إستئناف القرارات اثناء إجراءات القسمة

استئناف القرارات أثناء إجراءات القسمة

مدونة الأستاذ الدكتور/ عبدالمؤمن شجاع الدين

وفقاً للمادة (274) من قانون المرافعات اليمني لا يجوز إستئناف القرارات التي تصدرها المحكمة قبل صدور حكمها الذي ينتهي النزاع برمته ، لأن الطعن إستقلالا في القرارات غير المنهية للخصومة يترتب عليه إطالة اجراءات التقاضي وتعقيدها فضلا عن ان ذلك سبب من اخطر أسباب تعثرالقضايا وتناقض القرارات والاجراءات الصادرة في القضية الواحدة ، ويسري هذا الحكم القانوني على إستئناف القرارات غير المنهية للقسمة الجبرية التي يصدرها القاضي اثناء اجراءات القسمة قبل أن يصدر الحكم المنهي لطلب القسمة الجبرية الذي يتضمن تمام القسمة الجبرية وفقا لاجراءات القسمة التي يتضمنها الحكم ، فاستئناف القرارات غير المنهية للقسمة الجبرية من اهم اسباب إطالة قضايا القسمة في المحاكم، ومثال القرارات غير المنهية للخصومة بشان القسمة الجبرية قرار المحكمة اختيار عدل أو تكليف الوارث بتسمية عدل عنه أو التنصيب عن المتمرد من الورثة أو قرار تكليف المحكمة للعدول بالمسح والمثمين أو قرار تقدير اجرة العدول أو الزام احد الخصوم بدفع اجرة العدل..الخ .

  إلا انه عند إتخاذ المحكمة الابتدائية لأي من القرارات بشأن أي إجراء من إجراءات القسمة يقوم أحد الورثة بالطعن فيه مع أن ذلك القرار غير منه لخصومة القسمة الجبرية، فتطول إجراءات القسمة وتتناثر مواضيعها هنا وهناك ، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا وهو الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 17-7-2017م ، في الطعن رقم (59170)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وحيث أن الحكم الاستئنافي لم يكن موافقاً من حيث النتيجة للشرع والقانون لقضائه بتأييد الحكم الابتدائي الذي لم يكن منهياً لخصومة القسمة، والذي قضى بالسير في إجراءات القسمة وإختيار عدول ومن له دعوى قدمها إلى المحكمة، وحيث أن الشعبة الاستئنافية قد خالفت قاعدة آمرة وهي المادة (274) مرافعات مما يتعين معه قبول الطعن ونقض الحكم.)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية: 

الوجه الأول: طبيعة طلب القسمة الجبرية وطبيعة إجراءات القسمة الجبرية

تكاد إجراءات القسمة أن تكون واحدة في كل أنواع القسمات سواءً في قسمة التراضي او القسمة الإختيارية أو الجبرية، فإجراءات القسمة كثيرة ومتوالية منها شهادة وفاة المورث وبيان حصر الورثة والحصر الأولي للموجودات ثم حصر المخلف وتثمين أموال التركة وإعداد مستندات ووثائق إجراءات القسمة وتحرير فصول القسمة وتطبيقها على الواقع، وتعيين العدول والقسامين وغير ذلك، ويجب على القاضي أن يشرف على كافة هذه الإجراءات وأن يتخذ بشأنها قرارات تمهيدية لا تتضمن الفصل في طلب القسمة الذي ينبغي الفصل فيه بحكمٍ ينهي الخصومة التي ترتبت عليه، ولا يتم ذلك إلا إذا قضت المحكمة الابتدائية بتمام القسمة بحسب الإجراءات المبينة في الحكم الابتدائي، كما ان من مقتضيات القسمة أن يجبر القاضي المتمرد من الورثة على المضي في إجراءات القسمة جبراً عنه بواسطة التنصيب عليه، وعلى هذا الأساس فلا يجوز إستئناف أي قرار من القرارات التي يصدرها القاضي أثناء نظره في إجراءات القسمة مثل تعيين العدول أو التنصيب عنه إذا لم يباشر الوارث تلك الإجراءات بنفسه وغير ذلك، لأن تلك القرارات لا تنهي الخصومة القائمة بشأن طلب القسمة الجبرية. 

الوجه الثاني: عدم جواز الطعن في القرارات غير المنهية للخصومة وتطبيقها على الخصومة القائمة بشأن طلب إجراء القسمة الجبرية

استند الحكم محل تعليقنا في قضائه بعدم جواز الطعن في القرارات التي تتخذها المحكمة اثناء نظرها في طلب القسمة الجبرية ، طالما أن هذه القرارات لم تنه الخصومة القائمة بسبب طلب إجراء القسمة الجبرية، فقد استند الحكم في قضائه إلى المادة (274) مرافعات التي نصت على أنه (لا يجوز الطعن فيما اصدرته المحكمة من أحكام غير منهية للخصومة أثناء سيرها إلا بعد صدور الحكم المنهي لها كلها عدا ما يلي: -أ- ما اصدرته المحكمة من أحكام بوقف الخصومة أو بعدم الإختصاص أو بالإحالة على محكمة أخرى للارتباط فيجوز الطعن في هذه الأحوال إستقلالاً خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها وعلى محكمة الاستئناف الفصل فيها على وجه الاستعجال. –ب- في الاحكام المستعجلة أو القابلة للتنفيذ الجبري يطعن فيها وفقاً للمواعيد المنصوص عليها في هذا القانون). 

فهذا النص صريح في عدم جواز الطعن في الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة المختصة اثناء نظرها في الدعاوى طالما أن هذه الأحكام لم تنه الخصومة المنظورة لدى المحكمة. 

ولا يستثنى من ذلك إلا الاحكام الصادرة بوقف الخصومة أو عدم الإختصاص أو بالإحالة إلى محكمة أخرى للارتباط، ففي هذه الحالات يجوز الطعن في الحكم ولو لم يكن منهي للنزاع، ويسري هذا النص القانوني على القرارات التي تصدرها المحكمة أثناء نظرها في إجراءات القسمة كقرار التنصيب عن الوارث المتمرد أو قرار تعيين عدول القسمة أو تعيين القسام أو قرار المحكمة تقدير إجرة القسام أو إجرة العدول أو قرار المحكمة بتكليف من يتولى حصر التركة أو تكليف من يتولى تحرير مستندات ووثائق القسمة...إلخ، فكل هذه القرارات لا تنهي الخصومة القائمة بناء على طلب القسمة الجبرية، فلا يستثنى من ذلك إلا الأحكام المتعلقة بوقف خصومة القسمة الجبرية أو بعدم إختصاص المحكمة بنظر طلب القسمة الجبرية أو بإحالة دعوى القسمة الجبرية إلى محكمة أخرى للارتباط بين الدعويين.

ففي غير هذه الحالات لا يجوز إستئناف القرارات غير المهنية للقسمة الجبرية الا عند إستئناف الحكم المنهي للقسمة الجبرية.

الوجه الثالث: كثرة القرارات والإجراءات التي يتخذها القاضي أثناء إجراءات القسمة وقبل الحكم المنهي للقسمة الجبرية

سبقت الإشارة إلى أن المحكمة حين نظرها في طلب القسمة الجبرية تتخذ قرارات كثيرة ليس من شأنها الفصل في طلب القسمة بصفة نهائية بحكمٍ ينهي الخصومة، وقد سبق لنا في هذا التعليق الإشارة إلى بعض هذه القرارات في الوجه الثاني من هذا التعليق فلو جاز الطعن في أي من هذه القرارات على كثرتها لاستغرقت إجراءات القسمة الجبرية سنوات طويلة، ولذلك فإن الطعن في تلك القرارات يعطل النظر في دعاوى إجراءات القسمة الجبرية ويجعلها من القضايا المتعثرة، فضلا عن أن ذلك يؤدي إلى تناقض القرارات والاجراءات التي تتخذها المحكمة في قضية واحدة وهي دعوى القسمة الجبرية، والله اعلم.

إستئناف القرارات اثناء إجراءات القسمة
إستئناف القرارات اثناء إجراءات القسمة.