![]() |
العربية لغة العلاقة العمالية |
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
نصت المادة (10) من قانون العمل اليمني على أن (تعتبر اللغة العربية هي اللغة المعتمدة في جميع علاقات العمل وسجلاته ووثائقه، ولا يجوز الإحتجاج في مواجهة العامل بأي مستند محرر بلغة أجنبية ولو كان موثقاً بتوقيع العامل، وعندما يكون المستند محرراً باللغة العربية ولغة أجنبية فإن المستند المحرر باللغة العربية هو وحده الأساس في التفسير والتطبيق).
وقد اشترط النص القانوني السابق أن يتم إستعمال اللغة العربية في كتابة وتحرير كافة العقود والمكاتبات والمراسلات المتبادلة فيما بين العامل وصاحب العمل بشان علاقة العمل القائمة بينهما ،كما اشترط النص ان يتم إستعمال اللغة العربية في كتابة وتحرير السجلات والملفات التي يحتفظ بها صاحب العمل المتعلقة بعلاقة العمل القائمة بين الطرفين .
فالخلاصة أنه : يجب أن تكون محررة باللغة العربية كافة العقود والسجلات والمحررات والوثائق المتعلقة بالعلاقة القائمة بين العامل وصاحب العمل ، حسبما ورد في النص القانوني السابق.
وقد اشترط القانون أن يتم التحرير والكتابة باللغة العربية لكافة العقود والوثائق والسجلات والمكاتبات المتعلقة بعلاقة العامل بصاحب العمل، وذلك حتى يسهل على كافة العمال إدراك وفهم مضمون المحررات التي تنظم أعمالهم أو حقوقهم وواجباتهم، لان غالبية العمال في اليمن لا يتقنوا غير اللغة العربية، وحتى لا يتفاوت فهم المحرر بلغة أجنبية من شخص إلى آخر، والأهم من هذا وذاك أن الدستور اليمني قد صرح بأن اللغة الرسمية للدولة هى اللغة العربية ، وكذا صرح قانون السلطة القضائية بأن لغة التقاضي أمام المحاكم اليمنية هي اللغة العربية، وبموجب ذلك يجب على الخصوم عند الإحتجاج بالمحررات بلغة أجنبية أمام القضاء اليمني أن يقوموا بترجمتها ترجمة معتمدة حتى يمكن الإحتجاج بها أمام القضاء اليمني ، ويستثنى من هذا الحكم العامل في مواجهة صاحب العمل ، فلايجوز الإحتجاج بالمستند المحرر بلغة اجنبية في مواجهة العامل حتى لو تمت ترجمته إلى اللغة العربية حسبما سياتي بيانه، اما العامل فيجوز له الإحتجاج بالمستند المحرر بلغة اجنبية في مواجهة صاحب العمل وفقا النص السابق.
ونص المادة (10) من قانون العمل السابق ذكره عام يشمل كل العمال في اليمن بمن فيهم العمال الاجانب في اليمن.
وعمومية هذا تحتم ان يتم إستعمال اللغة العربية عند تحرير كل عقود العمل والأدلة واللوائح والنظم والتعليمات والمراسلات والمكاتبات والسجلات سواء اكانت السجلات والمكاتبات والوثائق والادلة ورقية أم الكترونية.
ويثير هذا الموضوع إشكالية بالنسبة للشركات الأجنبية العاملة في اليمن، وكذا الشركات اليمنية التي حلت في أعمالها محل الشركات الأجنبية وظلت تستعمل اللغة الأجنبية في كافة اعمالها بما في ذلك الأعمال ذات الصلة بالعلاقة العمالية بين هذه الشركات وعمالها.
وسوف نستعرض هذا الموضوع في هذه المقالة على النحو الآتي:
الوجه الأول: عمومية نص المادة (10) تفيد بأن يتم إستعمال اللغة العربية في تحرير كافة العقود والمستندات والوثائق والسجلات والادلة والتعليمات التي تتعلق بعلاقة العامل:
وفي هذا الشان نصت المادة (10) من قانون العمل اليمني على أن (تعتبر اللغة العربية هي اللغة المعتمدة في جميع علاقات العمل وسجلاته ووثائقه، ولا يجوز الإحتجاج في مواجهة العامل بأي مستند محرر بلغة أجنبية ولو كان موثقاً بتوقيع العامل، وعندما يكون المستند محرراً باللغة العربية ولغة أجنبية فإن المستند المحرر باللغة العربية هو وحده الأساس في التفسير والتطبيق).
ومن خلال مطالعة النص القانوني السابق يظهر أن هذا النص قد جاء بصيغة العموم، ومعنى ذلك أنه يجب أن يتم إستعمال اللغة العربية عند كتابة أو طباعة كافة العقود والادلة والمستندات والسجلات والمراسلات والتعليمات المتعلقة بعلاقة العمل التي تنشأ بين العامل وصاحب العمل، فكل المستندات والوثائق والتعليمات والادلة واللوائح والنظم المتعلقة بعلاقة العمل بين العامل وصاحب العلم يجب أن تكون محررة باللغة العربية وفقا للنص القانوني السابق، فلم يستثن النص السابق أية مستندات أو معاملات أو وثائق، ولذلك يجب إستعمال اللغة العربية في كتابة أو طباعة العقود والأدلة والنظم واللوائح والتعليمات والمنشورات والتعليمات التي تنظم علاقة العامل وصاحب العمل ، كما ينبغي إستعمال اللغة العربية في كافة السجلات والمراسلات، بل يجب وفقاً للنص السابق إستعمال اللغة العربية في التوجيهات والتعليمات الشفهية.
وعملاً بصيغة العموم التي تضمنها النص السابق فيجب إستعمال اللغة العربية في الأدلة واللوائح والنظم والتعليمات والمراسلات والسجلات سواءً أكانت ورقية أم الكترونية.
الوجه الثاني: عدم حجية المحرر بغير اللغة العربية مطلقاً في مواجهة العامل وجواز إحتجاج العامل به :
صرحت المادة (10) من قانون العمل بأنه (لا يجوز الإحتجاج في مواجهة العامل بأي مستند محرر بلغة أجنبية ولو كان المحرر موثقاً بتوقيع العامل) ، حسبما ورد في المادة (10) السابق ذكرها، لأن النص القانوني السابق قد افترض أن العامل لم يفهم المستند المحرر بلغة أجنبية حين توقيع العامل على المحرر حتى لو كان العامل قد قام بالتوقيع على المحرر أو أقر العامل بتوقيعه على المحرر، ولكنه تمسك بأنه لم يكن يفهم فهماً تاماً ما ورد في المستند المحرر بلغة أجنبية، وإذا كان النص القانوني السابق قد صرح بعدم جواز الإحتجاج في مواجهة العامل بالمستند الذي قام العامل بالتوقيع عليه طالما أنه محرر بلغة أجنبية فأنه من باب أولى لا يجوز الإحتجاج في مواجهة العامل بالمستند المحرر بلغة أجنبية إذا لم يكن العامل قد قام بالتوقيع عليه.
اما العامل فيجوز له الإحتجاج بالمستند المحرر بلغة اجنبية في مواجهة صاحب العمل.
الوجه الثالث: مدى حجية المستند المحرر باللغة العربية على العامل بعد ترجمته:
نصت المادة (2) من قانون السلطة القضائية اليمني على أن (لغة المحاكم هي اللغة العربية) ، وطبقاً لهذا النص فإنه يجب أن تكون مذكرات الخصوم وادلتهم وتقارير الخبراء العدول أمام القضاء يجب أن تكون محررة باللغة العربية ، ويجب أن تتم المرافعة الشفهية أمام المحاكم اليمنية باللغة العربية، كما يجب أن تكون المحررات التي يستدل بها الخصوم أمام القضاء باللغة العربية ، فإذا كانت محررة بلغة غير العربية فأنه يجب ترجمتها من قبل جهة معتمدة إلى اللغة العربية حتى يمكن الإستدلال بها أمام المحاكم اليمنية ، حسبما هو متبع في المحاكم اليمنية، وبناءً على ذلك فإن المستند المحرر بغير اللغة العربية يتم الإستدلال به بعد ترجمته إلى العربية حسبما هو معروف.
بيد أن هذا الأمر لا يتم العمل به بالنسبة للمستندات المحررة بلغة أجنبية في مواجهة العامل حتى لو تمت ترجمتها إلى اللغة العربية طالما أن العامل غير مقر بما ورد في المستند المحرر بغير اللغة العربية حتى لو كان العامل قد سبق له ان قام بالتوقيع على المستند المحرر بغير العربية، لأن المادة (10) من قانون العمل اليمني قد نصت صراحة على إنه (لا يجوز الإحتجاج في مواجهة العامل بأي محرر بلغة أجنبية ولو كان موقعاً بتوقيع العامل)،فصيغة هذا النص عامة ومطلقة لاتفرق بين المستند المحرر بلغة اجنبية قبل ترجمته أو بعد ترجمته.
الوجه الرابع: الحكمة من عدم جواز الإحتجاج بالمستند المحرر بلغة اجنبية بعد ترجمته بالنسبة للعامل :
الحكمة من عدم جواز الإحتجاج بالمستند المحرر بلغة اجنبية بعد ترجمته بالنسبة للعامل هو ان المادة (10)عمل السابق ذكرها قد صرحت بعدم جواز الإحتجاج بالمستند المحرر بلغة اجنبية مطلقا سواء تمت ترجمته أو لم تتم ترجمته ، فمنع الإحتجاج ورد في النص مطلقا حتى لو كان العامل قد قام بالتوقيع على المحرر، لان النص القانوني الوارد في المادة (10) قد افترض ان العامل حين التوقيع على المحرر بلغة اجنبية لم يكن يفهم مضمون المحرر بلغة اجنبية ، وانه لم يكن له امامه من خيار إلا التوقيع على المستند المحرر بلغة اجنبية.(التعليق على أحكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثاني، أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة، طبعة 2024صنعاء ، ص193).
الوجه الخامس: حجية كشوف الحساب المحررة بارقام غير عربية:
من ضمن المسائل التي تثار امام القضاء عند النزاع بين صاحب العمل والعامل مدى صحة الاحتجاج بالارقام الواردة في كشوفات الحساب المكتوبة بارقام 1-2-3-4على أساس ان هذه الارقام غير عربية وانه لايجوز الإحتجاج بها في مواجهة العامل وفقا للمادة (10)من قانون العمل التي تضمنت النص على أنه (لايجوز الإحتجاج في مواجهة العامل بأي محرر بلغة أجنبية ولو كان موقعاً بتوقيع العام )، في حين ان الأرقام 1-2-3-4 هي الأرقام العربية الحقيقية، أما الأرقام التي تكتب هكذا (1-2-3-4)فهي ارقام هندية حسبما هو معروف ، وبناء على فان القضاء في اليمن لايعتبر كتابة الأرقام (1-2-3-4) كتابة غير عربية ، . (التعليق على أحكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثاني، أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة، طبعة 2024 صنعاء ، ص193).
الوجه السادس : كتابة المستند باللغة العربية وغيرها:
كانت الشركات الأجنبية العاملة في اليمن تستعمل لغاتها الاجنبية سيما اللغة الانكليزية، وعندما حلت محلها الشركات اليمنية ظلت الشركات الوطنية تستعمل اللغة الانكليزية ، الا ان مستشاريها القانونين اليمنيين قدموا لها النصح والمشورة بوجوب العمل بموجب النص الدستوري الذي يقرر ان اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة وكذا المادة (10) من قانون العمل التي نصت على أن (تعتبر اللغة العربية هي اللغة المعتمدة في جميع علاقات العمل وسجلاته ووثائقه، ولا يجوز الإحتجاج في مواجهة العامل بأي مستند محرر بلغة أجنبية ولو كان موثقاً بتوقيع العامل، وعندما يكون المستند محرراً باللغة العربية ولغة أجنبية فإن المستند المحرر باللغة العربية هو وحده الأساس في التفسير والتطبيق)، وللتوفيق بين النصين الدستوري والقانوني وما جرت عليه العادة في هذه الشركات التي اعتادت إستعمال اللغة الانكليزية في تعاملاتها مع عمالها فان هذه الشركات قد اتبعت في كتابة مستنداتها الخاصة بتعاملها مع عمالها نظام استعمال اللغتين أي إستعمال اللغة العربية وقرينها اللغة الانكليزية ، اذ يتضمن المحرر أو المستند النصين العربي في الجانب الأيمن من المحرر والانكليزي في الجانب الايسر ،وقد حددت المادة (10) من قانون العمل حجية المستند المحرر باللغتين فقد نصت هذه المادة على انه (وعندما يكون المستند محرراً باللغة العربية ولغة أجنبية فإن المستند المحرر باللغة العربية هو وحده الأساس في التفسير والتطبيق).
ومفاد هذا النص ان ماورد في اللغة العربية هو الاساس في تطبيق ماورد في المحرر وتفسيره ، ولذلك يحرص المستشار القانوني في هذه الحالة في الاشراف على سلامة ماورد باللغة العربية ، لأنه الاساس حسبما ورد في المادة (10) السابق ذكرها ، وكذا يقوم المستشار القانوني بالاشراف المباشر على ترجمة النص العربي إلى الانكليزية وليس العكس ، لأن النص العربي هو الاساس ، ويشرف المستشار على عملية الترجمة حتى تكون الترجمة بلغة قانونية وليست ترجمة حرفية كي يكون النصان متطابقان (مهارات الصياغة القانونية، أ.د.عبد المؤمن شجاع الدين ،مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء، طبعة 2019م، ص 49).
الوجه السابع : لغة العقود باليمن :
بموجب النص الدستوري الذي يقرر ان اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة في اليمن ، وكذا المادة (10) من قانون العمل التي نصت على أن (تعتبر اللغة العربية هي اللغة المعتمدة في جميع علاقات العمل وسجلاته ووثائقه، ولا يجوز الإحتجاج في مواجهة العامل بأي مستند محرر بلغة أجنبية ولو كان موثقاً بتوقيع العامل، وعندما يكون المستند محرراً باللغة العربية ولغة أجنبية فإن المستند المحرر باللغة العربية هو وحده الأساس في التفسير والتطبيق)، وإستنادا الى النصين السابقين فانه من الواجب ان يتم تحرير أو كتابة العقود في اليمن باللغة العربية حتى لوكان العامل اجنبيا، لأن النصين السابقين لم يفرقا بين العامل اليمني وغيره ، فالنص المشار اليه يشمل الجميع. (محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل اليمني ، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، ص37) ، والله اعلم.