم بعمله في الليل أو في غيره بحسب نوبة عمله في حين أن العمل الليلي لا يكون إلا في الليل، كما أن بدل العمل الليلي 15% من الأجر الأساسي وبدل العمل بالنوبات 10%، من الأجر الأساسي ، ويرجع الفارق بين البدلين وهذا الفارق ٥٪ يرجع الى أن العمل الليلي أشق من العمل بنظام النوبات. (محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل اليمني، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص95).

الوجه الرابع: عدم جواز الجمع بين بدل العمل الليلي وبدل العمل بالنوبات :

 نصت الفقرة (٣) من المادة (٥٧) من قانون العمل على أن (-٣- يكون العامل مستحقاً لبدل العمل الليلي أو لبدل عمل بالنوبات إذا عمل لمدة تزيد على عشرة أيام متصلة أو متقطعة في الشهر الواحد، ولا يجوز الجمع بين بدل العمل الليلي والعمل بالنوبات).

فقد ورد في نهاية النص القانوني السابق التصريح بعدم جواز الجمع بين البدلين المشار اليهما ، لأن العمل بالنوبات يقتضي ان يؤدي العامل عمله في بعض النوبات ليلا بحسب وقت النوبة ، فلو لم يرد هذا النص المانع للجمع لجمع العامل بالنوبات بين بدل النوبات وبدل العمل الليلي في حين ان عمله واحد وفي وقت واحد،وكذلك الحال بالنسبة للعامل في الليل ،لأن المادة (٧٣ ) من قانون العمل نصت على أنه (ولا يجوز تشغيل العامل عملاً ليلياً متواصلاً لأكثر من شهر)، فاذا قام العامل المكلف بالعمل في الليل بالعمل ايضا بنظام النوبات فانه لا يستحق إلا البدل المخصص لعمله الليلي، فلا يجوز الجمع بين البدلين ، والله اعلم.