الفرق بين النذر والوقف
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
من الشائع في اليمن ان ينذر بعض الشخص بعض ماله في قربة لله تعالى كنذر مال معين لمسجد فعندئذٍ يكون النذر مماثل للوقف ، بيد انه في حالات اخرى يقوم الشخص بنذر بعض ماله لشخص معين من غير ان تكون هناك قربة الى الله تعالى فعندئذٍ يختلف النذر عن الوقف ، وقد صرح قانون الاحوال الشخصية اليمني ان النذر من التصرفات المشابهة للهبة ، وتبعا لذلك فان النذر يختلف عن الوقف، وصفوة القول: ان هناك اوجه شبه بين الوقف والنذر ، ولكن ذلك لايعني انهما شئ واحد ، فالوقف يختلف عن النذر ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9-4-2012م في الطعن رقم (44342)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي ورد ضمن أسبابه: (فقد تبين أن قول المستأنف ببطلان الحكم الابتدائي غير صحيح سواءً فيما يتعلق بمشروعية النذر أو تضارب المدعي بين النذر والوقف ،فالحقيقة أن بينهما عموم وخصوص ، فهما يتفقان في أمور ويختلفان في أمور ، ويجمعها أن كل وقف نذر، لأن الواقف أراد النذر ولكن مقيداً المال بحبسه عن التصرف خلافاً لمطلق النذر، اما الزمان فلا يعتد بمضيه مادام وقفاً ،ولما كان قد مضى على التصرف أكثر من أربعين عاماً وقد اجازه الورثة فاستناد الطاعن لنص المادة (46) وقف ليس في محله)، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: (فقد وجدت الدائرة: أن أسباب الطعن غير مؤثرة ، فلم تتحقق فيها أية حالة من حالات الطعن بالنقض المقررة في المادة (292) مرافعات، لأن ما ورد في الطعن مناقشة لموضوع النزاع، وتلك الوقائع ناقشتها المحكمة الاستئنافية وتوصلت في حكمها إلى نتيجة موافقة للشرع والقانون مما يستوجب معه رفض الطعن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: تعريف الوقف وتعريف النذر:
عرّف قانون الوقف اليمني الوقف بأن (الوقف: هو حبس مال والتصدق بمنفعته أو ثمرته على سبيل القربة تأبيداً وهو نوعان وقف أهلي ووقف خيري)، في حين عرّفت المادة (4) وقف عرّفت الوقف الأهلي والوقف الخيري، فقد نصت هذه المادة على أن (الوقف الأهلي: هو ما وقف على النفس أو الذرية، والوقف الخيري: هو ما وقف على جهات البر العامة والخاصة مثل كوائن زبيد...إلخ).
اما النذر فقد عرفته المادة (208) من قانون الاحوال الشخصية اليمني التي نصت على أن (النذر هو إيجاب مكلف مختار على نفسه بلفظه او ما في معناه بمال أو فعل أو ترك يلزمه الوفاء به دون توقف على قبول، ويصح بكل لفظ يدل عليه او بالكتابة او الإشارة المفهمة من الأخرس، ويقع مطلقاً أو مقيداً بشرط أو مضافاً إلى أجل).
وقد صرح قانون الاحوال الشخصية اليمني ان النذر من التصرفات المشابهة للهبة ، ومن هذا المنطلق فان النذر يختلف عن الوقف.
الوجه الثاني: أوجه الشبه والإتفاق بين الوقف والنذر:
من خلال إستقراء النصين القانونيين المذكورين في الوجه الأول يظهر أن هناك عدة أوجه إتفاق بين الوقف والنذر أهمها ما يأتي:
1- يقع الوقف والنذر بإيجاب الواقف والناذر، فلا يحتاج النذر والوقف إلى قبول من المنذور له او الموقوف عليه او غيرهما، فالوقف والنذر من التصرفات التي تقع بالإرادة المنفردة.
2- لا يصح الوقف والنذر بأكثر من ثلث مال الواقف او الناذر إذا كان لهما ورثة.
3- لا يجوز للواقف او الناذر الرجوع عن الوقف او النذر.
4- يشترط في الوقف والنذر أن يكون الواقف او الناذر مالكاً للمال الذي يوقفه او ينذره.
5- يشترط في النذر او الوقف أن لا يكون في معصية.
الوجه الثالث: أوجه الخلاف بين الوقف والنذر:
هناك أوجه خلاف عدة بين الوقف والنذر من أهمها:
1- الوقف حبس المال عن التصرف فيه بأي من التصرفات الناقلة للملكية ، في حين أن النذر يشابه الهبة من الناذر إلى المنذور له، فاللمنذور له أن يتصرف بالمال المنذور له كيفما شاء باي نوع من التصرف طالما ان الناذر قد ملكه المال المنذور، الا إذا كان النذر يفيد التحبيس كالنذر على المسجد مثلما ورد في الحكم محل تعليقنا.
2- الوقف عنصره وأساسه القربة إلى الله تعالى، في حين أن النذر قد يكون فيه معنى القربة كالنذر على المسجد وقد لا يكون فيه معنى القربة.
3- صرح قانون الاحوال الشخصية اليمني ان النذر من التصرفات المشابهة للهبة ، وتبعا لذلك فان النذر يختلف عن الوقف، والله أعلم.
![]() |
الفرق بين النذر والوقف |