حماية لقب الاشخاص في القانون اليمني
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
في بعض الاحيان يكون لقب الشخص هو الوسيلة المناسبة للتعريف بالشخص وتمييزه عن غيره سيما حينما تتماثل الاسماء حتى اسم الجد ، ولذلك يتم في بعض الحالات تقديم اسم العائلة أو اللقب على اسم الشخص (شجاع الدين، عبد المؤمن)، وفي هذا المعنى نصت المادة (45) من القانون المدني اليمني على أن (يعرف الإنسان في التعامل باسمه واسم ابيه واسم جده او لقب يتميز به ، وينظم القانون كيفية تسجيل الأشخاص لأسمائهم والقابهم)، ومن المعلوم إنه يتم تسجيل الأشخاص والقابهم في السجل المدني الذي نظمه قانون الاحوال المدنية والسجل المدني اليمني ولائحته التنفيذية، وعند قيد الاسماء مع الالقاب في السجل المدني يصير اسم الشخص ولقبه اهم ما يميز الشخص عن غيره، ولذلك فإن اسم الشخص ولقبه وصورته من أهم الحقوق اللصيقة بالشخصية ،لأنها تميز الشخص عن غيره من الناس، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30- 6-2012م في الطعن رقم (45381)، المسبوق بالحكم الابتدائي الذي ورد ضمن أسبابه: (فالمحكمة لا تقبل هذه الدعوى ، لأن موضوعها المنازعة بشأن إستعمال المدعى عليهم للقب... الذي يستعمله المدعون، فالألقاب تستند إلى الإنتماء إلى القبيلة او المنطقة او الأرض او غير ذلك، وهذا ما لا تقبله المحكمة)، وعند إستئناف الحكم الابتدائي قضت الشعبة الاستئنافية بتأييد الحكم الابتدائي، وقد ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي: (فالدعوى المرفوعة امام محكمة أول درجة دعوى منع المستأنف ضدهم من إستعمال لقب.... ، في حين ان الهدف من الدعوى حقوق مدنية كحق الملكية، ولذلك فالشعبة تقضي بتأييد الحكم الابتدائي)، وعند الطعن بالنقض بالحكم الاستئنافي أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: (اما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة ما اثاره الطاعن في عريضة الطعن من أسباب تتعلق بوقائع النزاع، وقد تمت مناقشتها من قبل المحكمة الاستئنافية بما فيه الكفاية، وتوصلت الشعبة الاستئنافية في حكمها إلى نتيجة صحيحة موافقة للشرع والقانون)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: دور الاسم واللقب في التمييز بين الناس:
في دول كثيرة وفي احيان كثيرة يكون اللقب أكثر أهمية من الاسم في التمييز بين الناس ، ولذلك يتم تقديم اسم العائلة او اللقب على اسم الشخص حتى في بعض الدول العربية مثل دول المغرب العربي سيما عندما يكون الناس في مكان تجمع يجتمع فيه مجموعة أشخاص من عائلات ومناطق عدة كالمدارس والجامعات والمعسكرات واماكن فتتماثل الاسماء، فيكون اللقب في هذه الحالات هو وسيلة التمييز بين الناس لأن الاسماء تتشابه كثيراً حتى اسم الجد أو الاسم الرابع بعد الجد بخلاف الألقاب.
ولذلك صرحت المادة (45) مدني على أن الغرض من اللقب هو تمييز الناس عن بعضهم، فقد نصت هذه المادة على أن (يعرف الإنسان في التعامل باسمه واسم ابيه واسم جده او لقب يتميز به وينظم القانون كيفية تسجيل الأشخاص لأسمائهم والقابهم)، وبالفعل نظم قانون السجل المدني ولائحته التنفيذية تسجيل اسماء الأشخاص والقابهم في السجل المدني وشهادة الميلاد وفي البطاقة الشخصية والعائلية حتى يكون لكل شخص اسم ولقب في رقم وطني لايتكرر، ويظل الاسم واللقب والرقم الوطني ملازما للشخص منذ ولادته حتى موته.
الوجه الثاني: تماثل الألقاب في اليمن وغيرها:
الألقاب في اليمن تكون منسوبة لاسماء القبائل او الأسر او المناطق ،ولذلك تتماثل القاب الاشخاص الذين ينتمون إلى عائلة أو اسرة واحدة أو منطقة واحدة ، إذ يجمع مجموعة كبيرة من الأشخاص لقب واحد، وفي نطاق هذا التجمع المتماثل في الألقاب لا يكون اللقب وسيلة التمييز بين هولاء الأشخاص، وإنما يكون اسم الشخص واسم ابيه وجده هو السمة والعلامة التي تميز هولاء الاشخاص عن بعضهم، وفي حالة تماثل الألقاب على هذا النحو لا يستطيع شخص من هولاء الإدعاء بأن احد هولاء الاشخاص قد قام بإنتحال لقب معين او إستغلاله او إساءة إستعمال اللقب، لأن كل شخص يستعمل اللقب الذي يحمله حقيقة سواءً أكان هذا اللقب مسجل ضمن اسمه في السجل المدني ام غير مسجل.
الوجه الثالث: إنتحال اللقب للحصول على منفعة:
يتحقق إنتحال اللقب اذا قام شخص لاينتمي الى العائلة أو القبيلة أو المنطقة باستعمال لقب هذه العائلة أو القبيلة أو المنطقة ، وقد كان جوهر النزاع في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا هو قيام بعض الأشخاص بالإدعاء بأن أشخاص آخرين يقوموا بإنتحال لقبهم حتى يشاركوهم في حقوقهم المشتركة في ملكية بعض الأراضي المشتركة بين افراد قبيلة المدعين.
فإنتحال اللقب لا يكون إلا إذا استعمل الشخص لقباً غير لقبه الاصلي ، وقد يكون هذا الإستعمال في محرر رسمي، فعندئذٍ يكون هذا الفعل تزويراً في محرر رسمي ، وقد يكون في محرر عرفي فيكون تزويرا في محرر عرفي إذا قصد الشخص من وراء ذلك ترتيب آثار قانونية كمشاركة الغير في حق او امتياز او منفعة...إلخ، كما ان إنتحال اللقب من جرائم الإحتيال (النصب) وفقاً للمادة (310) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني التي نصت على أن (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بالغرامة من توصل بغير حق إلى الحصول على فائدة مادية لنفسه او لغيره وذلك بالاستعانة بطرق إحتيالية (نصب) او اتخذ اسم كاذب او صفة غير صحيحة).
الوجه الرابع: إنتحال اللقب للإساءة لأصحاب اللقب:
قد يستخدم الشخص لقب غيره للإساءة إلى الحاملين للقب، كأن يقوم الشخص بأعمال قبيحة او مهينة ويخفي لقبه الحقيقي وينتحل لقباً آخرا، وعندئذٍ ينسب الفعل القبيح والمهين إلى الجماعة التي تحمل هذا اللقب، فيلحق بها الضرر جراء ذلك، وهذه ظاهرة شائعة في بعض المناطق، والله اعلم.
![]() |
حماية لقب الاشخاص في القانون اليمني |