تصرف الوصي والمنصوب بمال القاصر
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-10-2017م في الطعن رقم (59832)، وقد ورد ضمن أسباب ذلك الحكم:
الوجه الاول: التعريف بالوصي:
الوصي: هو الشخص الذي يعينه الولي الشرعي يعينه للقيام بأمر أولاده القاصرين الذين يتولاهم، وتنفذ وصاية الوصي أو تبدأ مهمة الوصي بعد وفاة الموصي، فلا يباشر الوصي عمله أثناء حياة الولي الذي أوصاه، فهذا هو الفرق بين الوصي والوكيل، فالوكيل يقوم بمهامه أثناء حياة الشخص، اما الوصي فانه لايقوم باعمال الوصاية إلا بعد وفاة الموصي.
غير أن مفهوم الوصي في قانون الأحوال الشخصية اليمني أوسع نطاقاً من المفهوم السابق ، فقد نصت المادة (261) من القانون المشار إليه على أن (الوصي هو الذي يقيمه المورث في تركته لتنفيذ وصاياه أو إستيفائها أو لرعاية قصاره وأموالهم أو لكل ذلك، ويجوز للوصي أن يوصي غيره بما هو وصي فيه، فيقوم وصيه مكانه بعد موته).
وتاتي مرتبة الوصي بعد مرتبة الولي الذي أوصاه، وفي هذا المعنى نصت المادة (262) أحوال شخصية على أن (الوصي مقدم على القاضي وإذا مات ولم يوص ففي رعاية الصغار وأموالهم يقدم الأب ثم وصيه ثم القاضي).
الوجه الثاني: نطاق إدارة الوصي لأموال القاصر:
من خلال إستقراء النصوص في قانون الاحوال المدنية اليمني التي عرّفت الوصي وبينت شروطه وحددت ولاية الوصي واجرته وما يجوز للوصي فعله وما لا يجوز له عند إدارته لمال القاصر، من خلال ذلك يظهر أن ولاية الوصي على أموال القاصر تقتصر على إدارة أموال القاصر والمحافظة عليها وتنميتها، ومؤدى ذلك أنه لا يجوز للوصي أن يباشر أي تصرف من شأنه إخراج أصل مال القاصر من ملكية القاصر إلى غيره، وعلى هذا فلا يجوز للوصي أن يتصرف في أصول أموال القاصر بأي تصرف من شأنه نقل ملكية أصول القاصر إلى الغير سواءً بالبيع أو الهبة أو الوقف أو النذر أو الصدقة وغيرها.
وكذا يجب على الوصي المحافظة على عائدات أو غلات أو إيجارات أموال القاصر ، فلا يجوز للوصي أن يصرف منها إلا النفقات الخاصة بالقاصر وكذا النفقات الضرورية لإصلاح اموال القاصر وسداد الإلتزامات الشرعية والقانونية القائمة على أموال القاصر كالزكاة والضرائب والرسوم المستحقة قانوناً على القاصر ، إضافة إلى إجرة الوصي نفسه ، كما لا يجوز للوصي تأجير أموال القاصر لمدة تزيد على ثلاث سنوات ويشترط ان لايقل الايجار عن المثل حسبما هو مقرر في المادتين (285و286) أحوال شخصية.
الوجه الثالث: التصرفات التي يجب على الوصي الحصول على إذن القاضي المختص قبل مباشرتها:
المقصود بالإذن: هو الترخيص أو السماح للوصي بالقيام بالتصرف ، ويشترط ان يكون هذا الاذن مسبقا قبل مباشرة التصرف ، وفي هذا الشان صرح قانون الأحوال الشخصية أنه لا يجوز للوصي أن يقوم بإيداع الفائض من عائدات أموال القاصر في بنك غير ربوي أو السحب من المبالغ المودعة إلا بإذن من المحكمة، حسبما هو مقرر في المادة (289) ، كذلك يجب على الوصي الحصول على إذن من القاضي بالنسبة للنفقات غير المعتادة على حفظ مال الصغير والدفاع عنه حسبما ورد في المادة (282)، كذا يجب على الوصي الرجوع إلى المحكمة لتقدير اجرته إذا لم يحددها الموصي حسبما ورد في المادة (280) ، إضافة إلى أن القانون قد صرح بأن أي تصرف يخشى منه الضرر على مال القاصر يكون موقوفاً على إذن المحكمة حسبما هو مقرر في المادة (270) ، كما قيد القانون تصرفات الوصي بمصلحة القاصر مطلقاً ، فصرح القانون بأن أي تصرف للوصي في مال القاصر لا تكون فيه مصلحة ظاهرة مؤكدة للقاصر لا يجوز للولي مباشرته إلا بإذن المحكمة حسبما هو مقرر في المادة (284).
الوجه الرابع: لا يجوز للوصي الصلح والتحكيم والإقرار وطلب اليمين أو ردها في أموال القاصر:
سبق القول ان ولاية الوصي قاصرة على إدارة أموال القاصر والمحافظة عليها والدفاع عنها، ومقتضى ذلك أنه لا يجوز للوصي الصلح والتحكيم بشأن أموال القاصر كما لا يجوز للوصي الإقرار لخصم القاصر أو طلب اليمين أو ردها ، لأن هذه التصرفات من شأنها ضياع وتبديد أموال القاصر.
الوجه الخامس: ولاية المنصب (المنصوب) على أموال القاصر:
صرح قانون الأحوال الشخصية بأن المحكمة ملزمة بتعيين (منصوب) عن القاصر إذا لم يكن له ولي أو وصي بإعتبار القاضي (الحاكم) ولي من لا ولي له، وصرح القانون بأن المحكمة في هذه الحالة تكون مسئولة عن أموال القاصر، وتسري كافة الاحكام السابقة بشأن ولاية الوصي على ولاية المنصب ، فلا حاجة لتكرار ما سبق خشية الإحالة. (رقابة القضاء على أموال القاصرين، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص38).
ومن خلال إستقراء ما ورد في هذا الوجه والأوجه السابقة يظهر أنه لا يجوز للولي أو المنصب البيع والشراء في أموال القاصر، ومن باب أولى لا يجوز للولي أو المنصب أن يشتري لنفسه مال القاصر أو ان يبيع الوصي ماله للقاصر لوجود شبهات عدة في الحالة تخل بمصلحة القاصر ، والله اعلم.