قسمة أسهم المورث في الشركات
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
في بعض الحالات يترك المورث ضمن أموال التركة شهادات وسندات أسهم في الشركات والبنوك داخل اليمن وخارجها، حيث تندرج هذه الأسهم والسندات ضمن أموال التركة القابلة للقسمة الفورية بين الورثة ، لأنها عبارة عن شهادات بما يملكه المورث من حصص أو نسب في رؤوس أموال تلك الشركات والبنوك وارباحها ، وبعض الأسهم والسندات قابلة للتداول اذ يتم بيعها وشراؤها في سوق الاوراق المالية (البورصة) وخارجها ،وهي اسهم الشركات المساهمة المفتوحة ، فتكون قابلة للتداول بين الناس في السوق.
والأسهم والسندات القابلة للتداول هي تلك التي تصدرها الشركات المساهمة الكبيرة المفتوحة كشركة يمن موبايل والبنك اليمني للإنشاء والتعمير في اليمن، غير أن هناك سندات أسهم غير قابلة للتداول وهي سندات الاسهم الصادرة عن الشركات التضامنية والمحدودة والمساهمة المقفلة وشركات التوصية البسيطة والتوصية بالاسهم، فأسهم هذه الشركات غير قابلة للتداول، ولكن اسهم وحقوق الشريك المتوفي في هذه الشركات تنتقل إلى ورثته ، حيث ينظم قانون الشركات اليمني اجراءات وكيفية حلول ورثة الشريك في تلك الشركات ، فإذا مات الشريك في هذه الشركات فإن حصصه أو أسهمه في الشركة تنتقل إلى ورثته مثلها في ذلك مثل غيرها من اموال تركة المورث .
ولذلك ينبغي على القسام عند قسمة أسهم المورث في الشركات والبنوك أن يتثبت اولا من النظام الاساسي للشركة التي كان المورث شريكا فيها والقيمة الاسمية والفعلية للاسهم واجراءات نقل الاسهم الى الورثة والحد الادنى للاسهم التي تجعل الوارث شريكا أو مساهما في الشركة، وكذا يجب على القسام التحقق من نوع الأسهم، وما إذا كانت هذه الأسهم قابلة للتداول والبيع والشراء في السوق أم أنها غير قابلة للتداول، وما إذا كانت الشركة من شركات الأشخاص التي تكون فيها شخصية الشريك محل إعتبار عند الشركاء الآخرين مثل شركات التضامن كشركات الصرافة في اليمن ، حيث ينص قانون تنظيم قانون تنظيم الصرافة في اليمن على أنه يجب على محلات الصرافة ان تاخذ الشكل القانوني لشركات التضامن ، ولذلك يجب التحقق من هذه المسائل قبل مباشرة أي إجراء في قسمة اسهم وحصص المورث في الشركات ، ولأهمية هذا الموضوع ، فقد عزمنا على الإشارة إليه بإيجاز في هذه المقالة، وذلك على النحو الآتي:
الوجه الأول: معنى أسهم المورث في الشركات والبنوك:
هي سندات تدل على ملكية المورث الشريك لنسبة محددة من رأس مال الشركة اوالبنك وان مايخص الشريك المورث من ارباح وخسائر الشركة يكون بقدر نسبته في رأس مال الشركة ، فاسهم الشريك المورث تدل على إستحقاق المورث للأرباح وتحمله للخسارة بقدر حصته في الشركة، وبموجب شهادة الأسهم تكون للمورث الشريك الحقوق المقررة في القانون والنظام الأساسي للشركة، ومن هذه الحقوق حق الشريك في الإطلاع على حسابات الشركة في الوقت المناسب وكذا الحق في إنتخاب مجلس الإدارة والحق في حضور إجتماعات الجمعية العامة للشركة وممارسة الشريك أثناء إجتماعات الجمعية العامة لحقوقه الأخرى كإقرار حسابات الشركة وإخلاء طرف إدارة الشركة...إلخ.
وتكون بعض سندات أسهم الشركات قابلة للبيع والشراء في السوق بإعتبارها أوراق مالية أي أوراق ذات قيمة مالية وهي أسهم الشركات المساهمة المفتوحة التي ينص قانون الشركات اليمني والنظم الأساسية لتلك الشركات على أن أسهمها قابلة للتداول، في حين ينص قانون الشركات على أن بعض الشركات لا يحق لها إصدار سندات أو أسهم قابلة للتداول مثل: شركات التضامن والتوصية البسيطة والتوصية بالاسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة .
الوجه الثاني: تأثير موت الشريك على أسهمه في شركات التضامن والتوصية البسيطة:
يختلف تأثير موت المورث الشريك بإختلاف الشركة التي يساهم فيها ، فإذا كانت الشركة تضامنية مثل شركات الصرافة في اليمن فإن الشركة تنحل بوفاة الشريك إذا نص النظام الأساسي للشركة على إنحلال الشركة بوفاة أحد الشركاء ، أما إذا لم ينص النظام الأساسي للشركة على ذلك فإن الشركة التضامنية تستمر ولو مات احد الشركاء فيها، فإذا لم ينص نظام الشركة على إنحلال الشركة بالوفاة فإن الشركة تستمر وتنتقل اسهم وحقوق الشريك المتوفي إلى ورثته الشرعيين، وفي هذا المعنى نصت المادة (45) من قانون الشركات اليمني على أن (تنحل شركة التضامن إذا تحقق أحد أسباب إنحلال الشركات بصورة عامة ، كما تنحل لأحد الأسباب التالية: -أ- وفاة أحد الشركاء إذا نص عقد الشركة على إنحلال الشركة لهذا السبب)، في حين نصت الفقرة (2) من المادة (45) على إنه (3- يجوز لبقية الشركاء أن يقرروا بإجماع الآراء إستمرار الشركة فيما بينهم بمعزل عن الشريك الذي توفى أو افلس أو انسحب أو فقد اهليته شريطة أن يجري الشركاء معاملة التسجيل والشهر القانونية مالم يكن الإستمرار تنفيذاً لنص صريح في عقد الشركة)، وهذا النص صريح في أن وفاة الشريك في الشركة التضامنية لاتؤدى إلى إنتهاء الشركة بالنسبة الشركاء الآخرين وانه يحق لهم الإستمرار في الشراكة بعد وفاة شريكهم ، وبمعزل عن شريكهم المتوفى ، وعندئذ يجب عليهم تقدير حصة وحقوق الشريك المتوفى ودفعها لورثته ، فتدخل قيمة حصة المورث وحقوقه ضمن اموال التركة النقدية وتقسم معها بحسب الفرائض الشرعية.
فإذا لم ينص النظام الاساس للشركة التضامنية على انتهاء الشركة بوفاة احد الشركاء المتضامنين واستمرارها ، فإن ورثة الشريك المتوفي في هذه الحالة يستطيعوا الإستمرار في الشركة التضامنية خلفاً لمورثهم المتوفي، وعندئذٍ تظل حصة المورث الشريك المتوفي شائعة بين ورثته جميعاً قبل قسمتها، كما قد يتفق الورثة على تقسيم هذه الحصة فيما بينهم بحسب الفرائض الشرعية، وعندئذٍ يحل كل وارث محل مورثه المتوفي بحدود نصيبه في تلك الحصة، كما أنه بإمكان الورثة عند قسمة أموال التركة كلها أن يحددوا حصة مورثهم في الشركة التضامنية باسم أحد الورثة فتنتقل اليه الحصة كلها والحقوق التابعة لها، بالإضافة إلى أنه بوسع الورثة للحصة في الشركة التضامنية أن يبيعوا حصة مورثهم الشريك المتوفي إلى الشركاء الآخرين في الشركة التضامنية.
وفي كل الأحوال يتم تقدير حصة الشريك المتوفي في الشركة التضامنية بحسب الاجراءات المقررة في الفقرة (4) من المادة (45) شركات الاتي بيانها.
وتسري الأجراءات السابق ذكرها عند تصفية وقسمة حصة الشريك المتوفي في شركات التضامن تسري هذه الاجراءات كذلك عند وفاة الشريك في شركات التوصية البسيطة، عملاً بنص المادة (54) من قانون الشركات التي نصت على أن (1- تطبق على تأسيس شركة التوصية وحلها فيما يخص الشركاء الموصين القواعد الموضوعية لتأسيس شركات التضامن وحلها -2- تخضع شركات التوصية بصورة عامة للقواعد الواردة على شركات التضامن...إلخ).
اما الفقرة (4) من المادة (45) شركات فقد حددت كيفية واجراءات تقدير حصة وحقوق الشريك المتوفي في الشركة التضامنية ، فقد نصت هذه الفقرة على إنه (في جميع الأحوال تعين قيمة حقوق الشريك المتوفي أو المنسحب أو الذي قررت المحكمة إخراجه بموجب قائمة جرد خاصة مالم ينص عقد الشركة على طريقة أخرى للتخمين فتتبع هذه الطريقة، وفي حالة الإختلاف تقوم المحكمة المختصة بهذا العمل عن طريق خبير أو أكثر).
ففي كل الحالات أي سواء ورد في النظام الاساسي للشركة التضامنية على حل الشركة التضامنية بوفاة احد الشركاء أو لم يرد هذا النص وسواء قرر ورثة الشريك المتوفي الاستمرار في الشركة أو عدمه، ففي كل الأحوال ينبغي على الورثة الاحياء تحديد حصة المورث الشريك المتوفي في الشركة التضامنية بحسب الاجراءات المقررة في النص القانوني السابق، فاذا ورد في النظام الاساسي نص على حل الشركة بوفاة احد الشركاء ففي هذه الحالة تنتهي شراكة المورث في الشركة التضامنية ،فبعد التصفية تتحول حصة المورث وحقوقه في الشركة التضامنية إلى نقود يتم إدراجها ضمن أموال التركة القابلة للقسمة الفورية ، واذا كانت اجراءات تقدير حصة وحقوق الشريك المتوفي في الشركة التضامنية سوف تستغرق وقتا طويلا فانه يتم تاجيل قسمتها حتى لاتكون سببا في تعطيل قسمة الأموال القابلة للقسمة الفورية، وكذلك الحال إذا قرر ورثة الشريك المتوفى الانسحاب من الشركة التضامنية رغم عدم وجود نص في النظام الاساس على حل الشركة بموت الشريك، وكذا يجب تقدير الحصةة والحقوق التابعة لها حسب الاجراءات السابق ذكرها إذا قررالورثة البقاء في الشركة إذا لم يرد نص على حل الشركة بوفاة احد الشركاء.
وتسري الاجراءات السابق ذكرها الخاصة بشركات التضامن تسري عند تصفية وقسمة حصة الشريك المتوفي تسري هذه الاجراءات عند وفاة الشريك في شركات التوصية البسيطة ، عملاً بنص المادة (54) من قانون الشركات التي نصت على أن (1- تطبق على تأسيس شركة التوصية وحلها فيما يخص الشركاء الموصين القواعد الموضوعية لتأسيس شركات التضامن وحلها -2- تخضع شركات التوصية بصورة عامة للقواعد الواردة على شركات التضامن...إلخ).
الوجه الثالث: قسمة أسهم الشريك المتوفي في الشركة المساهمة المفتوحة والمقفلة وشركات التوصية بالأسهم:
الشركات المساهمة المفتوحة شركات كبرى يصل المساهمون فيها إلى ملايين الأشخاص أو عشرات الآلاف مثل يمن موبايل والبنك اليمني للإنشاء والتعمير في اليمن، وأسهم الشركات المساهمة المفتوحة قابلة للتداول أي قابلة للبيع والشراء في سوق الاوراق المالية (البورصة) أو في السوق العادية بحسب أسعار البورصة أو أسعار السوق حسبما هو مقرر في المادة (100) شركات.
وموت الشريك المساهم في الشركة المساهمة المفتوحة غير مؤثر إلا على الشريك المتوفي نفسه الذي تنتهي ذمته المالية ، وتنتقل حصته وحقوقه في الشركة المساهمة إلى ورثته الشرعيين، فلايترتب على موت الشريك حل الشركة كما هو الحال في شركات التضامن، وفي هذا المعنى نصت المادة (101) شركات على إنه (-2- إذا انتقلت ملكية السهم الاسمي بطريق الإرث أو الوصية وجب على الوارث الموصى له أو من يقوم مقامهما أن يطلب قيد نقل الملكية في سجل الأسهم، ويؤشر على السهم بما يفيد نقل ملكيته بطريق الإرث أو الوصية).
وبما أن هذا النص قد صرح بأن ورثة الشريك المتوفي في الشركات المساهمة يحلوا محل مورثهم فإن أسهم مورثهم تؤول إليهم، وبموجب ذلك فأنه يحق للورثة تقاسم هذه الأسهم ، وبموجب ذلك فان الورثة يستطيعون الإستمرار في هذه الشركة خلفاً لمورثهم المتوفي، وعندئذٍ تظل حصة المورث الشريك المتوفي شائعة بين ورثته جميعاً اذا لم تتم قسمتها ، كما قد يتفق الورثة على تقسيم هذه الحصة فيما بينهم بحسب الفرائض الشرعية، وعندئذٍ يحل كل وارث محل مورثه المتوفي بحدود نصيبه في تلك الحصة، كما أن بإمكان الورثة عند قسمة أموال التركة كلها أن يحددوا حصة مورثهم في الشركة المساهمة لأحد الورثة، بالإضافة إلى أنه بوسع الورثة للاسهم في الشركة المساهمة أن يبيعوا الاسهم التي ورثوها من مورثهم الشريك المتوفي إلى الشركاء الآخرين في الشركة المساهمة اذا كانت الشركة المساهمة مقفلة أو بيع تلك الاسهم لغير للشركاء المساهمين في السوق اذا كانت الشركة المساهمة مفتوحة وكانت اسهمها متداولة في السوق.
اما بالنسبة لشركات التوصية بالأسهم فإن أسهم المورث المتوفي الشريك فيها تخضع للقواعد التي تسري على أسهم المورث في الشركات المساهمة ،عملاً بالمادة (239) شركات التي نصت على أن (تسري على شركة التوصية بالأسهم الأحكام الخاصة بمالية الشركة المساهمة)، ومعنى ذلك أنه للورثة تقاسم اسهم الشريك مورثهم مثلما يتم تقاسم اسهم الشريك في الشركة المساهمة السابق بيانها.
الوجه الرابع: قسمة اسهم المورث الشريك في الشركات المحدودة:
عند موت المورث الشريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة فإن ورثته يحلوا محل مورثهم، حسبما هو مقرر في الفقرة (ج) من المادة (254) شركات التي نصت على أن (ج- تنتقل حصة كل شريك إلى ورثته) ، وعملاً بهذا النص فإن الورثة جميعاً بعد وفاة مورثهم يصيروا شركاء على الشيوع في حصة أو اسهم مورثهم في الشركة المحدودة قبل قسمتها ، كما انه بوسع الورثة أن يتقاسموا اسهم مورثهم فيما بينهم بحسب الفرائض الشرعية فيصيروا شركاء في الشركة في حدود الاسهم التي الت لكل واحد منهم ، كما أن الورثة قد يتفقوا على جعل الحصة كاملة أو الاسهم لأحدهم ، وبموجب ذلك يتم التأشير بذلك على شهادة الأسهم أو في دفتر الأسهم بما يفيد إنتقال الاسهم إلى الوارث أو الورثة الذين صارت الاسهم من نصيبهم، والله اعلم.
![]() |
قسمة أسهم المورث في الشركات |