التنصيب عن القاصر عند البيع له

التنصيب عن القاصر عند البيع له

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

القاصر كالطفل والمجنون ليس لهما أهلية التصرف في أموالهما فهما ممنوعان من التصرف حفظاً لأموالهما، والأصل أن الولي او الوصي على أموال القاصر يختص فقط بإدارة أموال القاصر، فلا يحق له التصرف في أموال القاصر بأي من التصرفات الناقلة للملكية ، ولايحق له ان يباشر أي تصرف مضر باموال القاصر أو أي تصرف يدور بين النفع والضرر ، فلايجوز للوصي أو المنصوب عن القاصر الا مباشرة التصرفات النافعة للقاصر نفعا محضا ،وكذا يجوز للوصي او الولي أن يقوم بتأجير أموال القاصر لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات شريطة أن يكون مبلغ الإيجار مساوياً لأجر المثل، لكن قد تقتضي مصلحة القاصر بيع ماله فاذا كان القائم بامر القاصر هو الوصي فلايجوز له ذلك الا باذن من المحكمة المختصة، اما اذا كان البائع هو والد القاصر فأنه يجب عليه الرجوع إلى المحكمة المختصة مكانياً التي يقع ضمن نطاقها المال المطلوب بيعه ، وذلك كي تتولى المحكمة تعيين منصوب عن القاصر للتلفظ بقبول البيع نيابة عن القاصر، وبعد ذلك يقوم المنصوب بتسليم المبيع إلى الاب كي يحفظ المبيع لابنه، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-6-2012م في الطعن رقم (45125)، المسبوق بالحكم الابتدائي الذي ورد ضمن أسبابه: (فالثابت من ذلك التصرف عدم حصول التنصيب الشرعي عن القاصرتين عند بيع نصيبيهما من بعد والدتهما ، وهذا يعتبر مخالفاً لما تضمنته المادة (464) مدني)، في حين قضى الحكم الاستئنافي بتعديل الحكم الابتدائي ، لأن القاصرين لم تتمسكا ببطلان البيع عنهما وذلك عند بلوغهما ، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: (فقد تبين أن الحكم الاستئنافي قد قضى بتعديل الفقرتين الأولى والثالثة من الحكم الابتدائي وتوصل الحكم الاستئنافي إلى نتيجة موافقة للشرع والقانون)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: التنصيب عن القاصر عند البيع والشراء من والد القاصر:

نصت المادة (464) من القانون المدني اليمني على إنه (يصح بيع الوالد ماله لولده المشمول بولايته وبيعه مال أحد الولدين للآخر بشرط القبول من منصوب القاضي الذي يقبل البيع عن الصغير ثم يسلمه بعد ذلك لوالده ليحفظه لولده ، ويشترط أن لا يكون البيع منطوياً على حيلة وحكم الوصي المختار حكم من اختاره) ، فهذا النص صريح بجواز قيام الوالد ببيع مال أحد أولاده لولده القاصر شريطة أن يقوم الوالد باللجوء إلى المحكمة المختصة كي تعين منصوباً لقبول الإيجاب الذي يصدر من الوالد نيابة عن ولده البائع، ويفهم من هذا النص إنه يجوز للوالد أن يبيع مال ولده القاصر وإنه يجوز له أن يشتري نيابة عن ابنه القاصر أيضاً.

الوجه الثاني: الغرض من التنصيب عند بيع الولد مال أحد أولاده لولده القاصر:

من خلال مطالعة نص المادة (464) مدني السابق ذكره يظهر أن الغرض من التنصيب هو فقط تلقي الإيجاب الذي يصدر من الوالد نيابة عن ابنه البائع حيث يتولى المنصوب القبول نيابة عن الولد المشتري القاصر ، لأنه يتعذر على الوالد التلفظ بصيغة الإيجاب نيابة عن ابنه البائع وصيغة القبول عن ابنه المشتري ، لأن ذلك لا يجوز الا بإجازة من الأصيلين، ومن المعلوم أن القاصر لا يحق له الإجازة الا عند بلوغه ، وفي هذا المعنى نصت المادة (169) مدني على إنه (لا يجوز للشخص أن يتعاقد مع نفسه لنفسه باسم من ينوب عنه إلا فيما يجيزه القانون، اما إذا كان التعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه لشخص آخر مضيفاً إليه فيجوز بإذن خاص من الأصيلين).

الوجه الثالث: بيع وشراء الوالد نيابة عن ولده القاصر رخصة للوالد فقط:

رخص القانون المدني للوالد البيع والشراء نيابة عن ولده القاصر على النحو المقرر في المادة (464) مدني السابق ذكرها، وذلك على سبيل الرخصة للوالد فقط ، لأن الوالد هو الأوفر شفقة على أولاده والأكثر حرصاً على رعاية وحفظ مصالحهم وحقوقهم، في حين منع القانون ذاته غير الوالد من البيع والشراء نيابة عن القاصر حتى لو كان الوصي إلا باذن المحكمة المختصة، وفي هذا المعنى نصت المادة (465) مدني على إنه (لا يصح للوصي المنصوب بيع ماله للمشمول بوصايته وشراء المشمول بوصايته لنفسه إلا بإذن من القاضي)، والله أعلم.

التنصيب عن القاصر عند البيع له
التنصيب عن القاصر عند البيع له