حكم الزواج بالمريض مرض الموت
للزواج في الشريعة الإسلامية حكم بالغة منها تحصين الفروج وحفظ النسل البشري وتعمير الارض وإماتة الأنانية وإنشاء أسرة قوامها حسن العشرة، إضافة إلى أن مرض الموت في غالب أحواله يؤثر على إدراك المريض والقدرة العقلية له ،إضافة إلى أن هدف المتزوج بالمريض مرض الموت هو الحصول على نصيب من ارث المريض المشرف على الموت أو مزاحمة ورثة المريض ، فالغرض من هذا الزواج العجيب هو الحصول على نصيب التركة المتوقعة للرجل المريض، ولأن مرض الموت في بعض الحالات يؤثر على إدراك المريض وإختياره فأنه لا يصح،
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22-1-2012م في الطعن رقم (43755)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى بأنه:
(من خلال الإطلاع على الدفع والرد وسماع أقوال الطرفين وشهادة الشهود التي دلت على أن المتوفي... (الحريو/ العريس ) كان مريضاً مرض الموت ، وكان قعيد الفراش لا يتحرك ، وانه كان يدرك الأشخاص ولكنه لا يدرك أفعالهم)،
وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا:
(ومن المعلوم أن أسباب التوارث النكاح الصحيح فإن لم يكن كذلك ومات الزوج فلا ترثه لأن نكاح المذكورة باطل)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية مرض الموت:
اختلف الفقهاء في تعريف مرض الموت إلى عدة أقوال: فقد ذهب الشافعية إلى تعريف مرض الموت بأنه: المرض الذي يستتبعه الموت غالباً، وذهب المالكية إلى أن مرض الموت: هو المرض الذي حكم الطب بكثرة الموت به كالسل والقولنج والحمى القوية، وعرّف الحنابلة مرض الموت بأنه: ما يكثر حصول الموت منه واتصل به الموت.
ويندرج ضمن مفهوم المريض مرض الموت الشخص المحكوم عليه بالإعدام والشخص الذي يتبارز مع آخر والشخص الذي يبقى على خشبة من السفينة بعد غرقها، (الوحيز في أحكام الأسرة، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص56) .
الوجه الثاني: حكم الزواج بالمريض مرض الموت:
ذهب الشافعية والزيدية والحنفية والحنابلة إلى أن الزواج في حال مرض الموت صحيح سواءً من حيث صحة العقد وتوريث كل واحد من الزوجين صاحبه، واستدلوا بعموم قوله تعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} واستدلوا بما روي عن إبن مسعود رضي الله عنه أنه قال (لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها لتزوجت خوف الفتنة) ، وكذا بما ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال (زوجني أني أكره أن القى الله عزباً). (الموسوعة الفقهية الكويتية 37/22).
الوجه الثالث: الغرض من الزواج في مرض الموت:
الغرض من الزواج في الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية اليمني هو: تحصين الفروج وحفظ النسل وتعمير الارض وإماتة الأنانية وإنشاء أسرة قوامها حسن العشرة، ولاريب أن هذه الحكم البالغة منتفية في الزواج بالمريض مرض الموت، فالغرض من الزواج بالمريض مرض الموت هو الحصول على نصيب من الإرث المتوقع من المريض مرض الموت، إضافة إلى أن مرض الموت قد يكون مؤثراً على الادراك والقدرة العقلية للمريض مرض الموت.
واذا كان الغالب في الزواج بالمريض مرض الموت هو الحصول على نصيب من تركة المريض المتوقعة غير انه في بعض الأحوال قد تكون هناك بواعث شرعية لزواج المريض ، فقد وجدنا في الوقت الحاضر ان بعض الفقهاء قد تزوج بالممرضة التي ترعاه في مرضه حتى تلامسه وتلازمه وتخلوا به في حجرته، وهناك من غير العلماء من تزوج وهو مريض بغرض وجود إمرأة إلى جواره تعتني به وتوانسه وليس بقصد تحصين الفروج وحفظ النسل، ويطلق على هذا النوع من الزواج (زواج الموانسة)، (الوحيز في أحكام الأسرة، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص59) ، والله أعلم.
![]() |
حكم الزواج بالمريض مرض الموت |