سقوط الحضانة بزواج الأم: واستثناء زواجها بمحرم للصغير وسبب السقوط عند زواجها بغير ذي محرم

سقوط الحضانة بزواج الأم: واستثناء زواجها بمحرم للصغير وسبب السقوط عند زواجها بغير ذي محرم

سقوط الحضانة بزواج الأم
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

زواج الأم بزوج غير ذي محرم للصغير المحضون يسقط حق الام في حضانة صغيرها ، لأن هذا الزواج من ضمن مسقطات الحضانة الواردة في المادة (143) أحوال شخصية، التي نصت على أن (تنتقل الحضانة من الحاضن إلى من يليه بأحد أمور هي: الجنون ونحوه من المنفرات كالجذام والعمى والإهمال والفسق وترك حفظ الصغير والزواج إلا أن يكون بذي رحم للصغير)، فإذا سقط حق الام في الحضانة بزواجها من غير ذي رحم للصغير ، فإن حق الحضانة ينتقل من الام إلى الحاضن الذي يليها في المرتبة.
وقد أشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26-12-2016م، في الطعن رقم (58699)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى (بنقل حضانة الطفل إلى أبيه المستأنف لسقوطها عن أمه المستأنف ضدها لزواجها برجل آخر غير ذي رحم للطفل)، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرته الدائرة الشخصية، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: (وبعد الإطلاع على الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي الذي أيده في الفقرات الأربع وتعديل الفقرة الخامسة وإلغاء الفقرة السادسة والحكم بنقل الحضانة إلى والد الطفل، ومن خلال تأمل الدائرة لذلك فقد وجدت: أن الحكم الاستئنافي موافق من حيث النتيجة لأحكام الشرع والقانون لما علل به واستند إليه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: زواج أم الصغير بأحد محارمه لا يسقط حضانتها

صرحت المادة (143) أحوال شخصية أن زواج أم الصغير بزوج غير ذي محرم للصغير مسقط لحضانتها، ويفهم من هذا النص ان زواج الام بذي رحم للصغير كعم الصغير لا يسقط حضانتها ، أما إذا تزوجت أم الصغير بزوج آخر ليس من محارم الصغير فإن حضانتها تسقط بهذا الزواج.

فلا تسقط حضانة أم الصغير بزواجها من زوج من محارم الصغير، لأن الزوج عندما يكون من محارم الصغير فأنه لا ينفر من الصغير ولايبغضه لوفر شفقته على قريبه الصغير ، فلا يستنكف الزوج في هذه الحالة من قيام زوجته بأمر الصغير المحضون كما لا يستنكف من أفعال وتصرفات الصغير المحضون، بخلاف الحال لو كان الزوج من غير محارم الصغير المحضون.

الوجه الثاني: سبب سقوط الحضانة بزواج أم الصغير بغير ذي محرم للصغير

الحضانة حق للصغير وواجب على أمه، لذلك يجب إجبارها على حضانة الصغير إذا رفض حضانة غيرها، ويقتضي حق الحضانة أن تقوم الأم بأمر الصغير المحضون من غذاء وتنظيف وتربية وتوجيه سليم ومحافظة على الصغير من أن يلحق الضرر بنفسه أو بغيره، وهذا الأمر يستدعي من الأم الحاضنة أن تخصص غالب وقتها للقيام بأمر ابنها المحضون، فعندما تتزوج الأم الحاضنة فإن عقد الزواج يرتب عليها واجبات الزوجية الكثيرة ومنها: القرار في دار الزوج وتمكين الزوج من نفسها متى شاء والقيام بواجبات منزل الزوجية من تنظيف وصنع طعام...إلخ.

فإذا كان الزوج من غير محارم الصغير المحضون فأنه يشعر أن هناك تعارض بين واجبات الزوجة كزوجة له وبين واجباتها كحاضنة للصغير إبن الزوج السابق، فيشعر الزوج الجديد إن زوجته تغلب واجبات الحاضنة على واجباتها كزوجة له مما يولد النفور من الزوج ازاء إبن زوجته المحضون، فيتضرر الصغير المحضون من هذا الوضع.

وهذا هو شعور غالب الأزواج عند الزواج بالأم الحاضنة، مع أن هناك بعض الأزواج من غير ذوي محارم الصغير يكونوا أكثر عطفاً وشفقة ورعاية للصغير المحضون من محارمه، إلا أن التشريع للغالب.
ولان الحضانة حق للصغير فإن زواج الام الحاضنة بغير ذي محرم للصغير لايسقط حضانتها في بعض الاحوال كحالة رفض الصغير لحضانة غير امه وكحالة عدم وجود حاضنة اخرى غير الام، أو وجود حاضنة أخرى ولكن لم تتحقق فيها شروط الحضانة كالصلاح والديانة والبلوغ والعقل والأمانة والقدرة والتفرغ وان لاتحضنه عند من يبغضه، ففي هذه الاحوال لاتسقط حضانة الامو للصغير حتى لو كانت الام سيئة الخلق ،وحتى لو لم يقبل الزوج الجديد بحضانة الام ،حيث تجبر الام على حضانة الصغير حتى يبلغ الخامسة من عمره ، حسبما هو مقرر في المادة (141) احوال شخصية.

الوجه الثالث: معنى سقوط حضانة الأم بالزواج بغير ذي محرم للصغير

سبق القول ان الحضانة حق شرعي وقانوني للصغير، فالحضانة مقررة لمصلحة الصغير ، ولذلك فان حضانة الصغير لاتسقط بزواج امه بغير ذي محرم للصغير، وانما يسقط حق الام في الحضانة ، فتنتقل الحضانة إلى غير الام حيث يحل محلها في الحضانة من يليها في المرتبة.

وقد بينت المادة (142) احوال شخصية مراتب الحاضنين الذين يجب عليهم حضانة الصغير ، حيث تأتي ام الصغير في المرتبة الاولى ، فاذا تزوجت أم الصغير بغير ذي محرم للصغير فان الحضانة تنتقل من الام إلى من يليها في المرتبة وهي أم الام وجدات الحاضنة ، فان لم يوجدن أو لم تتوفر فيهن الشروط فتنتقل الحضانة إلى خالة الصغير فان لم توجد أو تخلفت فيها الشروط فتنتقل الحضانة إلى أب الصغير، والله اعلم.

أسئلة شائعة