الصفة في دعاوى الوقف

الصفة في دعاوى الوقف

الصفة في دعوى الوقف
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

الصفة والمصلحة شرطا الدعوى، وتتعلق الصفة بالنسبة لدعاوى الوقف تتعلق بالولاية على الوقف،اي بالشخص الذي يتولي ادارة الوقف ،كما أن للصفة والمصلحة بالنسبة لدعاوى الوقف علاقة بمصلحة الموقوف عليه بإعتبارهم المستفيدين من الوقف، فلا تقبل الدعوى ولا توجه في قضايا الوقف إلا من قبل ولي الوقف أو ناظره أو من قبل الموقوف عليهم عند انتقال الولاية اليهم بإعتبارهم أصحاب المصلحة في المال الموقوف عليهم ، غير ان الصفة والمصلحة في دعاوى الوقف لاتتزاحم لأن قانون الوقف قد رتب الولاية على الوقف على التعقيب: أولا الواقف فان مات يكون الولي على الوقف من بعده الولي الذي يعينه الواقف، فان مات أو بطلت ولايته انتقلت الولاية إلى هيئة الاوقاف..، فلاتتداخل الولاية على الوقف ، لان قانون الوقف منع تعدد الاولياء على الوقف ، لان تعددهم يؤدي إلى الفوضى وضياع أموال الوقف.
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12-2-2017م في الطعن رقم (58838)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وبعد الإطلاع على الحكم الابتدائي وما تبعه من محكمة الاستئناف وحكمها بتأييد الحكم الابتدائي بجميع فقراته لثبوت عدم تحقق صفة المستأنفة في رفع الدعوى لكونها ليست من ذرية الواقفة أو الموقوف عليها، فقد وجدت الدائرة : أن حكم الاستئناف بتأييده الحكم الابتدائي موافق من حيث النتيجة لأحكام الشرع والقانون لما أوضحه وعلل به واستند إليه، مما يتعين رفض الطعن لعدم وجود سبب لقبوله موضوعاً أمام المحكمة العليا وفقاً لأحكام الشرع والقانون)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: الصفة والمصلحة في الدعوى

بصفة عامة: يذهب بعض شراح قانون المرافعات إلى أن الصفة في الدعوى مستقلة تماماً عن المصلحة، فالصفة في الدعوى: سلطة مباشرة الدعوى قررها القانون لصاحب الحق المعتدى عليه أو المهدد بالإعتداء، في حين أن المصلحة في الدعوى: هي تحري الفائدة أو المنفعة التي تعود على الخصم من رفع الدعوى أو دفعها أو الرد عليها.

فالصفة تعني: أن يكون للشخص صفة قانونية تجعله مخوّلاً لرفع الدعوى، فيما تعني المصلحة: أن يكون للشخص مصلحة قانونية شرعية وملموسة في رفع الدعوى.

وبشأن الصفة في الدعوى نصت المادة (74) من قانون المرافعات اليمني على أنه (لا ينتصب أحداً خصماً عن غيره بصفته ممثلاً له في الدعاوى التي تقام إلا بوكالة أو ولاية أو وصاية)، اما بشأن المصلحة في الدعوى فقد نصت المادة (75) مرافعات على أنه (لا تقبل أي دعوى أو طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الإحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه).

الوجه الثاني: الصفة في دعاوى الوقف تكون لصاحب الولاية على الوقف

المقصود بدعوى الوقف: الدعاوى المتعلقة بأموال الوقف سواءً كان الوقف خيرياً أم أهلياً، ولا شك أن الصفة في الدعوى على النحو السابق بيانه في الوجه السابق متعلقة بمفهوم الولاية على الوقف، لأن المتولي على الوقف أو ناظر الوقف هو الممثل الشرعي والقانوني للوقف الذي يتولى تمثيله أمام كافة الجهات بما فيها تمثيل الوقف أمام القضاء.

لأن مفهوم الولاية على الوقف: يعني تمثيل الوقف أمام القضاء وإدارة أموال الوقف كتحصيل عائداتها والإنفاق على إصلاحها وتأجيرها وعزل الأجير لها، كما يندرج ضمن مفهوم الولاية على الوقف المحافظة عليه والمطالبة نيابة عن الوقف بحقوق الوقف والدفاع عنه أمام القضاء وغيره.

وهذا المعنى ظاهر في المادة (66) من قانون الوقف التي نصت على أنه (يجب على المتولي على الوقف المحافظة على عين الوقف وعين الموقوف عليه وأملاك الوقف المشتراة من فائض غلته ورعايتها وإصلاح ما تلف منها وإجراء الترميمات وغيرها مما يلزم لصيانتها..الخ)، وفي السياق ذاته نصت المادة (55) وقف على أن من إختصاصات المتولي للوقف إصلاح عين الوقف والصرف في مصالح الوقف، فقد نصت هذه المادة على أن (إصلاح عين الوقف مقدم على الصرف في مصالحه، والصرف في مصالح الوقف مقدم على إصلاح عين الموقوف عليه، وإصلاح عين الموقوف مقدم على الصرف في مصالحه)، وكذا نصت المادة (57) وقف على أن (التصرف بالوقف منوط بتحقيق المصلحة وكل تصرف انطوى على غبن فاحش فهو باطل).

وعلى أساس ما تقدم من نصوص يظهر أن الصفة والمصلحة تتحقق في المتولي على الوقف أو الناظر عليه وهي هيئة الأوقاف بالنسبة للأوقاف العامة أو الناظر على الوقف الخاص.

 غير ان الاولياء على الوقف مرتبون على التوالي ،وقد حددت المادة (49) وقف مراتب الولاية على الوقف باتدريج، فقد نصت هذه المادة على أن (الولاية على الوقف تكون للواقف ثم لمنصوبه وصياً أو ولياً ثم للموقوف عليه ثم لذي الولاية العامة والحاكم أو من يعينه أحدهما لذلك، ويجوز لذي الولاية الخاصة إسناد الولاية لمن يرى فيه الصلاح بغير عوض).

الوجه الثالث: الصفة والمصلحة في دعاوى الأوقاف تتحقق في الموقوف عليه بحسب مرتبته في الولاية 

من المعلوم أن الموقوف عليه: هو الشخص أو الأشخاص أو الجهة التي نص الواقف على أن لهم الإنتفاع بعين الوقف أو غلاته، وعلى هذا فإن الموقوف عليه قد يكون شخصاً طبيعياً (إنسان) ، وقد يكون شخصاً إعتبارياً كجهة بر، كما قد يكون الموقوف عليه مجموعة أشخاص، فالموقوف عليه يعد من ضمن أصحاب الولاية على الوقف ، حسبما هو مقرر في المادة (49) وقف التي نصت على أن (الولاية على الوقف ، تكون للواقف ثم لمنصوبه وصياً أو ولياً ثم للموقوف عليه...إلخ).

وبناءً على هذا النص تتحقق في الموقوف عليه الصفة، غير أن صفة الموقوف عليه تأتي متأخرة عن مرتبة الواقف والولي الذي يعينه الواقف في الوقفية، وعلى هذا الأساس فلا يحق للموقوف عليه أن يرفع الدعوى نيابة عن الوقف عند وجود الواقف أو وجود الولي الذي نصبه الواقف في الوقفية ، لأن نص المادة (49) قد رتبت الأولياء على الوقف بالتوالي، فلا تتحقق الصفة في الأولياء جميعاً في وقت واحد وإنما على التوالي والتعاقب ، فإذا كان الواقف موجوداً فتكون له الولاية وإن لم يوجد فتكون الولاية للولي أو الوصي الذي عينه الواقف، فإن لم يوجدا فتكون الولاية للموقوف عليه وهكذا.

وبالإضافة إلى صفة الموقوف عليه في دعاوى الوقف فإن شرط المصلحة متحقق بالنسبة للموقوف عليه ، لأنه المستفيد من الإنتفاع بالعين الموقوفة أو غلاتها.

الوجه الرابع: الصفة عند تزاحم الاولياء على الوقف حينما تكون الولاية للموقوف عليهم المتعددين

ذكرنا فيما سبق ان الولاية على الوقف لا تتزاحم ، لأن الاولياء على الوقف مرتبون بحسب الترتيب السابق ذكره ، بيد انه من المتصور ان بتزاحم الاولياء على الوقف حينما تنتقل الولاية على الوقف إلى الموقوف عليهم ، ويكون هولاء عدة اشخاص طبيعيين أو إعتباريين تتوافر فيهم جميعا الشروط المعتبرة في الولي على الوقف ، فعندئذ يجب على هولاء الاتفاق فيما وبينهم على إختيار احدهم ، فان لم يتفقوا على ذلك فتتم القرعة بينهم ، فان لم يقبلوا بالقرعة يتم عرض الامر على القضاء لتحديد الولي منهم ، لانه لايجوز تعدد الاولياء على الوقف ، حسبما هو مقرر في المادة (54) من قانون الوقف اليمني ، وعندما يتم تحديد الولي على الوقف من بين الموقوف عليهم المتعددين فان هذا الولي يكون هو صاحب الصفة في تمثيل الوقف أمام القضاء، والله أعلم.

أسئلة شائعة

الصفة في دعوى الوقف تتعلق بالولاية على الوقف، ويجب أن تكون الدعوى مرفوعة من قبل ناظر الوقف أو الموقوف عليهم.

يملك الصفة القانونية لرفع دعوى الوقف ناظر الوقف أو من الموقوف عليهم، وفقًا للحكم الشرعي والقانوني.

نعم، إذا كان الواقف أو الولي المعين غير موجود، يمكن للموقوف عليه رفع الدعوى نظرًا لأنه من أصحاب المصلحة في الوقف.

المصلحة في دعوى الوقف تتعلق بالفائدة التي يعود بها رفع الدعوى أو دفعها، وهي تكون للموقوف عليه لأنه المستفيد من الانتفاع بالعين الموقوفة.

المتولي للوقف له اختصاصات تشمل إدارة أموال الوقف، مثل تحصيل غلاته وصيانته، بالإضافة إلى تصرفات تتعلق بتحقيق المصلحة وعدم حدوث غبن فاحش.

تحدد الولاية على الوقف بالتالي: الواقف أولاً، ثم الوصي أو الولي الذي يعينه الواقف، ثم الموقوف عليه.