الحق في إختراع العامل أثناء عمله لدى صاحب العمل

الحق في إختراع العامل أثناء عمله لدى صاحب العمل

الحق في إختراع العامل أثناء عمله لدى صاحب العمل

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

عرّف قانون براءة الإختراع اليمني عرّف الإختراع في المادة (2) بأنه (فكرة يتوصل إليها المخترع وينتج عنها حل مشكلة معينة في مجال التقنية)، وحدد القانون ذاته شروط الإختراع الذي يكون قابلاً لمنح براءة الإختراع والتمتمع بحق الإختراع ، فقد نصت المادة (4) من ذلك القانون على أن (يكون الإختراع قابلاً لمنح براءة إختراع بموجب أحكام هذا القانون إذا كان الإختراع جديداً ومنطوياً على خطوة إبتكارية وقابلاً للتطبيق الصناعي، ويمكن أن يكون الإختراع متعلقاً بمنتج أو عملية صناعية).

 ومن خلال مطالعة النصين القانونيين السابقين يظهر أن الإختراع لا يكون إلا إذا تعلق بالجانب التقني أو الصناعي، اما إذا لم يكن كذلك فلا يكون إختراعاً ولا تسري عليه أحكام الحق في الإختراع وبراءة الإختراع المقررة في القانون المشار إليه ، فالحق في الإختراع لايكون حقا محميا بالقانون الا اذا كان مطابقا لماورد في النصين السابقين،.

وقد تضمن القانون المدني اليمني نصوص كثيرة تنظم عقد العمل غالبيتها لا تتعارض مع أحكام ونصوص قانون العمل ، ولذلك فتلك النصوص الواردة في القانون المدني مكملة لقانون العمل، ومن هذه النصوص المكملة المادة (793) مدني التي نصت على إنه (إذا وفق العامل لإختراع جديد أثناء مدة العمل فإن ثمرات إختراعه له ولو كان قد استنبطه بمناسبة قيامه بالعمل المتفق عليه، وذلك مالم تكن طبيعة العمل المتفق عليه تقتضي بإفراغ جهده للإبداع أو كان رب العمل قد اشترط عليه صراحة في العقد أن يكون له الحق فيما يهتدي إليه العامل من إختراعات، ومع ذلك إذا كان للإختراع أهمية اقتصادية جدية يكون للعامل مقابل يقدر وفقاً لمقتضيات العدالة يراعى فيه مقدار ما عاد على رب العمل من فائدة وما قدمه للعامل من معونات داخلاً في ذلك استعمال العامل لمنشآت رب العمل في سبيل وصوله إلى الإختراع).

 ومن مطالعة هذا النص يظهر انه قد تناول الإختراع الذي يتوصل إليه العامل أثناء عمله لدى صاحب العمل بحسب مفهوم الاختراع المحدد في قانون براءة الإختراع السابق ذكره.

وعند تطبيق النصين القانونيين السابقين تحدث إشكاليات عملية بشأن مفهوم إختراع العامل وحقوق صاحب العمل والعامل في هذا الشأن.

وسوف نتناول هذا الموضوع في هذه المقالة بحسب ماهو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: مفهوم إختراع العامل:

هو الإختراع التقني أو الصناعي الجديد الذي لم يتم التوصل إليه من قبل، والذي يتوصل إليه العامل أثناء عمله لدى صاحب العمل سواءً توصل العامل إلى هذا الإختراع في مقر العمل أو خارجه طالما أن العامل قد توصل إليه أثناء الفترة التي عملها فيها العامل لدى صاحب العمل، وطالما أن الإختراع متصل بالعمل الذي يقوم به العامل لدى صاحب العمل، اما إذا كان إختراع العامل ليس متصلاً بالعمل الذي يقوم به العامل لحساب صاحب العمل فأنه لا يعد من إختراع العامل أثناء العمل ، فلا يسري عليه الحكم القانوني بشأن إختراع العمل، كما أن الإختراع إذا لم تكن له صلة بالجانب التقني أو الصناعي لصاحب العمل فأنه في هذه الحالة لا يكون إختراعاً ، فلا تسري عليه أحكام إختراع العامل كما لو ابتكر العامل طريقة جديدة غير تقنية أو غير صناعية حسبما هو مقرر في المادتين (2) و (3) من قانون براءة الإختراع السابق ذكرهما ، والمادة (793) من القانون المدني السابق ذكرها.

الوجه الثاني: الأصل أن الحق في الإختراع من حق العامل:

صرحت المادة (793) مدني على أن الأصل أن الحق في الإختراع الذي يتوصل إليه العامل أثناء عمله لدى صاحب العمل يكون من حق العامل حتى لو كان العامل قد توصل إلى الاختراع بمناسبة أو سبب قيامه بالعمل لدى صاحب العمل، وبناءً على ذلك فإن العامل في هذه الحالة يتمتع بكافة الحقوق المالية والمعنوية المترتبة على الحق في الإختراع بما في ذلك قيام العامل بتسجيل الإختراع باسمه لدى الوزارة المختصة ، بالإضافة إلى حق العامل في الإستغلال المالي لحق الإختراع والحصول على عائداته.

الوجه الثالث: الحالات التي يكون فيها إختراع العامل حقاً لصاحب العمل:

حددت المادة (793) من القانون المدني اليمني الحالات التي يكون فيها إختراع العامل من حق صاحب العمل الذي يعمل العامل لديه، فقد نصت المادة (793) مدني على إنه (إذا وفق العامل لإختراع جديد أثناء مدة العمل فإن ثمرات إختراعه له ولو كان قد استنبطه بمناسبة قيامه بالعمل المتفق عليه، وذلك مالم تكن طبيعة العمل المتفق عليه تقتضي بإفراغ جهده للإبداع أو كان رب العمل قد اشترط عليه صراحة في العقد أن يكون له الحق فيما يهتدي إليه العامل من إختراعات، ومع ذلك إذا كان للإختراع أهمية اقتصادية جدية يكون للعامل مقابل يقدر وفقاً لمقتضيات العدالة يراعى فيه مقدار ما عاد على رب العمل من فائدة وما قدمه للعامل من معونات داخلاً في ذلك استعمال العامل لمنشآت رب العمل في سبيل وصوله إلى الإختراع).

 ومن خلال مطالعة النص السابق يمكن تلخيص الحالات التي يكون فيها إختراع العامل من حق صاحب العمل الذي يعمل العامل لديه على النحو الآتي:

الحالة الأولى: إذا كان محل التزام العامل في عقد العمل هو التفرغ للقيام بالبحث والدراسة لإبتكار وسائل وطرق تقنية أو صناعية جديدة في مجال العمل المتعاقد عليه ،ومن خلال ذلك توصل العامل إلى الإختراع، ففي هذه الحالة يكون الإختراع من حق صاحب العمل.

الحالة الثانية: اذا كان العامل قد توصل إلى الإختراع أثناء عمله لدى صاحب العمل في وظفية بحثية ضمن الإدارة العامة للبحوث والتطوير التقني والصناعي التي يقع من ضمن اختصاصاتها الدراسة والبحث لإبتكار وإختراع الوسائل والأدوات اللازمة الجديدة للتطوير الصناعي والتقني في المنشآة، فالفرق بين هذه الحالة والحالة السابقة ان صاحب العمل في هذه الحالة لم يتعاقد مع العامل أو يكلفه شخصيا بان يقوم هو نفسه بالبحث والإبتكار والإختراع وانما قام صاحب العمل بإلحاق العامل ضمن العاملين في الإدارة المختصة بالبحث والإختراع والتطوير.

الحالة الثالثة: أن يتضمن عقد العمل بندا ينص على أن الإختراعات التي يتوصل إليها العامل أثناء عمله تكون من حق صاحب العمل، ويجب أن يتم النص على ذلك صراحة في عقد العمل ، ويكون هذا الشرط بمثابة إتفاق مسبق بين صاحب العمل والعامل على أن تكون اية إختراعات يتوصل إليها العامل أثناء العمل من حق صاحب العمل إذا كانت ذات صلة بعمل صاحب العمل.

وتنازل العامل المسبق عن إختراعه المقرر بموجب المادة السابقة من يثير جدلا من عدة نواحي منها :الأولى أن قانون العمل يمنع العامل من التنازل عن حقوقه ، ولكن يرد على ذلك بأن المادة (7)من قانون العمل منعت فقط تنازل العامل عن حقوقه المقررة بموجب عقد العمل فقط ،اما الناحية الثانية:فهي المجادلة بشان مدى جواز التنازل عن الحق قبل وجوده ، حيث يذهب فريق من الفقه الشرعي والقانوني إلى عدم جواز ذلك .

الوجه الرابع: الوضعية الخاصة لإختراع العامل ذي الأهمية والجدوى الاقتصادية:

 الإختراع الذي له أهمية وجدوى اقتصادية : هو الإختراع الذي تتم الاستفادة منه خارج نطاق عمل صاحب العمل ، وفي عدة أنشطة اقتصادية ، وتترتب عليه حقوق مالية وفيرة، فإذا كان إختراع العامل على هذا النحو فإنه يكون للعامل حق في الحصول على عائدات هذا إلاختراع رغم إشتراط صاحب العمل المسبق في عقد العمل ، وحتى لو كان العامل هو المكلف من صاحب العمل أو المختص بالوصول إلى الإختراع ،فإذا كان الإختراع له اهمية أو جدوى إقتصادية فانه لايجوز حرمان العامل من الاستفادة من الحقوق الناجمة عن استثمار إختراعه ، والحصول على مردوده بعد خصم ما يستحقه صاحب العمل نظير التسهيلات التي قدمها للعامل المخترع في سبيل الوصول إلى إختراعه ذي الاهمية والجدوى الاقتصادية على النحو المبين في المادة (793) مدني السابق ذكرها، والله أعلم.