فترة الراحة اليومية للعامل

فترة الراحة اليومية للعامل

فترة الراحة اليومية للعامل

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

نصت الفقرة (4) من المادة (71) من قانون العمل اليمني على أنه (-4- يجب أن تتخلل ساعات العمل الرسمية فترة أو أكثر للراحة بما في ذلك أداء الصلاة وتناول الطعام لا تزيد على ساعة ، ويراعى في تحديد هذه الفترة أن لا تزيد مدة العمل المتواصل على خمس ساعات، ولا تحتسب فترة الراحة من ساعات العمل).

ومن خلال مطالعة هذا النص يظهر أنه وجوبي لأنه قد بدأ بلفظ الوجوب وهو (يجب) ، مما يدل على أن فترة الراحة وجوبية وليست جوازية ، كما أن المخاطب في هذا النص هو صاحب العمل والعامل معاً، كما أن النص السابق حدد وقت الراحة وهو ما لايزيد على ساعة وحدد وقت إستمتاع العامل بفترة الراحة المشار إليها وهو خلال ساعات العمل الرسمي أي فيما بين ساعات العمل اليومي وليس في بدايتها أو نهايتها ، فضلا عن النص السابق قد احاز تجزئة فترة الراحة لاكثر من مرة .

وفترة الراحة المحددة بما لايزيد على ساعة لايتم إحتسابها ضمن ساعات العمل أو الدوام اليومي ، ومعنى ذلك انه يترتب على إستمتاع العامل بفترة الراحة اليومية فترة الراحة إطالة ساعات الدوام اليومي ، ولذلك فان غالبية العمال لايطلب فترة الراحة وبدلا من ذلك يقوم العمال بإستهلاكها واحتسابها من ضمن ساعات العمل اليومي من غير زيادة على ساعات الدوام اليومي.

وتطبيق النص القانوني السابق في الواقع العملي يثير بعض الإشكاليات التي تحتاج إلى تسليط الضوء إليها في هذه المقالة بحسب التبويب الآتي:

الوجه الاول: ماهية فترة الراحة اليومية للعامل:

تعنى فترة الراحة اليومية أن يترك العامل وجوبا عمله اليومي المعتاد المسند إليه للراحة لمدة لاتزيد على ساعة خلال ساعات الدوام اليومي المحددة بثمان ساعات ، ويذهب العامل اثناء فترة أو فترات الراحة لقضاء فترة راحته داخل مقر العمل أو خارجه للخلود إلى الراحة اوالاستلقاء أو للصلاة أو تناول وجبة طعام أو غير ذلك، ولا يشترط أن يقضي العامل فترة الراحة داخل مقر العمل، وفي هذا المعنى نصت الفقرة (4) من المادة (71) من قانون العمل على أنه (-4- يجب أن تتخلل ساعات العمل الرسمية فترة أو أكثر للراحة بما في ذلك أداء الصلاة وتناول الطعام لا تزيد على ساعة ، ويراعى في تحديد هذه الفترة أن لا تزيد مدة العمل المتواصل على خمس ساعات ولا تحتسب فترة الراحة من ساعات العمل).

الوجه الثاني : فترة راحة العامل اليومية واجبة وليست جائزة:

صرح النص القانوني الوارد في الفقرة (4) من المادة (71) عمل أن فترة الراحة واجبة، لأن النص قد بدا بكلمة (يجب) فقد نصت هذه الفقرة على أنه (-4- يجب أن تتخلل ساعات العمل الرسمية فترة أو أكثر للراحة...).

والظاهر من سياق النص ان فترة راحة العامل اليومية مقررة في النص على سبيل الوجوب ، والظاهر أيضا أن المخاطب بالوجوب الوارد في النص هو العامل وصاحب العمل معا ،حسبما هو ظاهر من سياق النص المشار إليه، ومؤدى ذلك أنه يجب على العامل أن يأخذ فترة الراحة ، وبالمقابل فأنه يجب على صاحب العمل أن يمكن العامل من أخذ فترة الراحة المشار إليها.

وبما أن النص القانوني الذي قرر فترة الراحة اليومية يفيد الوجوب فأنه من النظام العام، وتبعاً لذلك لا يجوز للعامل أن يتنازل عن فترة الراحة ، وأيضاً لا يجوز للعامل وصاحب العمل الإتفاق على عدم منح فترة الراحة.

 لأن فكرة النظام العام في النص القانوني تعني أنه مقرر لمصلحة العمال وأصحاب العمل عامة بل لعامة المجتمع وإن كان المستفيد من فترة الراحة هو العامل، وليس غريباً أن تكون فترة الراحة اليومية للعامل من النظام العام ، لأن غالبية نصوص قانون العمل من النظام العام التي لا يجوز للعامل وصاحب العمل الإتفاق على خلافها. (الدفوع المتعلقة بالنظام العام، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص18).

الوجه الثالث : مبررات تقرير فترة راحة العامل اليومية على سبيل الوجوب:

نصت الفقرة (1) من المادة (71) من قانون العمل على أن ساعات العمل اليومية لا يجوز أن تزيد على ثمان ساعات، فساعات العمل اليومية السابق ذكرها طويلة نسبياً يعتري العامل خلالها التعب والإرهاق ،كما قد يحتاج العامل خلال هذه الفترة الطويلة إلى تناول وجبة طعام خلال ساعات الدوام، لأن الفارق بين الوجبة والتي تليها من الناحية الصحية هي ست ساعات ، ولذلك قد يحتاج العامل إلى تناول وجبة طعام أثناء ساعات العمل اليومية.

الوجه الرابع: مدة فترة الراحة ووقت إستمتاع العامل بها:

نصت الفقرة (4) من المادة (71) من قانون العمل على أنه (-4- يجب أن تتخلل ساعات العمل الرسمية فترة أو أكثر للراحة بما في ذلك أداء الصلاة وتناول الطعام لا تزيد على ساعة ، ويراعى في تحديد هذه الفترة أن لا تزيد مدة العمل المتواصل على خمس ساعات ولا تحتسب فترة الراحة من ساعات العمل).

حسبما ورد في الفقرة (4) من المادة (71) من قانون العمل فإن فترة الراحة هي ساعة فقط، وقد حدد النص القانوني وقت إستمتاع العامل بفترة الراحة ، فوقت الاستمتاع بفترة الراحة هو خلال ساعات العمل.

ووفقا للنص القانوني السابق فان العامل يتمتع بفترة الراحة أو ساعة الراحة خلال ساعات الدوام وليس في بداية الدوام أو نهايته، لأن النص صرح بأن فترة الراحة تتخلل ساعات العمل، فليس من التخلل أن تكون فترة الراحة في بداية ساعات العمل أو نهايتها،

الوجه الخامس: مدى جواز تجزئة فترة الراحة:

 صرحت الفقرة (4) من المادة (71)من قانون العمل ان فترة راحة العامل اليومية (لا تزيد على ساعة) ، وصرحت الفقرة ذاتها بجواز تجزئة الساعة المحددة للراحة فتكون للراحة اكثر من فترة خلال ساعات الدوام ، وهذا طاهر من جملة (فترة أو اكثر ) الواردة في الفقرة التي نصت على أنه (-4- يجب أن تتخلل ساعات العمل الرسمية فترة أو أكثر للراحة).

ومن خلال الرجوع إلى النص القانوني السابق يظهر أنه قد حدد فترة الراحة بساعة تكون خلال او تتخلل ساعات العمل اليومية وأنه لا يجوز أن تتواصل ساعات العمل اليومي أكثر من خمس ساعات متواصلة من غير ان تتخللها فترة راحة ، كما أن النص السابق صرح بانه يجوز ان تكون ساعة الراحة فترة أو اكثر، مما يدل على أنه من الجائز قانوناً تجزئة فترة الراحة أو ساعة الراحة، فيحق للعامل مثلاً أن يأخذ نصف ساعة لتناول وجبة طعام مثلاً ونصف ساعة لصلاة الظهر، والظاهر أن النص السابق قد صرح بجواز تجزئة ساعات الراحة إلى اجزاء عدة ، فقد وردت في النص عبارة (فترة أو أكثر) ، بمعنى أنه يجوز أن تكون لراحة العمل أكثر من فترة شريطة أن لا تزيد مدة فترات الراحة عن ساعة في اليوم ،زحسبما ورد في النص المشار إليه. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في المسائل العمالية، أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين، ص115).

الوجه السادس: عدم إحتساب فترة الراحة اليومية من ضمن ساعات العمل اليومي:

صرحت الفقرة (4) من المادة (71) عمل في نهايتها صرحت بأنه (لا تحتسب فترة الراحة من ساعات العمل) ، حسبما ورد في النص المشار إليه، ومؤدى ذلك أن العامل يظل ملزماً بالعمل ثمان ساعات كاملة إذا كانت ساعات العمل المتفق عليها أو المقررة في المنشأة هكذا، فلا تخصم فترة الراحة من ساعات العمل بل على العكس فيتم إضافة فترة الراحة إلى ساعات العمل اليومية، ولذلك فانه يترتب على إستمتاع العامل بفترة الراحة زيادة مدة بقائه في مقر العمل، ولأن فترة الراحة لا تخصم من ساعات العمل ويترتب عليها زيادة ساعات دوام العامل وبقائه في مقر العمل، لذلك فإن غالبية العمال لا يطالبوا بفترة الراحة رسمياً، وإنما يتمتعوا بها من غير طلب، فإذا أراد العامل الصلاة أو أراد تناول وجبة فأنه يفعل ذلك خارج مفهوم فترة الراحة اليومية السابق ذكرها. (محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل، أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين، ص47).

 الوجه السابع: فترة إستراحة الموظف في قانون الخدمة المدنية اليمني :

نصت المادة (92) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، على انه (يجوز لرئيس الوحدة الادارية وفقا لما تقتضيه مصلحة العمل وطبيعته تحديد مايلي :-ا- فترة إستراحة لاتزيد عن نصف ساعة في الأعمال ذات الدوام الواحد الذي لاتقل مدته عن سبع ساعات -ب- فترة إستراحة لاتقل عن ساعة ولاتزيد عن ساعتين في الأعمال ذات الدوامين، وفي كلا الحالتين لاتحتسب فترة الاستراحة من ساعات العمل).

ومن خلال مطالعة النص القانوني السابق يظهر الفرق بين فترة راحة العامل وفترة إستراحة الموظف ، ومن أهم هذه الفروق ان فترة إستراحة الموظف جوازية تخضع للسلطة التقديرية للوحدة الادارية بإعتبارها المخاطبة بالنص بخلاف فترة راحة العامل، والله أعلم.