طريقة العلم بالشراء المسقط للشفعة
![]() |
تراخي الشفيع عن طلب الشفعة في الوقت المقرر وهو ثلاثة أيام من تاريخ علم الشفيع بشراء العين المشفوعة يسقط حق الشفيع في طلب الشفعة ، بصرف النظر عن طريقة علم الشفيع بشراء المشفوع منه للعين المشفوعة:
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4-12-2016م في الطعن رقم (58549)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((وحيث أن الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد جاء موافقاً من حيث النتيجة للشرع والقانون لثبوت صحة ما دفع به المطعون ضده بشأن العلم بالشراء من قبل مورث الطاعنين، فقد علم مورث الطاعنين بوجود دعوى شفعة مرفوعة من أحد ابنائه ضد الذي كان يطلب الشفعة لنفسه من المشتري للعين، بيد أن دعواه تم رفضها لعدم الصفة، وبعد ذلك تقدم مورث الطاعنين بدعواه وهي دعوى شفعة مماثلة لدعوى الشفعة السابق تقديمها من ابن مورث الطاعنين، ولذلك فقد ثبت علم مورث الطاعنين بالشراء ولكنه تراخى عن طلبها في وقتها)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم ، حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: علم الشفيع بشراء العين المشفوعة في القانون المدني اليمني:
الشفعة رخصة قررتها الشريعة الإسلامية والقانون المدني للشريك المخالط في أصل المال أو مسقاه أو الطريق إليه، وقد شرعت الشفعة لدفع مضار ومفاسد الخلطة والشراكة في أصل الحق أو الطريق إليه أو مسقاه.
ولأن الشريعة الإسلامية والقانون قررا الشفعة على سبيل الرخصة ، فأنه يجب على الشفيع تقديم طلبه الشفعة خلال مدة قصيرة وهي ثلاثة أيام من تاريخ علمه بشراء العين المشفوعة، وفي هذا المعنى نصت المادة (1274) من القانون المدني اليمني على أن (يلزم الشفيع الحاضر مجلس العقد أن يطلب الشفعة في المجلس مالم يكن له عذر مقبول، ويلزم الشفيع الغائب عن مجلس العقد أن يطلب الشفعة في مجلس علمه بالعقد مالم يكن له عذر مقبول، ويلزم من كان له عذر مقبول أن يطلب الشفعة من وقت زوال العذر، ويكون طلب الشفعة من المشتري ولو كانت العين المشفوعة في يد البائع ويصح طلبها من وكيل المشتري إذا لم يضف إليه، فإذا لم يسلم الوكيل العين المشفوعة للأصيل فلا يصح الطلب إلا من الأصيل).
ومن خلال إستقراء النص السابق يظهر أنه قد اشترط على الشفيع الحاضر أن يبدي طلبه الشفعة للعين في أسرع وقت ، فقد اشترط النص على الشفيع الحاضر في مجلس شراء العين المشفوعة ان يطلب الشفعة مباشرة في مجلس عقد بيعها إلى المشتري المشفوع منه، وذلك في هذا الوقت المضيق، اما إذا كان الشفيع غائبا عن مجلس شراء العين المشفوعة فقد اشترط النص على الشفيع في هذه الحالة أن يقدم طلبه الشفعة في مجلس علم الشفيع بشراء المشفوع منه للعين المشفوعة أي في فور الوقت الذي علم فيه الشفيع بالشراء، وفي ذلك دليل على أن القانون قد اشترط على الشفيع سرعة التعبير عن إرادته في طلب الشفعة حتى تستقر المراكز القانونية.
الوجه الثاني: طريقة علم الشفيع بالشراء:
مع أن النص القانوني السابق ذكره قد أكد على أنه يجب على الشفيع أن يفصح عن طلبه الشفعة في أسرع وقت وهو وقت مجلس البيع والشراء للعين المشفوعة إذا كان حاضراً البيع والشراء، فإذا كان الشفيع غائباً عن مجلس العقد فأنه ينبغي عليه الإفصاح عن طلبه الشفعة في الوقت الذي يصل إليه علم الشراء للعين المشفوعة، ومع ذلك فلم يشترط القانون طريقة معينة لوصول علم الشراء إلى الشفيع، وبناء على ذلك فان العبرة بحصول علم الشفيع بشراء العين المشفوعة وذلك باية وسيلة ، فقد يحصل علم الشراء إلى الشفيع عن طريق إخباره بذلك من قبل المشتري نفسه أو من قبل البائع أو من قبل شهود الشراء أو من قبل الأمين الشرعي الذي قام بتحرير عقد البيع، كما قد يصل العلم إلى الشفيع عن طريق مشاهدة الشفيع لتصرفات المشتري على العين المشفوعة كحرثه لها أو زرعه فيها أو الحفر والبناء عليها، بل قد يصل علم الشراء إلى الشفيع عن طريق عمل أو تصرف صادر من الغير ، كما لو علم الشفيع أو شاهد بعض التصرفات والأعمال التي يفهم منها شراء المشفوع منه للعين المشفوعة مثل علم الشفيع بحدوث نزاع معين بين المشتري المشفوع منه وشخص آخر بسبب شراء المشفوع منه للعين، فقد لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد قضى بسقوط حق الشفيع في طلب الشفعة، لأن علم الشفيع كان مفترضا طالما أن الشفيع كان قد علم بالنزاع الذي وقع بين المشتري المشفوع منه وبين ابن الشفيع بشأن العين المشفوعة، فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأنه من المفترض أن يكون الشفيع قد علم بالشراء طالما أن ابن الشفيع قد رفع دعوى شفعة على المشتري غير أن المحكمة لم تقبلها لعدم صفة الابن في رفع دعوى الشفعة في مواجهة المشتري للعين المشفوعة.
الوجه الثالث: إثبات علم الشفيع بشراء العين المشفوعة :
ذكرنا فيما سبق أن مدة طلب الشفعة ثلاثة أيام من تاريخ علم الشفيع بشراء العين المشفوعة، فإذا لم يكن الشفيع حاضراً مجلس شراء العين المشفوعة فإن القاعدة أن الأصل عدم العلم أي عدم علم الشفيع بالشفعة ، وبناء على ذلك فانه يجب على المدعي بحصول علم الشفيع بالشراء يجب عليه أن يثبت حصول العلم، لأنه من المتعذر إثبات عدم العلم ، لأن الاصل العدم ، والله اعلم.
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
مقال ذات صلة: