![]() |
تجديد عقد العمل وتعديله |
نصت المادة (29) من قانون العمل على ان : (1- تعتبر مدة العقد غير محددة للعامل اليمني ويجوز تحديدها بموافقة الطرفين.-2- يعتبر عقد العمل سارياً لذات المدة السابقة اذا انتهت مدته واستمرت علاقة العمل الفعلية بين الطرفين. -3- تعتبر خدمة العامل مستمرة اثناء سريان عقد العمل دون ان يقطع تواصلها ما يتخللها من إجازات قانونية باجر او بدونه او أي ظرف اخر منصوص عليه في هذا القانون).
وفي السياق ذاته نصت الفقرة (2) من المادة (30) من قانون العمل على انه (يجب ان يحتوي عقد العمل بصورة أساسية على مقدار الأجر ونوع العمل ومكانه وتاريخ الإلتحاق بالعمل ومدته).
ومن جهة ثالثة نصت المادة (28) من قانون العمل على انه (عند توقيع عقد العمل يجوز إخضاع العامل لفترة إختبارية لا تزيد عن ستة أشهر لدى نفس صاحب العمل وينص على ذلك في العقد، ولا يجوز وضع العامل تحت الإختبار أكثر من مرة في نفس المهنة).
ومن خلال إستعراض النصوص القانونية السابق ذكرها يظهر انها النصوص ذات الصلة بمدة عقد العمل وتجديده أو تمديد مدته.
ولأهمية موضوع تجديد عقد العمل او تمديده ، والإشكاليات التي تظهر في التطبيق العملي، فسوف نشير الى هذا الموضوع بحسب التبويب الاتي:
الوجه الأول: معنى تمديد عقد العمل وتجديده :
معنى ذلك ان عقد العمل حينما يكون محدد المدة لوجود بند من بنود العقد ينص على ان مدة العقد سنة مثلا أو اية مدة معينة فأن عقد العمل ينتهي في هذه الحالة بانتهاء المدة المتفق عليه المحددة في العقد، الا إذا رغب الطرفان في تجديد او تمديد العقد لمدة أخرى.
وعلى هذا الإساس فان معنى تجديد أو تمديد عقد العمل هو: الإتفاق بين العامل وصاحب العمل على إستمرار نفاذ عقد العمل الذي تنتهي مدته ، وذلك لمدة أخرى.
فعندما يتفق صاحب العمل والعامل عند إنتهاء عقد العمل على إستمرار نفاذ العقد لمدة أخرى دون المساس باي من بنود العقد الأخرى فان ذلك يكون تمديداً للعقد أي تمديد لمدة العقد فقط وبقاء بقية بنود العقد على ما كانت عليه، فتمديد العقد يقتصر على اتفاق العامل مع صاحب العمل على تمديد مدة العقد او إستمرارها دون ان يتم الإتفاق على تعديل أي بند من بنود العقد الأخرى.
فإذا تم الإتفاق بين صاحب العمل والعامل على تمديد مدة العقد على النحو السابق بيانه فانه يترتب على ذلك تمديد العمل بكافة بنود العقد الأخرى، فهذا هو المعنى الحقيقي لتمديد عقد العمل.
وهناك من الباحثين من يطلق على تمديد العقد (تجديد العقد) ، لان إتفاق العامل مع صاحب العامل عند إنتهاء المدة المحددة في العقد على إستمرار العلاقة العقدية بينهما لمدة مماثلة او اقل من ذلك او اكثر، فذلك بمثابة تجديد لعقد العمل المنتهي أي تجديد العمل به لمدة أخرى وهي الفترة الجديدة حتى يسري هذا العقد خلال الفترة الجديدة من غير تعديل في أي من بنوده.
الوجه الثاني: طريقة تمديد عقد العمل أو تجديده:
الطريقة المثلى لتمديد عقد العمل بحسب المفهوم القانوني السابق بيانه هو تحرير وثيقة مستقلة تتضمن إتفاق العامل وصاحب العمل على بقاء علاقة العمل القائمة بين الطرفين خلال فترة جديدة او القادمة فتظل علاقة العمل بين الطرفين محكومة بحسب بنود عقد العمل المبرم بين الطرفين بتاريخ.... والذي تمديده، (أي العقد المنتهي) .
وهناك من يكتفي عند تجديد عقد العمل أو تمديده بالكتابة على ظهر عقد العمل المنتهي -: بانه قد تم الإتفاق بين الطرفين على تمديد او تجديد العقد باطن هذا ، فيستمر العمل ببنود العقد كما هي خلال الفترة من...الى...، (وهذ هي فترة التجديد او التمديد) ،(محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل ، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، ص85).
الوجه الثالث : معنى تعديل عقد العمل:
في الوجه السابق ذكرنا ان تمديد او تجديد عقد العمل هو: الإتفاق على إستمرار علاقة العمل بين العامل وصاحب العمل خلال الفترة التالية لتاريخ إنتهاء العقد ، وبموجب إتفاق التمديد تستمر علاقة العمل التي كانت قائمة بين العامل وصاحب العمل ، وذلك لمدة جديدة بعد إنتهاء مدة عقد العمل السابق، من غير ان يتم إجراء أي تعديل على أي بند من بنود عقد العمل السابق المنتهي .
اما تعديل عقد العمل فهو أوسع نطاقاً من تمديد العمل ، لان التعديل هو إتفاق صاحب العمل مع العامل على تعديل بنود أخرى من بنود عقد العمل المنتهي غير مدة عقد العمل المنتهي مثل تعديل مقدار اجر العامل ونوع العمل او تعديل التزامات العامل او تعديل التزامات صاحب العمل سواء كان التعديل بالحذف او بالإضافة او تعديل صيغة أي بند من بنود عقد العمل السابق، وقد يشمل التعديل البند الخاص (بمدة عقد العمل) ضمن تعديل بنود أخرى.
اما اذا اقتصر التعديل على بند مدة العقد فقد سبق القول بان ذلك تمديد او تجديد للعقد وليس تعديلاً له .(مهارات الصياغة القانونية، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة صنعاء الجديدة صنعاء، طبعة 2020م صنعاء،ص46).
الوجه الرابع: الأصل ان عقد العمل غير محدد المدة:
الأصل ان عقد العمل غير محدد المدة ، ومعنى ذلك انه لا يلزم ان يتفق العامل وصاحب العمل على تحديد مدة معينة في عقد العمل حسبما هو مقرر في الفقرة ( 1) من المادة (29) من قانون العمل التي نصت على ان : (1- تعتبر مدة العقد غير محددة للعامل اليمني ويجوز تحديدها بموافقة الطرفين.-2- يعتبر عقد العمل سارياً لذات المدة السابقة اذا انتهت مدته واستمرت علاقة العمل الفعلية بين الطرفين. -3- تعتبر خدمة العامل مستمرة اثناء سريان عقد العمل دون ان يقطع تواصلها ما يتخللها من إجازات قانونية باجر او بدونه او أي ظرف اخر منصوص عليه في هذا القانون).
ومن خلال مطالعة هذا النص يظهر ان الأصل ان مدة عقد العمل غير محددة ،وان الأصل أن العامل يعمل لدى صاحب العمل بصفة مستديمة غير مقيدة بمدة معينة، بيد ان قانون العمل اليمني ناقض ذاته عندما اوجب في المادة ( 30) ان يتضمن عقد العمل مدة العقد.، اذ نصت الفقرة (2) من المادة (30) من قانون العمل على انه (يجب ان يحتوي عقد العمل بصورة أساسية على مقدار الأجر ونوع العمل ومكانه وتاريخ الإلتحاق بالعمل ومدته).
وعندما يكون عقد العمل غير محدد المدة ،وهذا هو الأصل فان العقد في هذه الحالة لا يحتاج الى تجديد او تمديد، لانه لم ينص على مدة معينة حتى يقال بتمديدها.
الوجه الخامس: عقد العمل المحدد المدة وتوصيتنا للمقنن اليمني :
وهو العقد الذي يرد ضمن بنوده بنداً ينص على ان: مدة العقد هي سنة مثلا، وقد أجازت الفقرة (1) من المادة (29) من قانون العمل ان يكون عقد العمل محدد المدة ، فقد نصت هذه الفقرة على أن: ( 1- تعتبر مدة العقد غير محددة للعامل اليمني ويجوز تحديدها بموافقة الطرفين )، وعقد العمل محدد المدة هو: العقد الذي ينص احد بنوده على أن مدة العقد هي سنة مثلا.
ويوحي عقد العمل المحدد المدة ان العلاقة العمالية العقدية بين صاحب العمل والعامل ليست دائمة أو مستمرة وانما محددة بالمدة المذكورة في عقد العمل.
ومن ضمن تناقضات قانون العمل اليمني أن المادة (29) السابق ذكرها اجازت تحديد مدة عقد العمل ، في حين اوجبت المادة (30) من القانون ذاته اوجبت ان يتضمن عقد العمل مدة العقد أي على سبيل الوجوب ، فقد حددت االفقرة (2) من المادة (30) من قانون العمل البيانات الواجب النص عليها في قانون العمل ومن ذلك مدة عقد العمل، فقد نصت الفقرة (2) من المادة (30) من قانون العمل على انه (يجب ان يحتوي عقد العمل بصورة أساسية على مقدار الأجر ونوع العمل ومكانه وتاريخ الإلتحاق بالعمل ومدته)، ووفقا لقواعد تفسير النصوص القانونية المتعارضة فانه يتم العمل بالنص المتأخر ، لأنه ينسخ المتقدم عليه أو يقيده أو يخصصه .
ومن هذا المنطلق فاننا نوصي المقنن اليمني : بتدارك هذا التعارض .(التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثالث، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة صنعاء ، طبعة 2025م صنعاء ص142).
الوجه السادس: الفرق بين عقد العمل المحدد المدة وعقد العمل المؤقت وعقد العمل العرضي وعقد العمل الموقوف:
سبق القول ان قانون العمل اليمني قد قرر ان الأصل ان عقد العمل غير محدد المدة ، ومؤدى ذلك ان علاقة العمل بين العامل وصاحب العمل مستمرة ، كما أجاز قانون العمل ان يكون عقد العمل محدد المدة.
والمقصود بعقد العمل المحدد المدة كسنة مثلا المقصود به ان يتم التعاقد بين العامل وصاحب العمل على تحديد مدة العقد كسنة مثلا وان يكون العمل المتعاقد عليه ببموجب هذا العقد من الاعمال التي تدخل ضمن نشاط صاحب العمل وهي الأعمال المتكررة خلال الأيام أو الاشهر أو سنوات عمل صاحب العمل ، فلاتنتهي هذه الأعمال خلال مدة تقل عن اربعة أشهر، وقد ذكرنا أن عقد العمل محدد المدة يقبل التجديد والتمديد على النحو السابق بيانه، ولذلك فان عقد العمل المحدد المدة يختلف عن عقد العمل المؤقت الذي تقتضي طبيعة إنجازه ان يستغرق ذلك مدة محددة او الذي ينتهي بانتهاء العمل فيه ، فلا يتكرر العمل المؤقت المتعاقد عليه ، لايتكرر لدى صاحب العمل الا بعد سنوات كثيرة مثل تركيب الات ومعدات مصنع.
كذلك يختلف عقد العمل المحدد المدة عن عقد العمل العرضي الذي لا تزيد مدته عن (4) اشهر ،إضافة الى أن موضوع عقد العمل العرضي هو أعمال لاتندرج ضمن النشاط التجاري المعتاد لصاحب العمل.
ومن جانب آخر فأن عقد العمل المحدد المدة يختلف عن عقد العمل الموقوف وهو : عقد العمل مع العامل في فترة الإختبار ، فعقد العمل محدد المدة عقد نافذ من تاريخ التوقيع عليه ، فهو ملزم لطرفيه من أول المدة إلى آخرها ، أما عقد العامل تحت الإختبار فهو عقد موقوف على إجتياز العامل لفترة الإختبار المحددة فإذا اجتازها العامل نفذ العقد، وبشان عقد العامل تحت الإختبار فقد نصت المادة (28) من قانون العمل على انه (عند توقيع عقد العمل يجوز إخضاع العامل لفترة إختبارية لا تزيد عن ستة أشهر لدى نفس صاحب العمل وينص على ذلك في العقد ولا يجوز وضع العامل تحت الإختبار أكثر من مرة في نفس المهنة). (محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل اليمني ،ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، ص65).
الوجه السابع : التجديد الصريح والضمني لعقد العمل:
ذكرنا في الأوجه السابقة ان التجديد او التمديد للعقد يقع بالنسبة لعقد العمل المحدد المدة، فاذا كان عقد العمل محدد المدة، فانه يقبل التجديد الصريح والتجديد الضمني.
والتجديد الصريح: هو الذي يصرح فيه صاحب العمل والعامل عند انتهاء مدة عقد العمل المحدد المدة برغبتهما بتجديد عقد العمل لمرة أخرى او لمدة معينة أخرى سواء أكان هذا التصريح كتابة أم شفاهة شريطة أنه يمكن إثبات التصريح الشفهي .
والتجديد الضمني يكون ضمنياً عندما ينتهي عقد العمل المحدد المدة، ورغم ذلك يستمر العامل في عمله المعتاد ويستمر صاحب العمل في دفع اجر العامل المعتاد، فيكون ذلك بمثابة إتفاق ضمني بين العامل وصاحب العمل على التجديد الضمني لعقد العمل.
وقد أنفرد قانون العمل في تصريحه بان مدة التجديد الضمني لعقد العمل تكون لمدة مماثلة للمدة المذكورة في عقد العمل المحدد المدة، إذ يتجدد عقد العمل ضمنياً لمدة مماثلة وبحسب البنود والشروط المقررة في عقد العمل المحدد المدة ،حسبما ورد في الفقرة (2) من المادة (29) من قانون العمل التي نصت على أن( -2- يعتبر عقد العمل سارياً لذات المدة السابقة إذا انتهت مدته واستمرت علاقة العمل الفعلية بين الطرفين ) ، ويفهم من النص القانوني السابق ان التجديد الضمني لعقد العمل قد يقع لفترات عدة، بمعنى ان عقد العمل الضمني قد يتجدد لمرات عدة او لأكثر من مرة.
اما مدة التجديد الصريح لعقد العمل فلم يذكرها قانون العمل اليمني أي أنه لم ينص على تحديد مدة التجديد الصريح ، فقد تركها القانون للاتفاق عليها فيما بين العامل وصاحب العمل للعامل .
الوجه الثامن: التجديد التلقائي لعقد العمل:
عندما يكون عقد العمل محدد المدة كسنة مثلاً، فانه يجوز للعامل وصاحب العمل ان يتفقا في بداية التعاقد أي في العقد الأول على تضمين عقد العمل بنداً ينص على ان عقد العمل يتجدد عند إنتهاء مدته تلقائياً من غير حاجة الى أي اجراء إذا لم يطلب أي طرف من طرفي العقد إنهاء العقد قبل انتهاء مدته المحددة في العقد، فالتجديد التلقائي لعقد العمل يتم من تلقاء ذاته من غير حاجة الى أي اجراء او طلب من طرفي العقد، والله أعلم.