حكم المسقى الخاص في القانون اليمني

حكم المسقى الخاص في القانون اليمني

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

المقصود بالمسقى الخاص هو: قيام مالك الارض الزراعية ببناء او حفر الارض لإيجاد ساقية لدخول ماء المطر إلى ارضه ، ولذلك فإن هذه الساقية تكون ملكا خاصا وخالصا لمالك الارض ، فيكون من حقه التصرف في هذه الساقية بمافي ذلك ازالتها عند اصلاحه للارض أو توسعتها على حساب الساقية أو المسقى ، ولايحق لصاحب الارض المجاورة ان يعترض على ذلك ولو كانت ارضه المجاورة تحصل على الماء الفائض من تلك الساقية:

حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 8-3-2015م في الطعن رقم (56660)، وقد ورد ضمن أسباب ذلك الحكم:

(وبرجوع المحكمة العليا إلى الحكم الاستئنافي تبين: أنه تم تسبيبه تسبيباً سائغاً وذلك بالقول: وأمام هذه الشعبة تبين من أقوال الشهود أن الشريج (المسقى) محل الادعاء كان قائماً وفي حيازة المطعون ضدهما وإنهما كانا ينتفعا به في سقي املاكهما في موضوع (...)، واتضح ان المطعون ضدهما قد ازالا ذلك الشريح وقاما بحرثه وهذا ما تم تأكيده من خلال المعاينة، ولذلك فإن الحكم الابتدائي يستحق الإلغاء)

وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: مفهوم المسقى الخاص:

المسقى الخاص أو الساقية هو: مجرى الماء الذي يقوم مالك الأرض ببنائه أو حفره لمرور وجمع ماء المطر وإسالته إلى الأرض الزراعية المملوكة له.

وتطلق على هذا (المستقى) مسميات عدة في اليمن منها (المشرب، الشريح، الجدول، العبر، الساقية...إلخ)، وقد يتم بناء المسقى كما قد يتم حفره أو شقه في الأرض على هيئة شق يصل إلى الأرض المطلوب سقي المزروعات فيها، وقد يكون المجرى متصلاً بسائلة عظمى أو سائلة فرعية أو مجرد مجرى تتجمع فيها مياه الأمطار وتصب في الأرض الزراعية المطلوب سقي مزروعاتها، ويكون مسقي الأرض الخاص تابعاً للأرض التي يسقيها.

وفي هذا المعنى نصت المادة (1361) من القانون المدني اليمني على أنه (من انشأ جدولاً أو مجرى لري أرضه فليس لأحد غيره حق الإنتفاع به إلا بإذنه، ولا يجوز لأحد الشركاء في الجدول المشترك أن يشق منه جدولاً آخر إلا بإذن باقي الشركاء).

الوجه الثاني: ملكية المسقى الخاص:

وفقاً لمفهوم المسقى الخاص السابق بيانه في الوجه الأول يظهر أن المسقى الخاص هو الذي يقوم بإنشائه مالك الأرض الزراعية بمفرده، فيقوم بإنشائه أو حفره بغرض جلب الماء إلى الأرض المملوكة له بقصد ري مزروعاته، وبحسب هذا المفهوم فإن المسقى يكون ملكا خاصاً وخالصا بصاحب الأرض ، فيكون مملوكاً له ملكية خاصة، ومؤدى ذلك أنه يجوز لمالك المسقى أن يتصرف في المسقى كيفما يشاء، فله أن يزيله ويستصلح أرض المسقى ويضمها إلى الأرض الزراعية التي كان يسقيها مثلما قضى الحكم محل تعليقنا، كما يحق لمالك المسقى الخاص أن يبني على أرض المسقى منزلاً أو بناءً حسبما اشرنا إلى ذلك في تعليق سابق، كما يحق له أن يتصرف في هذا المسقى على وجه الاستقلال عن الأرض التي يسقيها، لأن هذا المسقى تم استحداثه بفعل وجهد ومال مالك الأرض، فالمسقى في هذه الحالة لا يكون من الحقوق التبعية للارض الزراعية التي لا يجوز التصرف فيها إستقلالاً كالحق في الطريق أو الحق في المسيل من المراهق العامة إلى الأرض.

الوجه الثالث: حقوق أصحاب الأراضي الزراعية المجاورة لأرض صاحب المسقى الخاص:

سبق القول أن المسقى الخاص مملوكاً ملكية خاصة لصاحب الأرض الزراعية التي يصب فيها ماء المسقى الخاص، وعلى ذلك فإن أصحاب الأراضي الزراعية المجاورة لصاحب المسقى لايحق لهم الادعاء بالملكية المشتركة للمسقى في هذه الحالة طالما أنه من الثابت ملكية الشخص للمسقى وانه الذي ببنائه أو حفره، وعندئذٍ ليس هناك من حق لأصحاب الأراضي المجاورة كالأرض الأسفل من الأرض التي يصب فيها ماء المسقى أو تلك الملاصقة لها من أحد جوانبها، فليس لأصحاب الأراضي المجاورة من حق إلا فيما يتعلق بالماء الفائض عن حاجة سقي مزروعات صاحب المسقى، عملاً بالمادة (1364) مدني التي نصت على أنه (لا يمنع ذو الصبابة من حقه وهو ما فضل من الماء عن كفاية المتقدم في الأحياء، والعبرة بالكفاية وقت الإحياء وإذا لم يعرف فالعبرة بوقت السقي)، والله اعلم.

حكم المسقى الخاص في القانون اليمني
حكم المسقى الخاص في القانون اليمني.

©مدونة الأستاذ الدكتور/ عبدالمؤمن شجاع الدين