ترشيح الموظف أو العامل لوظيفة أعلى لا يكسبه حقا
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
في غالب الحالات إن لم تكن كلها يتم تعيين الموظف أو العامل في وظيفة أعلى بناءً على ترشيح الإدارة التي يعمل بها الموظف أو الإدارة المختصة ، بيد أن هذا الترشيح لا يكسب الموظف أو العامل أي حق، ولا يترتب على هذا الترشيح أي أثر قانوني أو إداري أو مالي، لأن الآثار القانونية لا تترتب إلا على القرار النهائي بالتعيين في الوظيفة أو الترقية إليها الذي يتم إصداره من الجهة المختصة بالتعيين في وظيفة أعلى، وبناءً على ذلك لا يستطيع الموظف أو العامل أن يتمسك في مواجهة جهة الإدارة أو جهة عمله أو الغير بمذكرات ترشيحه إلى وظيفة أعلى، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-7-2012م في الطعن رقم (49746)، الذي ورد ضمن أسبابه: (وحيث أن ما يطعن فيه طالب الإلغاء لا يعد قراراً نهائياً مما يجوز الطعن عليه بدعوى الإلغاء، وإنما هو من القرارات التحضيرية، فترشيح طالب الإلغاء للوظيفة لا ينشئ مركزاً قانونياً في الوظيفة المرشح لشغلها، فالمركز القانوني لا ينشأ إلا بقرار التعيين في الوظيفة متخطياً المرشح بتعيين من هو أقل كفاءة منه أو مساوٍ له في الكفاءة أو أقل اقدمية منه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية القرار الإداري النهائي بتعيين الموظف في وظيفة أعلى:
القرار الإداري النهائي: (التنفيذي) أي القابل للتنفيذ الفوري، هو القرار الذي يتم تنفيذه فور صدوره من سلطة إدارية تملك حق إصداره بشكل النهائي، دون الحاجة إلى مصادقة عليه أو تعميده من جهة أعلى أو رئيس أعلى.
وبحسب هذا المفهوم فإن القرار الإداري النهائي: هو القرار الذي يتم إصداره من المسئول الإداري في الجهة الذي ينص القانون أو اللائحة على إنه هو المختص بإصدار هذا القرار، وبعد صدور هذا القرار فأنه يكون نهائيا قابلا للتنفيذ مباشرة لا يحتاج إلى مصادقة أو تعميد من جهة أعلى أو مسئول أو رئيس أعلى، ومعنى نهائية هذا القرار انه قد استنفد جميع مراحل التدرج الإداري اللازمة لوجوده وصدوره وفقاً للقانون، وعندئذٍ فإن هذا القرار النهائي يرتب كافة الآثار القانونية والمالية والواقعية من تاريخ صدوره.
علماً بأن توقيت القرار لا يتعارض مع نهائيته، لأن التوقيت ينصب على آثار القرار الإداري، كما أن قابلية القرار الإداري للسحب من قبل الجهة الإدارية التي اصدرته لا يمنع كأصل عام من نهائية القرار، وتبعاً لذلك لا يمنع من الطعن فيه أمام القاضي الإداري.( القرار الاداري ، د. رابح سرير عبد الله ، ص65).
الوجه الثاني: التكييف القانوني لترشيح الموظف أو العامل لشغل وظيفة معينة:
ترشيح الموظف أو العامل لشغل وظيفة معينة في جهة العمل أو جهة الادارة : هو عبارة عن مقترح من الإدارة المعنية يتم رفعه إلى الإدارة أو الرئيس المختص بإصدار القرار النهائي بتعيين الموظف أو العامل في وظيفة أعلى، وتبعاً لذلك فإن الترشيح مجرد مقترح أو إقتراح ، فلا ينطبق عليه وصف القرار الإداري النهائي المشار إليه في الوجه السابق.
فترشيح الموظف أو العامل لشغل وظيفة أعلى أو وظيفة معينة يعد من قبيل الأعمال التحضيرية أو التمهيدية لتعيين الموظف أو العامل في الوظيفة التي تم ترشيحه لشغلها، ولذلك فان هذا المقترح لا يوجد أي مركز قانوني أو يعدل أي مركز قانوني، كما أنه لا يحدث أثراً قانونياً يؤثر على المراكز القانونية القائمة، وعلى هذا الأساس فإن وصف القرار الإداري النهائي لا ينطبق على ترشيح الموظف أو العامل للتعيين في الوظيفة أو العمل. (مركز الإدارة في دعوى الإلغاء والقضاء الكامل ، د. علي يونس السنجاري ، ص 14).
الوجه الثالث: حجية ترشيح الموظف أو العامل لشغل وظيفة معينة:
سبق القول أن ترشيح الموظف أو العامل لشغل وظيفة معينة مجرد إقتراح ، وان الترشيح لا يكون من قبيل القرار الإداري النهائي الذي يرتب أثره من تاريخ صدوره أو يتم العمل بموجبه من تاريخ صدوره.
ولذلك فإن ترشيح الموظف أو العامل لا يصلح حجة للعامل أو الموظف في مواجهة جهة عمله أو الغير ، لأن المسئول المختص بإصدار قرار التعيين في الوظيفة له أن يأخذ بمقترح الترشيح ، كما أن له أن لا يأخذ به، فالمسئول عن إصدار قرار التعيين النهائي ليس ملزماً بالعمل بموجب مقترح الترشيح.
وعلى أساس ما تقدم فإن الموظف أو العامل لا يستطيع التمسك بمقترح ترشيحه للوظيفة في مواجهة الجهة التي يعمل لديها أو مواجهة الغير، والله اعلم.
![]() |
ترشيح الموظف أو العامل لوظيفة أعلى لا يكسبه حقا |