معنى تقصير العامل وإهماله

معنى تقصير العامل وإهماله

معنى تقصير العامل وإهماله

نصت المادة (99) من قانون العمل اليمني على أن (يستحق صاحب العمل من العمال فرادى وجماعات بعد ثبوت المسئولية تعويضاً عن أي أضرار في وسائل العمل والإنتاج الناشئة عن تقصير أو إهمال من قبل العمال شريطة أن يبلغ الوزارة أو مكتبها المختص والجهات المعنية بذلك الضرر خلال ثمانية واربعين ساعة من وقت علم صاحب العمل بوقوعه).

فقد ورد مصطلح ( التقصير والإهمال ) في النص القانوني السابق مجملاً يحتاج إلى بيان وإيضاح ، سيما أن الأثار والمسئوليات المترتبة على تقصير العامل وإهماله بالغة الخطورة ومنها: إلزام العامل أو العمال بتعويض صاحب العمل عن الأضرار التي تلحق بوسائل العمل والإنتاج المملوكة لصاحب العمل بسبب الإهمال والتقصير، فضلاً عن المسائلة التأديبية للعامل المقصر أو المهمل بإعتبار التقصير والإهمال إخلالًا من العامل بواجباته وإلتزاماته العقدية والقانونية التي توجب عليه المحافظة على وسائل العمل والإنتاج في المنشأة التي يعمل فيها العامل.

والواقع العملي يشهد أن هناك نزاعات كثيرة بين العمال واصحاب العمل بشأن تطبيق النص القانوني السابق سيما معنى تقصير العامل وإهماله الذي يتسبب في الإضرار بوسائل العمل والإنتاج.

ولذلك فقد عزمنا على الإشارة إلى هذا الموضوع في هذه المقالة ، وعلى النحو الاتي:

الوجه الأول: ماهية التقصير وماهية الإهمال:

من خلال الرجوع إلى معجمات اللغة ومعاني المصطلحات القانونية يظهر أن معنى التقصير يختلف عن معنى الإهمال وبيان ذلك فيما يأتي:

1- التقصير: قيام العامل بأداء عمله وعدم التزامه أثناء عمله ببعض التعليمات أو الإجراءات المنظمة للعمل ، أي أن العامل المقصر أثناء قيامه بالعمل قد ألتزم ببعض التعليمات والإجراءات ولكنه لم يلتزم ببعض الإجراءات والتعليمات الاخرى الخاصة بالعمل مما يتسبب بالإضرار في وسائل العمل والإنتاج بسبب عدم إلتزامه.

2- معنى الإهمال: ترك العامل عند قيامه بالعمل للتعليمات والإجراءات الواجب عليه الإلتزام بها في أداء عمله مما يتسبب في الإضرار بوسائل العمل والانتاج.

ومن خلال مطالعة معنى تقصير العامل ومعنى إهماله يظهر أن الإهمال أكثر خطورة من التقصير، لأن التقصير يدل على أن العامل قد ألتزم ببعض تعليمات وإجراءات العمل ولكنه لم يلتزم ببعضها الأخر .

 أما الإهمال فأنه يدل على أن العامل لم يلتزم قط بأي من الإجراءات والتعليمات التي كان يجب عليه إتباعها في عمله.

ومع إختلاف معنى التقصير عن معنى الإهمال على النحو السابق بيانه إلا أن محلهما واحد وهو عدم الإلتزام بالإجراءات والتعليمات الخاصة بالعمل، فالعامل المهمل لم يلتزم بالتعليمات كلها والمقصر أتبع بعض التعليمات وترك بعضها الأخر.

كما أن الجامع المشترك بين الإهمال والتقصير في نص المادة (99) عمل هو أن كلاهما يتسبب في الإضرار بوسائل العمل والإنتاج.(التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثاني، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة ٢٠٢٤م صنعاء ، ص ٦٧).

الوجه الثاني: وجوب إلتزام العامل أثناء عمله بالإجراءات والتعليمات الخاصة بالعمل:

تحرص الشركات والمؤسسات والمحلات التجارية على تنظيم وبيان كيفية أداء الأعمال المختلفة في المنشأة تنظيما تفصيليا وإجرائيا دقيقا وبطريقة مبسطة وسهلة عن طريق الأدلة واللوائح المختلفة النافذة في المنشأة مثل دليل سياسات وإجراءات الموارد البشرية ودليل سياسات وإجراءات المخازن والمستودعات ودليل سياسات وإجراءات المبيعات....الخ.

كما أن عقد العمل يتضمن بنداً ينص على وجوب إلتزام العامل بتنفيذ الأعمال المسندة إليه وفقاً للأدلة والأنظمة النافذة.

إضافة إلى أن المادة (90) من قانون العمل قد نصت في الفقرة (1) فيها على أنه يجب على العامل (الإلتزام بتوجيهات وتعليمات صاحب العمل أو من ينوب عنه أو رئيسه في العمل).

كما نصت الفقرة (3) من المادة المشار إليها على أن يجب على العامل (التقيد بنظام العمل وقواعده وضوابطه).

الوجه الثالث: إلتزام العامل بالمحافظة على وسائل العمل والإنتاج:

معنى محافظة العامل على وسائل العمل والإنتاج: أنه يجب على العامل إتخاذ كافة الإجراءات والتدابير والإحتياطات اللازمة لمنع أي ضرر أو خطر قد يحدق بوسائل العمل والإنتاج، ومن ضمن هذه الإجراءات والإحتياطات أن يلتزم العامل ويتقيد بكافة التعليمات والأدلة والأنظمة النافذة في المؤسسة المنظمة للعمل الذي يقوم به العامل، لأن من اهم أهداف تلك الأنظمة والتعليمات المحافظة على وسائل العمل والإنتاج.

 إذ تتضمن غالبية عقود العمل إن لم تكن كلها بنداً ينص على أن العامل ملزم بالمحافظة على وسائل العمل والإنتاج في المنشأة التي يعمل بها، حتى في حالة عدم النص في عقد العمل على هذا البند فأن الفقرة (6) من المادة (90) من قانون العمل قد نصت على أنه يجب على العامل (صيانة ممتلكات العمل من الآلات والأدوات والمواد والسجلات والملفات الموضوعة تحت تصرفه ، وأن يعيد عند إنتهاء العمل ما لديه من أدوات أو مواد أولية غير مستهلكة)، كما نصت الفقرة (9) من المادة المشار إليها على أنه يجب على العامل (الإستخدام الأمثل لوسائل العمل والإنتاج الموضوعة تحت تصرفه والإقتصاد السليم في إستخدام الأموال والمواد الأخرى). (محاضرات في الإشكاليات العملية لتطبيق قانون العمل، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص111).

الوجه الرابع: إهمال العامل وتقصيره والمسئولية العقدية:

تتأسس المسئولية العقدية على أساس العقد الملزم لأطرافه، إذ أنه يجب على المتعاقدين الإلتزام والتقيد بالإلتزامات المقررة في العقد، فإذا أهمل المتعاقد أو قصر في أداء إلتزاماته المقررة في العقد فأنه يكون مسئولاً عن تعويض المتعاقد الآخر عن أية أضرار قد تلحق به بسبب إهماله وتقصيره ، حسبما هو مقرر في أحكام المسئولية العقدية في القانون المدني. (التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل العمالية الجزء الثالث، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء، طبعة ٢٠٢٥م صنعاء ، ص١٦٥).

الوجه الخامس: إهمال العامل وتقصيره والمسئولية التقصيرية:

تعني المسئولية التقصيرية أن الشخص يكون مسئولاً عن كل فعل أو ترك غير مشروع أي مخالف لأحكام الشريعة والقانون واللوائح والأنظمة، وفي هذا المعنى نصت المادة (304) من القانون المدني اليمني على أن: (كل فعل أو ترك غير مشروع سواء كان ناشئاً عن عمد أو شبه عمد أو خطأ إذا سبب للغير ضرراً يلزم من أرتكبه بتعويض الغير عن الضرر الذي أصابه ، ولا يخل ذلك بالعقوبات المقررة للجرائم طبقاً للقوانين النافذة).

وقد سبق أن ذكرنا النصوص القانونية التي توجب على العامل المحافظة على وسائل العمل والإنتاج، ولذلك فأن الإهمال والتقصير المضر بوسائل العمل والإنتاج يعد تركا غير مشروع وفقاً للنص القانوني السابق ، مما يجعل العامل مسئولاً عن الأضرار التي لحقت بوسائل العمل والإنتاج.

الوجه السادس: شروط مسئولية العامل المهمل والمقصر عن الأضرار التي لحقت بوسائل العمل والإنتاج:

 نصت المادة (99) من قانون العمل على أن (يستحق صاحب العمل من العمال فرادى وجماعات بعد ثبوت المسئولية تعويضاً عن أي أضرار في وسائل العمل والإنتاج الناشئة عن تقصير أو إهمال من قبل العمال شريطة أن يبلغ الوزارة أو مكتبها المختص والجهات المعنية بذلك الضرر خلال ثمانية واربعين ساعة من وقت علم صاحب العمل بوقوعه).

 ومن خلال مطالعة النص القانوني السابق يظهر أن قانون العمل اليمني قد اراد أن يضع قيوداً على تطبيق أحكام المسئولية العقدية والتقصيرية على العامل المهمل أو المقصر السابق ذكرها في الوجهين السابقين، وتتمثل هذه القيود أو الشروط فيما يأتي:

1- إبلاغ صاحب العمل وزارة العمل أو مكتبها المختص بالضرر الذي وقع في وسائل العمل والإنتاج بسبب إهمال العامل أو تقصيره: ويجب أن يتم هذا الإبلاغ خلال 48 ساعة من وقت علم صاحب العمل بوقوع الضرر، ويجب ايضاً أن يقوم صاحب العمل بإبلاغ الجهات الرسمية المختصة بوقوع الضرر حتى يتم التحقق من وقوع الضرر وقدره واسبابه، وما إذا كان قد وقع الضرر بسبب إهمال العامل أو تقصيره، ويلاحظ أن ميعاد الإبلاغ قصير جداً (٤٨) ساعة حتى تقف وزارة العمل والجهات المختصة على مقدار الضرر واسبابه قبل ضياع معالمه ، وحتى لا يتعسف صاحب العمل أو يتجاوز في الضرر الذي وقع.

2- ثبوت مسئولية العامل المهمل أو المقصر عن الضرر الذي لحق بوسائل العمل والإنتاج، أي ثبوت أن الضرر الذي لحق بوسائل العمل والإنتاج ناجم عن إهمال العامل أو تقصيره ، ومن المعروف ان ثبوت مسئولية العامل لا يكون إلا بموجب حكم نهائي أو بات يقضي بثبوت إهمال العامل وتقصيره وأن ذلك كان السبب بالضرر الذي لحق بوسائل العمل والإنتاج ، ويحدد الحكم المشار اليه مقدار أو مبلغ التعويض المستحق لصاحب العمل، والله أعلم.