تحمل صاحب العمل تبعة عدم التأمين على العامل

تحمل صاحب العمل تبعة عدم التأمين على العامل

تحمل صاحب العمل تبعة عدم التأمين على العامل

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

نصت المادة (121) من قانون العمل اليمني على أن (يتحمل صاحب العمل مالم يكن مؤمناً المسئولية المادية طبقاً لهذا القانون وقانون التأمينات الإجتماعية لما يلحق العامل من أمراض مهنية أو إصابات أثناء تأدية العمل أو بسببه).

 ومعنى ذلك أن صاحب العمل إذا لم يقم بالتأمين الإجتماعي على العامل لدى المؤسسة العامة للتأمينات فإن صاحب العمل يتحمل كافة الإلتزامات المالية المقررة في قانون التأمينات الإجتماعية وفي قانون العمل إذا تعرض العامل لإصابة العمل أو الأمراض المهنية.

 إضافة إلى أن العامل يستحق مكافأة نهاية خدمة بواقع مرتب شهر على الأقل عن كل سنة من سنوات الخدمة إذا لم يقم صاحب العمل بالتامين عليه لدى مؤسسة التامينات الاجتماعية، عملاً بالفقرة (2) من المادة (120) من قانون العمل التي نصت على إنه (إذا لم يكن العامل مشمولاً بأحكام قانون التأمينات الإجتماعية أو أي نظام خاص به وفقاً لأحكام الفقرة السابقة استحق من صاحب العمل مكافأة نهاية الخدمة بواقع مرتب شهر على الأقل عن كل سنة من سنوات الخدمة، وتحتسب هذه المكافأة على أساس أجر آخر شهر تقاضاه العامل)، والتزام صاحب العمل بدفع مرتب شهر عن كل سنة خدمة التزام مستقل عن التزامه بتحمل كافة الحقوق التامينية المقررة في قانون التامينات الاجتماعية في حالة إصابة العمل أو المرض المدني، فمكافاة نهاية الخدمة المشار إليها تكون في حالة انتهاء خدمة العامل بغير إصابة عمل.

وقد صرح قانون العمل بتحمل صاحب العمل كافة التبعات والمسئوليات المترتبة على عدم قيامه بالتأمين الإجتماعي على عماله، لأن التأمين الإجتماعي على العمال إلزامي أي ملزم لصاحب العمل بموجب قانون التأمينات الإجتماعية.

ولأهمية هذا الموضوع فسوف نشير إليه في هذه المقالة على النحو الآتي:

الوجه الأول: التأمين الإجتماعي ملزم لصاحب العمل:

نصت المادة (9) من قانون التأمينات الإجتماعية اليمني على أن (يكون التأمين في مؤسسة التأمينات إلزامياً بالنسبة لأصحاب الأعمال والعمال الذين تسري عليهم أحكام هذا القانون...إلخ)، وصاحب العمل في هذا النص هو: (كل شخص طبيعي أو إعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر) ، حسبما ورد في المادة (3) من قانون التأمينات.

ولأن التأمين إلزامياً بالنسبة لصاحب العمل، فأنه يجب على صاحب العمل الإشتراك في التأمين الإجتماعي والتأمين على عماله ، ويجب عليه أن يسدد الإشتراكات التأمينية خلال خمسة عشر يوماً من اليوم الأول للشهر الثاني، فإذا لم يقم بالسداد خلال هذه الفترة فأنه يتحمل غرامة تأخير قدرها 4% من المبالغ الملزم بأدائها عن كل شهر أو جزء من الشهر يتأخر فيه عن السداد وبما لا يتجاوز مبلغ الإشتراكات المستحقة، حسبما ورد في المادة (24) من قانون التأمينات، إضافة إلى غرامة التأخير المشار إليه، فقد نصت المادة (100) من قانون التأمينات على أن (يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرين ألف ريالاً ولا تزيد عن خمسين ألف ريالاً كل صاحب عمل لم يقم بالتأمين على أي عامل لديه أو سدد عنه الإشتراكات بأجر غير حقيقي).

 وعلى أساس هذه النصوص القانونية فإن التأمين الإجتماعي على العمال ملزم لصاحب العمل وواجب قانوني يجب عليه القيام به.

الوجه الثاني: مسئولية صاحب العمل عن عدم التأمين على عماله أو بعضهم:

سبق أن ذكرنا في الوجه الأول أن قانون التأمينات الإجتماعية قد جعل التأمين الإجتماعي على العمال ملزم لصاحب العمل وأن القانون ذاته قد قرر غرامة التأخير والعقوبة على صاحب العمل إذا لم يقم بالتأمين على عماله، وبما أن صاحب العمل قد خالف القانون بعدم التأمين على عماله ،، وبما ان قانون العمل قد صرح : بأن العامل في هذه الحالة يستحق الحقوق المقررة في قانون التأمينات إذا حدثت للعامل غير المؤمن عليه إصابة عمل أو مرض مهني ، كما صرح قانون العمل بأن العامل غير المؤمن يستحق مكافأة نهاية خدمة قدرها راتب شهر عن كل سنة خدمة يتم إحتسابها على أساس الأجر الأخير الذي كان يتقاضاه العامل غير المؤمن عليه أي إحتساب مكافأة نهاية الخدمة لكل سنوات الخدمة على أساس اخر اجر تقاضاه العامل من صاحب العمل .

وبما ان قانون التامينات الاجتماعية قد حدد حقوق العامل المصاب بإصابة عمل باعتبارها حقوق قانونية ملزمة ، لذلك كله فانه يجب على صاحب العمل أن يدفع من حسابه الخاص كافة الحقوق التامينية المقررة للعامل المصاب الذي لم يقم صاحب العمل بالتامين عليه وحرمانه من حقوقه التامينية المقررة بموجب قانون التامينات الاجتماعية. (محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص42).

الوجه الثالث: تحمل صاحب العمل تكاليف وتعويضات إصابة العمل بالنسبة للعامل الذي لم يقم بالتأمين عليه:

إصابة العمل هي: (الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة في الجدول رقم (1) الملحق بهذا القانون، والإصابة نتيجة حادث بسبب العمل أو أثناء تأديتيه، ويكون بحكم ذلك كل حادث وقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل أو إلى أي مكان حدد له صاحب العمل أو عودته منه أياً كانت وسيلة المواصلات غير الممنوعة بشرط أن يسلك الطريق الطبيعي دون توقف أو تخلف أو إنحراف مالم يكن ذلك بغير إرادته) ، حسبما ورد في المادة (3) من قانون التأمينات الإجتماعية.

ومن خلال ما ورد في تعريف قانون التامينات الاجتماعية لإصابة العمل يظهر أن مفهوم إصابة العمل يشمل الأمراض المهنية التي تحدث للعامل التي بسبب المهنة التي يقوم بها العامل لحساب صاحب العمل أو الحوادث التي يتعرض لها العامل عند ذهابه إلى العمل أو عودته من العمل أو الحوادث التي تقع له بسبب العمل.

وقد حدد قانون التأمينات الإجتماعية في (الباب الثالث) حقوق العامل المصاب بإصابة العمل ، وذلك في المواد (من 36 حتى نهاية 44)، ويمكن تلخيص الحقوق التامينية العامل المصاب المقررة في قانون التامينات الاجتماعية على الوجه الآتي:

1- عند إصابة العامل فأنه يجب علاجه ورعايته طبياً ودفع مصاريف الإنتقال حتى يشفى أو يثبت عجزه، ويصرف للعامل المصاب في هذه أالحالة تعويض العجز المؤقت، فإذا ظهر بعد ذلك أن عجزه كلي مستديم فأنه يستحق معاشاً شهرياً يعادل (100%) من متوسط أجر الإشتراك الشهري خلال (24) شهراً الأخيرة أو متوسط أجره مدة الإشتراك إن قلت عن ذلك بما لا يتجاوز الحد الأقصى للمعاش المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة (19) من قانون التأمينات.

2- أما إذا نجم عن إصابة العمل عجز جزئي مستديم نسبته (30%) فأكثر فإن العامل المصاب يستحق معاشاً شهرياً يقدر على أساس نسبة ذلك العجز من معاش العجز الكلي المستديم السابق ذكره في الفقرة السابقة.

3- إذا نجم عن الإصابة عجز جزئي مستديم تقل نسبته عن (30%) استحق العامل المصاب تعويضاً نقدياً دفعة واحدة يعادل نسبة ذلك العجز من معاش العجز الكلي المستديم عن (38) شهراً.

4- إذا أدت الإصابة إلى وفاة المصاب تصرف مؤسسة التأمينات للمستحقين عنه معاشاً شهرياً يعادل (100%) من متوسط أجر الإشتراك الشهري خلال (24) شهراً الأخيرة أو متوسط أجر مدة الإشتراك إن قلت عن ذلك وبما لا يتجاوز الحد الأقصى للمعاش المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة (19) من قانون التأمينات.

وبما أن الحقوق التأمينية السابق ذكرها مقررة بموجب قانون التأمينات الاجتماعية وملزمة على النحو السابق بيانه لذلك فأنه يجب على صاحب العمل الذي لم يقم بالتأمين على العامل المصاب بإصابة عمل أن يدفع كافة الحقوق المشار إليها فيما سبق ، وذلك من حسابه الخاص طالما أنه لم يقم بالتأمين على العامل وترتب ذلك حرمان العامل المصاب من الحصول على حقوقه عند إصابة العمل المقررة بموجب قانون التامينات الاجتماعية.

لأن صاحب العمل لو قام بالتأمين الاجتماعي على العامل المصاب لحصل العامل على تلك الحقوق من مؤسسة التأمينات، وفي هذا المعنى نصت المادة (121) من قانون العمل على أن (يتحمل صاحب العمل مالم يكن مؤمناً المسئولية المادية طبقاً لهذا القانون وقانون التأمينات الإجتماعية لما يلحق العامل من أمراض مهنية أو إصابات أثناء تأدية العمل أو بسببه).

الوجه الرابع: إستحقاق العامل غير المؤمن عليه لمكافأة نهاية الخدمة لا يعني عدم مسئولية صاحب العمل عن التعويضات والمعاشات والتكاليف المنصوص عليها في قانون العمل عند إصابة العامل بإصابة عمل:

نصت الفقرة (2) من المادة (120) من قانون العمل على إنه (إذا لم يكن العامل مشمولاً بأحكام قانون التأمينات الإجتماعية أو أي نظام خاص به وفقاً لأحكام الفقرة السابقة استحق العامل من صاحب العمل مكافأة نهاية الخدمة بواقع مرتب شهر على الأقل عن كل سنة من سنوات الخدمة، وتحتسب هذه المكافأة على أساس أجر آخر شهر تقاضاه العامل).

 والتزام صاحب العمل بدفع مرتب شهر عن كل سنة خدمة للعامل التزام مستقل عن التزامه بتحمل كافة الحقوق التامينية المقررة في قانون التامينات الاجتماعية في حالة إصابة العمل أو المرض المدني.

لأن ما ورد في الفقرة (2) السابق ذكرها بشأن مكافأة نهاية الخدمة عبارة عن بديل للمعاش التقاعدي للعامل إذا لم يقم صاحب العمل بالتأمين على العامل، فهذا النص خاص بالحالة التي لا يتعرض فيها العامل غير المؤمن عليه لإصابة عمل ، أما إذا تعرض العامل لإصابة عمل فأنه يستحق الحقوق التأمينية المقررة في قانون التأمينات لإصابة العمل التي سبقت الإشارة إليها في الوجه السابق.

فمكافاة نهاية الخدمة المشار إليها تكون في حالة انتهاء خدمة العامل بغير إصابة عمل. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثاني، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة، طبعة 2025م صنعاء، ص148)، والله اعلم.