![]() |
حجية محضر التمييز |
محضر التمييز : عبارة عن وثيقة تتضمن إثبات حضور الورثة او الشركاء ملاك العقارات المتلاصقة أو المحادة لبعضها او من بمثلهم وقيامهم بأنفسهم او عن طريق شخص مختار من قبلهم بتحديد العلامات أو الحدود التي تميز وتحدد نصيب ملك كل واحد منهم وبيان الحدود الفاصلة التي تميز الارض الخاصة بكل واحد منهم ، وتتضمن وثيقة التمييز بيانات كثيرة من اهمها : تاريخ وساعة تحرير المحضر واسماء الحاضرين والجهة التي امرت بإجراء التمييز - المحكمة أم المحكم أم القسام أم ان تحرير المحضر قد تم بناء على إتفاق بين الملاك المتجاورين أو الورثة أو الشركاء — ويتضمن محضر التمييز تحديد الحدود والعلامات الفاصلة بين الاراضي والعقارات المطلوب تمييزها عن بعضها ، ويتم التوقيع على المحضر من قبل الحاضرين المذكورين في المحضر.
واذا تم تحرير محضر التمييز بناء على إتفاق الورثة أو الشركاء أو ملاك العقارات المتلاصقة أو المحادة لبعضها فان محضر التمييز في هذه الحالة يكون بمثابة عقد الصلح ، لان محضر التمييز قد تضمن رفع النزاع القائم أو توقي نزاع محتمل وقوعه في المستقبل بسبب إختلاط الاراضي أو تلاصقها، وقد اشار الى هذه المسالة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10/8/2015م في الطعن رقم (56822) ، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار اليه: (فقد وجدت الدائرة ان مناعي الطعن ليست في محلها ولا تجد لها سنداً في الاوراق ، فقد سبق للطاعن ان اثار هذه المناعي امام محكمتي الموضوع اللتين قضتا برفضها ، لحضور الشهود و شهادتهم على حصول التمييز وتحرير محضر بذلك، فقد اكدت الشهادات ومحضر التمييز وجود قصبة ونصف زيادة لدى الطاعن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو في الأوجه الاتية:
الوجه الاول: ماهية محضر التمييز:
هو وثيقة تتضمن اثبات حضور الورثة او الشركاء او ملاك العقارات المتلاصقة أو المحادة لبعضها او من بمثلهم وقيامهم بأنفسهم او عن طريق شخص مختار من قبلهم بتحديد العلامات أو الحدود التي تميز وتحدد نصيب أو ملك كل واحد منهم ، وبيان الحدود الفاصلة التي تميز الارض الخاصة بكل واحد منهم ، وتتضمن وثيقة التمييز بيانات كثيرة من اهمها تاريخ وساعة تحرير المحضر واسماء الحاضرين والجهة التي امرت بإجراء التمييز - المحكمة أم المحكم أم القسام أم ان تحرير المحضر قد تم بناء على إتفاق بين الملاك المتجاورين أو الورثة أو الشركاء — ويتضمن محضر التمييز تحديد الحدود والعلامات الفاصلة بين الاراضي والعقارات المطلوب تمييزها عن بعضها ،ويتم التوقيع على المحضر من قبل الحاضرين المذكورين في المحضر، وقد تتم المصادقة على محضر التمييز من قبل المحكمة اذا كان النزاع منظور امامها .
الوجه الثاني: حالات إستعمال محضر التمييز:
يتم إستعمال محضر التميز في حالة فرز وفصل وتحديد نصيب كل وارث من الارض الشائعة التي تمت قسمتها ، وكذلك الحال اذا كانت الارض شائعة ومشتركة بين عدة شركاء ، كما يتم إستعمال محضر التمييز عند حدوث خلاف بين الملاك الجيران التي تتلاصق عقاراتهم او اراضيهم ، كما يتم إستعمال محضر التمييز اذا حدث نزاع بين المشتري لجزء من ارض ولم يشملها الشراء كاملة.
الوجه الثالث : التكييف القانوني لمحضر التمييز:
من خلال مطالعة ما تقدم في هذا التعليق يظهر ان تحرير او كتابة محضر التمييز اذا تم بناء على التراضي بين اطرافه فان محضر التمييز عبارة عن اثبات لما تم الاتفاق عليه بين الورثة او الشركاء المتقاسمين على تحديد وفرز وفصل نصيب كل واحد منهم من الارض المشتركة او الشائعة بينهم، وفي هذه الحالة ليس هناك بين الورثة او الشركاء نزاعاً قائماً بالفعل ، ولكن قيامهم بتمييز نصيب كل منهم في الارض الشائعة يهدف الى توقي اي نزاع محتمل قد يقع بينهم في المستقبل بسبب عدم معرفة كل منهم نصيبه ، وعلى هذا الاساس فان محضر التمييز في هذه الحالة يكون عقد صلح وفقاً للمادة (668) من القانون المدني التي نصت على ان عقد الصلح هو الذي يتم بين الخصوم لحسم نزاع قائم او توقي نزاع محتمل في المستقبل.
اما اذا كان الغرض من تحرير محضر التمييز هو حسم النزاع القائم بين الجيران في الاراضي المتلاصقة بشان الحدود الفاصلة بينها او كان الغرض من تحرير المحضر هو حسم النزاع القائم بين المشتري لجزء من الارض التي تحت يد البائع فان النزاع في هذه الحالة ليس محتملاً بل قائم بالفعل ، ولذلك فان القصد من تحرير محضر التمييز هو الفصل في نزاع قائم بالفعل بين الخصوم مما يجعل المحضر في هذه الحالة عقد صلح وفقاً للمادة (668) مدني ، لان محضر التمييز قد حسم النزاع القائم بالفعل بين الخصوم .
اما اذا كان تحرير محضر التمييز قد تم بناء على قرار من المحكمة أو من محكم أو قسام فان المحضر في هذه الحالة يكون تنفيذا للقرار الصادر من القاضي أو المحكم أو القسام ، فيكون المحضر من ضمن اسانيد حكم المحكمة او المحكم ، ويتعلق مصير المحضر بمصير حكم المحكمة او حكم المحكم .
الوجه الرابع :حجية محضر التمييز:
ذكرنا في الوجه السابق ان محضر التمييز إذا تم تحريره بناء على إتفاق فانه عبارة عن عقد صلح بين الاطراف يحسم النزاع القائم بينهم او الوقاية من اي نزاع قد يقع بينهم في المستقبل ، وتبعاً لذلك فان حجية محضر التمييز هي الحجة ذاتها التي يتمتع بها عقد الصلح.
وقد عرفت المادة (668) مدني عقد الصلح بان (الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً او يتواقيان به نزاعاً محتملاً وذلك بتنازل كلاً منهما عن جزء من ادعائه) ، في حين بينت المادة (677) حجية عقد الصلح ، إذ نصت هذه المادة على ان (يحسم الصلح المنازعات التي يتناولها نهائياً)، فيكون عقد الصلح ملزماً لاطرافه بموجب المادة (211) مدني.
ولا يجوز لأطراف عقد الصلح الادعاء ببطلانه بعد مضي ثلاث سنوات على تحرير محضر التمييز ، عملا بالمادة (200) التي نصت على انه (لا تسمع دعوى إبطال العقد او نقضه بعد مضي ثلاث سنوات مع عدم وجود المانع او جهل لسبب البطلان .....الخ).
اما اذا تم إثبات محضر التمييز امام المحكمة اثناء النزاع فان المحضر يصير سنداً تنفيذياً مثله في ذلك مثل الحكم النهائي او البات ، وفقاً كما هو مقرر في المادة (165) من قانون المرافعات اليمني.
اما اذا كان تحرير محضر التمييز قد تم بناء على قرار من المحكمة أو من محكم أو قسام فان المحضر في هذه الحالة يكون تنفيذا للقرار الصادر من القاضي أو المحكم أو القسام ، فيكون المحضر من ضمن اسانيد حكم المحكمة او المحكم ، ويتعلق مصير المحضر بمصير حكم المحكمة او حكم المحكم . (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الاثبات الجزء الثالث، أ.د/ عبد المومن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة، طبعة 2025م صنعاء ، ص182). والله أعلم.