الإرتباط بين دعوى القسمة ودعوى الشقية
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
من القواعد الشرعية والقانونية قاعدة : لا تركة إلا بعد سداد ديون المؤرث، ودعوى الشقية هي مطالبة أحد الورثة أو غيره بأجرته أو شقيته عن قيامه بإدارة وتنمية وتطوير أموال تركة المورث وزيادة أرباحها وذلك قبل وفاة المورث، كما إن شقية او سعي الوارث متعلق بأموال التركة التي لا ينبغي قسمتها إلا بعد إخراج الحقوق والديون المتعلقة بها بما في ذلك الشقية او مقابل سعي الوارث في تنمية أموال التركة وزيادة أرباحها، علاوة على أن المدعي الوراث حينما يطلب الحكم له بالشقية من التركة المطلوب قسمتها بموجب دعوى القسمة الجبريةزفالمدعي بالشقية في هذه الحالة يختصم بقية الورثة ، فالمدعى عليه في الدعويين واحد .
وعلى هذا الأساس فهناك إرتباط وثيق بين دعوى القسمة الجبرية المرفوعة امام المحكمة وبين دعوى السعي او الشقية المرفوعة من احد الورثة، ومؤدى ذلك أن القاضي الذي ينظر دعوى او طلب القسمة الجبرية يختص بنظر دعوى الشقية او السعي، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7-7-2012م في الطعن رقم (47672)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وحيث أن دعوى السعي مرتبطة إرتباطاً لا يقبل التجزئة بأعيان التركة الجاري قسمتها والمنظورة امام الشعبة الشخصية بمحكمة الاستئناف لذلك فالشعبة مختصة بنظر دعوى السعي، وحيث أن الطعن قد اقتصر على مخالفة قواعد الإختصاص، لذلك لزم الإقتصار على ذلك)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية دعوى السعي او الشقية ووجه إرتباطها بدعوى القسمة الجبرية:
دعوى السعي او الشقية هي : مطالبة أحد الورثة او بعض الورثة بمقابل قيامهم بإدارة أموال التركة وتنميتها وتطويرها وتعظيم أرباحها أثناء حياة المورث، وبعد وفاة المورث فإن حق الوارث الساعي او صاحب الشقية يتعلق بأموال التركة محل القسمة الجبرية المنظورة امام القاضي الشخصي، ففي هذه الحالة يكون حق الساعي او صاحب الشقية كالدين المرتبط او المتعلق بأموال التركة ، ولذلك ينبغي إخراج مقابل السعي او الشقية قبل مباشرة إجراءات القسمة، فموضوع دعوى السعي او الشقية قد يكون له طابع مدني إذا كان النشاط الذي قام به الساعي او الشاقي مدنياً ، وقد يكون موضوع دعوى السعي او الشقية له طابع تجاري إذا كان النشاط الذي قام به الساعي او الشاقي تجارياً، وبصرف النظر عن موضوع دعوى الشقية او السعي إلا أنها مرتبطة إرتباطاً لا يقبل التجزئة بدعوى القسمة الجبرية المنظورة امام القاضي الشخصي حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجه الثاني: الخصوم في دعوى القسمة الجبرية ودعوى الشقية او السعي:
من المعروف ان الخصوم في دعوى القسمة الجبرية هم : الوارث طالب القسمة والورثة الآخرين فقط ، فلا يجوز لأي شخص التدخل في دعوى القسمة الجبرية ولايجوز الإدخال فيها نظراً لطبيعتها الخاصة التي اشرنا إليها في تعليق سابق.
كما أن الخصوم في دعوى الشقية أو السعي حينما يكون المدعي فيها هو أحد الورثة يكون الخصوم فيها هم : المدعي بالسعي او الشقية ، والمدعى عليهم : هم بقية الورثة الذين تعتزم المحكمة قسمة أموال التركة بينهم، وهذا يؤكد الإرتباط بين الدعويين أي دعوى القسمة الجبرية ودعوى الشقية او السعي او السعو بحسب التسميات الدارجة في اليمن.
الوجه الثالث: ضرورة الفصل في دعوى السعي او الشقية مع دعوى القسمة الجبرية نظرا للإرتباط بينهما:
ذكرنا في تعليقات سابقة إنه لا ينبغي تأجيل قسمة أموال التركة القابلة للقسمة الفورية حتى يتم الفصل في بعض أموال التركة المتنازع عليها أو الأموال التي تتعلق بها دعاوى الإختصاص، بيد أن الوضع يتغير عند النظر في دعوى الشقية أو السعي ،لأن هذه الدعوى في الغالب تتعلق بكل أموال التركة أو بأهمها أو بأغلبها، ولذلك اذا كانت دعوى الشقية قد تعلقت بغالب أموال التركة أو أكثرها قيمة فأنه ينبغي الفصل بدعوى الشقية مع دعوى القسمة الجبرية، بخلاف الحال لو تعلقت دعوى الشقية بمال معين ففي هذه الحالة يتم تعجيل الفصل في دعوى القسمة الجبرية وتاجيل الفصل في دعوى الشقية وعدم قسمة المال الذي تعلقت به دعوى الشقية ، والله اعلم.
![]() |
الإرتباط بين دعوى القسمة ودعوى الشقية |