إثبات إصابة العمل إذا ادت إلى وفاة الموظف او العامل في القانون اليمني

إثبات إصابة العمل إذا ادت إلى وفاة الموظف او العامل في القانون اليمني

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

إذا ادت إصابة العمل إلى وفاة الموظف العام فقد بينت المادة (43) من قانون التامينات والمعاشات حقوق المستحقين من بعده ، اذ نصت المادة (43) من قانون التأمينات والمعاشات على إنه (إذا انتهت خدمة الموظف المؤمن عليه بالوفاة أو العجز الكلي المستديم نتيجة إصابة عمل ، وثبت ذلك يسوّى المعاش على أساس (100%) من الأجر الكامل الأخير (الراتب الأساسي + البدلات) مهما كانت مدة الخدمة الفعلية إضافة إلى تعويض نقدي يعادل (29000) ريالاً يصرف دفعة واحدة للمصاب أو للمستحقين من بعده).

اما بالنسبة للعامل فقد نصت المادة (40) من قانون التأمينات الإجتماعية على إنه (إذا أدت إصابة العمل إلى وفاة المصاب تصرف المؤسسة للمستحقين عنه معاشاً شهرياً يعادل (100%) من متوسط أجر الإشتراك الشهري خلال (24) شهرا الأخيرة أو متوسط أجر مدة الإشتراك إن قلت عن ذلك وبما لا يتجاوز الحد الأقصى للمعاش المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة (19) في هذا القانون)، وقد نصت الفقرة (2) من المادة (19) من القانون ذاته على ان (2- الحد الأقصى لأجر الإشتراك الشهري الذي يدخل ضمن إستحقاق معاش التقاعد للشيخوخة والعجز والوفاة هو ثلاثين ضعف الحد الأدنى للأجور) ،اما إذا لم تؤدي إصابة العمل للوفاة ولكنها أدت إلى العجز الدائم للعامل المصاب فإن العامل يستحق في هذه الحالة الحقوق المقررة في المادة (37) من قانون التأمينات الإجتماعية التي نصت على إنه (إذا نشأ عن الإصابة عجز كلي مستديم يستحق المصاب معاشاً شهرياً يعادل (100%) من متوسط الإشتراك الشهري خلال (24) شهرياً الأخيرة أو متوسط أجر مدة الإشتراك إن قلت عن ذلك وبما لا يتجاوز الحد الأقصى للمعاش المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة (19) من هذا القانون).

بيد أن إستحقاق المستحقين للمعاش التقاعدي للموظف والعامل المتوفي يقتضي أن يتم إثبات أن سبب الوفاة هو إصابة العمل ، ويستلزم ذلك إتباع جهة عمل الموظف أو العامل للاجراءات المقررة عند حدوث إصابة العمل مثل الإبلاغ عن الاصابة وإثبات قيام جهة العمل بالاجراءات اللازمة مثل إسعاف المصاب وعلاجه.

 كما أن هيئة التأمينات أو مؤسسة التامينات لا تلتزم بصرف المعاش التقاعدي للمستحقين إلا بعد تنزيل راتب المتوفي من الجهة التي كان يعمل بها الموظف أو العامل قبل وفاته يسبب الإصابة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-4-2013م في الطعن رقم (52057)، فقد جاء ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فقد تبين أن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه انه قد اخطأ في تطبيق القانون ، لأنه لم يبين ما هي إصابة العمل وفق الشروط المنصوص عليها في قانون التأمينات والمعاشات ، كما نعت الطاعنة على الحكم المطعون فيه انه لم يناقش الخدش في سجل المكلفين بالسفر والإنتقال للتفتيش على الأعمال في المناطق الريفية بالمحافظة ، خاصة أن المطعون ضدهم لم يقدموا أي دليل يؤكد أن مورثهم كان مكلفاً بالسفر والنزول الميداني للتفتيش في المناطق الريفية بالمحافظة، والدائرة تجد: أن الحكم المطعون فيه قد ناقش هذه المناعي ورد عليها في أسبابه، مما يتعين معه رفض الطعن).

 وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: تعريف إصابة العمل في قانون التأمينات والمعاشات وقانون التأمينات الإجتماعية:

عرّف قانون التأمينات والمعاشات إصابة العمل ضمن تعريفه للمصطلحات القانونية ،وذلك في المادة (2) من القانون، اذ عرف القانون إصابة العمل بأنها (الإصابة بأحد الأمراض المهنية أو الإصابة نتيجة حادث أثناء تأدية العمل أو بسببه، ويعتبر في حكم ذلك كل حادث يقع للموظف المؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله أو عودته بشرط أن يكون قد سلك الطريق الطبيعي دون إنحراف أو توقف مالم يكن ذلك خارجاً عن إرادته).

وقريب من هذا التعريف ورد تعرّيف قانون التأمينات الإجتماعية لإصابة العمل وذلك في المادة (3) ، إذ عرف قانون التامينات الاجتماعية إصابة العمل بأنها : (الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم (1) الملحق بهذا القانون أو الإصابة نتيجة حادث بسبب العمل أو أثناء تأديته، ويكون بحكم ذلك كل حادث وقع للعامل المؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل أو إلى أي مكان حدده له صاحب العمل أو عودته منه أياً كانت وسيلة المواصلات غير الممنوعة بشرط أن يسلك الطريق الطبيعي دون توقف أو تخلف أو إنحراف مالم يكن ذلك بغير إرادته) ، والظاهر أن تعريف إصابة العمل في قانون التأمينات الإجتماعية أكثر ضبطاً وتحديداً من مثيله في قانون التأمينات والمعاشات.

وعلى أساس ما تقدم في هذا الوجه فإن إصابة الموظف او العامل في المكان المحدد له لاداء عمله فيه تكون إصابة عمل، وكذا إصابته أثناء ذهابه أو عودته من المكان المحدد له لأداء العمل فيه، ولو كان مكان الاصابة غير المكان المعتاد للعمل كما لو قامت جهة الادارة او جهة العمل بتكليف العامل والموظف بمهمة خارج نطاق مقر أو مكان عمله الاصلي ، مثلما وقع في القضية التي اشار إليها الحكم محل تعليقنا فقد وقعت إصابة العمل أثناء ذهاب الموظف للتفتيش على بعض المنشآت في أرياف المنطقة التابعة لإدارته بناء على تكليف الجهة التى كان الموظف يعمل بها.

كذلك تندرج ضمن مفهوم إصابة العمل حوادث السير التي تقع للعامل أو الموظف أثناء ذهابه أو عودته من العمل، بصرف النظر عن وسيلة المواصلات التي استعملها الموظف حتى لو كانت الدراجة النارية أو العادية أو غيرها.

وبحسب المفهوم السابق يدخل ضمن مفهوم إصابة العمل حوادث الحريق أو إطلاق النار أو إنهيار المباني أو الصخور أو حوادث القصف الجوي أو حوادث الإختناق بالغازات إذا وقعت في مكان عمل الموظف العامل أو في طريق ذهابه أو عودته من مكان العمل المحدد له.

وهناك قوانين عربية عدة نصت على إنه (وتعتبر الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل متى توفرت فيها الشروط والقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون).

ويندرج ايضا ضمن مفهوم إصابة العمل الحوادث التي يتعرض لها الموظف أو العامل بسبب قيامه بعمله ، ولو وقعت هذه الحوادث في غير وقت العمل أو غير وقت الذهاب والعودة من مقر العمل ، شريطة أن يكون سبب الاصابة مرتبط بعمل المصاب، كما لو تم إطلاق النار على القاضي أثناء خروجه من منزله للصلاة في المسجد بسبب قرار أو إجراء أتخذه القاضي أثناء تأديته لعمله في المحكمة، أو الإعتداء على العامل إلى داره في يوم إجازة بسبب يرجع إلى قيامه بعمله أثناء دوامه في مقرعمله.

الوجه الثاني: المعاش التقاعدي للموظف والعامل في حالة الوفاة الطبيعية:

الوضع الطبيعي للحق المترتب على وفاة الموظف المتقاعد أن المستحقين وهم الأشخاص الذين كان يعولهم الموظف أثناء حياته يستحقوا المعاش التقاعدي بحسب الإجراءات والشروط المقررة في المادة (19) من قانون التأمينات والمعاشات ومنها إكماله خمس وثلاثين سنة خدمة فعلية أو بلوغه سن الستين سنة او بلوغ مدة خدمته الفعلية (15) سنة، فإذا توفى الموظف وفاة طبيعية فإن المستحقين وهم الأشخاص الذين كان يعولهم أثناء حياته يستحقوا المعاش التقاعدي للموظف المحدد في المادة (23) من قانون التأمينات والمعاشات وهو (1/420) من الأجر الكامل الأخير عن كل شهر من شهور الخدمة الفعلية بالإضافة إلى قيام هيئة التأمينات بصرف معاش شهرين لمواجهة تكاليف الجنازة تقوم الهيئة بصرفها للمستحقين.

اما بالنسبة لقانون التأمينات الإجتماعية فقد حدد المعاش التقاعدي في حالة الوفاة الطبيعية للعامل ، وذلك في المادة (60) التي نصت على أن (يستحق معاش الوفاة إذا كانت مدة إشتراك المؤمن عليه في التأمين (12) إشتراكاً شهرياً على الأقل، ويحسب المعاش بواقع (50%) من متوسط الأجر الشهري خلال السنة أو على أساس معاش التقاعد ايهما أكبر).

الوجه الثالث: المعاش التقاعدي للموظف والعامل في حالة الوفاة بسبب إصابة العمل:

إذا ادت إصابة العمل إلى وفاة الموظف العام فقد بينت المادة (43) من قانون التامينات والمعاشات حقوق المستحقين من بعده ، اذ نصت المادة (43) من قانون التأمينات والمعاشات على إنه (إذا انتهت خدمة الموظف المؤمن عليه بالوفاة أو العجز الكلي المستديم نتيجة إصابة عمل وثبت ذلك يسوّى المعاش على أساس (100%) من الأجر الكامل الأخير (الراتب الأساسي + البدلات) مهما كانت مدة الخدمة الفعلية إضافة إلى تعويض نقدي يعادل (29000) ريالاً يصرف دفعة واحدة للمصاب أو للمستحقين من بعده).

اما بالنسبة للعامل فقد نصت المادة (40) من قانون التأمينات الإجتماعية على إنه (إذا أدت إصابة العمل إلى وفاة المصاب تصرف المؤسسة للمستحقين عنه معاشاً شهرياً يعادل (100%) من متوسط أجر الإشتراك الشهري خلال (24) شهرا الأخيرة أو متوسط أجر مدة الإشتراك إن قلت عن ذلك وبما لا يتجاوز الحد الأقصى للمعاش المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة (19) في هذا القانون)، وقد نصت الفقرة (2) من المادة (19) من القانون ذاته على ان (2- الحد الأقصى لأجر الإشتراك الشهري الذي يدخل ضمن إستحقاق معاش التقاعد للشيخوخة والعجز والوفاة هو ثلاثين ضعف الحد الأدنى للأجور) .

اما إذا لم تؤدي إصابة العمل إلى وفاة العامل ولكنها أدت إلى العجز الدائم للعامل المصاب فإن العامل يستحق في هذه الحالة الحقوق المقررة في المادة (37) من قانون التأمينات الإجتماعية التي نصت على إنه (إذا نشأ عن الإصابة عجز كلي مستديم يستحق المصاب معاشاً شهرياً يعادل (100%) من متوسط الإشتراك الشهري خلال (24) شهرياً الأخيرة أو متوسط أجر مدة الإشتراك إن قلت عن ذلك وبما لا يتجاوز الحد الأقصى للمعاش المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة (19) من هذا القانون).

ومن خلال إستعراض النصوص السابقة يظهر أن المستحقات المقررة للمستحقين من بعد الموظف او العامل المتوفى بسبب إصابة العمل تزيد كثيرا عن مثيلتها في حالة الوفاة الطبيعية للموظف أو العامل ، وتبعا لذلك يظهر الطابع الاستثنائي للمعاش التقاعدي في حالة وفاة الموظف أو العامل بسبب إصابة العمل سواءً من حيث مقدار المعاش التقاعدي أو من حيث مدة الخدمة السابقة للوفاة.

 ولذلك فقد قرر قانون التأمينات والمعاشات وقانون التأمينات الإجتماعية إجراءات صارمة من حيث الإبلاغ عن إصابة العمل ومدة الإبلاغ وطريقة الإبلاغ وإثبات قيام جهة العمل بالاجراءات اللازمة مثل إسعاف العامل أو الموظف المصاب والقيام بعلاجه العلاج المناسب. إضافة إلى التشدد في إثبات أن الإصابة هي إصابة عمل بالفعل.وان سبب الوفاة هو إصابة العمل، وحددت اللائحة التنفيذية كيفية إسعاف المصاب والإجراءات الواجب إتخاذها.

الوجه الرابع: إثبات إصابة العمل بالنسبة للموظف والعامل:

سبق أن ذكرنا في هذا التعليق المقصود بإصابة العمل ونطاقها وشروطها، وذكرنا أيضاً الطابع الاستثنائي للمعاش التقاعدي في حالة وفاة الموظف أو العامل بسبب إصابة العامل، ولذلك فأنه يجب على جهة العمل والمستحقين إثبات نوعية الإصابة التي أدت إلى الوفاة وإثبات أن جهة العمل قد قامت بالإجراءات اللازمة ازاء الموظف أو العامل المصاب مثل إسعافه وعلاجه ،كما ينبغي إثبات ان وفاة العامل أو الموظف قد وقعت بالفعل بسبب الإصابة، كما يجب إثبات وقت وقوع الإصابة ومكان وقوعها وهو مقر العمل أو مكانه ، وإذا وقعت الإصابة في مكان خارج مقر العمل فيجب إثبات الغرض أو المهمة المسندة للعامل خارج مكان عمله الأصلي، وقد كان هذا الأمر هو محل النقاش في الحكم محل تعليقنا.

وعبء الاثبات يقع بصفة اصلية على عاتق الجهة التي كان يعمل بها الموظف أو العامل المتوفي بسبب إصابة العمل ،لان هذه الجهة هي المعنية يحفظ المستندات والبيانات والمعلومات عن العاملين فيها بما في ذلك الموظف او العامل المتوفي بسبب إصابة العمل .

 بيد ان التزام الجهة التي كان الموظف أو العامل يعمل بها في هذا الشان مقصور على توفير المستندات والبيانات والمعلومات عن العامل وإصابة العمل، اما المطالبة بالحقوق المترتبة على وفاة العامل بسبب إصابة العمل فتكون من قبل المستحقين الذين كان المتوفي يعولهم اثناء حياته ، لأنهم اصحاب الصفة والمصلحة في هذا الشان، والله اعلم.

إثبات إصابة العمل إذا ادت إلى وفاة الموظف او العامل
إثبات إصابة العمل إذا ادت إلى وفاة الموظف او العامل