إشكالية إعادة بناء وإصلاح الابنية القديمة في اليمن

 إشكالية إعادة بناء وإصلاح الابنية القديمة في اليمن

إشكالية إعادة بناء وإصلاح الابنية القديمة في اليمن
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

 من الامثلة الشائعة في اليمن المثل القائل (في الشراكة خراب الدور)، فهذا المثل له مصداقيته في الواقع العملي، فمن المشاهد المالوفة في اليمن سيما في القرى مشاهدة غالبية القرى اليمنية القديمة خاربة ان لم تكن كلها بسبب كثرة عدد الورثة المشتركين في الابنية والدور القديمة لعدة اجيال من الورثة ، وبسبب هذه الوضعية هجر الورثة هذه الدور حتى خربت.

علما بان مواقع القرى اليمنية القديمة من افضل المواقع على مستوى العالم من كافة النواحي بما فيها الناحية الصحية والاقتصادية والامنية ومن حيث ملائمة بنائها للمناخ السائد في المنطقة ،وكذا من حيث المحافظة على الأراضي الزراعية لأن القرى القديمة كان يتم بنائها بعيدا عن الأراضي الزراعية.

وبسبب مشاكل الاشتراك بين الورثة في الابنية القديمة في القرى، يترك الورثة أهل تلك القرى يتركوا الابنية القديمة للخراب ، ويقوموا بالبناء في الأراضي الزراعية خارج القرى القديمة.

والمبرر الحاضر في اذهان الورثة في تلك الابنية القديمة وغيرهم ان إشكالية الاشتراك المعقد في تلك الابنية لعدة اجيال لاعلاج له في الشريعة والقانون ، ولهذا يتعمد الورثة وغيرهم ترك الابنية القديمة خالية حتى تخرب، رغم إحتياج بعض الورثة وغيرهم لإعادة بنائها وتحديثها وإدخال الخدمات الحديثة إليها كالماء والمجاري والكهرباء.

ولاشك ان مواقع القرى القديمة ومواد البناء في الابنية القديمة يتم تركها بدون إستغلال ، وفي ذلك إهدار للامكانيات والموارد القومية للمجتمع.

 وقد قررت الشريعة الاسلامية السمحاء والقانون المدني اليمني المعالجات الشرعية والقانونية المناسبة لحالة الإشتراك في الابنية القديمة وغيرها ، ومن هذه المعالجات إجبار الورثة المشتركين في هذه الابنية على بيع انصبتهم في تلك الابنية الى الورثة الآخرين أو غيرهم ، وكذا إجبار الورثة المشتركين فيها على إصلاح ماتهدم منها اذا كانت صالحة للانتفاع المشترك بها من قبل جميع المشتركين فيها، وكذا اجبار ملاك الابنية القديمة المتهدمة على منح اصحاب الابنية الأخرى الصالحة للاستعمال منحهم طريق للوصول الى دورهم التي يتم الانتفاع بها ،بل ان الشريعة والقانون قررا إجبار اصحاب الانصبة الضئيلة في الابنية القديمة على بيعها لاصحاب الانصبة الاكبر ، ومن هذا المنطلق فقد قضى الحكم محل تعليقنا بانه اذا قام احد الورثة في البناء القديم بهدمه وإعادة بنائه فان الشركاء في البناء لايكونوا شركاء في البناء الجديد المقام مكان البناء القديم وانهم لايستحقوا الا قيمة نصيبهم في الارض التي كان البناء القديم قائما عليها بالإضافة نصيبهم في قيمة انقاض البناء المهدوم.

 اما إذا قام احد الورثة المشتركين في البناء القديم پإصلاح البناء وترميمه وإعادة تأهيل البناء القديم وترميمه وفتح النوافذ المناسبة وإدخال الخدمات الحديثة إليه كالماء والمجاري والكهرباء حتى يكون صالحاً للسكن حسب المواصفات الحديثة، ففي هذه الحالة فإن الوارث يستطيع اجبار الورثة الآخرين الشركاء في البناء على دفع تكاليف الاصلاح كل واحد منهم بقدر نصيبه في البناء.

وقد اشار الى هذه المسالة المهمة الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 8/1/2017م في الطعن رقم (58698)، المسبوق بالحكم الابتدائي الذي قضى (برفض دعوى تمييز حق المدعي في البناء الحديث المقام على انقاض البناء القديم الذي كان نصيبه فيه هو النصف إلا الثمن، حيث قضى الحكم الابتدائي بأن المدعي لا يستحق إلا قيمة نصف الأرض المقام عليها البناء الحديث بالإضافة إلى قيمة نصف الانقاض وهي الحجارة، وعند إستئناف الحكم الابتدائي أيد الحكم الاستئنافي الحكم الابتدائي، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي، أقرت الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: (فقد وجدت الدائرة: أن حكم الاستئناف موافق للشرع والقانون لما علل به واستند إليه في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي بثبوت استحقاق المدعي للناصفة الا الثمن من البناء القديم ، وانه لايستحق الا قيمة نصف ارض البناء القديم إلا الثمن وكذا نصف قيمة الحجارة ، ورفض طلب المدعي تمييز الحصة المدعى بها في البيت الجديد المقام محل البيت القديم)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الاول: الوضعية الواقعية للأبنية القديمة في القرى

المقصود بالابنية القديمة هنا: هي الأبنية القديمة التي ليست ابنية اثرية او تاريخية ، والابنية القديمة بحسب هذا المفهوم غالباً ما تكون مساحاتها صغيرة ، وقد تكون ملاصقة لغيرها من الأبنية، ومبنية بعضها على بعض أو فوق بعض ، ولذلك تكون جدرانها وسلالمها مشتركة ، كما تكون الطرق المؤدية إليها ضيقة لاتستطيع السيارات الدخول إليها ونقل مواد البناء والاثاث اليها واخراج الانقاض منها.

كما أن تصميمها القديم لا يناسب الإحتياج في الوقت الحاضر فنوافذها ضيقة ومواد البناء المستعملة فيها من الحجارة والتراب والخشب، وغالباً تحتاج إلى ترميم وإصلاح، وبعضها آيل للسقوط والتهدم.

كما أن الورثة في هذه الأبنية متعاقبون لأجيال عدة ، ولذلك يتعدد فيها الورثة جيل بعد جيل ، وتتوزع أنصبتهم فيها إلى مساحات ضئيلة (قراريط أو أذرع)، ولذلك يتعذر على الورثة الإنتفاع المشترك بها أو إستثمارها، ويحجم الكثير عن شرائها والإنتفاع بها لتعدد الورثة وكثرتهم فيها ونزاعهم بشأنها حسبما يفهم غالب الناس.

وعلى أساس ما تقدم تظهر غالبية القرى اليمنية القديمة ان لم تكن كلها وهي خاربة ومهدمة لهجر سكانها لها وعدم معالجة مسألة الملكية المشتركة فيها.

الوجه الثاني: الوضعية الشرعية والقانونية للملكية المشتركة في الأبنية القديمة

تحرص الشريعة الاسلامية السمحاء على فض الشراكات المفضية الى النزاعات والخصومات بين الناس سيما الورثة الاقارب ، لأن النزاع يولد الضغائن ويسمم العلاقات بين افراد المجتمع ويهدد السلم والامن داخل المجتمع بل داخل الاسرة الواحدة ويقطع اواصر القربى والرحم ، ولذلك انزل الله ايات المواريث وندب وارشد إلى قسمة التركات لفض الشراكة بين الورثة ، وكذا قرر الشرع الشفعة دفعا لمضار الشراكة والجوار ، ولبيان موقف القران الكريم من الشراكة في البيوت القديمة وغيرها ، فقد قال تعالى (وأن كثيرا من الشركاء ليبغي بعضهم على بعض الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم)، ومفهوم هذه الاية الكريمة انه يجوز اجبار الورثة على فض ألشراكة في الابنية القديمة لتضرر الورثة منها وعدم انتفاعهم بها بل وتعطيل منفعتها، وفي ذلك ضرر على الورثة والمجتمع حسبما سبق بيانه.

ولا شك أن الحكم القانوني للملكية المشتركة للأبنية لا يفرق بين الأبنية القديمة والأبنية الحديثة، ومن هذا المنطلق فإن الشرع يحترم الملكية المشتركة مثلما يحترم الملكية الخاصة المفرزة أي غير المشتركة ويحمي الشرع والقانون الملكية بصفة عامة مهما كانت قيمتها.

فالمعالجة الشرعية والقانونية الناجعة للأبنية القديمة المشتركة غيرالقابلة للقسمة العينية والتي لم يعد الورثة ينتفعوا بها المعالجة لهذه الحالة هو بيع الابنية القديمة وقسمة ثمنها على الورثة بحسب النصيب الشرعي لكل وارث، لكن ضآلة قيمة الأبنية القديمة سيما في القرى تحوّل دون بيعها لقلة ثمنها وكثرة الورثة، إضافة إلى أن مجرد كونها مشتركة بين ورثة عدة تجعل الأشخاص يمتنعوا من شرائها لقلة الوعي الشرعي والقانوني بشأن التعامل معها، وبسبب قلة الوعي الشرعي والقانوني فإن الورثة يحجموا عن إعادة تأهيل وإصلاح الأبنية القديمة المشتركة فيهجروا سكنها والإقامة فيها، ويتركوا تلك الأبنية للخراب، وهذا هو المظهر العام لكافة القرى اليمنية القديمة.

ووفقا لأحكام القانون المدني فإن الأبنية القديمة المشتركة تخضع للنظام القانوني العام للملكية المشتركة.

 والإشتراك في الأبنية القديمة يختلف بحسب نوع الإشتراك فقد يكون الإشتراك من غير شيوع أي إشتراك في الجدران والأسقف والسلالم (الدرج) والممرات فقط ، وقد يكون هذا الإشتراك على الشيوع في البناء كاملا ، وسنبين احكام ذلك تباعا في الاوجه الاتية.

الوجه الثالث: الإشتراك في جدران واسقف وسلالم الأبنية القديمة والاشتراك في البناء على الشيوع

فالاشتراك يكون على نوعين: النوع الأول: الاشتراك في االجدران والسلالم (الدرج) ومدخل البناء أو الممر اليه، ويتحقق هذا النوع من الاشتراك بسبب انه قد سبق تقسيم البناء بين الورثة أو الشركاء حيث صار نصيب كل وارث أو شريك محدداً في البناء كسبق تقسيم البناء إلى طابق لفلان وفلان وطابق لفلان وفلان أو غرفة لفلان وغرفة لفلانة وفلانة وحق العلو لفلان وهكذا واربعة أذرع لفلان في الغرفة، ففي هذه الأحوال يكون الوارث او الشريك مالك ملكية خالصة لما تقرر له بموجب القسمة وأيضاً يكون مالكاً على سبيل الشيوع مع غيره من الورثة أو الشركاء الآخرين للمرافق المشتركة للبناء كالأرض التي يقوم عليها البناء والجدران والسلالم ، وتكون الملكية للمرافق المشتركة على سبيل الشيوع بقدر نصيب كل وارث، كما قد يتحقق هذا النوع من الشيوع نتيجة طيبة وتساهل وتسامح اجدادنا وابائنا المتقدمين فقد كانوا يسمحوا لجيرانهم بالبناء ووضع الاسقف على جدرانهم بل كانوا يسمحوا لجيرلنهم بالبناء على اسقف منازلهم.

اما النوع الثاني من الاشتراك فهو الاشتراك بين الورثة أو الشركاء على الشيوع في المبنى القديم كاملا ، وليس الإشتراك فقط في بعض اجزائه حسبما سبق بيانه في النوع الأول.

الوجه الرابع: حكم إصلاح الجدار المشترك في الأبنية القديمة

سبق القول أن الأبنية القديمة تكون في غالبها متلاصقة حيث يكون الجدار مشترك فيتم وضع اخشاب الجارين المتلاصقين عليه،وقد يتم الإشتراك في الجدران عن طريق قسمة البناء القديم بين اكثر من وارث ، فيشترك المتقاسمون في الجدران حينما يسبق قسمة البناء القديم إلى طوابق وغرف.

وقد بينت المادة (1168) مدني أحكام صيانة الجدار المشترك كالجدار الفاصل بين غرفة وغرفة فقد نصت هذه المادة على أنه (للمالك في الجدار المشترك أن يستعمله بحسب ما اعد له، وله أن يضع فوقه عوارض ليسند عليها السقف دون أن يحمل الجدار فوق طاقته وإذا اصبح الجدار المشترك غير صالح للغرض الذي خصص له عادة فإن نفقة إصلاحه أو تجديده تكون على الشركاء كلٍ بنسبة حصته فيه) وعلى أساس هذا النص فإن كل شريك في الجدار ملزم قانوناً بإصلاح الجدار ، فاذا قام احدهما بإصلاح الجدار فيحق له الزام الشريك بالوفاء بنصيبه من تكاليف إصلاح الجدار المشترك.

اما إذا قام أحد الشركاء بتعلية الجدار إذا كانت مصلحته تستدعي ذلك كالبناء فوق الغرفة الخاصة به فأنه يتحمل كلفة بناء الجدار أو إصلاحه بعد بنائه، وفي هذا المعنى نصت المادة(1169) مدني على انه (إذا كانت لأحد الشركاء في الجدار المشترك مصلحة في تعليته فإن له أن يعليه على نفقته وعليه عمل ما يلزم لجعل الجدار يتحمل زيادة العبء الناشئ عن التعلية وصيانة الجزء المعلى وإذا كان الجدار غير صالح لتحمل التعلية فإن لمن يريد التعلية من الشركاء أن يعيد بناءه كله على نفقته مراعياً جعل الزيادة في سمكة في ناحية ملكه ويظل الجزء المجدد دون التعلية مشتركاً دون الرجوع على باقي الشركاء)، وبناءً على النصين السابقين فإن الشركاء في الجدار المشترك ملزمون بإصلاحه وعدم تركه عرضة للخراب وانه إذا قام احد الشركاء باصلاحه فيحق له الزام الشريك الآخر بدفع نصيبه من تكاليف الاصلاح.

الوجه الخامس: إصلاح السقف الفاصل بين الطوابق المشتركة في البناء القديم

الأسقف في البيوت القديمة: هي التي تفصل بين كل طابق وطابق أو بين الغرفة السفلى والغرفة العليا ، فالسقف حينما يثبت انه ملك خاص بصاحب الطابق الأسفل أو الغرفة السفلى التي يغطيها السقف، فالسقف تابع للطابق الأسفل ، ومع ذلك فإن حق صاحب الطابق الأعلى الذي يقوم طابقه أو غرفته على السقف حق صاحب العلو يتعلق بهذا السقف ،لأن السقف قاع الطابق أو الغرفة العليأ، ولذلك فقد ألزم القانون صاحب السقف وهو صاحب الطابق الأسفل أو صاحب الغرفة السفلى ألزمه القانون بإصلاح السقف التابع له حتى يتمكن صاحب العلو وهو صاحب الطابق الأعلى منه حتى يتمكن من الإنتفاع بحقه، وفي هذا المعنى نصت المادة (1175) مدني على أن (يجبر رب السفل على إصلاحه لكي ينتفع صاحب العلو بعلوه فإن تمرد أو كان غائباً فلصاحب العلو أن يلجأ إلى القضاء ليأذن له بإصلاح السفل والرجوع على مالكه بما انفق).

وفي السياق ذاته نصت المادة (1176) مدني على أنه (لكل من مالكي السفل والعلو أن يفعل في ملكه ما لا يضر بالآخر في نفسه أو في ماله، فإن فعل أحدهما ما يضر بالآخر وكان غير مألوف ضمن ما يترتب على ذلك).

اما المادة (1177) مدني فقد بينت ملكية السقف الفاصل بين الطوابق التي تكون محل خلاف بين مالك السفل والعلو، فقد نصت هذه المادة على أن (السقف الذي يفصل بين السفل والعلو شركة بينهما مالم يقم أحد المالكين الدليل على غير ذلك).

ومن خلال إستعراض النصوص السابقة يظهر أن مالك السفل ملزم بإصلاح السقف وإن على صاحب العلو إلزام صاحب السفل بإصلاح السقف ولا يتركه للخراب.

الوجه السادس: إزالة الشيوع في الأبنية القديمة المملوكة على الشيوع

في بعض الحالات يكون البناء القديم كاملا مملوكاً على الشيوع بين جميع الورثة حينما لا تتم قسمته بين الورثة كغرف أو طوابق، حيث يمتلك كل وارث نصيبه الشرعي في كل أنحاء واجزاء البناء على وجه الشيوع، ويتسبب هذا الشيوع في الأبنية القديمة يتسبب في خرابها لشعور كل وارث أو شريك بأن البناء ليس مملوك له كله وانما مملوك على الشيوع لورثة أو شركاء عدة، ولذلك تكون الأبنية القديمة عرضة للخراب لقلة الوعي الشرعي والقانوني لمعالجة الشيوع في البناء القديم، ومن هذه المعالجات حق أحد الورثة في بيع نصيبه لشريكه أو الورثة الآخرين، حتى ان البيع في هذه الحالة يكون واجباً على الوارث أو الشريك بحكم القانون، وفي هذا المعنى نصت المادة (1183) مدني على أنه (ليس للشريك أن يجبر شريكه على التصرف في حصته له أو لغيره، وتستثنى من ذلك حالة ما إذا كانت حصة الشريك مما لا لاينتفع به فيجبر مالكها على بيعها لشريكه إذا طلب شراءها، ويجبر الشريك على شرائها بثمن المثل إذا طلب مالكها بيعها له).

فوفقاً لحالة الاستثناء المقررة في هذا النص فأنه بالإمكان إزالة الشيوع في الأبنية القديمة عن طريق إجبار الورثة على بيعها وشرائها لإزالة الشيوع على النحو المقرر في هذا النص.

اما إذا تعذر الإنتفاع أو القسمة العينية للبناء المملوك للورثة على الشيوع فأنه ينبغي بيع البناء وتقسم قيمته على الورثة جميعاً لكل وارث بحسب نصيبه الشرعي، حسبما هو مقرر في المادة (1202) مدني التي نصت على أنه (إذا كان المال المشترك عيناً لا تقبل القسمة وكان في المهايأة فيها ضرر فتباع ويقسم ثمنها على الشركاء فيها كلٍ بقدر حصته ويجبر المتمرد ويقدم الشريك في الشراء) ، فهذا النص يفيد الوجوب لإزالة الشيوع في الأبنية القديمة وغيرها الذي يتسبب في خرابها.

الوجه السابع: إصلاح وصيانة الأبنية القديمة المملوكة بين الورثة أو الشركاء على الشيوع

وفقاً للمادة (1185) مدني فإن أغلبية ما لكي الأنصبة في البناء القديم المشترك على الشيوع يستطيعوا صيانة البناء والمحافظة عليه، ويتم إحتساب تكاليف ذلك على جميع الملاك كلٍ بحسب نصيبه بإعتبار ذلك من قبيل أعمال الإدارة للبناء المشترك.

فإذا لم تتحقق الأغلبية أو لم يطلبوا ذلك فإن لكل شريك في البناء القديم أن يلجأ إلى القضاء للمطالبة بإصلاح البناء ،حسبما هو مقرر في المادة (1187) مدني.

بل أن المادة (1189) مدني قد نصت على أنه (لكل شريك في المال الشائع الحق في أن يقوم بالأعمال اللازمة لصيانة المال المشترك وإعماره وحفظه، وليس له الرجوع على باقي الشركاء إلا إذا حصل على موافقتهم أو حصل على إذن من القضاء مقدماً بإجراء الأعمال اللازمة أو كان العمل ضرورياً لا يحتمل التأخير أو ما جرى به العرف).

الوجه الثامن: قيام صاحب أغلبية الأسهم أو الأنصبة بهدم البناء القديم الآيل للسقوط وإقامة بناءً حديث مكانه

قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يحق لصاحب نصف الأنصبة فاكثر في البناء القديم المملوك على الشيوع يحق له أن يقوم بإزالة البناء المهدوم أو الآيل إلى السقوط وإقامة بناء جديد مكانه، وعندئذٍ لا يحق للشريك في البناء القديم المطالبة بنصيبه في البناء الجديد، لأنه ليس شريكا في البناء الجديد، وإنما كان شريكاً في البناء القديم الذي تمت إزالته.

غير أنه يحق للشريك في البناء القديم المطالبة بقيمة نصف الأرض التي كان البناء القديم قائما عليها، بالإضافة إلى نصف انقاض البناء القديم بحسب ما يقدره خبيران، لأن حق الشريك كان متعلقاً بالبناء القديم وليس متعلقاً بالبناء الجديد، إضافة إلى أن البناء القديم كان مهجوراً لا ينتفع به الشريك المدعي، وبما أنه لا يمتلك إلا نصف البناء القديم إلا الثمن فأنه لا يستحق إلا قيمة نصف الأرض بالإضافة إلى نصف قيمة الحجارة انقاض البناء القديم.

الوجه التاسع: شق طريق السيارات داخل القرية القديمة لضمان تاهيل وتطوير ابنيتها القديمة للانتفاع بها 

سبق القول ان غالبية ملاك الابنية القديمة أو الشركاء فيها قد هجروها بسبب تعذر نقل مواد البناء الحديثة والاثاث الحديث إلى الابنية القديمة داخل القرية القديمة، ولذلك نلاحظ ان الانتفاع بالابنية القديمة في القرى قاصر على الابنية التي تقع في اطراف القرى القديمة لسهولة الوصول إليها.

ولمعالجة هذه الاشكالية فان الدستور وقانون الطرق قد ضمنا حق التجمعات السكانية القديمة والحديثة في الحصول على حق الانتفاع بالطرق للوصول الى املاكهم بيسر وسهولة ، كما أن القانون المدني اليمني قد صرح باحقية صاحب الارض المحبوسة التي لاطريق لها صرح باحقية صاحب تلك الارض في الحصول على طريق إلى ارضه المحبوسة ، ويسري هذا الحكم على المنزل القديم المحبوس الذي لا تستطيع وسائل النقل الحديثة الوصول إليه ، وفي هذا الشان نصت المادة (1166) مدني (لملاك الأراضي المحبوسة عن الطريق العام المرور في الأراضي المجاورة للوصول اليها بحسب العرف، وينشاء الممر في الارض التي يكون المرور فيها اخف ضررا)، والله اعلم.