المصلحة في الطعن بقرارات لجنة قيد المحامين

المصلحة في الطعن بقرارات لجنة قيد المحامين

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

نصت المادة (33) من قانون المحاماة اليمني على إن ( –د- يجب على لجنة قيد المحامين إبلاغ ذوي الشأن ومجلس النقابة والوزير بقراراتها وبما قامت به بالقيد في الجداول المشار إليها في المادة (31) من هذا القانون خلال أسبوعين من تاريخ القرار أو إجراء القيد، ويحق لصاحب الشأن وكل ذي مصلحة الطعن في قرارات اللجنة وفي أي قيد يتم على خلاف أحكام هذا القانون خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ الإعلان وذلك أمام المحكمة العليا).

 ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر أن الطعن في قرارات لجنة قيد المحامين وفقا لهذا النص ،انه بمثابة طعن إلغاء أو دعوى إلغاء قرار إداري يتم رفعها مباشرة امام المحكمة العليا خلال خمسة وأربعين يوماً من إعلان قرار لجنة القيد، ولا يثير الطعن المقدم من الشخص طالب القيد في الجدول الذي رفضت لجنة القيد طلبه لايثير هذا الطعن أية إشكالية فيما يتعلق بصفة ومصلحة الطاعن، لأنه من الواضح أن الطاعن في هذه الحالة يجب أن يكون هو الشخص نفسه الذي رفضت لجنة القيد طلبه القيد في الجدول، بيد أن الطعن من قبل غير صاحب الشان هو الذي يثير مشكلة تحديد صاحب المصلحة في الطعن لأن الفقرة (د) من المادة (33) السابق ذكرها قد صرحت بأنه (يحق لصاحب الشأن وكل ذي مصلحة الطعن في قرارات لجنة القيد وفي أي قيد يتم على خلاف أحكام هذا القانون)، ومعنى كل ذي مصلحة الوارد في هذا النص :هو كل من تكون له مصلحة مباشرة في الطعن، وبناء على ذلك لا تكون للطاعن غير صاحب الشان مصلحة إذا كان قد صرح في عريضة طعنه في قرار لجنة القيد بأن قصده من الطعن الحسبة او الحرص على أحكام قانون المحاماة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4-2-2013م في الطعن رقم (49325)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وحيث أن المادة (33) من قانون المحاماة تنص بأنه يحق لصاحب الشأن وكل ذي مصلحة الطعن في قرارات لجنة القيد وفي أي قيد يتم خلاف أحكام قانون المحاماة، وحيث أن المصلحة المتطلبة في مجال دعوى الإلغاء هي أن يكون رافع الدعوى في حالة قانونية خاصة يؤثر فيها القرار المطلوب الغاؤه تأثيراً مباشراً على مركزه القانوني أي أنه يجب أن تكون له مصلحة شخصية مباشرة وقانونية في الطعن، فالقول بأن دعوى الإلغاء إنما تم رفعها حرصاً على القانون والمصلحة العامة هو قول يجعل من دعوى الإلغاء دعوى حسبة غير مقبولة، فلا يجوز للشخص أن يرفع الدعوى دفاعاً عن غير مصلحته دون نص يخوله ذلك)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: الأشخاص الواجب إبلاغهم بقرارات لجنة قيد المحامين والغرض من إبلاغهم:

كانت الفقرة (د) من المادة (33) من قانون المحاماة كانت محل النقاش في الحكم محل تعليقنا ، فقد نصت الفقرة (د) من المادة (33) من قانون المحاماة اليمني على إنه (يجب على لجنة القيد إبلاغ ذوي الشأن ومجلس النقابة والوزير بقراراتها وبما قامت به بالقيد في الجداول المشار إليها في المادة (31) من هذا القانون خلال أسبوعين من تاريخ القرار أو إجراء القيد، ويحق لصاحب الشأن وكل ذي مصلحة الطعن في قرارات اللجنة وفي أي قيد يتم على خلاف أحكام هذا القانون خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ الإعلان ، وذلك أمام المحكمة العليا).

 ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر من صيغة النص وتحديداً كلمة (يجب) الواردة في بداية النص يظهر أن إبلاغ الجهات المحددة في النص وجوبي وليس جوازيا ، ولذلك فإن هذا الحكم القانوني من النظام العام، ويظهر أيضاً من النص أن الأشخاص الذين يجب على لجنة القيد إبلاغهم محددون في النص على سبيل الحصر وهم: صاحب الشأن وهو الشخص طالب القيد في الجدول ومجلس نقابة المحامين المكون من نقيب المحامين ونائب النقيب وسكرتير النقابة ومسئول شئون المهنة ومسئول الشئون الثقافية والإعلامية ومسئول الحريات العامة وحقوق الإنسان والمسئول المالي والأربعة الأعضاء المنتخبون من قبل الجمعية العامة أو العمومية للنقابة ومسئول الفروع وسكرتير مجلس النقابة، وإبلاغ مجلس النقابة يتم على اساس ان المجلس هيئة واحدة ، فلايتم إبلاغ كل عضو على حدة ، وبالإضافة إلى هولاء فقد أوجب النص السابق على لجنة قيد المحامين إبلاغ وزير العدل بقراراتها

ولاريب أن هناك غاية من إبلاغ الأشخاص المحددين في النص بقرارات لجنة قيد المحامين، وخلاصة ذلك: أن الغرض من إبلاغ ذوي الشأن بقرارات لجنة القيد هو ان اصحاب الشأن هم المعنيون بتلك القرارات التي تمس مباشرة مراكزهم القانونية فإذا تضررت مراكزهم بتلك القرارات فيحق لهم الطعن في تلك القرارات والمطالبة بإلغائها.

اما بالنسبة للغرض من إبلاغ لجنة القيد بقراراتها إلى مجلس نقابة المحامين اليمنيين فالغرض من ذلك هو بسط رقابة مجلس النقابة على القرارات التي تتخذها لجنة قيد المحامين والتحقق من مطابقتها لأحكام قانون المحاماة بإعتبار نقيب المحامين منتخباً من قبل الجمعية العمومية التي تمثل كافة المحامين، وبإعتبار أن أعضاء مجلس نقابة المحامين منتخبون أيضاً من قبل الجمعية العامة لنقابة المحامين ، حسبما هو مقرر في المواد (11 و 15 و 17 و 23) من قانون تنظيم مهنة المحاماة في اليمن.

وعلى هذا الأساس فإن مجلس نقابة المحامين له صفة ومصلحة في الطعن في قرارات لجنة قيد المحامين لأنه المخول بموجب القانون بالسهر على تطبيق احكام قانون المحاماة سيما تلك المتعلقة بتنظيم مهنة المحاماة ومن ذلك القيد في جداول المحاماة.

اما الغرض من إبلاغ وزير العدل بقرارات لجنة قيد المحامين فهوإعتبار وزارة العدل تتولى الإشراف المحاكم ، وقد نص قانون المحاماة على وزارة العدل ووزير العدل ضمن تعريفات القانون الذي أوجب ايضا على لجنة القيد إبلاغ وزير العدل بقرارات لجنة القيد مثله في ذلك مثل مجلس النقابة.

الوجه الثاني: التكييف القانوني لقرارات لجنة قيد المحامين:

الأصل أن مفهوم القرار الإداري لا ينطبق إلا على القرارات النهائية الصادرة عن جهات الإدارة العامة (أي الجهات الحكومية) ، بيد أن نقابة المحامين وان كانت هيئة مستقلة غير حكومية إلا انها تسعى إلى تحقيق أهداف تخدم المصلحة العامة وتسهيل اجراءات التقاضي وتحقيق العدالة ، إذ تضمنت المادة (4) من قانون المحاماة اليمني أهداف سامية لمهنة المحاماة التي يتولى تحقيقها مجلس نقابة المحامين اليمنيين ، ومن هذه الأهداف السامية نشر الوعي القانوني في المجتمع ، وتطوير الفكر القانوني ، والمساهمة في تطوير التشريع ، والعمل على تطبيق القانون من خلال المساهمة مع أجهزة القضاء والنيابة العامة في إرساء وتثبيت سيادة القانون وعدالة التقاضي ، والدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان، والمساهمة مع أجهزة القضاء والنيابة العامة من أجل تيسير سبل العدالة وتبسيط إجراءات التقاضي وإزالة العراقيل والتعقيدات أمام المتقاضي ،حسبما هو مقرر في المادة (4) من قانون المحاماة، ولاشك أن هذه الاهداف تحقق المصلحة العامة للمجتمع ، فقد اوكل القانون الى نقابة المحامين تنفيذ تلك الاهداف العامة السامية ، وتتولى تنفيذ هذه الاهداف الاطر التنظيمية في نقابة المحامين ومنها لجنة قيد المحامين التي تقوم بدراسة طلبات القيد في جداول مزاولة مهنة المحاماة للتحقق من تحقق الشروط اللازمة لمزاولة مهنة المحاماة في طالبي القيد.

وبما أن أهداف مهنة المحاماة أهداف عامة تخدم المصلحة العامة المتمثلة في تحقيق العدالة وتبسيط إجراءات التقاضي والمساهمة مع القضاء في هذا الشأن، لذلك فإن نقابة المحامين تقدم خدمة عامة في سبيل تحقيق العدالة، ولذلك فإن نقابة المحامين تعد جهة عامة من هذه الناحية لانها مكلفة أو قائمة بمصلحة عامة أو خدمة عامة، ولذلك فإن القرارات الصادرة عن لجنة قيد المحامين يتم النظر إليها والتعامل معها كالقرارات الإدارية الصادرة عن جهات الإدارة العامة.

الوجه الثالث: المصلحة في الطعن أو طلب إلغاء القرارات الصادرة من لجنة قيد المحامين:

بما أن القرارات الصادرة عن لجنة قيد المحامين بمثابة القرارات الإدارية الصادرة عن جهات الإدارة العامة حسبما سبق بيانه، لذلك فأنه يجب أن تكون للطاعن أو طالب الإلغاء مصلحة مباشرة حالة أو محتملة في طعنه أو طلبه إلغاء قرارات لجنة قيد المحامين ، وتتحقق المصلحة إذا كانت تلك القرارات تمس بالمصلحة الشخصية للمدعي أو الطاعن بالإلغاء أو تمس بالمصلحة التي اناط القانون بالطاعن المحافظة عليها والدفاع عنها.

فاذا كان من الجائز لصاحب الشان طلب إلغاء قرار لجنة قيد المحامين غير انه لا يجوز للمحامين من غير مجلس نقابة المحامين الإدعاء بإلغاء تلك القرارات إلا إذا مست تلك القرارات بمصالحهم الشخصية مساساً مباشراً، فلا يحق لهؤلاء الإدعاء بإلغاء تلك القرارات بذريعة أنها مخالفة للقانون، لأن هناك جهات مختصة بذلك وهي مجلس النقابة التي اوكل إليها القانون السهر على سلامة تطبيق احكام قانون المحاماة بما في ذلك التحقق من سلامة قرارات لجنة قيد المحامين ومدى موافقتها للقانون، والله أعلم.

المصلحة في الطعن بقرارات لجنة قيد المحامين
المصلحة في الطعن بقرارات لجنة قيد المحامين